مطور عقاري: العقار المصري ما يزال يحظى بطلب قوي ومتنوع    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: الاعترافات الدولية بالدولة لحظة تاريخية يجب البناء عليها    مسؤول روسي: تعرض جزيرة القرم الخاضعة للسيطرة الروسية لهجوم بطائرات مسيرة أوكرانية    أصدقاء تشارلي كيرك يشيدون بإيمانه وأثره على الحركة المحافظة    متعلق بالنووي.. زعيم كوريا الشمالية يضع شرطًا للتباحث مع واشنطن    وزير الخارجية يلتقى بالمديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي    أبو الغيط يبحث مع الأمين العام للأمم المتحدة حرب غزة وتطورات فلسطين    دوري أبطال إفريقيا| منافس الأهلي.. تعادل سلبي بين نوار البوروندي وأساس الجيبوتي    حسام حسن: "صلاح يستحق الكرة الذهبية.. آن الأوان أن يُنصفه العالم"    الأهلي: لم نتلق أي عرض ل إمام عاشور.. ومن يريد الرحيل مع السلامة    رسميًا.. تحديد موعد مباراة منتخب مصر ضد غينيا بيساو بالجولة الأخيرة بتصفيات كأس العالم 2026    وفاء عامر باكية: لم أقابل أسرة إبراهيم شيكا.. وخصيمي يوم الدين كل من قال كلمة غير حقيقية    مسلم يكشف ل"اليوم السابع" تطورات حالته بعد تعرضه لجلطة    أسعار مواد البناء اليوم الإثنين 22 سبتمبر 2025    رئيس جامعة دمنهور يستقبل مجلس أمناء المؤسسة الخيرية لرعاية المستشفى الجامعي    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الاثنين 22 سبتمبر    الكرة الذهبية 2025.. يامال ينافس ثنائى باريس سان جيرمان على جائزة كوبا    ترامب وماسك يتصافحان بعد خلافاتهما السياسية    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الاثنين 22 سبتمبر 2025    أحمد العوضي: لو هتجوز مش هقول.. ومشغول بمسلسل «علي كلاي» لرمضان 2026    توقعات الأبراج ليوم الإثنين 22 سبتمبر 2025    عالمة آثار: دير المدينة يكشف أسرار الحياة اليومية في مصر القديمة    عيار 21 يتراجع لأدنى مستوياته.. أسعار الذهب اليوم الإثنين بالصاغة بعد الانخفاض الكبير    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم في السودان ببداية تعاملات الاثنين 22 سبتمبر 2025    50 ألف جنيه وعلاقته بالمعهد.. أبرز اعترافات رمضان صبحي في قضية التزوير    مصرع شاب وإصابة 3 آخرين آثر حادث انقلاب سيارة ملاكى بترعة بالمنصورة    "الخارجية الفلسطينية" ترحب باعتراف البرتغال بدولة فلسطين    نشرة منتصف الليل| جلسة عاجلة بالنواب لمناقشة "الإجراءات الجنائية".. ومنصة الوحدات البديلة للإيجار القديم جاهزة    تطبيق "ON APP".. تقديم تجربة متكاملة لمتابعة الدورى المصرى    «المديونيات وصلت 2.5 مليار جنيه».. الزمالك: نثق أن الرئيس السيسي سيحل أزمة النادي    إصابة 5 أشخاص إثر حريق ورشة نجارة فى الإسكندرية    كتف بكتف.. مجلس نقابة المهن التمثيلية يقدمون واجب العزاء ل أحمد صيام فى شقيقته    دوللي شاهين تنتهي من تسجيل أغنيتها الجديدة "ترند"    وكيل الصحة بسوهاج تتفقد وحدتى طب الأسرة بالديابات والعيساوية شرق بأخميم    بداية الخريف.. الأرصاد تكشف توقعات حالة الطقس اليوم الإثنين 22 سبتمبر    من حقك تعرف.. ما إجراءات إقامة دعوى استرداد مصروفات دراسية؟    صرخ وسقط غارقًا بدمائه.. طعنته بعد 3 أشهر من الزواج في الشرقية    وزير الشؤون القانونية: إعادة الإجراءات الجنائية للبرلمان فرصة ذهبية لإعداد صياغة أكثر توافقًا وفاعلية    محمود فوزي: قانون الإجراءات الجنائية ليس أول مشروع يعيده الرئيس للبرلمان    يومان عطلة في سبتمبر.. موعد الإجازة الرسمية المقبلة للقطاع العام والخاص (تفاصيل)    برشلونة يكتسح خيتافي بثلاثية ويعزز وصافته في الليجا    السيسي يرد قانون الإجراءات الجنائية: مناورة سياسية تحت الضغوط الدولية والداخلية    النيابة الإدارية تُشرف على انتخابات نادي الزهور ب «التصويت الإلكتروني»    سعر التفاح والموز والمانجو والفاكهة في الأسواق اليوم الاثنين 22 سبتمبر 2025    موعد صلاة الفجر ليوم الإثنين .. ومن صالح الدعاء بعد ختم الصلاة    علاقة محرمة تنتهي باختطاف وجريمة قتل داخل مزرعة بالبحيرة    الزبادي منخفض الدسم قنبلة سعرات حرارية.. 7 أطعمة تخدعك في رحلة «الدايت»    ليس له علاج وقد يتحول لورم خبيث.. أعراض ومضاعفات «متلازمة الرجل الشجرة»    أمين "البحوث الإسلامية": الانتساب للرسول فخر ومسؤولية    بينهم 6 أطفال.. إصابة أسرة في تصادم على زراعي البحيرة    وزير العمل: نخوض معركة حقيقية ضد شركات إلحاق العمالة الوهمية    الإسكان ل"ستوديو إكسترا": سيتم حصر كل التوكيلات الصادرة لوحدات وأراض    وزارة الصحة توجة تحذيرا هاما حول إصابات الأنفلونزا وطرق الوقاية.. التفاصيل    جمال يوسف ل "سيرا إبراهيم": خانتني صحتي وكانت أصعب محطات حياتي    بيان عاجل من وزارة الصحة بشأن شكاوى أسرة مريضة بمستشفى أم المصريين    هل الكسوف والخسوف غضب من الله؟ الأزهر للفتوى يجيب    عضو مركز الأزهر: ثلاثة أوقات تُكره فيها صلاة النفل بلا سبب    أدعية الصباح اليوم.. طاقة روحانية وسكينة في النفوس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نجود الراوى شقيقة بلقيس تكشف أسرار الغرام بين الشاعر وملهمته: نزار وبلقيس.. قصة عشق عربية بدأت بالحب والرفض وانتهت بالديناميت!
نشر في الأهرام العربي يوم 12 - 06 - 2016


دينا توفيق
تلك القصة المذهلة فى الغرام حكتها لى السيدة الجميلة شقيقة بلقيس نجود الراوى أو صاحبة القلب الذهبى، كما كان يلقبها نزار قبانى زوج شقيقتها الراحلة الشهيدة بلقيس، والذى ظل مخلصا لذكراها وكتب فيها أعظم قصائده ومرثيته التى خلد فيها حبه لها بعد استشهادها فى تفجير السفارة العراقية فى بيروت.. وكيف بقيت بلقيس مرتدية أجمل أثواب الغرام التى طرزها لها نزار بحنكة عاشق متيم..
حكت لى السيدة نجود عنه وعنها.. وهى من عاشت معهما لمدة 9 أشهر قبل زواجها عام 1971 واختبرت عن قرب عاداتهما اليومية فى تناول الحياة معا .. وكيف كان هذا الحوت الهادئ العاشق يفضل النوم والصحو مبكرا، وكيف كان يستيقظ عادة فى الخامسة صباحا ليعد قهوته بهدوء واضعا الكنكة والفنجان على الصينية ليجلس فى الشرفة يكتب ويقرأ الجرائد.
.. وهو ذلك المتذوق للطعام الشامى والمحب للشاى العراقى والقهوة البيضاء بماء الزهر فى طقس يومى يعقب تناول الغداء ..
وحكت لى أن نزار كان ينام فى العاشرة.. وأنه كان لا يكتب إلا على سريره حيث لا يفضل الجلوس على المكتب مطلقا ..
وأنه كان يوزع أوراقه من حوله.. تلك الأوراق الزرقاء الملونة.. فهو لم يكن يميل لاستخدام الأوراق البيضاء أبدا..
وعن حبه وخوفه على أوراقه تلك، وكيف أنه كان غير مقبول اقتراب أحد منها وإن ظلت مبعثرة ..
وإن كان طوال عمره مرتباً ومنظماً ودقيقاً..
حكت عن نزار وطباعه الهادئة التى يقابلها صوت جهوري يلقى به الشعر.
وحكت لى السيدة نجود الراوى عن غرامه بشقيقتها بلقيس، تلك المرأة التى لم تفهم اللعبة ألا هى.. تلك التى كانت العمود الفقرى للعائلة والتى جمعت الأبناء وأحبها ابنه توفيق من زوجته الأولى، والذى كان يعتبرها بمثابة أمه وكيف حاولت أن تخفف عن نزار صدمة رحيله الذى أطاح به حزنه، وكيف بحثت عن كل الأسباب وجلب الأصدقاء لإخراجه من حزنه العميق عليه...
تلك الحكاية الفاتنة الحزينة التى تشبه أشعاره..
«نعم كانت بلقيس هى روح قصائده وملهمته طوال العمر»..
هكذا بادرتنى السيدة الأنيقة نجود وهى تقدم لى قطعة من الشيكولاتة الملفوفة بالورق المفضض وتقول:
لمحها نزار أول مرة فى ربيع 1962، وقال جئت إلى العراق لألقى قصيدة بمهرجان الشعر فخرجت منه بأجمل قصيدة .. كانت الكنز الذى عثر عليه مصادفة كما قال يوماً.. وتقدم للزواج منها فرفضه والدنا.
وسألتها عن كواليس هذا الرفض الشهير ببيتهم فى بيت آل الراوى فى حينها فأجابتنى:
أفصح أبى عن سبب رفضه فى المرة الأولى حين طلب نزار وساطة ابن عمنا عبد الجليل الراوى، فقال أبى فى حيثياته إن الشعراء «قطافو ورد»!.. ولقد خاف أبى على ابنته ظنا أنه مجرد هوى وإعجاب.. وخاف أن يجرحها وجود معجبات كثيرات له، وكانت تلك فكرة نمطية خاطئة فلم يكن نزار زير نساء، بل كان محباً خجولاً ومهذباً.. ولقد غادر نزار العراق فى حينها خائب الرجاء، لكن ظلت بلقيس تراود قلبه وخياله وواقعه حتى عاد مرة أخرى إلى العراق فى مهرجان المربد الشعرى، وسأل الرئيس العراقى الراحل أحمد حسن البكر ليتوسط له ثانية لدى والدنا، فأرسل لخطبة بلقيس كل من الوزير شفيق الكمالى ووكيل وزارة الخارجية شاذل طاقة، فوافق الوالد بعد تلك الوساطة التى قال له بعدها أخى إبراهيم إن بلقيس لن تقبل سواه وأن سبع سنوات مرت وهو لا يزال متعلقا بها ويكتب فيها الأشعار، وتزوجا فى عام 1969 .
.. وهل تعرفين أنه كان الأحب لأبى برغم خوفه من الصورة النمطية، وبرغم أننا عائلة محافظة وأن جدى هو شيخ الطريقة الرفاعية، فكان الاعتراض والرفض بسبب إنكار فكرة أن يتزوج ابنة العائلة شاعر يتغزل بالنساء!
• لكن الغريب أن والدك لم يحضر الزفاف؟
ضحكت السيدة نجود وهى تقول: إنها طقوس عراقية، فكل حفلات كتب الكتاب والزفاف للبنات فى العوائل العراقية لا يحضرها الآباء ويكون أعمامهن أولياء لهن.. ولم يكن أبى استثناءً !
سألتها لكن ما أريد أن أعرفه.. كيف كانت الحالة طوال ال7 سنوات بين الرفض والقبول؟ فأجابتنى: كنا جميعا نحبه وبيننا وبينه ود عميق.. وبعد أن سافر إلى إسبانيا وخلال تلك السنوات كانت بينهما رسائل رائعة، وكنا نترجاها أن تقرأها علينا، وكان هو يعتبر كتابات بلقيس ورسائلها قطعاً أدبية.. أما بعد زواجهما فأنا أعلم أن عام 69 كان الأغزر فى إنتاجه الشعرى، وكانت طوال السنوات التالية هى محور قصائده ..
• قلت: وماذا عن المعجبات ومخاوف الوالد؟
فأجابتنى: كانت هناك الكثيرات لكن بلقيس التى كانت جميلة الوجه والعقل فقد كانت أشد كياسة من الجميع .
• كيف كانت تتعامل مع المعجبات إذن؟
دخلت إحداهن وكنا فى إحدى السهرات وكانت ترتدى «هوت شورت» ورفعت ساقها - وخجلت السيدة نجود من أن تقول إنها طلبت أن يوقع لها نزار الأوتوجراف على فخذها - وما كان من بلقيس إلا أن فتحت حقيبتها وأخرجت قلمها وأعطته له وهى تضحك..
ثم أضافت: ومن الطقوس المعروفة أيضا أن بلقيس كانت دوما ترحب بأى معجبة على الهاتف، بل وتخرج وتترك الغرفة حتى لا يشعر نزار بأى حرج ..
• لم تكن تكترث؟
لا نستطيع أن نقول إنها لم تكن تكترث، بل يهيأ لى أنها كانت تغار أحياناً بينها وبين نفسها، لكن حكمتها وكبرياءها وكرامتها ترشدها للاتجاه الصحيح.. وفى نفس الوقت ما أعيه جيداً أنها لم تكن تصطنع هذا أبدا.. لقد كانت بالفعل واثقة من نفسها جدا.. بل إنها كانت تقول إنها تزوجته وله معجبات.. وهى أيضا كانت تعرف أنه يكتب للناس، وأنه يستمد طاقة ما للكتابة منهم.
• قلت لها، وهو شاعر النساء كيف كان يرى النساء فى العائلة؟
كان نزار يحب الجمال الهادئ ولا يحب التبرج أبداً ..
• كيف كانت حياتهما كما رأيتها وعاينتها بنفسك وليس ما قرأناه بل بشهادة منك؟
تبتسم السيدة نجود قائلة: كانت علاقة استثنائية بين رجل عاشق وامرأة لا تنجرف أبداً مشاعرها لما هو سلبى.. ولم تكن أبداً تضع نفسها فى موقف مهين، فعلى مدى 13 عاماً لم يحدث مرة أن ظهرت بينهما مشكلة.. كان تحتوى حتى الطفل الذى داخله والذى يمكن أن يتعب ويرهق أى امرأة .. كانت تعرف كيف توازن بين كونها زوجة وكونها محبة له كرجل وشاعر.. وتلك مهمة صعبة جداً ولقد حملت العلاقة بينهما الكثير من تركيبة الشاعر والملهمة.. خصوصا فى مجال الكشف عن مشاعر المرأة..
• دعينا نعود إلى حياتهما معاً وعلاقتها بكل ما يخصه ومنها الأبناء؟
هى أم ابنيه زينب وعمر.. وإن ارتبط بحبها ابنه توفيق كما قلت لك، وكان شاباً جميلاً وكما يقال ابن موت، فكانت تخاف عليه بسبب مرضه وتحاول الاعتناء به دوماً.. ولقد كانت كل عائلته تحبها وتحترمها وتقدرها.. بل كانوا يحلفون برأسها.. لدرجة أنه من فرط ما كان توفيق، رحمه الله، يحبها كان يقول أنا لا أشبه أبى.. أنا أشبه بلقيس!
وحكت لى السيدة نجود الراوى، كم كان نزار قبانى مبهراً فى حديثه العادى الذى لم يكن عادياً أبدا، حيث ينتقى مفرداته وكلماته بعناية وبساطة معاً، حتى إن تركيبات جمله المميزة لا تزال باقية فى أذهان من عاشروه عن قرب.. وأنه كان رومانسياً يمتلك حساً ساخراً محبباً يجعلك تتعلق به ولا ترغب فى تركه لتستمع لقصصه التى تمتاز بالحبكة واللطافة ..
حكت لى عن نزار وتفاصيل حياته المقربة وأنها لم تشهده فى حياتها ينهر أحدا.. بل إنها منحتنى تفصيلة عميقة تشى بصدق عن رقته.. حين كان يلقى الشعر حتى تتبلل ملابسه عرقا ويغير قميصه بعد الانتهاء!
حكت لى عن نزار الذى كانت تحبه بلقيس وهى أول معجبة به وأول قارئة له فى كل ما يكتب، وأنها كانت أحياناً من فرط جرأته تداعبه قائلة: «وهذه كيف ستقولها؟»، وكيف أنه كان حين يقرأ بعض أشعاره وهو يعرف ما تحمله من مأزق الجرأة يبتسم وهو يعرف ما ستجلب عليه من متاعب وانتقادات!
حكت لى كيف وسط كل الاتهامات له بالجرأة كان يحترم المرأة، ويرى أنه ليس كفيلاً لها لتحصل على حقوقها، فهى كفيلة بنفسها وأنه لن يذهب ليأتى لها بحقوقها وهى قابعة ببيتها.. وكيف أن القراءات السطحية كانت وراء تلك الاتهامات النزارية الشهيرة بشأن المرأة والجرأة فى رسمها فى أبياته وقصائده، حيث رأى البعض القشور ولم يروا المعانى العميقة التى أراد أن تتخلل تلك الكلمات البراقة الجاذبة.. لم يروا ويفهم البعض الجوهر خلف تلك القصائد الصادمة.. !!
حكت لى السيدة نجود عن أن شعره السياسى وكما عاينت بنفسها كان الأكثر إبهاراً عندها وعند عراقيين كثيرين مغرمين به كشاعر سياسى ..
وبحزن شديد استعادت السيدة نجود الراوى ما حدث فى عام 1981 حين فُجِرت السفارة العراقية فى بيروت، حيث كانت بلقيس تعمل فى الملحقية الثقافية للسفارة.. كما روى أبو عمار ياسر عرفات عن بلقيس أنها فى 1968 جاءته إلى الأردن فتاة عراقية فارعة القامة ذات ضفيرتين ذهبيتين وتدربت على حمل السلاح مع رفيقاتها.. حكى ذلك فى أعقاب استشهادها.. وقد كان حزيناً باكياً..
وكما تروى السيدة نجود، أن نزار قبانى كان فى لحظة الانفجار بمكتبه بشارع الحمراء حين سمع الصوت الذى زلزله من الوريد إلى الوريد، فقال معبراً عن تلك اللحظة «لا أدرى كيف نطقت ساعتها: يا ساتر يا رب.. بعدها جاء من ينعى إلى الخبر.. السفارة العراقية نسفوها.. قلت بتلقائية بلقيس راحت.. شظايا الكلمات مازالت داخل جسدي.. أحسست أن بلقيس سوف تحتجب عن الحياة إلى الأبد وتتركنى فى بيروت ومن حولى بقاياها.. كانت بلقيس واحة حياتى وملاذى وهويتى وأقلامى» ..
وبعد مرور اليوم الرابع تعرف إليها زوج ابنته هدباء من خلال خاتمها وشعرها.. ولقد كاد نزار يرمى بنفسه داخل قبرها وهم يقومون بدفنها فى مثواها الأخير..
وبعدها كتب نزار مرثيتها أو قصيدة بلقيس التى كان مطلعها نازفاً بالوجع والألم والدمع ..
شُكراً لكم .. شُكراً لكم . .
فحبيبتى قُتِلَت .. وصار بوُسْعِكُم
أن تشربوا كأساً على قبر الشهيدهْ
وقصيدتى اغْتِيلتْ ..
وهل من أُمَّةٍ فى الأرضِ ..
- إلا نحنُ - تغتالُ القصيدة ؟
بلقيسُ ...
كانتْ أجملَ المَلِكَاتِ فى تاريخ بابِلْ
بلقيسُ ..
كانت أطولَ النَخْلاتِ فى أرض العراقْ
كانتْ إذا تمشى ..
ترافقُها طواويسٌ ..
وتتبعُها أيائِلْ ..
بلقيسُ .. يا وَجَعِى ..

وأخيراً
وبكل افتقادها لنزار زوج الأخت الحبيب.. وفقدها لشقيقتها وهى فى أول عام من الأربعين.. وبعد مرور كل تلك الأعوام بعد رحيلها التى كانت ترى فيها نزار لا يزال نفس المحب على العهد وتشُم فى قصائده عطر بلقيس.. وبعد سنوات طويلة من وفاته وغيابه..
حكت لى كيف فقدت الذكريات والدواوين المهداة لها من نزار قبانى وصورا كثيرة وتفاصيل جمعتها بهما ببلقيس ونزار بسبب قصف بيتها..
وأن القليل من تلك الذكريات حملته ابنتهما زينب، لكن أقصى مشاعر مست روحى وقلبى عندما حكت لى كيف كانت تطلب منها زينب ابنة شقيقتها التى وبرغم كل الصور والقصائد أن تجلس إليها وتحكى لها عن بلقيس أمها التى فقدتها مبكراً..
واحتضنت السيدة نجود الراوى وقبلتها ممتنة لتلك الساعة التى قضيتها فى حضرة شاهدة على زمن جميل فارقنا، وإن لم تفارقنا روحه بكل ما قدمه لنا نزار من غرام ومحبة وكلمات ومفردات وجمل وقصائد خلدت زمن بلقيس.. ولقد رأيت فى عينيها تلك المحبة القديمة الموصولة بذكرى الأحباء.. وعلىّ أن أشكرها الآن مجدداً عى تلك المتعة التى جعلتنى أكتبهما من جديد ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.