أ ش أ وسط مشاعر مختلطة ما بين الخيبة والاعتزاز، أحيت تونس أمس الخميس الذكرى الخامسة لسقوط نظام زين العابدين بن علي، ما فتح أمام البلاد صفحة جديدة من الحرية، ولكن من غير أن تنجح إلى اليوم في التغلب على الصعوبات الكبرى التي تواجهها. وفرضت تدابير امنية مشددة على هذه الجادة الرئيسية حيث نشرت اعداد من عناصر الشرطة بعضهم باللباس المدني، في وقت بات هذا البلد هدفا للجهاديين، وأقيمت مراسم ايضا في قصر قرطاج الرئاسي تتخللتها كلمة يلقيها الرئيس الباجي قائد السبسي. وأكد الرئيس التونسي أنه منذ الإعلان عن انتخابه رئيسا للجمهورية استقال من منصبه في حزب نداء تونس، طبقا للدستور، مشيرًا إلى أنه قانونيا يحجر عليه أي منصب في أي حزب ولكن لا يمنع من التدخل للقيام بدور وطني حال وجود أي إشكال -في إشارة منه إلى التدخل في فض إشكاليات حزب نداء تونس-.. مضيفا "لا وريث لي وكل تونسي هو من أبنائي.. فلا توريث لبورقيبة ولا للباجي قايد السبسي أو لغيره". وأفاد بمناسبة الذكرى الخامسة لثورة 17 ديسمبر/كانون الأول 14 يناير/كانون الثانى بأنه سيعقد مؤتمرًا وطنيًا حول الشباب في الربيع القادم، لوضع الاستراتيجيات والآليات لإدماجهم في بلدهم.تمكنت تونس، على عكس الدول الاخرى، من تغليب التوافق، بفضل "الحوار الوطني" الذي قادته لجنة رباعية منحت نتيجة لجهودها "جائزة نوبل" للسلام لعام 2015. إلا أن الخطر الجهادي المتنامي نتيجة الاضطرابات في دول الربيع العربي، يهدد الانتقال الديمقراطي الهش في تونس. وشهدت البلاد في 2015 ثلاثة هجمات دموية تبناها تنظيم الدولة واسفرت عن مقتل 59 سائحا اجنبيا و13 من عناصر الامن، وقُتِل السياح الأجانب في هجومين استهدفا متحف باردو في العاصمة وفندقا في سوسة (وسط) وألحقا اضرار بالغة بالسياحة، أحد أعمدة الاقتصاد في تونس، ومطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي، حذر محافظ البنك المركزي التونسي من أن اقتصاد البلاد لن يشهد انتعاشا قبل 2017 داعيا التونسيين الى "الصبر"، من ناحيته توقع الرئيس الباجي قائد السبسي (89) أن تشهد بلاده في 2016 "انطلاقة جديدة نحو تحقيق اهداف الثورة"، وتعهد ب"احترام حرية التعبير" التي يعتبرها التونسيون "المكسب الوحيد للثورة". ومنذ ثورة ديسمبر/كانون الأول 2010 التي اسقطت الرئيس زين العابدين بن علي بعد 23 عاما في السلطة وأطلقت ما عرف بثورات "الربيع العربي"، شهدت تونس محطات عديدة من التوتر والعنف والتغييرات السياسية الكبيرة، وفي 17 ديسمبر/كانون الأول 2010، اقدم البائع المتجول محمد البوعزيزي في سيدي بوزيد (وسط غرب) على اضرام النار في نفسه، ما أدى إلى اطلاق حركة احتجاج شعبية على الفقر والبطالة. وتوفي البوعزيزي في الرابع من يناير/كانون الثانى. وسرعان ما امتدت التظاهرات التي رافقتها اعمال شغب الى كل انحاء البلاد، في 14 يناير/كانون الثانى، تجمع آلاف المتظاهرين في تونس وفي الضواحي للمطالبة برحيل بن علي الذي فر إلى السعودية بعد ممارسته حكما دام 23 عاما بلا منازع. واصبح اول رئيس عربي يغادر السلطة بضغط من الشارع. واوقعت الثورة 338 قتيلا. في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2011، فازت حركة النهضة الاسلامية، التي كانت محظورة خلال عهد بن علي واستعادت شرعيتها في آذار/مارس، ب89 مقعدا من اصل 217 في المجلس التشريعي في اول انتخابات حرة في تاريخ البلاد، وفي ديسمبر/كانون الثانى 2011، انتخب المجلس التأسيسي المنصف المرزوقي، الناشط اليساري والمعارض لبن علي، رئيسا للجمهورية، بينما تم تكليف حمادي الجبالي، الرجل الثاني في حركة النهضة، تشكيل حكومة.