شاهيناز العقباوى جاء إعلان وزارة الخارجية الصينية عن مفاوضات حكومة الصين مع حكومة جيبوتي بشأن تشييد قاعدة للقوات البحرية الصينية هناك لتكون القاعدة الصينية العسكرية الأولى خارج حدودها، حيث أكدت الخارجية الصينية مساء الجمعة الماضية أن العسكريين الصينيين الذين يشاركون في عمليات الأممالمتحدة لمواجهة القراصنة وتأمين الملاحة في خليج عدن وقبالة شواطئ الصومال واجهوا صعوبات في إيجاد أماكن مناسبة للاستراحة والتزود بالمؤن. وأشارت إلى أن القاعدة العسكرية المعتزم تشييدها في أفريقيا ستمكّن القوات البحرية الصينية من أداء واجباتها الدولية على أكمل وجه، وستكون القاعدة التي تنوي الصين إنشاءها في جيبوتي أول قاعدة عسكرية صينية تقع خارج البلاد. وتشير هذه الخطوة إلى أن الصين لم تعد تكتفي بالاستثمارات الضخمة في قطاع الاتصالات والنفط وإنشاء الموانئ، وإنما هي في سبيلها إلى حماية وجودها في القارة من خلال تكثيف الحضور العسكري أيضاً سواء تحت جناح الأممالمتحدة أم خارجه، من آسيا إلى الخليج العربي إلى سواحل شرق أفريقيا. وباشرت الصين سياسة جديدة ترمي الى تكثيف وجودها العسكري في الخارج، وبالدرجة الأولى في أفريقيا، إذ أرسلت27 ألف جندي على مدى ال25 سنة الماضية للمشاركة في عمليات حفظ السلام وبخاصة في لبنانوجنوب السودان. وبعدما وصلت إلى جوبا عاصمة جنوب السودان الأفواج الأولى من كتيبة صينية مجهزة بالعربات المدرعة والصواريخ المضادة للدبابات وطائرات الاستطلاع بلا طيار في الشهر الماضي، تحركت أفواج أخرى هذا الشهر نحو جنوب السودان، في إطار مهمة الأممالمتحدة في جنوب السودان "مينوسMINUSS -" تعتبر هذه الكتيبة القتالية التي قوامها 700 جندي أكبر وحدة قتالية ينشرها الجيش الصيني على الأراضي الأفريقية. ويحظى جنوب السودان بأهمية خاصة لدى الصينيين لأنه حاز على 75% من احتياطات السودان الموحد من النفط، في وقت باتت الصين أول بلد مستورد للطاقة في العالم (قبل الولاياتالمتحدة) اعتباراً من 2010. ويحتل جنوب السودان حالياً الرتبة الثالثة في أفريقيا من حيث حجم الاحتياطات النفطية بعد نيجيريا وأنغولا، بينما ستضطر الصين في أفق 2020 إلى استيراد ما بين 10 و15 مليون برميل من النفط يومياً بحسب الخبراء. ولهذا السبب فإن الديبلوماسية الصينية صارت موجهة لخدمة هذا الهدف الحيوي بجميع أبعاده، بما فيها تكثيف الوجود العسكري الخارج، وهو ما حمل الصين على رفع موازنتها العسكرية بنسبة 12.2 في المئة في العام الماضي. ويُركز الصينيون على بناء مرافئ تجارية وقواعد عسكرية في إطار استراتيجيا توسيع النفوذ أبرزها المعاهدة الدفاعية المُبرمة مع حكومة جيبوتي في شباط (فبراير) من العام الماضي، وتخص تأهيل القوات المسلحة والشرطة في جيبوتي، إضافة الى مشروع بناء قاعدة عسكرية، ما أثار حفيظة الأميركيين والفرنسيين الذين يملك كل منهما قاعدة هناك. جدير بالذكر ان الصين تعد شريك عسكري مهم عبر التدريب والتسليح والمساعدة التقنية للاعبين أصحاب وزن ثقيل في المنطقة مثل الجزائر وأنجولا ونيجيريا. ومنذ 2008 انضمت البحرية الصينية إلى المجهودات الأوروبية الخطيرة لمقاومة القرصنة في خليج عدن. كما أيّدت الصين الموقف الدولي المتشدد لمقاومة حركة شباب الصومالية المتمردة والجهاديين الأجانب وشاركت في القلق الغربي من امتداد عدم الاستقرار إلى المنطقة الأوسع. للمساعدة في إجلاء 35000 مواطن صيني من مسرح الأحداث في ليبيا عام 2011 عبرت عدة سفن حربية صينية البحر المتوسط لأول مرة في التاريخ الحديث مع شركاء من الناتو مثل إيطاليا وبريطانيا وفرنسا. كما أعطت الصين الضوء الأخضر للتدخل الفرنسي في مالي وساحل العاج، بالرغم من أن تلك العمليات حرّكت العمليات بشكل حاسم محولة توازن السياسة الداخلية لصالح أحد المتحاربين. فبكين انطلقت نحو هذه القارة بقوة عام 2000 مع منتدى العلاقات الأفريقية الصينية حيث كان حجم التبادل التجاري في ذلك العام 10 مليارات دولار، وفي غضون عشرة سنين قفز هذا الرقم إلى 115 مليار دولار، ولعل هذا الرقم سيلقي بكثير من التساؤلات حول مستقبل وشكل العلاقة بين العملاق الأصفر الذي شكل تواجده في القارة السمراء هاجس للدول الغربية وأميركا.