إبراهيم النجار ثمة إجماع بين الكثيرمن المحللين والخبراء السياسيين المعنيين بالأزمة السورية وتطوراتها، والتى تتفق جلها، على أن روسيا أعلنت تدخلها العسكرى فى سوريا، وفعَّلته بمشاركة كبيرة فى القتال إلى جانب النظام، استعجالا لترسيم سوريا المستقبل، التى تريد كل من روسياوإيران أن يكون لنظام الأسد فيها مكانة ما، حتى ولو بالتقسيم وتسليمه ما يطلق عليه "سوريا الساحل"، وبهذا يكون الضامن الوحيد لمصالح روسياوإيران، من وجهة نظرالدولتين لمصالحهما بطبيعة الحال، بعد التغييرات الحتمية المرتقبة فى مجريات الأزمة، على ضوء المتغيرات الإقليمية عموما. فى هذا الطرح، يتم التأكيد على أن الترسيم الجغرافى والديموجرافى ل "دويلة الساحل"، كان يجب أن يُستكمل قبل أن تُحسم الأزمة اليمنية لصالح الرؤية السعودية، والتى بحسمها سيتحررالتحالف العربى من التزاماته العسكرية هناك، ما يمكنه من التدخل العسكرى فى سوريا، للمشاركة فى ضرب "داعش"، التى أصبح ضربها قميص عثمان، التمسك بنظام الأسد، بغية تخفيف الضغط السياسي، من ثم على المعارضة السورية المسلحة، وإحراج النظام السوري، الذى يحرص الروس والإيرانيون على تصويره شريكا مهما فى محاربة الإرهاب، ما يضع مستقبله على المحك. أى أن هذا الطرح، والذى يصور التدخل الروسى فى سوريا، وكأنه عملية استباقية للإسراع فى تحقيق ما قد يحول دون تحقيقه أى تدخل عربى لاحق عسكريا، فيُفقد – أى هذا التدخل اللاحق المُتخوف منه إن حصل – كل الأطراف مشروعية الحرص عليه – أى مشروعية الحرص على شراكة النظام السورى فى محاربة الإرهاب – وهوالأمرالذى يفسرأنصار هذا الرأى بواسطته مجريات وسيرورة القتال فى اليمن. إذ فى الوقت الذى لم يعد أى طرف ولا حتى إيران يشك مجرد شك، فى أن مصير الحوثيين قد تحدد بالتهميش الكامل، وإفشال مشروعهم فى الخاصرة الجنوبية الغربية للسعودية، إلا أنهم يصرون على الموت البطيء، بإيعاز من إيران وذلك كى تتأخرعملية تحريراليمن، فيتأخرتفرغ التحالف العربى لقتال "داعش" فى سوريا إلى ما بعد الترسيم المطلوب، وهوالأمرالذى لا يمكن تحقيقه بدون التدخل الروسى على النحو الذى رأيناه، وهذا ما يفسر لنا واقعة أن التدخل الروسى الصريح والمعلن، بدأ بعد أن أصبحت "معركة صنعاء"، التى ستحسم الوضع فى اليمن على الأبواب. ومن ثم فإن روسيا، جاءت متحالفة تحالفا جوهريا مع إيران وميليشياتها فى سوريا، لضمان تنفيذ عمليات تطهيرعرقى وتفريغ سكانى واسعة النطاق فى المناطق التى تشكل امتدادا جغرافيا وديموجرافيا ضروريا لدويلة "سوريا الساحل"، فى كل من "حمص" و"حماة" و"إدلب"، بعد تمكين النظام من استعادة ما تم فقدانه من أراضيه فى تلك المحافظات المهمة والحساسة لضمان أمن وسلامة تلك الدويلة المستهدفة الإنشاء، وذلك عبر عمليات برية تقوم بها قواته مدعومة بالميليشيات العراقية والأفغانية والباكستانية..إلخ، والتى بدأت بالتوافد إلى سوريا، فضلا عن ميلشيات "حزب الله"، التى بدأت تستعد هى أيضا لهذه المعركة، كى تكون هذه الدويلة جاهزة للتشكل حالما تستكمل الترسيمات الجيوسياسية للخريطة السورية المقبلة.