سهير عبد الحميد هو أرمينى آخر ينتمى إلى الجيل الثالث من الأرمن المصريين، يحفظ عن ظهر قلب حكايات جده عن رحلته للفرار من الأناضول متجها إلى مرسيليا، إلا أن أصدقاءه أقنعوه بالنزول إلى الإسكندرية، وجاء الجد طبيب الأسنان بعدته ليبدأ حياة جديدة هنا فى مصر وتحديدا فى مصر الجديدة، ذلك الحى الوليد ليبدأ حياة جديدة تاركا حياته القديمة ومنزله وأرضه، يتذكر د. فيكان الذى ورث مهنة طب الأسنان أبا عن جد حكاياته ويمط شفتيه قائلا: كل أرمينى مصرى لديه حكاية وقصة عن أسرته التى فرت بأعجوبة من مذابح الأتراك، فكيف تنكر تركيا الآن تلك المذابح؟ ولماذا فر هذا العدد الكبير من الأرمن ليعيش فى المهجر؟ جاء السؤال الملىء بالمرارة المشحون بقتامة الذكريات ليلقى الضوء على حال الأرمن المصريين الذين يتناقلون حكايات الأجداد ليظل الأحفاد حاملين للقضية حريصين على الهوية الأرمينية، وهذا هو الدور الذى تقوم به الجمعية الخيرية الأرمينية بالقاهرة التى يترأسها د.فيكان جيزمجيان، والتى تتبع الاتحاد الخيرى الأرمينى وأسست عام 1906 فى القاهرة كجمعية عالمية أضحى مقرها فى نيويورك حاليا ولها أكثر من 60 فرعاً حول العالم . يقول د. فيكان: لقد أسس بوغوص نوبار الجمعية من أجل مساعدة الأرمن فى دول المهجر بتقديم تبرعات مالية ومساعدات طبية، تأسس الفرع الأول فى الإسكندرية والثانى فى القاهرة، وما زال النشاط السياسى مساعدة الأمن المحتاجين، والفضل الأساسى فى تمويل الجمعية يعود إلى سيدة أرمينية جليلة هى مدام ساتينيك شاكر التى أوقفت فيلتها بالزمالك على الجمعية، فكان ثمنها وهو 15 مليون جنيه خير معين لصندوق الجمعية، بالإضافة إلى تبرعات أثرياء الأرمن فى إطار أن الجمعية تابعة لوزارة التضامن الاجتماعى. ويتبع الجمعية ناد نوبار الذى نعمل من خلاله على تجميع شباب الأرمن، والنشاط الأساسى للنادى هو كرة السلة، وفى كل صيف تقام البطولات بين الأندية الأرمينية وهى ناديان فى الإسكندرية وثلاثة فى القاهرة، وفى العام الماضى اشترك فريق الآنسات للسلة فى بطولة القاهرة، بالإضافة إلى نشاطنا الثقافى والذى يتمثل فى كورال الأطفال للحفاظ على تراثنا الفولكلورى. سألته: هل تختلف عاداتكم كأرمن مصريين عن عموم المصريين؟ أرمينيا دولة شرقية ومحافظة وكنيستنا شرقية، لذا لا توجد خلافات جوهرية بين عاداتنا وعادات باقى المصريين، وبطبيعة الحال أرمن مصر تأثروا بالعادات المصرية كما تأثر أرمن أمريكا بالعادات الأمريكية، لكننا نحاول إحياء التراث الأرمينى وفى مقدمته اللغة، ولذا نحن على تواصل مستمر مع الوطن الأم وكثيرا ما نستجلب فرقا غنائية من أرمينيا لتقديم التراث الأرمينى، خصوصا فى المناسبات والأعياد القومية. هل تعتبر العلاقات الأرمينية العربية أقوى من نظيرتها بالدول الأخرى؟ هناك تقارب عربى أرمينى لأن سوريا ولبنان ومصر هم أول من استقبل الأرمن الفارين من المذابح فهناك عرفان شديد من الأرمن للدول العربية فالدول الغربية لم تتحرك لمساندة الأرمن إلا لاحقا، لكن وقت الأزمة كان العرب هم من ساندنا. هل شعرتم فى أى وقت بأنكم كمصريين لم تنالوا حقا من حقوقكم؟ على الإطلاق فالحكومة المصرية ترسل مندوبين لها لمشاركتنا مختلف الأعياد الدينية والقومية، وهو ما قد لا يحدث فى بلدان أخري،كما أننى شخصيا تقلدت مناصب عدة، فكنت عضوا فى اتحاد الكرة المصرى المعين من الوزير خلال الفترة من 2005 – 2007 وعضو الاتحاد العاملة لكرة القدم ومدير علاقات عامة بالاتحاد الإفريقى وكنت نائبا لوزير الشباب خالد عبد العزيز فى كأس الأمم الإفريقية 2006، حيث كان رئيس اللجنة المنظمة وكنت مسئول التخطيط والمتحدث الرسمى، فنحن كأى مصريين لم نحرم من مناصب ما، لكن نسبة الأرمن فى الهيكل الإدارى للدولة ضعيف نسبيا، وذلك لنقصنا العددى، وهناك شوارع مسماة بأسماء أرمن كشارع يعقوب أرتين وصاروخان بمصر الجديدة أى أن هناك اعترافا بوجودنا.