جامعة أسيوط تشهد انطلاق المؤتمر الافتتاحي للموسم التاسع لنموذج محاكاة منظمة التعاون الإسلامي MOIC    العملة الخضراء الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 26-10-2025 (آخر تحديث رسمي)    زوجها صاحب أطول ولاية على العرش.. 13 معلومة عن «الملكة الأم» في تايلاند بعد رحيلها    أحمد أبوالغيط: السد الإثيوبي أمكن تنفيذه بسبب ما حدث من فوضى في 2011    الهلال الأحمر ل كلمة أخيرة: الجهود المصرية لم تتوقف فى تقديم المساعدات لغزة    الأمينُ العام لرابطة العالم الإسلامي يلتقي علماءَ السودان    «الكلام رخيص».. بيلينجهام يسخر من لامين يامال بعد فوز ريال مدريد على برشلونة    طبيب جهاز هضمي يكشف موعد عودة إمام عاشور للملاعب    «الداخلية» تعلن تفاصيل القبض على المتهم مقتل «أطفال الليبني» ووالدتهم (تفاصيل )    شخص يطعن موظفا بالسكين خلال مشاجرة بمركز طما فى سوهاج    محافظ الإسكندرية للباعة الجائلين: الفرش ده سارق كهرباء من الدولة.. فيديو    طرح البوستر الرسمي لفيلم «السلم والثعبان: لعب عيال» بطولة عمرو يوسف وأسماء جلال    رومانسية ووسط أشعة الشمس.. جلسة تصوير الفنان حاتم صلاح مع زوجته    وزير الصحة ومحافظ قنا يبحثان إنشاء مستشفى أورام متطور في أبوتشت    وكيل صحة شمال سيناء يترأس الاجتماع الشهري لتعزيز وتحسين كفاءة الأداء    قيادات حزبية: كلمة الرئيس السيسي جسدت قوة الدولة ونهجها القائم على الوعي والسلام    برلمانية: سأعمل على دعم تطوير التعليم والبحث العلمي بما يواكب رؤية الدولة المصرية    وائل جسار: أقدم الطرب الأصيل ممزوجًا بروح العصر    الحسابات الفلكية تكشف موعد بداية شهر رمضان 2026    أخبار كفر الشيخ اليوم.. إحالة أوراق المتهم بإنهاء حياة والدة زوجته وسرقة قرطها الذهبي للمفتي    سقوط أمطار على هذه المناطق.. الأرصاد تكشف حالة طقس الإثنين    أحمد مالك بعد فوزه بجائزة أفضل ممثل في مهرجان الجونة: كل الحب اللي وصلي أغلى من أي جايزة    تعليمات بإسرائيل لتخزين الطعام استعدادا للحرب مع حزب الله.. شائعة أم حقيقة؟    مصر تشارك في فعاليات مراسم التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية    نقيب الصحفيين: المرأة الفلسطينية عمود رئيس في النضال وسلاح للدفاع عن القضية    نقابة الصحفيين تستضيف فرقة كنعان إحياء ليوم المرأة الفلسطينية    "شقوير": رقمنة السجلات وتحديث الرعايات ضمن خطة تطوير المؤسسة العلاجية    أبو الغيط: مصر وضعت تحت السلاح مليون جندى جاهز للحرب في 1973    وزير المالية: إعطاء أولوية للإنفاق على الصحة والتعليم خلال السنوات المقبلة    محافظة المنيا تحقق الترتيب الرابع على محافظات الجمهورية في ملف التقنين    الوزير وأبوريدة معًا فى حب مصر الكروية    5 أبراج تهتم بالتفاصيل الصغيرة وتلاحظ كل شيء.. هل أنت منهم؟    هل رمي الزبالة من السيارة حرام ويعتبر ذنب؟.. أمين الفتوى يجيب    ضبط المتهم بإصابة 3 أشخاص في حفل خطوبة بسبب غوريلا.. اعرف التفاصيل    طاهر الخولي: افتتاح المتحف المصري الكبير رسالة أمل تعكس قوة الدولة المصرية الحديثة    الدوري الإسبانى.. مايوركا يتعادل مع ليفانتي بهدف لكل فريق    البابا تواضروس يكلف الأنبا چوزيف نائبًا بابويًّا لإيبارشية جنوب إفريقيا    وزير الخارجية يتابع استعدادات افتتاح المتحف المصري الكبير    بسبب خلافات بينهما.. إحالة مدير مدرسة ومعلم بالشرقية للتحقيق    محافظ المنوفية يتفقد عيادات التأمين الصحي بمنوف    الداخلية تكشف ملابسات فيديو تلويح فتاة لشخص بإشارة خادشة في المترو    نقابة الصحفيين تعلن بدء تلقي طلبات الأعضاء الراغبين في أداء فريضة الحج لعام 2026    القوات المسلحة تدفع بعدد من اللجان التجنيدية إلى جنوب سيناء لتسوية مواقف ذوي الهمم وكبار السن    إطلاق مبادرة "افتح حسابك في مصر" لتسهيل الخدمات المصرفية للمصريين بالخارج    كنز من كنوز الجنة.. خالد الجندي يفسر جملة "حول ولا قوة إلا بالله"    مستوطنون يهاجمون المزارعين ويسرقوا الزيتون شرق رام الله    مقتل شخصين وإصابة ثمانية آخرين جراء هجمات روسية على منطقة خاركيف    سلوت: تدربنا لتفادي هدف برينتفورد.. واستقبلناه بعد 5 دقائق    ترتيبات خاصة لاستقبال ذوي الهمم وكبار السن في انتخابات الأهلي    الزمالك يوضح حقيقة عدم صرف مستحقات فيريرا    كيف تتعاملين مع إحباط ابنك بعد أداء امتحان صعب؟    الرئيس الفلسطيني يصدر قرارًا بتولي نائبه رئاسة فلسطين حال خلو منصب الرئيس    حسام الخولي ممثلا للهيئة البرلمانية لمستقبل وطن بمجلس الشيوخ    رئيس الوزراء يستعرض الموقف التنفيذي لأبرز المشروعات والمبادرات بالسويس    مركز الازهر العالمي للفتوى الإلكترونية ، عن 10 آداب في كيفية معاملة الكبير في الإسلام    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    تداول 55 ألف طن و642 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    بث مباشر الأهلي وإيجل نوار اليوم في دوري أبطال إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. جودة عبد الخالق: إحنا لسه عايشين فى جلباب مبارك والحزب الوطنى سينزل الانتخابات بمليون صفة
نشر في الأهرام العربي يوم 18 - 03 - 2015


حوار ملك عبد العظيم
هو كالسمكة لا يستطيع الحياة خارج الماء وإن كان عكرا، والماء هنا يقصد به مصر هكذا قال عن نفسه في أحد مقالاته وهو خارجها، في "إيربانا شامبين" إحدي ولايات أمريكا، عمل مدرسا في أعرق جامعاتها "إلينوي" لمدة 6 أشهر، مؤكدا برغم بعد المكان فهي لن تكون بعيدة أبدا لأنها دائما في قلبه وعقله وعينيه.. وبمجرد عودته إلي المحروسة التقيته في منزله لأعرف منه كوزير سابق وخبير اقتصادي حاليا رؤيته لما حدث أخيراً ويحدث في مصر الآن وتقييمه - كيساري تعد العدالة الاجتماعية علي رأس أولوياته - لتجربة المركزي في إدارة سعر الصرف وكذا نظام حصة العيش الذي طبقته وزارة التموين، وتحاورت معه في قضايا كثيرة ترتبط بوضع البلد اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا. وإلي تفاصيل الحوار مع الدكتور جودة عبد الخالق.
عانيت في بعدك عن مصر وعبرت عن ذلك في مقال وصفت فيه طقسها وشمسها؟
الشاعر قال: وبضدها تتمايز الأشياء، فلما تروحي "إلينوي إيربانا شيمبين" وهي إحدي ولايات أمريكا تجدي الشمس غير الشمس والهوي غير الهوي، الشمس طبعا في الصيف تكون أفظع منها في المحروسة لأن درجة الرطوبة تكون أعلي، وفي الشتاء تغيب الشمس والجو يصبح كئيبا مع البرودة الشديدة والثلج أحيانا، فكان الغرض من المقال أني أبين أننا شعب شكاي، اعتدنا نشتكي فأحببت أن أقول (خلوا بالكم) هذه الشمس نعمة كبيرة جدا، وهي كذلك في حد ذاتها وكونها مصدرا للطاقة مسألة مهمة جدا وتحتاج منا أن نستهدف هذا ونسعي إليه باعتبارنا من أكثر بلاد العالم عرضة لأشعة الشمس وحرارتها علي مدار العام.
ما الذي يمنعنا من استغلال الشمس؟
كل المسائل تبدأ هنا، وأشار إلي الدماغ وطبعا في حاجة اسمها العقل الفردي والعقل الجمعي وفي حاجة اسمها رؤية مجتمعية تجسدها الدولة وقيادتها، وهذا هو الغائب أن في قيادة الدولة وهذه ظاهرة يجب التوقف عندها وهي الانقطاع في المجهود أي في السعي إلي تحقيق ما نبتغيه فتبدأ المسألة ثم ننقطع عنها ونوقفها، فمثلا في السبعينيات قلنا سندخل في مجال الطاقة النووية لنبني 4 محطات تقريبا من 40 سنة وبعد ذلك الموضوع نسي بدعوي أن انفجار مفاعل تشرنوبل سنة 86 أمر مهدد. وهذا ليس سببا حقيقيا في الواقع والملف أهمل ثم نأتي اليوم ونعيد إحياءه وسندفع تكلفة أكبر بالتأكيد، صحيح أن مدة إنشاء المحطة قلت بفضل التطور التكنولوجي. لكن النقطة إننا نحتاج إلي نوع من المثابرة كأمة - وكرر كأمة - وهنا أريد أن أتطرق إلي الخطاب العام فى مصر، حيث يتكلم المسئولون عن الدولة دائما - الدولة لن تتهاون، الدولة لن تتراجع، الدولة لن تتأخر - أيا كان السياق، في حين أن سعد زغلول كان يتحدث باسم الأمة وليس باسم الوفد، ولما نسمع "أولاند" رئيس فرنسا يتحدث عن الأمة الفرنسية، وأمريكا دائما تقول The Nation الأمة، وكذلك "إيران" عندما تكلم أمريكا ودول الغرب في موضوع الطاقة تقول لهم الأمة الإيرانية. فعدم استخدام لفظ الأمة غاب عنا لفترة طويلة وآن الآون أن نشدد عليه ونؤكده.
هل الفرق كبير بين المصطلحين؟
طبعا، الفرق هائل جدا، فرق السماء من الأرض، كلمة الأمة مكونها الرئيسي الشعب إلي جانب الحكومة والمؤسسات الأخري، أما الدولة فهي جهاز الدولة بوزاراتها المختلفة وشتان طبعا، في هذا النوع من الصياغات يكون الشعب خارج الحساب وخارج المعادلة فلما يكون الشعب خارج الحساب وخارج المعادلة، المسألة تصبح ليست مسألة شعب علي مدي حياة الشعب، إنما تصبح مسألة إما مزاج حاكم أو حسابات من يحكم الضيقة، فيفتح هذا الملف ثم يغلقه مرة ثانية، لهذا أعتقد أنها نقطة مهمة جدا في الخطاب.
عندما نعود ونسمع خطاب جمال عبدالناصر في تأميم شركة قناة السويس سنة 56 استهل خطابه بكلمة "بسم الأمة" وهذا معناه (خلوا بالكم) أنتم تواجهون الأمة المصرية كلها وليست الحكومة وحدها ولا الجيش أو أي طرف وحده.
وهل هناك دلالة سياسية لذلك؟
طبعا استخدام لفظ الأمة له دلالة سياسية مهمة للغاية، وهي أنك أولا تحترم الشعب وتعبر عن مصالحه وهي مصالح دائمة وليست متقلبة من فترة إلي أخري، فلو بدأ مشروع يري أنه في مصلحة الشعب لابد أن يستكمل. وهذه واحدة من نقاط الضعف وتعود ربما إلي تشوش إذا كان الواحد حسن النية وإذا لم يكن حسن النية تصبح شيئا آخر .. غير التشوش وضحك.
البعض يري أن السيسي شبيه بعبدالناصر فما رأيك؟
البعض يشخص نظام السيسي بأنه يسير في اتجاه نظام عبدالناصر من حيث نوع السياسات التي تطبق ولكن هذا ليس ظاهرا في مصر حتي الآن. ولكن إن حدث وجاء نظام نسخة من نظام الرئيس جمال عبدالناصر سيحدث مشكلة لأمريكا.
أيضا بعثت برسالة في هذه المقال إلي الرئيس وحذرته من الطغيان الأمني في محاربة الإرهاب، لماذا تعمدت إرسالها؟ وما الذي تخاف منه؟
صحيح، أولا أنا أمارس حقي كمواطن مصري أو أقوم بواجبي كمواطن مصري كما أفهم المواطنة في هذا السياق، وأعتقد أن من حق الحاكم ومن واجبه أن يستمع إلي الرأي المخلص لأني ليس لي أية أغراض علي الإطلاق، فكنت مستشعرا ولازلت بنوع من الخطورة، حاليا الذي يتصدر المشهد في مواجهة الإرهاب قوي الأمن الجيش والشرطة وطبيعي أن يتصدي للإرهاب مثل هذه العناصر، لكن كان يفترض أن يكون هذا جزء من مجهود أكثر شمولا بمعني أنه صدرت أحكام قضائية متعددة تستحق منا التوقف عندها، ونطرح تساؤلا سياسيا بالدرجة الأولي أنه صدر حكم ببراءة مبارك ونجليه وصدر حكم بإدانة أحمد دومة وعلاء عبدالفتاح! ولا أحد منهم صديق لي، ولكني أتكلم عن شخص ارتكب جرما مصيريا في بلد وشعب وخرج براءة، واثنان عملا تدبيراً واعترفا، لكن في العقل الجمعي للشعب المصري لا يستطيع أن يتجاهل هذه المسألة ويسأل بعدها سؤال مهم: ما دلالة هذا؟ أم إشارة إلي ماذا؟
بمعني؟
بمعني أنهم قلقون مما يحمله المستقبل وأعتقد أنه قلق مشروع وله ما يبرره.
قلق أم تردد؟
لا قلق لأن الأفق الزمني لم يعد واضحا فنحن قمنا بثورة 25 يناير موجة أولي وعملنا موجة ثانية في 30 يونيو وخلعنا حاكمين، وكنا متوقعين بداية إقامة نظام جديد فوجدنا من أجرموا في حقنا أصبحوا أبرياء! وهو ما يوضح أننا لم نكن محقين عندما قمنا بثورة ولابد أن نحاكم كشعب لأننا أزحنا مبارك بلا مبرر! يعني السؤال الذي لابد أن يطرح؟ فإذا قال إنه لم يعط أمراً بقتل المتظاهرين كان يجب أن يحاسب علي قراره السلبي بلغة القانون وهو أنه لم يمنع قتلهم لأنه كان الحاكم وهو المسئول. إنه لما يكون نظام بفساد نظام مبارك شيد ترسانة قانونية تحميه وتحمي تصرفاته فلما تيجي تحاسبه من داخل ترسانة القوانين هذه يصبح عبثا لأنه (هيطلع منها زي الشعرة من العجين). في حين أنه دمر مصر وجعلها في أسفل سافلين وقطع أواصر علاقاتنا بإفريقيا وعلاقتنا بها نكون أو لا نكون بالمقارنة مع روسيا وأمريكا، علاقتنا بهما كيف نكون لكن إفريقيا نبقي أم نختفي فكل هذا راح بعد رأس المال السياسي الذي كان لنا في إفريقيا من أيام عبد الناصر في الخمسينيات والستينيات.
لكن تبرئة مبارك بهذا الشكل!، فكنت أفهم أنه يصدر حكم بإدانته ثم يصدر عفو مثلا، يعني مبارك لو حب يدخل الانتخابات الآن سيدخلها لأن صحيفته الجنائية (زيي كده أو زيك) وهذا لا يستقيم.
ما مدي خطورة الوضع الاقتصادي حاليا؟
الوضع صعب. ولكن إذا أحسن التعامل معه يمكن لمصر أن تتعافي في خلال عدد معقول من السنوات.
وهل يحسن التعامل معه؟
في رأيي لا.. البلد فاتحة الباب علي مصراعيه للواردات فندفع 60 مليار دولار سنويا ثمنا للواردات!، مما يوجب علي الحكومة أن تعيد النظر وفي ذات الوقت أبدأ أتنبه كدولة لمشكلة الأمية والتعليم، لأن الذي خلق تربة خصبة للتطرف وجماعات الإسلام السياسي والإخوان وغيره هو الأمية والبطالة والفقر، وأقول إن اقتصاد السوق الحر ليس هو الحل، وإنما اقتصاد السوق بضوابط.
ألا تخشي أن يتهمك البعض بأنك تريد الرجوع إلي الخلف؟
لا لأنني لست سلفي الفكر، وأقول اقتصاد السوق هو احترام قوي السوق من عرض وطلب، ولابد أن نعلم أن قوي السوق نفسها لها حدود ويجب وضع ضوابط تحد من ضرر هذه الحدود فيما يتعلق بالكفاءة أو العدالة.
هل وزير التموين الأسبق راض عن رغيف العيش حاليا؟
لا أشتري العيش المدعم لأني لست مستحقا للدعم، صحيح إني كنت أقدر أشتريه وسهل جدا بالنسبة لي كوزير سابق.
ما تقييمك للنظام الجديد؟
بالمناسبة هو ليس جديداً وجوهره كالتالي تحددي حصة لكل مواطن مستحق يأخذ الرغيف ب 5 صاغ في حدود الحصة ولو سيأخذ ما بعد الحصة يدفع تكلفة الرغيف 25 قرشا، والحكمة منه والترجمة سواء كانت دقيقة أم لا هي لدراسة عملناها وقتما كنت في الوزارة لكني كنت أعبر عنه بشكل ينقل الدعم إلي المرحلة الأخيرة أي مرحلة الخبز ونفك الاشتباك بالنسبة للقمح والدقيق كي نقلل الهدر ونرفع الكفاءة ونحقق العدالة إلي جانب منع غير مستحقي الدعم من الحصول علي العيش المدعم. لكن المسألة تعرضت لعبث واضح جدا.
لماذا؟
لأن هناك أفرادا يستحقون الدعم ولا يمكنهم الحصول عليه وبنسبة لا يستهان بها ولا يمكن تجاهلها لأنهم ليس لديهم بطاقات وحصولهم عليها صعب. إلي جانب أنه يوضع للشخص نقاط في بطاقته الذكية ولسنا متحكمون فيمن يشحن هذه البطاقات وسمعت أن أصحاب مخابز متواطئون مع بعض العاملين في الشركات المنتجة للكروت من خلال ما يسمي بالشحن ع الطائر.
فأصبح النظام الجديد غنيمة، إضافة إلي الخطأ في توزيع الدقيق بمنح حصة مفتوحة 10 أطنان للمخازن برغم تفاوت أحجامها ففي هذا النظام ثغرات كثيرة قد ينتج عنها في نهاية المطاف إن ما يخصص لدعم الخبز أو ما ينفق علي الدعم سيكون أعلي مما كان ينفق قبله.
أي إنك لست راضيا عن هذا النظام؟
لا غير راض عن طريقة تطبيقه. لأنه يبدو أن هذا النظام يضحي بالحكومة والشعب لصالح التجار وأصحاب الطابور الخامس .
هل هناك بديل؟
أول حاجة أعملها أن المستحقون يجب ألا يتركوا خارج المظلة لأي أمد، فكان لابد من التحضير لهذا النظام من خلال سحب البطاقات من غير المستحقين ويدخل بدلا منهم المستحقون. وهذا لم يحدث وبالتالي فهؤلاء المستحقون ظلموا لأنهم حرموا من الحصول علي حقهم كمواطنين وهو الدعم، ولأنها قضية أمن قومي فالقمح والدقيق والرغيف قضية أمن قومي كان يجب التدقيق إلي أقصي درجة مع من ينتج هذه البطاقات ومن يتصرف فيها. ولا تكون الحصة مفتوحة لجميع المخازن لأن أحجامها متفاوتة. وما كان يجب التخلي عن خلط القمح بالذرة بعد أن قطعنا فيه شوطا كبيرا، فالذرة أرخص من القمح والتكلفة كانت ستقل، بالإضافة إلي أنه بالتجربة أشهي وأكثر مذاقا.
كيف تري الإعداد للمؤتمر الاقتصادي الشهر المقبل؟
الإعداد للمؤتمر الاقتصادي مشهد مثير جدا حيث لا يبدو أن هناك مدي للتنازلات التي ستقدمها الحكومة لجذب المستثمرين. فى حين أنه لابد أن نفهم أن الاستثمار الأجنبي مهم لكنه جزء من الاستثمار بشكل عام فيوجد استثمار محلي جزء منه خاص والجزء الثانى عام، ونحن لم نتطرق إلي هذه الجزئية.
ثانيا التفكيك الشديد في الضوابط في تجاه اقتصاد السوق الحر أفرز فسادا وهيمنة لرأس المال السياسي علي الاتنخابات ومن نتائجها إفراز حالة من الاستقطاب ثقافي واقتصادي وسياسي، وهذا يعني أننا يمكن أن نعود مرة أخرى لعمل ثورة جديدة، ولذا يجب أن ننتبه إلي أن واحدة من الشعارات التي أرادها الشعب هي العدالة الاجتماعية وهناك تعارض في رأيي بين رفع شعار اقتصاد السوق الحر وبين العدالة الاجتماعية. وشاهدي علي ذلك الحالة الأمريكية فلازم نتعظ، علاوة علي ذلك إطلاق قوي رأس المال من عقالها يكون لها من الضحايا اثنين علي الأقل. فالضحية الأولي الكفاءة بمعني أنه لا يصبح اقتصاد السوق أقدر علي تحقيق الكفاءة في ظل قوي احتكارية عاتية ومنفلتة للشركات. والضحية الثانية هي العدالة الاجتماعية ونحن طبعا نريد نظام اقتصاد سوق بضوابط.
ما هذه الضوابط؟
أن يكون هناك دور للدولة وحدود واضحة لعمل القطاع الخاص والقطاع العام والاستثمار الأجنبي، وحدود لقضية التكلفة والعائد، صحيح أن جلب استثمارات أجنبية له تكلفته لكن لابد بالنسبة لي كشعب أو كأمة أن يكون العائد أعلي من التكلفة وإلا تصبح صفقة خاسرة، فمثل هذا الوضع لم يتغير.
هل استمرار الحكم العسكري هو الذي أدي إلي إفشال دولة ديمقراطية حديثة؟
إذا كان المقصود إن الدولة تتخذ فيها القرارات بناء علي تبادل الرأي والمشورة بين الحاكم والمحكوم، وهذا جوهر، إذن آه طبعا.
لماذا؟
لأن مع عظيم احترامي وهناك استثناءات، أن العسكري بحكم تكوينه فذهنيته باستمرار فيها فكرة أن الأوامر من المستوي الأعلي إلي المستوي الأدني والأخير، ما عليه إلا أن يطع الأوامر حتي وإن لم يقتنع بها بعد كده ممكن يتظلم. وهذا مفهوم في السياق العسكري لكن في إدارة الدولة الأمر مختلف.
وهذا من العناصر المشتركة بين من خلفيته عسكرية وخلفيته إخوانية لأن الإخواني قائم علي فكرة السمع والطاعة.
لذلك أقول ونحن نتعامل مع هذا الملف يجب أن نتوخي أقصي درجات الحذر ونستحضر دروس التجربة المصرية في القرن الماضي وأقصد دور العسكريين في السياسة – ونبه علي ألا أكتب لفظ العسكر لأنه يمقته ويشمئز منه ومن يقوله بالذات إذا أضيف إليه يسقط حكم العسكر.
واستطرد أقول هذا لأني كوزير تعاملت مع العسكريين وأشهد بدرجة أعلي كثيرا بالمقارنة مع القطاع المدني من التفاني في أداء العمل والإحساس بالرسالة وبالمسئولية في نفس الوقت.
وهذه هي الميزة لكن العيب هو التركيبة العسكرية.
وهل هذا العيب هو الذي أفشل تحقيق العدالة الاجتماعية؟
لا.. الذي أفشل تحقيق العدالة الاجتماعية أو يبدو أنه يسير بنا الآن في عكس تجاه العدالة الاجتماعية، هو إن العسكريين إدراكهم خارج الدائرة العسكرية محدود بحكم التكوين.
وبالتالي عندما يأتى شخص ما من خارج الدائرة العسكرية ويقول لهم: أنا الدكتور فلان الفلاني حاصل على دكتوراه في الاقتصاد، سينظرون له علي أنه خبير في الاقتصاد وعارف بكل شىء وعندما يأتى هذا الخبير ويقول إن الحل هو اقتصاد السوق الحر سيقولون له هذا هو الحل الصحيح لأنهم ليس لديهم خبرة فى هذا المجال.
طبعا الرئيس عبد الناصر كان شخصا عسكريا لكن عنده درجة اطلاع عالية جدا ويقابل الناس ويتكلم معهم.
ما تقييمك لتجربة البنك المركزي الأخيرة في إدارة سعر الصرف؟
لو بدأنا بنقطة الالتزام بالعدالة الاجتماعية، سنجد أنه كان أمام البنك المركزي بدائل أخري لتخفيف الضغط علي الجنيه المصري. والسؤال: هل تخفيف الضغط علي الجنيه يأتي بتخفيض قيمة الجنيه أم لا ؟ أنا رأيي لا، لأن السعر ليس الأداة الأكثر فاعلية في إعادة الاتزان للسوق، كما أن تحريك السعر في اتجاه النزول بالنسبة للجنيه، سيكون له آثار تضخمية واضحة جدا، مع الأخذ في الاعتبار أننا نستورد نحو 50 % من الغذاء وأكثر من 70 % من غذائنا الأساسي القمح إذن لابد أن ننظر إلي تأثير رفع قيمة الدولار وهو مقلوب خفض قيمة الجنيه، وحصيلة سياسة البنك المركزي سيترتب عليها ارتفاع في فاتورة الواردات وإذا كانت الواردات سلعاً وسيطة فتكلفة الإنتاج سترتفع، أي أن السلع الاستهلاكية سيرتفع سعرها والسلع الوسيطة ترتفع تكلفتها فتكون النتيجة تضخم وهذا التضخم نطلق عليه ضريبة رجعية، لأن عبأها يقع أكثر علي أقل الفئات قدرة الفقراء ومتوسطي الحال وهذا معناه نقيض العدالة الاجتماعية.
إذا ما هو البديل؟
كان أمام البنك المركزي بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة التي لديها ملف التجارة الخارجية أن يقللا الواردات عن طريق وضع قيود علي بنود منتقاة من الواردات، وإذا قال أحد إن اتفاقية الجات لا تمكنا من ذلك، سأقول له إن اتفاقية الجات فيها بند رقم 13 يعطينا الفرصة للحركة. لكن لسبب أو لآخر هذا البند كأنه غير موجود بالنسبة لمتخذي القرار فلا يشار إليه مع أنه جزء من اتفاق الجات الذي وقعنا عليه سنة 94، والذي صدق عليه مجلس الشعب عام95، وبالتالي أصبح من قوانين البلد. فالاتفاقية تفرض علي كبلد التزامات لكنها تقر لي بحقوق لابد من أخذها. فكان الأفضل للبنك المركزي أن يتقدم إلي منظمة التجارة العالمية باعتبارها هي التي تطبق الاتفاق، ويقول لها نحن وضعنا صعب ومحتاجون لفرض قيود علي وارداتنا، مستندا إلي البند 13. موضحا أنها قيود مؤقتة حتي نمر من عنق الزجاجة .
لماذا لم يستخدم نظام الضريبة التصاعدية؟
دلوقتي أنت تتكلمين سياسة وليس اقتصاداً، لدينا أدوات اقتصادية بديلة لنختار ضريبة تصاعدية أم ضريبة من خلال تخفيض سعر الجنيه وهذا يتوقف علي توازنات القوي السياسية في المجتمع، وهنا تأتي القنوات الخاصة علي سبيل المثال يملكها ذوو النفوذ فتستضيف من يروج لتخفيض سعر الجنيه.
ويضيف د. جودة (لسه) عايشين في جلباب مبارك حتي الآن وهذه عقلية نظام مبارك وهذا تكوين من كانوا في موقع اتخاذ القرارات وانتماءاتهم الطبقية وتوازنات القوي السياسية هي التي تحكم. عندما كنت في الوزارة وطرحت فكرة الضريبة علي أرباح البورصة هوجمت هجوما شرسا جدا ودفع بأشخاص ليس لهم علاقة بالموضوع ليهاجموني وقالوا لي: وما دخلك وأنت وزير تضامن وعدالة اجتماعية وتموين، فكان ردى بسيط: أنا عضو في حكومة والحكومة لها مسئولية تضامنية.
هل نظام مبارك مازال مستمرا؟
آه طبعا نظام مبارك أولا رموز مبارك تطل برأسها علي الساحة مرة ثانية وخاصة بمناسبة الانتخابات، الحزب الوطني ألغي، صحيح لكنه لن ينزل بصفته ولكن بمليون صفة تانية وعندك أحمد عز كمثال والذي أعلن خوضه للانتخابات وهو الحالة الأوضح وبالتأكيد هناك حالات أخري في مصر من أقصاها إلي أقصاها. بسبب عملية التجريف التي أحدثها مبارك وكان يجب أن يحاسب علي أنه جرف البلد سياسيا وترك مصر كالأرض السبخة التي لا ينتظر منها ثمار ولا يمكن أن تطلع زرع.
فالفراغ الذي نتج عن التجريف السياسي يتيح فرصة مرة ثانية لعناصر نظام مبارك لتعود للساحة مرة أخري وعدد كبير منهم سيخوض الانتخابات.
يقال إن البرلمان المقبل سينقسم بين الإخوان ومن أطلق عليهم فلول لأنهم سيفوزون وسيكتسحون؟
آه طبعا وهنا لابد أن نلوم النخبة السياسية المصرية التي أضاعت علي نفسها وعلي هذا المجتمع فرص سحرية، الفرصة في انتخابات الرئاسة في المرة الأولي بإصرار 6 أو 7 مما يسمي قيادات التيار المدني الليبرالي علي أن يخوضوا الانتخابات متنافسين، فكانت النتيجة إن مرسي ستدخل خلفه الكتلة الإخوانية وشفيق ستدخل وراءه الكتلة المباركية أو الفلولية كما يسمونهم ثم يوزع عليهم ما بقي وقد كان.
حالياً يعاد إنتاج نفس السيناريو للأسف الشديد تسمعي كل يوم أسماء ومصطلحات جعلتنى غير قادراً على المتابعة مثال: تحالف حب مصر وكلام سخيف وإيه المسألة كلها علي إيه! وتساءل ليه الناس لا تتقى الله في هذا الوطن وترتفع إلي مستوي الحدث.
نفس عملية التكالب علي المناصب، هنا طبعا في ظل الانقسام من كانوا يوما ما سموا "جبهة الإنقاذ" دلوقتي بتوع جبهة الإنقاذ عمالين يخبطوا في بعض ويتفتتوا، ولذلك لما الناس بتسألني أقول لهم هتروق بس بعد ما تتعكر. لسه هتتعكر شوية.
إنما حاليا الوضع مقلق فعلا لأن القوي السياسية مجزأة والفلول يعيدوا التراص وتوحيد الجهود، وكذلك الإخوان والقوي الإسلامية لو أضفتي إلي هذا السلطة التي أصبحت للبرلمان في ظل الوضع الحالى والتى ستكون أكبر بكثير مما كانت عليه في السابق.
هل هذا يمثل خطورة؟
من الممكن أن يمثل خطورة - وصمت لثوان كأنه يدقق في اختيار الكلمة المعبرة بصدق – وقال: قد يكون أساساً لمرحلة من عدم الاستقرار السياسي، نتكلم عن السلطتين التشريعية والتنفيذية إذا لم يكن بينهما وفاق.
السلطة التنفيذية هي السيسي الذي هو رئيس لما يجي برلمان ينتخب وبعدين يشكلوا حكومة ومن حق البرلمان أن يشكل حكومة إذا رئيس معجبوش يعيده ثم من حق البرلمان سحب الثقة من الحكومة وهذا الوضع لم يكن وارداً علي الإطلاق. أريد أن أقول إن هناك غيوما سياسية تحوم في الأفق بالنسبة للفترة المقبلة.
لكن عودة إلي سؤال إن نظام مبارك مستمر؟
أولا: لم نغير القيم اللي كنا عليها وقت مبارك فمازلنا نتكلم عن "حركة المحافظين" فماذا تعنى حركة محافظين! ثانيا: نحن نتكلم عن اقتصاد السوق الحر، يا جماعة الشعب (هاج وماج) وقال إحنا تعبنا وافتقرنا وعايزين عدالة اجتماعية وعايزين عيش.
قلت: علي الدولة أن تأخذ حق المجتمع من الرأسماليين؟
في تقديري أن ما يقدم لبعض رجال الأعمال علي حساب الشعب أكبر مما يجب والمثال علي ذلك الأراضي التي كانت تعطي بتراب الفلوس والقروض وحتي الشركات والسؤال الذي يطرح نفسه: هل هذا توقف؟
فيجب أن نوقف هذا أولا ثم نقول لهم أنتم لديكم قدرة أكبر علي الدفع فلابد في إطار عقد اجتماعي أن تتحملوا جزءا من فاتورة الإنفاق العام في هذا المجتمع والفاتورة مرشحة للزيادة في ظل الدستور الجديد لعام 2014 .
بالإضافة إلى أن النظام الرأسمالي يفرز حالة من اللا مساواة بين أهم طبقتين في المجتمع، طبقة الرأسماليين وطبقة العاملين بأجر وهذا الوضع يحتاج إلي تصويب قبل أن يتجاوز الحد فينتج عنه درجة من عدم الاستقرار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.