زينب هاشم لقاء الجهاديين وأتباع داعش والجماعات الإرهابية المتطرفة كان وسيلته للدخول إلى السجون والتعرف على هذه النماذج عن قرب، وذلك لإشباع رغبة شخصية لديه فى الكشف عن عقلية هؤلاء المنتمين لهذا الفكر وكيف يقدمون على ممارسات وحشية ضد الفطرة الإنسانية؟ د. محمد عبد الفتاح، أستاذ علم النفس بجامعة الأزهر واستشارى الأمراض العقلية والعصبية بمستشفيات الشرطة، وقد التقت به «الأهرام العربى» حول انطباعاته عن هؤلاء الجهاديين وتحليله لملامح شخصياتهم وأفكارهم وإلى نص الحوار. بعد الاحتكاك المباشر بالجهاديين التكفيريين فى السجون كيف ترى هؤلاء؟ الجهاديون مجموعات تصر على اعتناق أفكار معينة لاحتلال الدول العربية، وقد درسوا أحوالنا بشكل جيد مستخدمين مصطلحى الاستشهاد والجهاد الحقيقى، مؤمنين بالاستخلاف لا بالملكية، لأننا كبشر عقيدتنا بأننا مستخلفين فى أنفسنا وأن الملكية الحقيقية لله وعندما تعود الروح لخالقها يصبح هذا هو الجهاد الحقيقى، ومن هنا أصبحت كل هذه الحركات ومن بينها حركة الإخوان المسلمين والتى لم تبن على مبدأ دينى بل على مبدأ احتلال وكيفية استخدام الدين فى ذلك، ومرجعيتهم التى استندوا إليها هى الخوارج التى كانت موجودة فى عصر سيدنا على ومعاوية بن أبى سفيان وهؤلاء الخوارج هم اليهود الذين قالوا نحن مسلمون فألقوا الفتن وخربوا الدولة الإسلامية، لذلك أخطر شىء على المجتمع أن نتحدث باسم الدين، والدليل على ذلك أنه فى عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم )كانت هناك أحاديث تأخد أشكالا مختلفة وتحرف الأحاديث الأساسية لهدف واحد وهو اهتزاز الدولة الإسلامية ومنظومتها، ومن هنا نشأت تركيا آنذاك دولة علمانية، لكن مصر العين عليها طوال الوقت بحكم الموقع الجغرافى والكتلة العربية الإسلامية، فهى قوة لا يستهان بها عبر التاريخ، لذلك نشأت بها جماعة الإخوان المسلمين، والتى لم تنشأ على مبدأ دينى بل بمنطق الاحتلال باسم الدين . قمت بزيارات كثيرة للسجون التى يتم بها احتجاز التكفيرين والجهاديين الذين يتم القبض عليهم.. فماذا عن تفاصيل هذه الزيارات؟ كانت زيارات خاصة حتى يتسنى لى رؤية بعض هذه الحالات عن قرب فكنت ابحث كيف اتقابل مع هذه النوعية وكيف أحللها من الناحية النفسية وهنا المقصود، تحليل البيئات التى نشأوا وتربوا فيها والتى أسهمت فى تكوين شخصياتهم وإدخال المفاهيم المختلفة، مثل ماذا يعنى الصدق؟ وماذا يعنى الكذب؟ وكيف نحكم على السلوك ومتى يكون السلوك منضبطا ومتى يكون غير ذلك وغيرها من الوظائف النفسية التى تعنى القدرة على التعلم واكتساب مفاهيم خارجية، وفى النهاية منظومة القيم واضحة لإمكانية الحكم عليهم. قبل مقابلة هؤلاء الجهاديين كيف كان رهانك عليهم؟ كان رهانى على التعرف إلى أهداف وأسباب هذه الشخصيات فيما يفعلونه، وهل هذا لهدف دينى أم أنها أفكار مكتسبة من أسرهم أو أصدقائهم، لأنه لو كان لهدف الدين فقد تعهد الله على حفظه عندما قال (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) والدين موجود ومبادئه واضحة، ولكن ما حدث مع هؤلاء المنتمين لهذه التيارات هو أنه تم اللعب فى عقولهم فبدأوا ينظرون إلى الدين ويحللونه ويفسرونه بشكل مختلف، ومن هنا بدأت البحث فى عقلياتهم وكيف كانت أفكارهم وهل هم من الريف أم من الحضر وذلك سواء كانوا معتقلين داخل السجون أم موجودين خارجه وينتمون لهذا الفكر، وبالفعل قابلت هؤلاء الجهاديين من جنسيات عديدة فمنهم المصريون وغير المصريين الذين تم القبض عليهم وكانوا من جنسيات سورية وفلسطينية وليبية، وهناك حالات أتت إلى عيادتى الخاصة بالمصادفة، وكان من بينهم أسر كاملة تخشى على أولادها من السير فى هذا الطريق، وكانوا يقصدوننى لأنهم يعرفون أننى أجمع بين الدين وعلم النفس، لذلك كنت أتكلم معهم فى الدين وأقصد هنا الأسر حتى ينقذوا أبناءهم من السير فى هذا الاتجاه، وذلك على الرغم من أن هذه الأسر نفسها كانت تنتمى إلى جماعة الإخوان، لكن كانت تخشى على أبنائها من الانجراف إلى مثل هذه التيارات، وذلك بعد أن زاد وعيها فى الفترة الاخيرة ولكن ليست كل الأسر على هذا النحو. كيف زاد وعى هذه الأسر وقد اعتنقوا فكر جماعة الإخوان من قبل وانتموا إليهم كما سبق وذكرت؟ ما حدث هو أنه بعد ثورة 30 يونيو زاد وعى الأسر تجاه أبنائها، خصوصا أن هناك مجموعة منهم والتى كانت تنتمى لجماعة الإخوان قامت بتغيير فكرها وانتمائها، لأن الإخوان كانوا يقولون الدين هو الحق والإسلام هو الحق وبعد الحكم لم يرهم أحد يحكمون بالدين، وقالوا إن اليهود أحبابهم وسمحوا بالسكر والعربدة ورخصوا الملاهى وهذه الأسر بشكل خاص هى التى غيرت فكرها تجاههم وأصبحت تستجيب بالمناقشة والمواجهة لكل المواقف السابق ذكرها، وبالتالى خشوا على أولادهم من هذا الفكر المتوارى خلفه القتل وسفك الدماء ومن هنا واجهوا أنفسهم بهذا التناقض فى الفكر لأنهم أشخاص مثلنا كانوا متأثرين بهذه الجماعة ومتعاطفين معها مثلهم مثل الإعلام وغيره من الأجهزة الأخرى الموجودة فى الدولة إلى أن اكتشف الجميع أن الإخوان يتاجرون بالدين، والهدف من وراء كل هذا سياسى وتعرت جميع الخطط وظهرت أهدافهم على حقيقتها. وهل تم القبض على أفراد من جماعة داعش بالفعل؟ نعم تم القبض على عدد منهم ولم يتم الإعلان عن ذلك، وإن كنت أرى أن هذه المجموعات كلها مجموعة واحدة بمسميات مختلفة سواء جماعة الإخوان أو داعش أو أنصار الشريعة وبيت المقدس، وهذا ما لاحظته فى مقابلاتى معهم فهم يتحدثون بنفس الفكر وذات المنطق وكلهم يتبنون اتجاها واحدا فقط وهو القتل وسفك الدماء، والأزمة فى رأيى معقدة جدا ولا يمكن اختيار فصيل واحد ودراسته بعيدا عن الفصائل الأخرى لأن السؤال المهم الذى سألوه لأنفسهم كيف نضلل أمة ونغربل أفكارها من خلال منظومة فكرية تعزل كل المثيرات الخارجية؟ ومن هنا أصبح هناك أمة تتدهور وبدأت تتبنى فكرة التواكل وترمى المنطق وتعتنق اللا منطق وبالتالى صدقت هذه الجماعات استنادا إلى أننا راكبنا عفريت أو جن وبدأ الجميع يرمى الفشل كله على الحسد والمؤامرة وأنه ليس مذنبا، ومن ثم يأتون بحكام إخوان مسلمين ولكن لا يعملون لصالح الدين أو البلد، وكل هذا ناتج عن انهيار التعليم. على الرغم من أننا منذ خمسة قرون كنا نتسيد العالم فكريا وليس بقوة السلاح وفجاة تدهورت أوضاعنا وتخلينا عن ذلك إلى ماكانت عليه أوروبا القديمة وهو أن الفكر الكنائسى المتطرف الذى يلغى العلم ويلقى فكرة ناقدة للذات وللآخر هو السائد. أثناء لقائك بهؤلاء الجهاديين كيف كانوا يتحدثون معك وهل كانوا يحدثونك بالدين؟ هم لا يعقلون ولا يفكرون، فقط يحفظون بعض الجمل التى لا تختلف فيما بينهم، وذلك من خلال عبارات بعينها دست فى فكرهم مستندين إلى تراث محرف من الدين خاصة عن طريق الحديث والتراث المغلوط بين الصحابة، وقد تم إقحام هذا الفكر المغلوط فى عقلياتهم من خلال منحهم مجموعة من الكتب التى لا يقرأون غيرها ومن بينها كتب تخدم أفكار التطرف والمتطرفين، وكان الكبار فى هذه الجماعات يشرحون لهم كيف استطاع سيدنا على أن يقاتل سيدنا معاوية والاثنان مبشران بالجنة وهذا شىء لا يصدقه عقل، وكذلك كيف استطاعت السيدة عائشة والتى قامت بتربية سيدنا على أن تأخذ صف معاوية ضد على وهذه السيرة من الموروثات الخاطئة التى تدس فى الدين تهدف إلى تخريب فى العقول وهو الأمر الحاصل منذ أيام الخوارج من أيام عبد الله بن سلول ونشر الفتنة بين المسلمين، لذلك قال الله تعالى «إن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار». وما السمة الأساسية التى جمعت بين هؤلاء الجهاديين الذين ينتمون إلى جنسيات مختلفة؟ إنهم جميعا لا يقرأون ولا يفقهون غير آراء قاداتهم الذين هم أشبه بأكاديميات يربونهم ويعلمونهم ما تبثه لهم المخابرات الأمريكية بداخلهم وهى التى زرعت التطرف منذ قديم الأزل بسبب سوء فهم ابن تيمية . كان الإخوان يهربون خارج مصر وبدأ يتكون لديهم فكر متطرف بدعم من الأمريكان ليهاجموا الكفرة من منظورهم وقد استخدموهم لإلغاء العقل الإنسانى لتكون هناك قابلية للإيحاء والقدرة على التأويل والتفسير، لأنه بافتقاد هذه الجزئية يكون من السهل أن يعتنق الشخص أى فكر، ورأسه أشبه بالغربال، يدخل أفكارا ويخرج غيرها بسهولة ومن أجل ذلك قال الرسول (استفت قلبك وإن أفتوك)، فقادتهم يؤكدون عليهم إذا سمعت معلومة خذها حتى لو ستلغى بها عقلك الإنسانى إلى أن أصبحت عقولهم أشبه بالطبق الفارغ، ومن هنا جاءت فكرة الإيحاء مبنية على الإيمان بالشخص أولا وليس بالفكرة، فإذا آمنت بفلان يصبح فكره صحيحا، وهى فكرة متأصلة عندهم منذ القدم عندما تم استقطاب حسن البنا وذهب بعدها إلى الإسماعيلية لأن بها منطقة حدودية ورافق أصحابه النجارين والسباكين وغيرهم ولم يرافق صديق واحد متعلم وهو نفس المبدأ تأتى بشخص عقله فارغ وتقول له لو فعلت ذلك أى أن كان الفعل ستدخل الجنة وليس ذلك فحسب، بل من الممكن أن يوفر فلان لك وظيفة ويعين ولدك وكله تحت وطأة الستار الكبير للدين. لكن أغلب الحالات التى سارت فى هذا الاتجاه من حاملى الشهادات الجامعية وأخص بالذكر مصر؟ حملة الشهادة العليا ليسوا مثقفين كما تظنين، ومن الممكن أن يكون طبيبا يحفظ كتب الطب وليس مثقفا، ولو خاض اختبار ذكاء يحصل على صفر، وآخر جاهل من الممكن أن يدير منظومة أكثر من أصحاب الشهادات وهناك فرق بين شخص مؤهل فكريا وعلميا ودينيا بشكل سليم وآخر غير مؤهل. وعندما كنت أتوجه بالسؤال لهؤلاء الشباب أجدهم لا يعرفون شيئا عن الدين والجغرافيا، وبالتالى أصبحت مسألة شهادات فقط والدليل على ذلك أن اكبر مرحلة طفولة فى الكائنات الحية هى طفولة الإنسان والقادة لديهم يستخدمون هذه المعلومة فى الغاء وظائف العقل الحقيقية وحتى لا يكون هناك ادراك جيد عندما يفتقدون الوظيفة الاساسية للعقل ويصبح اشبه بعجين فارغ سهل ملئه بمعلومات ينساها بعد انتهاء الامتحان مباشرة لذلك تعريف الجاهل والتى قال عنهم القران اليهود (مثل الذين حملوا التورات ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا) يقرأون المعلومة ولا تتفعل فى سلوكهم، لأن هناك فرقا بين المعتقد والفكرة وعندما يفتقد المجتمع للقيم والمعتقدات يترك الفرصة لمثل هؤلاء المتطرفين لزراعة معتقداتهم الشخصية. وهل لاقت مناقشاتك معهم استجابة واقتناعا من طرفهم؟ هم عقول مسطحة للغاية لديها قابلية للإيحاء شديدة يتسمون بما يسمى الفكر الأحادى فقط، وهناك بعضهم استمع الرأى واقتنع وبعضهم لم يقتنع، وذلك لأن الأفكار مثل المعتقدات والأمر هنا أصبح غير متعلق بالدين ولكن متعلق بالفكر وهناك أشخاص يفهمون الدين بشكل خاطئ، لكن الدين ليس مذنبا، الذنب يقع على الفكر. وهل يتشددون فى أداء الصلاة والزكاة كما يتشددون فى القتل وسفك الدماء؟ الصلاة بالنسبة لهم شكليات طبقا لمعتقداتهم، فهو شخص لا يرى أهمية فى الجهاد ولكن الأهم أن يتقاضوا الأموال، فهم مرتزقة ويساومونهم قادتهم، جاهدوا وسنعطيكم النقود، لذلك قابلت منهم شبابا صغيرا فى السن، الشخص منهم لم يتجاوز الخمسة عشر عاما ومتزوج من أربع فتيات أحيانا ويعيش حياة مرفهة يأكل ويشرب ما يتمنى، أى أنهم يقايضونهم على ملذات الحياة هذه طبقة، وهناك طبقة أخرى معتقدة أنها بالتحالف مع الغرب تتمكن من السيطرة على المنظومة الفكرية الإسلامية بمنطق منظومة الخوارج، لأنهم يروننا كفرة، وقد قابلت شبابا ينتمون لداعش أقنعوهم بأننا مفسدون وكفرة ونعيش فى الحرام والسيدات فى مجتمعنا يركبن السيارات ويكشفن وجوههن وكثير من الأفكار الأخرى شديدة الغرابة فى غلاف دينى ويتحدث المجاهد منهم عن السيدات وقد حولوهن لسبايا، فالمرأة فى مفهومهم كائن خلقه الله يستمتعون بها كيفما شاءوا ويرمونها بعد ذلك، فليس لها لازمة أو فائدة فى المجتمع ويستندون على قول (وأطيعوا الله ورسوله وأولى الأمر) والزوج فى رأيهم من أولى الأمر وعلى المرأة أن تنفذ فقط ما تؤمر به، وعندما تشكو من الضرب والإهانة يقولون لها الزوج أولو الأمر، فلا يصح أن تشتكين منه، وهم يأخذون الأفكار القديمة ويغرسونها فى عقول هؤلاء الشباب وهم لا يعرفون شيئا عن الدين ولا يقرأون وبالتالى تدخل الفكرة كما هى باستباحة للمرأة. فى رأيك ما وسيلتهم للانتشار وجذب وإقناع الآخرين لاعتناق الفكر الجهادى ومن ثم الانضمام إليهم؟ أول قاعدة لديهم يقولونها للجدد إنت تابع لى وليس لك أن تقرأ أو تفهم شيئا غير الذى نقوله لك أو نقدمه لذلك فتشكيلات الجماعة تبدأ بإمساك المجاهد بأسرة كاملة فى البداية يشرع لها ماذا تقرأ وما تمتنع عن قراءته، بحجة أننا نقدم لكم المفيد دينيا لأن بخلاف هذا كفر وهم مجموعات عندما ينضم إليهم عضو جديد لابد وأن يعى بأن الجهاديين درجات، لذلك فى البداية يتولى الشاب أمر أسرة معينة، ويقنعها بهذا الفكر فإذا نجح فى إقناعها يتولى أمر أسرتين ثم ثلاثة وفى كل مرة ينجح فيها فى مهمته يصعد لمكان أكبر وأوسع، ويكون الترتيب الهدف الأساسى منه على أساس الفهم فيقول كل جهادى للتالى عليه لا تتكلم معى لأننى شخص يفهم وأنت لا تفهم لأنك صغير وما زالت أمامك سنوات طويلة للتعلم، ومن هنا ينشأون على الطاعة العمياء، فلا يمكن مخالفتهم لأن من يخالفهم يخالف أولى الأمر، وبالتالى يعصى الله ويكفر، ومن هنا يتغذى الفكر على إلغاء العقل والخضوع الكامل للقائد، هناك بعض الكتب التى يحرمها القادة على الآخرين قراءتها وهى كتب الشيخ محمد الغزالى، وذلك على الرغم من أنه كان إخوانى، ولكن عندما انشق عليهم وكتب ضدهم باستنارة حرمت كتبه وكذلك كل من تركهم وابتعد عنهم بفكره. وهل استقطاب هؤلاء الشباب يكون بمعزل عن زمن الدولة ؟ أمن الدولة كانت تتعامل عن قرب مع هؤلاء الجهاديين، لكن هنا من يذهب إلى هؤلاء هم مجموعات من الشباب الفقير الذى يتردد على المساجد والمستوصفات الخيرية التى يقدمون فيها العلاج مجانا، وهو ليس مجانا وإنما أمريكا والغرب تتحمل النفقات، وهناك رجال أعمال مليارديرات وينتمون للإخوان، وكل هذه النفقات بالنسبة لهم ملاليم، لذلك دخلوا إلى هؤلاء الفقراء من مدخل الصحة والبطالة والسيطرة على العملية التعليمية فى مصر لتغيير المنظومة الفكرية ليصبح من السهل عليهم إدخال أفكارهم تجاه المرأة والديانات الأخرى وكل ما يخدم أهدافهم بداخل المجتمع . وهل تكتفى القيادات لديهم بتجنيد الشاب ورعايته ماديا فى البلد الذى ينتمى إليه أم أنهم يستقطبونه للعيش تحت مظلتهم خارج مصر؟ بمنطقهم كل جهادى له رسالة ومنطقه خاصة به، ومنها جزء عسكرى تابع لداعش وهم من تحدثت مع أحدهم لأنه كان واحدا من الفرقة 95 التى اقتحمت ميدان التحرير وكانت تضرب الثوار من فوق أسطح العمارات، ولديهم فيديوهات مسجلة، وهناك جهاديون آخرون يقنعون الطلاب فى المدارس والمستشفيات، وهناك من يتولى الذهاب لالتقاط الشباب من المساجد وهم مقسمون فعندما يتم القبض على البعض منهم أو ينكشف أمر آخرين ويقتلون يظهر آخرون جدد بشخصيات مستعارة، ويصبح هدفهم عدم الإعلان عن شخصياتهم الحقيقية، وعندما واجهت أحدا منهم بأن هذا ضد فكرة الجهاد، لأن المجاهد الحقيقى يكون فى مقدمة الصفوف وليس خلفها صمت ولم يجب لأنه ليست لديه إجابة. هل راودك الشعور بالخوف من التعامل مع هؤلاء الجهاديين؟ لا لم أخش أبدا منهم لأنهم أولا تحت السيطرة بداخل السجون، وهناك جزئية أخرى وهى أن البعض منهم، والذى مازال على وشك الانخراط بينهم لأنه فى أول الطريق والاستنارة تفيده خصوصا أن بينهم أطفال شوارع زج بهم فى الشارع من السبعينيات، وهم الآن لم يعودوا أطفال شوارع بل رجال استقطبوا لهذه الجماعات وهم الذين يقتلون كل يوم فى الملاعب، ويصبح الشاب منهم فقيرا لا يجد ما يأكل وعندما يعطونه 100جنيه فى اليوم فهذا أمر جيد بالنسبة له. سبق وذكرت أن كل هذه الطوائف مسميات لمجموعة واحدة، فعلى أى أساس يتم تقسيمهم وإطلاق المسميات المختلفة عليهم؟ لا توجد أسس واضحة والأمر يتم بشكل عشوائى، لأن سيد قطب إرهابى، لم يكن هناك إخوان وجهاديون، وبمقتله انقسموا حتى لا يفنوا، وأطلقوا على أنفسهم مسميات سلفى وجهادى ونصرة وداعش وقاعدة وبيت المقدس، والدليل على ذلك عندما حكم مرسى مصر لم يكن هناك لجبهة النصرة أو غيرها وجود، وفجاة وجدنا المسميات تظهر لانصار بيت الشريعة فى ليبيا والتى أعلنت فيما بعد الانضمام لداعش والقاعدة، وهى كلها سياسة فقط ولا يوجد فرق بين داعش وجبهة النصر ة والإخوان . كيف استطعت إقناع هؤلاء الجهاديين بالإفصاح عن أنفسهم وأفكارهم؟ كنت أذهب إلى السجون لأسباب مختلفة سواء بهدف علمى وهناك رسائل ماجيستير ودكتوراه أعدت من داخل هذه المنظومة، ولكنى بشكل شخصى كنت أدخل عن طريق طرق معينة للالتقاء بهذه الحالات وأقدمها لمن يهمه الأمر هذا بخلاف أننى كان لدى هدف شخصى وهو دراسة هؤلاء الجهاديين عن قرب، والتأكد من الأفكار الموجودة بداخلهم بدافع الغيرة على الدين والبلد، وما تأكدت منه هو أن هؤلاء المأجورين يتولون مناصب ويشترون شبابنا بالفلوس، وهو أمر مؤلم تسبب فيه النظام الحاكم فى عهد مبارك، لأنه هو من أضاع القيم والتعليم ووقعنا جميعا بسببه تحت سيطرة الإخوان الذين أحكموا القبضة على القطاع المدنى الفقير فى البلد. هذا بالنسبة لمصر، لكننى ذكرت أنك قابلت جهاديين ينتمون لجنسيات أخرى، فى رأيك من المسئول عن انضمامهم لهؤلاء الجهاديين؟ هم تنظيم دولى أساسه فى مصر وحتى عند تأسيس الحركة فى لندن فكان90 % منهم من المصريين، وكنت أتمنى أن أرى فى سلوكهم وشخصياتهم أنهم متدينون حقيقون، ويحاربون من أجل الدين، لكنى لم أجد ذلك، لكنى رأيت شبابا يعتنقون أفكار شديدة الصلابة عن فكر متأصل بداخلهم، وينبهون عليهم ألا يستمعوا إلى الآخرين، لأنهم كفرة بمن فيهم الإمام الغزالى والشيخ الشعراوى، رجل عليه علامات استفهام بالنسبة له، لكنهم فى المقابل يحثونهم على قراءة أفكار ابن تيمية والوهاببين والأحاديث التى دست فى عصر الصحابة وما بعده ومن هذه الكتب التى يجبرون الجدد على قراءتها، وقد يجد الشاب نفسه بعد ذلك كارها للإسلام وليس غريبا أن نسمع إلى أن هناك ثلاثة ملايين ونصف شاب غير ديانته وترك الإسلام، وهى بإحصاءاتهم . وهل واجهت الشباب بداخل السجون بهذه المعلومات؟ بالطبع وقلت لبعضهم إن سلوككم ليس له علاقة بالدين، وأنه سياسة فقط وسألت أحدهم هل أمرك الدين باراقة الدماء، ومن قبل الإمام الحسن قد ترك الحكم عندما وجد هناك إراقة دماء، وهل من الممكن أن يقتدوا به، فأجابنى بأن ترك إراقة الدماء بالنسبة لهم أمر مستحيل، ولابد أن يسيطر على المنطقة بالكامل، وفى حوار آخر مع شخص غيره قلت له أنت تحاربنى وأنا أشهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله ولماذا لا تقتل الإسرائيليين وهم أولى بسفك دماءهم أجابنى بأن الدور قادم عليهم، قلت لماذا لا تبدأ بهم وتأجلنا. صمت، ومع كثرة التحاور معهم وجدت نفسى أمام عقلية مظلمة لا تعقل ولا تفهم شيئا يسيطرون عليهم بمبدأ اللعب فى العقل، وكنت قد اقترحت على المسئولين أن نجمعهم فى سجن واحد لتنشئتهم من جديد من خلال إمدادهم بكتب حقيقية وعلماء تساعدهم على الاستنارة يساعدونهم.