نشرة منتصف الليل| جلسة عاجلة بالنواب لمناقشة "الإجراءات الجنائية".. ومنصة الوحدات البديلة للإيجار القديم جاهزة    السردية الوطنية للتنمية.. الطموح والأمل والحذر فى المستقبل    محمود عباس يرحب بإعلان البرتغال الاعتراف بدولة فلسطين    سفارة إسرائيل فى لندن تعبر عن رفضها لاعتراف بريطانيا بالدولة الفلسطينية    بالرصاص المطاطي.. إصابة فلسطينيين خلال اقتحام الاحتلال بلدة غرب جنين    محمد يوسف: ملف مدرب الأهلي الجديد سري للغاية.. والخيار المصري مطروح للنقاش    «آن الأوان أن تنصفه كرة القدم» التوأم: محمد صلاح الأحق بالكرة الذهبية    تطبيق "ON APP".. تقديم تجربة متكاملة لمتابعة الدورى المصرى    محمود فتح الله: أنصح لاعبى الزمالك بالتركيز الآن فى مباراة الجونة فقط    إصابة 5 أشخاص إثر حريق ورشة نجارة فى الإسكندرية    رمضان صبحى يفجر مفاجأة: دفعت 50 ألف جنيه للترم وعمرى ما شفت لجنة امتحان    مصرع شاب وإصابة 3 آخرين آثر حادث انقلاب سيارة ملاكى بترعة بالمنصورة    أهم الأخبار الفنية على مدار الساعة.. المخرج محمد عبد السلام يحتفل بعقد قرانه بحضور نجوم الفن.. أشرف زكى وأحمد بدير وصفاء أبو السعود فى عزاء شقيقة أحمد صيام.. "ضى" يفوز بجائزتى أفضل فيلم وممثلة من مهرجان بغداد    كتف بكتف.. مجلس نقابة المهن التمثيلية يقدمون واجب العزاء ل أحمد صيام فى شقيقته    محافظ الوادي الجديد: استقرار حالة طفلة الفرافرة المصابة بعد جراحة في الفخذ    وزير الشؤون القانونية: إعادة الإجراءات الجنائية للبرلمان فرصة ذهبية لإعداد صياغة أكثر توافقًا وفاعلية    يومان عطلة في سبتمبر.. موعد الإجازة الرسمية المقبلة للقطاع العام والخاص (تفاصيل)    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: اعتراف بريطانيا وكندا وأستراليا بفلسطين تحول كبير بالموقف الأوروبي    أبو الغيط يشيد بمواقف جوتيريش خلال مباحثات حول غزة وفلسطين    مقتل شخصين وإصابة 15 آخرين إثر هجوم أوكراني على شبه جزيرة القرم    عبد العاطي يشيد بدور برنامج الأغذية العالمي في غزة    مقتل شخصين وإصابة 15 آخرين إثر هجوم أوكراني على شبه جزيرة القرم    السيسي يرد قانون الإجراءات الجنائية: مناورة سياسية تحت الضغوط الدولية والداخلية    النيابة الإدارية تُشرف على انتخابات نادي الزهور ب «التصويت الإلكتروني»    اليوم.. آخر فرصة لزيارة معرض «أهلاً مدارس» بمدينة نصر    وزير الشؤون النيابية: انعقاد منقوص لمجلس النواب قبل أكتوبر لمناقشة اعتراض الرئيس على الإجراءات الجنائية    برشلونة يكتسح خيتافي بثلاثية ويعزز وصافته في الليجا    اتحاد الكرة يعلن حكام مباراتي الأهلي والزمالك في الجولة الثامنة بالدوري    هشام نصر: الزمالك مستعد للذهاب للرئيس السيسي بخصوص أرض أكتوبر    حكام مباراة الأهلي وحرس الحدود في الدوري المصري    سعر الدولار الآن مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الاثنين 22 سبتمبر 2025    سعر التفاح والموز والمانجو والفاكهة في الأسواق اليوم الاثنين 22 سبتمبر 2025    عيار 21 الآن في الصاغة.. سعر الذهب اليوم الإثنين 22_9_2025 بعد الانخفاض الأخير (تفاصيل)    علاقة محرمة تنتهي باختطاف وجريمة قتل داخل مزرعة بالبحيرة    بداية الخريف.. الأرصاد تكشف توقعات حالة الطقس اليوم الإثنين 22 سبتمبر    من حقك تعرف.. ما إجراءات إقامة دعوى استرداد مصروفات دراسية؟    صرخ وسقط غارقًا بدمائه.. طعنته بعد 3 أشهر من الزواج في الشرقية    رئيس شعبة الورق: ارتفاع أسعار الكتب رغم تراجع التكلفة "استغلال غير مبرر"    استجابة لاستغاثة "فيسبوك".. محافظ المنوفية يأمر بإيواء ورعاية "مشرد" (صور)    توصيات لجنة «سرقة الإسورة»: تفتيش المرممين ومنع حقائبهم (تفاصيل)    «جلطة في الذراع».. إصابة مسلم بأزمة صحية جديدة    موقف يضطرك للدفاع عن نفسك.. حظ برج القوس اليوم 22 سبتمبر    موعد صلاة الفجر ليوم الإثنين .. ومن صالح الدعاء بعد ختم الصلاة    محمود فوزي: قانون الإجراءات الجنائية ليس أول مشروع يعيده الرئيس للبرلمان    الزبادي منخفض الدسم قنبلة سعرات حرارية.. 7 أطعمة تخدعك في رحلة «الدايت»    ليس له علاج وقد يتحول لورم خبيث.. أعراض ومضاعفات «متلازمة الرجل الشجرة»    بمشاركة أمينة خليل وتامر عاشور.. 15 صورة من حفل الموريكس دور 2025    بينهم 6 أطفال.. إصابة أسرة في تصادم على زراعي البحيرة    أمين "البحوث الإسلامية": الانتساب للرسول فخر ومسؤولية    وزير العمل: نخوض معركة حقيقية ضد شركات إلحاق العمالة الوهمية    الإسكان ل"ستوديو إكسترا": سيتم حصر كل التوكيلات الصادرة لوحدات وأراض    نيكول سابا جريئة وروجينا أنيقة.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    وزارة الصحة توجة تحذيرا هاما حول إصابات الأنفلونزا وطرق الوقاية.. التفاصيل    جمال يوسف ل "سيرا إبراهيم": خانتني صحتي وكانت أصعب محطات حياتي    بيان عاجل من وزارة الصحة بشأن شكاوى أسرة مريضة بمستشفى أم المصريين    هل الكسوف والخسوف غضب من الله؟ الأزهر للفتوى يجيب    عضو مركز الأزهر: ثلاثة أوقات تُكره فيها صلاة النفل بلا سبب    أدعية الصباح اليوم.. طاقة روحانية وسكينة في النفوس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عزيزى الشاعر.. البينة على من ادعى!
نشر في الأهرام العربي يوم 28 - 02 - 2015


محمود الحلوانى
أعرف صديقا غلبانا، يكاد يشف ويرف من فرط محبته للشعر والشعراء، غير أن محبة صديقى هذا، هى من تلك الأنواع النادرة من الحب، تلك التى تكون عواقبها دائما سخيفة؛ حيث تمتزج هذه المحبة حسب تصنيف المعجم بشيء من الخجل الضارب إلى الحمرة، حتى لا تستطيع أن تميز بينه وبين لامؤاخذة يعنى لون مؤخرة القرد، كما تكون مشوبة بكثير من العبط الأصلي، الذى يمتد فى الزمن إلى إنسان الكهوف، فى عصور ما قبل الثعالب المكَّارة، والفئران آكلة المحشى!
من العواقب التى يجلبها هذا النوع من المحبة على صديقى هذا، ذلك الاحمرار الذى يغطى صدغيه ويشعل عينيه، مصحوبا بحكة، وبرشح دائم من الأنف، وعسر فى الهضم، وارتعاش بمعصم اليد اليمنى، وعرج خفيف بالقدم اليسرى، وتصلب فى مجارى اليافوخ، وسكتة تكاد تلجم الروح وتشلها!
من الآخر كده، صديقى هذا يكاد يطرشق من جنابه من فرط محبته للشعر والشعراء، دون أن يجرؤ على فتح فمه، بعب هنا، أو بكارثة هناك، خاصة وقد ابتلاه الله بمحبة نوع من البشر يخطرون فى مشيتهم المجنحة كما تخطر الطواويس والفراشات، آكلة الهواء، والطيور التى على رأسها ريشة، دون سبب منطقي!
صديقى هذا وأعوذ بالله من كلمة صديقى هذا يعتبر نفسه شخصا عاديا، من غمار الناس كما يقولون يقرأ قليلا، وينام كثيرا، ومع ذلك فقد وهبه الله لسانًا حلوا كما وصفه أحد أئمة الشعر الكبار وذائقةً شعرية شهد له بها كل من مر أمام أتيليه القاهرة أو حضر ندوة بالمصادفة فى معرض الكتاب، أو شرب ليموناده على كافتيريا المجلس الأعلى.. الأمر الذى حشره حشرا فى زمرة النقاد، ودفعه دفعا ليكتب عن هذا، ويتكلم عن ذاك، هنا أو هناك، فكانت تلك سقطته التراجيدية، وطامته الكبرى؛ حيث بدأت تنهال عليه الدواوين الشعرية من كل حدب وصوب، وأحيانا من كل صوب وحدب، ليعمل فيها مبضعه النقدي، خاصة وقد خلا السوق إلا من نفر قليل، هم أيضا على باب الله، لا يقيمون رمق حركة أدبية، نمت واتسعت وتمددت وانتشرت وتغولت وتوغلت، دون رقيب أو حسيب، أو ضمير نقدي، فبدت كجبل متحرك من عهن منفوش، أو كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، وانفتح هاويس الشعر على مصاريعه، حتى حارت إمارة الشعر ولم تعد تعرف أين تضع تاجها، أو أين تضع بيضها، الذى اختلط فيه القليل الناضج، بالكثير الفاسد والممشش، كما حار صديقى هذا، وأصابته دوخة عظيمة من أثر ذلك السيل العرم من الدواوين الشعرية التى أعطت قفاها لكل ما يعرفه الشعر عن نفسه، ولكل ما يعرفه صديقى عن الشعر، بينما يطالبه أصحابها بالحديث عنها بوصفها شعرا عبقريا: يقولون إنه الشعر الجديد، وتقول هيئة قصور الثقافة وهيئة الكتاب، والمجلس الأعلى ودور النشر الخاصة: دعه يكتب، دعه يمر، الحمد لله فحالنا أحسن من سوريا والعراق وليبيا واليمن الذى لم يعد سعيدا، دع الملك للمالك.. ويقول ناقد على المنصة من بتوع كله ماشى، وانت ما تدراشى يا جدع: إن الشاعر يكتب اليومى والعادى والمعيش.. ويقول تارة أخرى، فى سياق مختلف : إن الشاعر ينزع إلى تفكيك كل البنيات القائمة والمحتملة، ويقدم شعرية جديدة تنتمى إلى ما بعد الحداثة العليا، أو لعلها ما بعد الحداثة المتأخرة، أو ما فوق بعد الحداثة، لم أعد أذكر، تلك المدرسة التى قال الناقد إنها أعطت قفاها لكل نظام، وأدارت ظهرها لأى معنى، وأغلقت مؤخرتها أمام أى محاولة للتفاعل مع النص، كرد فعل انشطارى لسيولة العالم وتفسخه المبدئى، ويقول الشعراء كلاما لا تعرف له مجالا من خيال، كما لا ترى فيه يوميا أو عاديا، أو معيشيا حتى، لا ترى غير لعثمة شخص طيب مر بالمصادفة أمام جماعة يتكلمون فأعجبته اللعبة، فجلس بينهم أربعين يوما حتى صار منهم، ثم لم يكتف بذلك، ولم يرض لنفسه بدور الضيف فراح يقرض الشعر كفأر حقيقي، ثم لم يكتف بذلك فراح يجرب، ولما رأى الناقد منشكحا، باصما بالعشرة أنه حسن، أمعن فى التجريب، مستفيدا من واحدة من نعم الله علينا وهى أن جعل الكلام ببلاش، والفيوضات الإبداعية معفاة من الجمارك، ولما وجد الثقافة سداح مداح، واسما على غير مسمى، حراسها باعوها منذ زمن طويل وقبضوا الثمن، مضى صاحبنا فى طريقه يحصد الجوائز، وتتصدر أعماله قوائم النشر فى كبريات الدور العامة والخاصة، وأصدقاؤه فى الإعلام يدلعونه، ولما كان كل ذلك، كذلك وقف مناديا بأعلى صوته أنا الشاعر، والشاعر أنا!
قلت لصديقى الذى يكاد يطرشق من فرط محبته للشعراء: لا تقل ولا تكتب شيئا وهذا أضعف الإيمان، وإن اعترض طريقك شاعر من إياهم، فقل له: البينة على من ادعى!
هز صديقى رأسه دون أن ينطق بكلمة، غير أننى لمحت احمرارا فى وجهه وعينيه، مصحوبا بحكة وبرشح من الأنف، وارتعاش فى معصم اليد اليمنى، وعرج فى القدم اليسرى، و.... فخمنت أنه لن يشفى أبدا، وأنه ربما يكون قد تأخر عن موعده لمناقشة شاعر من إياهم!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.