محمد فاروق هندي إنجاز كبير حققه منتخب قطر لكرة اليد عندما حصل على المركز الثاني ببطولة العالم التي استضافتها الدوحة خلال الفترة من 15 يناير حتى 1 فبراير، متفوقا على منتخبات عريقة وكبيرة في اللعبة مثل ألمانيا والسويد وإسبانيا وأيسلندا والدنمارك وبولندا، هذا الإنجاز سيكتبه التاريخ للقطريين لكنه يصطدم بحقيقة أنه لم يتحقق عبر لاعبين قطريين أو حتى مشجعين، فالعنابي يضم بي صفوفه لاعبين من 11 دولة مختلفة، حتى أن البعض وصفه بمنتخب «بقية العالم». الاتحادات الرياضية في قطر تتبع بشكل عام سياسة التجنيس في عدد من الألعاب سواء الفردية أو الجماعية، بغية البحث عن مكان بمنصات التتويج، ويمكن لنظرة على قائمة لاعبي المنتخب القطري، أو سماع أسمائهم عبر التليفزيون، أن تقدما تفسيرا للقفزة التي حققها العنابي، بعد أن كان أفضل مركز احتلته قطر سابقا في مونديال اليد هو الثالث عشر. وتفوق القطريون على منتخبات عريقة بالبطولة خلال مشواره بالبطولة، حيث حصل على المركز الثاني بدور المجموعات وسط مجموعة قوية تضم منتخبات إسبانيا وسلوفينيا والبرازيل وروسيا البيضاء وتشيلي، ولم يتلق سوى هزيمة واحدة في هذا الدور أمام إسبانيا، وفي دور ال16 تخطى العنابي منتخب النمسا بنتيجة 27-29 ثم واصل المنتخب القطري تألقه ونجح في التأهل إلى الدور نصف النهائي للمرة الأولى في تاريخه، بعد تغلبه على ألمانيا بنتيجة 24-26، قبل أن يقصي بولندا بنتيجة 31-29، وأخيرًا تمكن الفرنسيون أبطال العالم من إيقاف الزحف القطري وتفوقوا عليهم 22-25 في المباراة النهائية. وواصلت فرنسا هيمنتها على اللعبة في السنوات الأخيرة بعد فوزها باللقب أيضا في 2009 و2011 بالإضافة لذهبيتي اولمبياد بكين 2008 ولندن 2012 وتستعد لاستضافة بطولة العالم على أرضها بعد عامين. وجذب الاتحاد القطري لكرة اليد مجموعة من نجوم اليد على مستوى العالم، ووضعهم تحت تصرف المدير الفني الإسباني فاليرو ريفيرا، حامل لقب النسخة السابقة من المونديال مع منتخب إسبانيا، وصاحب عشرات البطولات مع برشلونة الإسباني. واستغل الاتحاد القطري، خلال حملته لتجنيس لاعبين يمكن لهم أن يمثلوا المنتخب، نقطتين مهمتين، الأولى أن قانون الاتحاد الدولي لكرة اليد يسمح للاعبين بتمثيل منتخب يحملون جنسيته، إذا مر عامان دون أن يدافعوا عن ألوان بلدهم الأصلي. أما النقطة الثانية فهي أن بعض اللاعبين الأكفاء لا يجدون أماكن مع منتخبات بلادهم، إذا كانت مليئة بالمواهب في عالم كرة اليد، حيث يتم إغراؤهم بمميزات مادية واحترافية تجعل رفض العرض القطري أمرا صعبا. ومن هؤلاء البعيدين عن منتخبات بلدانهم لأسباب مختلفة كونت قطر منتحبا جعل كثير من البلدان تندم من التفريط في نجوم بهذه المواصفات وبهذه الروح القتالية. وتتنوع مصادر لاعبي منتخب قطر المجنسين بين عدة بلدان، هي مونتينجرو "3 لاعبين"، ومصر والبوسنة "لاعبان من كل بلد"، وتونس وإسبانيا وفرنساوكوبا "لاعب واحد من كل بلد". وضم المنتخب ال"مش قطري" لاعبين مجنسين من 11 بلدا لعبوا بألوان العنابي وهم: يوسف بن علي من تونس، وحسن مبروك ومحمود حسب الله من مصر، وعبد الله الكربي من الإمارات، وكمال الدين ملاش وآمان زكار من سوريا، وزاركو ماركوفيتش وجوران ستوجانوفيتش من مونتنيجرو، ودانيال ساريتش ومواطنه إيلدار ممسفيتش من البوسنة، وفيدال بورجا من إسبانيا، وحمد مددي من إيران، ورافيال كابوت من كوبا، وبرتران روني من فرنسا، ومع هذه الجنسيات ثنائي قطري فقط هماعبد الرزاق مراد وهادي حمدون . ويستمد المنتخب القطري قوته من الدوري المحلي المدجج بالنجوم الأجانب، حيث إنه المحطة الأولى للاعبين المحترفين من خارج الإمارة الخليجية، ولا عجب في أن 16 من أصل 17 لاعبا في المنتخب يلعبون في أندية قطرية، هي السد والجيش والغرافة والأهلي ولخويا والريان والقيادة. بالفعل يبرز دور المال كعنصر مهم ورئيسي في نجاح المنتخب القطري الذي دفع بسخاء كبير سواء لجلب المشجعين أو لضم هؤلاء النجوم ولكن على الجانب الآخر فإن معظم المنتخبات لديها الإمكانات المالية، وصحيح أيضا أن المنتخب القطري مكون في غالبيته العظمى من المجنسين، لكنها ليست في الأصل بدعة قطرية فالعديد من المنتخبات في مختلف الرياضات ضمت لاعبين مجنسين وفازت بهم بالألقاب حتى في أوروبا نفسها، والنجاح القطري ربما يبرز في خلق الانسجام بين 11 جنسية و11 لغة ودمجهم في منتخب يحاربون جميعًا من أجل انتصاره أكثر حتى من منتخبات خاضت المونديال بأبنائها. وفيما تناثرت أقوال غير مؤكدة وغير مثبتة عن شراء الدوحة لبعض المباريات كإحدى أدوات تحقيق هذا الإنجاز الكبير، فإن القطريين يواصلون عملهم، وإذا لم يسيطروا على عالم الرياضة، فإنهم يضمنون على الأقل الاندماج فيه كلاعبين رئيسيين، حيث نجحوا في كرة اليد وأعينهم الآن على كرة القدم. شراء المشجعين «صيحة جديدة» العنابى يضم لاعبين من 11 دولة.. ويشترى مشجعين من إسبانيا كشفت صحيفة "ديلى ميل" الإنجليزية أن قطر تدفع أموالا للعمال المهاجرين كي يتوجهوا لحضور معظم المباريات واللقاءات الرياضية التي تقام بهذه الدولة الخليجية في محاولة لإظهار نفسها كدولة بها أعداد كبير من هواة الرياضة ومشجعيها. وذكرت الصحيفة نقلا عن تقرير أورده صحفي تابع لوكالة أنباء "أسوشيتد برس" أن الصحفي استطاع بالفعل أن يستقل إحدى الحافلات التي تنقل الركاب لحضور نهائي بطولة قطر المفتوحة لكرة القدم الشاطئية. وقال الصحفي إنه "شاهد ركاب الحافلة وهم يشتبكون مع بعضهم البعض للحصول على مزيد من الأموال"، مضيفا أنهم "عمال مهاجرون من أفريقيا وآسيا ودب بينهم الشجار للحصول على حفنة من الدولارات.. وأنه شاهد رجلا وهو يستخدم سوطا ضد العمال المتشاحنين في محاولة لفض الشجار فيما بينهم". كما ذكرت "ديلي ميل" نقلا عن التقرير أن السلطات القطرية تدفع أموالا للعمال الأجانب كي يحضروا مختلف مباريات كرة القدم والكرة الطائرة وكرة اليد حيث يرتدى هؤلاء العمال الجلباب وغطاء الرأس الأبيض المعروفين في هذه الدولة الخليجية كي يظهروا كمواطنين قطريين عاديين. أيضا كشف موقع "ذا لوكال" الإسباني أن قطر جلبت مشجعين من إسبانيا كي يقوموا بتشجيع فريقها في البطولة العالم، وذكر الموقع أن اتحاد كرة اليد القطري هو الذي اتفق مع المشجعين، حيث يوفر لهم مجانا تذاكر الطيران والإقامة بالإضافة إلى مشاهدة كل مباريات البطولة، وذلك مقابل أن يقوموا بتشجيع الفريق القطري في مبارياته. وأشار الموقع إلى أن مجموعة المشجعين، التي وصفهم بالمشجعين "المرتزقة"، تنتمي إلى رابطة "فلوريا كونكوينس" التي تشجع فريق "سويداد إنكانتادا" الإسباني، وينظرون بأنفسهم باعتبارهم أكبر مجموعة مشجعين في إسبانيا وأفضلهم استعمالا للآلات الموسيقية في التشجيع. وقال مدير رابطة المشجعين إنهم أخذوا أدواتهم الموسيقية وسافروا إلى قطر؛ حيث يقومون بترجمة أغاني فريقهم للإنجليزية مع تعديلها لتتناسب مع قطر.