عماد أنور مع انطلاق فترة الانتقالات الشتوية فى يناير الجاري، يبدأ اللاعبون المستبعدون فى فتح خطوط اتصال مع وكلاء اللاعبين للبحث عن أندية أخرى يسعون للانضمام إليها قبل فوات الأوان، ويسعى نجوم آخرون للبحث عن فرصة أفضل، فى حين يتسابق وكلاء اللاعبين فى عرض بضاعتهم على الأندية لإنهاء صفقة ضخمة والخروج بعمولة مجزية. وخلال فترة الانتقالات أيضًا، ينقسم مسئولو الأندية إلى فئتين، أولهما الباحثون عن صفقات سوبر يدعمون بها صفوف فرقهم، أما الفئة الثانية تتعامل مع وكلاء اللاعبين بمبدأ (ممنوع الاقتراب)، حيث ترفض تمامًا الاستغناء عن أى لاعب حفاظًا على استقرار الفريق.. وفى النهاية يمتلك وكيل اللاعبين بين يديه مصير عدد كبير من نجوم الكرة، ويبقى الرابح الأكبر فى تلك المباراة التى تجرى منافستها خارج المستطيل الأخضر، والتى غالبًا ما تترك خلفها أزمات عديدة. «الأهرام العربي» ترصد بعض المشكلات التى خلفتها المهنة الأكثر إثارة للأزمات فى عالم كرة القدم، فرئيس نادى الزمالك أعلنها مبكرًا وقرر منع دخول وكلاء اللاعبين إلى النادى أو الاجتماع مع أى لاعب بالفريق الأول لكرة القدم، وذلك عقب حالة التخبط التى شهدتها القلعة البيضاء قبل حسم صفقة مؤمن زكريا لصالح الأهلى، وقرر المجلس الأبيض عدم السماح لأى وكيل بالوجود داخل النادى مهما كانت الأسباب، وأن أى مفاوضات تخص أى لاعب لابد أن تكون مع مجلس الإدارة. الموقف نفسه اتخذه مسئولو نادى الرجاء، وقرروا عدم التفريط فى أى لاعب فى فترة الانتقالات الشتوية، وطالبوا وكلاء اللاعبين بالابتعاد عن الفريق، واتهموهم بأنهم سبب رئيسى فى سوء نتائج الفريق وتشتيت أذهان اللاعبين، بعد إغرائهم بصفقات الانتقال إلى الأندية الكبرى. وقال سعد أبو صندوق رئيس نادى الرجاء ل «الأهرام العربي» أن نجلس الإدارة قرر عدم بيع أى لاعب خلال فتره الانتقالات الشتوية، مطالبًا الوكلاء الابتعاد عن لاعبى فريقه فى هذه الفترة الحرجة، خاصة أن الفريق يواجه شبح الهبوط إلى الدرجة الثانية. الصراع بين وكلاء اللاعبين والأندية لن ينتهى فى ظل غياب اللوائح المنظمة وضعف القائمين على الإدارة الكروية، وتدخل الأهواء فى شئون اللعبة، ما جعل بعض الوكلاء يتحكمون فى المنظومة الكروية، فمنهم من نصب نفسه راعى انتقالات اللاعبين فى أحد الأندية، ولن يسمح بدخول أى لاعب من بوابة هذا النادى إلا عن طريقه، ومنهم من أصبح عائقاً أمام انتقال لاعب لناد كبير لأنه لن يستفيد من الصفقة. وحدد الاتحاد الدولى لكرة القدم «فيفا» تعريفاً لمهنة وكيل اللاعبين بأنه هو شخص يقوم بتقديم اللاعبين للأندية بمقابل مادى، بعد تفاوض من أجل عقد اتفاقية انتقال طبقا للأحكام المنصوص عليها فى اللوائح الدولية، ولا يقوم وكيل اللاعبين بالعمل إلا بعد حصوله على (رخصة) تصدر من الاتحاد التابع لبلده، ويشترط أن يكون ولاؤه التام لموكله وفقًا للوائح، لكن أغلب هذه المواصفات لا تنطبق على وكلاء اللاعبين المصريين، وهو ما يثير العديد من الأزمات. قبل بداية التسعينيات، لم تكن مصر تعرف مهنة وكلاء اللاعبين، وكان الوسطاء من رجال الأعمال وكبار التجار يتدخلون ويسهمون بالأموال فى انتقال لاعب من ناد إلى آخر، ولم يكن هناك من يسعى لحصد الأموال من وراء عملية الانتقال، وحتى الآن لم يمتنع رجال الأعمال عن المساهمة فى شراء لاعب للنادى الذى يدعمه، رغم المبالغة فى المطالب المادية فى بعض الأحيان، وهذا أكبر دليل على فشل منظومة الاحتراف فى مصر، لأن الهدف الأساسى منها هو جلب الأموال للنادى، وليس البحث عنها فى جيوب رجال الأعمال. ومنذ أن دخلت كرة القدم المصرية عالم الاحتراف فى عام 1990 على يد محمود الجوهرى وودعت عالم الهواية، اختلف مسارها تماما واختلف جميع المتابعين للوسط الكروى حول هذا التحول وهل هو تحول إيجابى أم سلبى، فالمؤيدون أكدوا أن كرة القدم أصبحت صناعة وليست مجرد هواية، لكن المخالفين لهذا الرأى رأوا أن مصر دخلت عالم الاحتراف دون أى ترتيبات، فأصبح الجميع يبحث عن حقوقه دون النظر لمصلحة النادى. وإذا كان وكيل اللاعبين يبحث عن المال، فإن بعض اللاعبين يقومون بالتوقيع مع أكثر من وكيل وتقوم الأندية بممارسة الخطأ نفسه مما تسبب فى حالة عدم انضباط، كما أن بعض الاتحادات الأهلية تقوم ببيع إجابات الأسئلة الخاصة باختبارات الحصول على رخصة وكيل مقابل مبالغ مالية، وكشف محمد عبيد خبير اللوائح الدولية لكرة القدم ل "الأهرام العربى"، عن أن (فيفا) قرر علاج هذه الظاهرة بعد أن أصبحت من عوامل الفساد فى كرة القدم، حيث أكدت التقارير أن ٪70 على الأقل من صفقات الانتقالات على مستوى العالم تتم بعيدًا عن الوكلاء المعتمدين، وبعيدا عن مبدأ الشفافية فيما يتعلق بقيمة الصفقة ومستحقات الأطراف المختلفة من لاعبين وأندية. ووفقًا لتقارير أعدها الاتحاد الدولى للعبة، فإن وكلاء اللاعبين لهم الدور الأكبر فى ارتفاع أسعار اللاعبين وهو ما أدى إلى حدوث أزمات مادية للعديد من الأندية واللاعبين، حيث إن الطرفين يتعاملان بمبدأ التخوين، وهو أحد الأسباب التى دفعت مسئولى الفيفا لبحث مراجعة اللوائح فيما يخص قوانين العمل ومنح التراخيص الخاصة بمزاولة النشاط للعمل والعمولة المستحقة، وفى النهاية تصبح الأزمات هى نجم الصفقات، وربما تطول هذه الأزمات لعدة سنوات وتصير مثل المرض المزمن الذى ينتقل مع اللاعب من ناد لآخر. وتعددت أزمات انتقال اللاعبين بين الأندية، وكان النجم المصرى محمد صلاح لاعب تشيلسى الإنجليزى أحد ضحايا هذه الأزمات، حيث أثار قيام محمد شيحة، وكيل اللاعبين بالتقدم بشكوى إلى لجنة شئون اللاعبين باتحاد الكرة للمطالبة بنسبته فى انتقال محمد صلاح من المقاولين العرب إلى صفوف بازل السويسرى، لغطاً شديداً بات يهدد مشوار اللاعب نفسه. وكشف المهندس شريف حبيب رئيس نادى المقاولين العرب، أن التعاقد الذى أبرمه مع مسئولى نادى بازل السويسرى خلال شراء اللاعب منذ عام ونصف العام، لا يتضمن وجود أى وكلاء أو وسطاء فى الصفقة، وهو شرط أساسى منصوص عليه فى العقد الخاص بصلاح وكذلك عقد زميله محمد الننى فى أثنا انتقالهما إلى النادى السويسرى. وكان أيمن حفنى لاعب الزمالك الحالى وطلائع الجيش السابق بطل أحد الأزمات، حيث صرح أحد الأشخاص ويدعى سيد مرعى بأنه وكيل أعمال اللاعب، ويظهر على الساحة الإعلامية، ويتحدث فى أحد البرامج على أن انتقال حفنى للنادى الأهلى بات مسألة وقت، بينما ظهر شخص آخر يدعى صلاح سلام يدلى بتصريحات بأنه وكيل أعمال اللاعب الحقيقى، ومن حقه تسويقه، وتنتهى الأزمة بإعارة حفنى إلى أهلى طرابلس الليبى لمدة ستة شهور فى فترة هدنة قبل انتقاله رسميًا إلى القلعة البيضاء. أزمة محمد ناجى جدو، مهاجم الأهلى مع وكيل أعماله نبيل أبو زيد والخاصة بنسبة الأخير من انتقال اللاعب من ناديه السابق الاتحاد السكندرى إلى الأهلى ظلت متصدرة المشهد الكروى لفترة طويلة حتى أصدرت لجنة التظلمات قراراً بإلزام محمد ناجى جدو بسداد 950 ألف جنيه لنبيل أبو زيد ولم تكن هذه الأزمة هى الأولى لجدو مع وكلاء اللاعبين، فقد تعرض لها من قبل بعدما وقع عقدًا مع نادى الزمالك، ثم انتقل إلى الأهلى تاركاً جماهير الكرة المصرية ومسئولى الناديين فى حيرة. أيضًا دخل أحمد فتحى نجم منتخب مصر ولاعب أم صلال القطرى، فى خلافات حادة مع أحمد سويلم وكيل اللاعبين، بعد أن تراجع اللاعب عن تنفيذ عقد إعلانى كان قد وقعه اللاعب مع إحدى شركات الاتصالات، والذى كان سويلم وسيطًا فيه، وأصبحت الأزمة صداعًا فى رأس مسئولى الأهلى، حيث حصل سويلم على حكم يقضى بدفع غرامة مالية قيمتها مليون جنيه، وتمسك اللاعب بعدم السداد، وتم تصعيد الأمر للمحكمة الرياضية. صفقة انتقال أحمد حمودى لاعب سموحة، إلى الزمالك كشفت الدور الكبير الذى لعبه وكلاء اللاعبين والسماسرة فى فشل بعض الصفقات، خصوصًا بعد الدور الكبير الذى لعبه سمير عبد التواب وكيل اللاعبين، فى التلاعب بجماهير الزمالك عندما فوض نفسه لإنهاء صفقة اللاعب دون علم أو قرار رسمى من مجلس إدارة الزمالك، ليستقر اللاعب فى صفوف سموحة لفترة قبل أن ينتقل إلى فريق المصرى البورسعيدى، وتستقر به الحال فى نهاية المطاف بين جدران نادى بازل السويسرى. ولعب المال دورًا كبيرًا فى صفقة انتقال اللاعب رضا عبدالعال من الأهلى إلى الزمالك وهى الصفقة الأشهر فى تاريخ الكرة المصرية، حيث انتقل اللاعب من الفريق الأحمر إلى الأبيض مقابل مبلغ 625 ألف جنيه، ومن بعدها صفقة انتقال التوءمين حسام وإبراهيم حسن من الأهلى إلى الزمالك، وهى الصفقات التى تدخل الوسطاء لإنهائها بدفع مبالغ مادية كبيرة.