قبل انطلاق فترة الانتقالات الشتوية بأسابيع قليلة، جاءت أزمة اللاعب أيمن حفنى، لاعب وسط فريق طلائع الجيش، لتطل علينا بحلقة جديدة من مسلسل مشكلات وكلاء اللاعبين مع الأندية ولاعبيها، وكأن هذه الأزمات صارت كالدعاية التى تسبق الأفلام السينمائية، حيث صرح أحد الأشخاص، ويدعى سيد مرعى بأنه وكيل أعمال اللاعب، ويظهر على الساحة الإعلامية، ويتحدث فى أحد البرامج على أن انتقاله للنادى الأهلى مسألة وقت، بينما ظهر شخص آخر يدعى صلاح سلام يدلى بتصريحات بأنه وكيل أعمال اللاعب الحقيقى، ومن حقه تسويقه، مما يجعلنا نفتح ملف صراع الوكلاء مع الأندية واللاعبين. وفى ظل غياب اللوائح المنظمة، وضعف القائمين على الإدارة الكروية، وتدخل الأهواء فى شئون اللعبة، أصبح وكلاء اللاعبين يتحكمون فى المنظومة الكروية، فمنهم من نصب نفسه الراعى الرسمى لانتقالات اللاعبين فى أحد الأندية، ولن يسمح بدخول أى لاعب إلى هذا النادى إلا بمباركته، وظل الهدف الأساسى هو تحقيق الربح. بينما كانت الجماهير تنتظر قرارات صارمة لتنظيم النشاط الكروى، وعودته والاستمتاع بمشاهدة المباريات، والعودة إلى المدرجات فى أمان، استقبلت أزمة جديدة لتفتح الملف الشائك. فقبل التسعينيات، لم تكن مصر تعرف مهنة وكلاء اللاعبين، وكان الوسطاء من رجال الأعمال، وكبار التجار يتدخلون ويساهمون بالأموال فى انتقال لاعب من نادٍ إلى نادٍ آخر، ولم يكن هناك من يسعى لحصد الأموال من وراء عملية الانتقال. وحتى الآن لم يمتنع رجال الأعمال عن المساهمة فى شراء لاعب من ناديه إلى النادى الذى يدعمه، على الرغم من المبالغة فى المطالب المادية للاعبين وأنديتهم، وهذا التدخل هو أكبر دليل على فشل منظومة الاحتراف فى مصر، لأن الهدف الأساسى منها هو جلب الأموال للنادى، وليس البحث عن هذه الأموال فى جيوب رجال الأعمال. ومنذ أن دخلت كرة القدم المصرية عالم الاحتراف فى عام 1990،على يد الراحل محمود الجوهرى، ودعت عالم الهواية، واختلف مسارها تماما واختلف جميع المتابعين للوسط الكروى حول هذا التحول، وهل هو تحول إيجابى أم سلبى، فالمؤيدون أكدوا أن كرة القدم أصبحت صناعة وليست مجرد هواية، لكن المخالفين لهذا الرأى رأوا أن مصر دخلت عالم الاحتراف دون أى ترتيبات، فأصبح الجميع يبحث عن حقوقه دون النظر لمصلحة النادى، ومع وجود وكلاء اللاعبين، زادت الأزمات، لتثبت أن هناك خللا فى المنظومة بأكملها. وإذا كان هناك وكلاء لاعبون يقعون فى بعض الأخطاء، ويلجأون إلى الحيل لتحقيق مكاسب مادية، فإن بعض اللاعبين يقومون بالاتفاق مع أكثر من وكيل للاعبين، ويوقعون على عقود انتقال مع ناديين فى وقت واحد، وذلك لأنه على علم تام بقدرته على دفع الغرامة المادية التى توقع عليه فى النهاية. ويرى "الفيفا"، أن وكلاء اللاعبين لهم الدور الأكبر فى ارتفاع أسعار اللاعبين، وهو ما أدى إلى حدوث أزمات مادية للعديد من الأندية واللاعبين، حيث أن الطرفين يتعاملان بمبدأ التخوين، وهو أحد الأسباب التى دفعت مسئولى الفيفا لبحث مراجعة اللوائح فيما يخص قوانين العمل، ومنح التراخيص الخاصة بمزاولة النشاط للعمل والعمولة المستحقة. من جانبه قال مجدى عبد الغنى، نجم منتخب مصر والنادى الأهلى، ورئيس جمعيه اللاعبين المحترفين، إن اللوائح التنظيمية لمسألة وكلاء اللاعبين تحدد وكيل أعمال واحدا لكل لاعب، موضحا أن الشكل يختلف فى مصر عنه فى باقى دول العالم المتقدمه رياضيا، ومنها بالطبع الدول الأوروبية، خاصة أن وكيل اللاعب فى أوروبا هو مدير أعماله والمسئول عن كل تحركات اللاعب ومشاكله، بينما فى مصر الأمر قاصر على كونه عملية "بيزنس"، بحيث لا نجد الوكيل إلا فى حالة انتقال اللاعب من ناد لآخر. وتحدث عبدالغنى على أن وجود أكثر من وكيل للاعب واحد هو جزء من المنظومة الرياضية المرتبكة فى مصر، بحيث يقسم الوكلاء عمولة انتقال اللاعب بدون مطابقة ذلك للوائح الفيفا، وهذا يسبب تضاربا فى المصلحة العامة للرياضة المصرية، ويضع المسألة فى خندق المصالح الشخصية المتبادلة بين الوكلاء والمسئولين. وأوضح عبدالغنى أن لجنة شئون اللاعبين مهملة ولا يتم الاعتناء والرجوع لنصوصها، مشيرا إلى أن مشكلة "أجوجو" نتاج طبيعى لحالة التخبط الذى تعيشه الرياضة المصرية.