هانى بدر الدين الدكتور مثنى حارث الضاري، مسئول قسم الثقافة والإعلام فى هيئة علماء المسلمين فى العراق، وأحد الناشطين فى الجبهة الرافضة للعملية السياسية فى العراق ما بعد الاحتلال الأمريكى لبلاد الرافدين، وبعد سنوات من العملية السياسية والمقاومة ضد الاحتلال والثورة ضد نورى المالكى والميليشيات، وحكومة حيدر العبادى رئيس الوزراء الجديد، تأتى أهمية الحوار معه.. الدكتور مثنى قال فى حواره مع "الأهرام العربي" إنه لا يوجد اختلاف بين العبادى والمالكى، كما أن العرب لا يستطيعون أن يساعدوا العراق، وأنه يبدو أن هناك تحالفا من دول المنطقة مع العبادى لدعمه مقابل القضاء على ما يسمى الإرهاب فى العراق. إذا أردنا أن نقدم الصورة الحقيقة للأوضاع فى العراق.. سياسيا وأمنيا واقتصاديا.. ماذا تقولون؟ ما يجرى فى العراق منذ عشرين شهراً هى ثورة شعبية حقيقية لتحقيق مطالب الشعب الراقي، وانطلقت فى ست محافظات فى وسط العراق وغربه وشرقه وشماله، وعبرت عنها جموع شعبية بلغت مئات الألوف، خرجت فى تظاهرات واعتصامات سلمية للمطالبة بحقوقها، وقد وجدت هذه المطالب صداها عند كثير من العراقيين، فيما لم يستطع كثيرون أيضا التضامن معها بسبب الضغوط السياسية والأمنية التى تمارس على كثير من أجزاء الوطن، فضلا عن الدور الحكومى الذى حاول أن يبرز المطالب الجماهيرية على أنها "خدماتية" وليست مطالب بحقوق مهدورة وكرامة مهانة وأرواح مسترخصة ودماء مسفوكة لأسباب طائفية بحتة، فضلا عن عدم الاعتراف بمشروعية هذه المطالب، واتهام المتظاهرين بالإرهاب أو حماية الإرهاب، وتشويه صورة الثورة بالأكاذيب والقصص المفبركة والنقول المفتعلة على مدى عام كامل، فضلاً عن الاعتداء على التظاهر والاعتصام بين الحين والآخر، وسفك دماء المعتصمين كما حدث فى الفلوجة ومجزرتى مسجد سارية فى ديالى والحويجة فى كركوك وغيرها، وأخيراً اتخاذ كل ما تقدم كمبررات لضرب الثورة ومحاولة تصفيتها، وهذا ما حصل عندما تم استهداف ساحة التظاهرات الكبرى فى الرمادى فاندلعت على إثرها الثورة المسلحة على يد عشائر المحافظة ضد نظام العملية السياسية المرعى أمريكيا، ثم انخرطت هذه العشائر مع فصائل المقاومة فى إطار المجلس العسكرى العام لثوار العراق. إذا بدأنا بعودة شبح الحرب الطائفية فى العراق.. برأيكم من المسئول عنها؟ وكيف يمكن إجهاضها؟ نعم.. شبح الحرب الطائفية يطل برأسه منذ سنوات ولكنها لم تحصل فى السنوات السابقة لأسباب عديدة، من أبرزها عدم توافر الأرضية المجتمعية القابلة لذلك على الرغم من السعى المحموم لأحزاب العملية السياسية الطائفية لها، وبعد انطلاق الاعتصامات والتظاهرات الشعبية فى المحافظات الست؛ نهجت هذه القوى والأحزاب نهج تفعيل هذا الموضوع من جديد بحجة كون المطالب (سنية) وليست عراقية، والتشكيك بوطنية أبناء المحافظات المنتفضة، كما عملت هذه القوى فى الوقت نفسه على توفير بيئة الحشد الطائفى عن طريق استفزاز هذه الجماهير الضخمة ومحاولة استخراج رد فعل طائفى منها؛ يبرر لها هذا الأمر، وعلى الرغم من ظهور بعض الأصوات هنا وهناك كرد فعل، فإن الأمور جرت على خلاف ما أرادت الحكومة وهذا ما اضطرها لشن حربها على المحافظات المنتفضة.. وهنا لابد لنا من بيان موضوع مهم متعلق بهذا الشأن؛ فالظلم واقع على العراقيين جميعا، وإن كان على (السنة) منهم أكثر بحكم استهدافهم طائفيا وعرقيا على خلفية موقفهم من الاحتلال وتبنى خيار المقاومة؛ إلا أن هذه المظلومية الواقعية استغلت من بعضهم للتباكى على (أهل السنة) لتحقيق أهداف سياسية بحتة للأسف، كما فعل بعض السياسيين السنة (مع الأسف)، واستطاعوا فى مرحلة ما أن يلبسوا على الجمهور (السني)، ولكن القضية ليست بهذا اليسر والسهولة، وفيها أنواع من لفت النظر عن الموقف الحقيقى والمنطقى الذى وقفه (السنة) فى غالبهم بعد الاحتلال، والى الآن لم يلامس أحد من هؤلاء السياسيين هذه المطالب ملامسة حقيقية. استهداف السنة بالعراق وفى المساجد.. من يقف وراءه؟ وهل يمكن أن نرى تفجيرات فى مراقد الشيعة؟ الاستهداف معلوم وليس مجهولا وليس جديدا، وتقف وراءه ميليشيات معروفة بأسمائها وارتباطاتها وإعلانها وتفاخرها بذلك أحيانا، وهى ميليشيات تتماهى مع السلطات الحاكمة التى تغض الطرف عنها وتدعم بعضها وتوفر التسهيلات لبعضها الآخر وتدعم قسما ثالثا دعما مباشراً وكاملاً؛ لأنها تحقق لها أهدافها غير المعلنة او أهدافها غير القانونية، وردود الأفعال المماثلة على هذه الأفعال موجودة للأسف منذ زمن طويل، ولكن هناك فرقا ظاهرا بينها وبين أعمال الميليشيات؛ فالذى يستهدف المراقد (الشيعية) غير مرضى عن سلوكيته (سنيا) ويتصرف بوحى نفسه ويتم انتقاد تصرفاته بشكل علنى، فيما توفر السلطات الحكومية الغطاء الشرعى للميليشيات التى تقوم باستهداف المساجد وتبرر لها أعمالها بحجة ردة الفعل، كما حصل فى أحداث سامراء فى عام 2006 على سبيل المثال، وكما يحصل الآن فى جرائم الميليشيات فى كثير من المناطق العراقية، ولعل جريمة مسجد مصعب بن عمير فى ديالى هى الأقرب إلينا الآن. كيف تصاعدت سطوة الميليشيات فى العراق؟ الميليشيات لم تختف أبدا ولم تكمن، وسطوتها فى تزايد، ولكن الأضواء هى التى عادت للعراق فى دورة موت جديدة، وإلا فإن المعاناة التى يعانيها العراقيون من الميليشيات مستمرة، وهيمنتها على الواقع العراقى طاغية منذ عام 2006 وحتى الآن، والجديد هو ظهور تشكيلات وأنواع جديدة منها ومن أبرزها ما تسمى (عصائب أهل الحق) المنشقة عن جيش المهدى والمدعومة والمسلحة إيرانيا وحكوميا، وأصبحت المخلب الذى تستخدمه الحكومة لتصفية خصومها وتهديد معارضيها، واستعراضات هذه الميليشيا علنية فى شوارع بغداد وساحاتها. ما صحة أن الميليشيات فى العراق تلقى دعما من الحكومة ومن إيران؟ تحدثت سابقا عن بعض جوانب ذلك.. وأؤكد أن الدعم الإيرانى لا يمكن إخفاؤه والعلاقات واضحة من خلال لقاءات مستمرة ومتواصلة بين الطرفين وصورها تظهر على الإعلام، فضلاً عن الإمكانات المادية الكبيرة واستخدام الإمكانات الحكومية فى هذا السياق، ودفاع بعض مسئوليها عن إيران واعترافهم صراحة بولائهم لها، وماذا بعد الولاء؟! وأخيراً: فقد بدأت صور جولات قاسم سليمانى، مسئول فيلق القدسالإيرانى فى العراق وإشرافه على بعض المعارك؛ تنتشر فى الإعلام، ومنها معارك محافظة ديالى ومعركة (آمرلى) الأخيرة فى محافظة صلاح الدين. لماذا كان هناك قبول كبير برحيل المالكى من رئاسة الوزراء برغم محاولاته المستميتة للبقاء فى سدة الحكم؟ القبول والترحاب كبير ومن جهات وبحيثيات مختلفة؛ بسبب المضار التى خلفها والسياسيات الاستئصالية التى قام بها، والإحراج الذى سببه لرعاته الأمريكانوالإيرانيين، والمأزق الذى وضع فيه عمليتهم السياسية، حتى أوشكت على الانهيار. كيف تنظرون لفتاوى بعض المرجعيات لدى الشيعة التى اعتبرت أنها تحريض على الوضع الطائفى؟ هى فتاوى تحريضية مضموناً وشكلاً، ومقدمات ونتائج وتداعيات، ولا يمكن وصفها بغير ذلك، واستخدمت ذريعة الإرهاب لإعلان ما يسمى الجهاد الكفائى الذى استخدم حكوميا برضا المرجعيات للتحشيد الطائفي. ثورة العشائر على المالكى وحكومته.. إلى أين وصلت؟ وهل اختفت وانتهت بتغييره؟ هذه الثورة صفحة من صفحات حركة تحرير قامت بعد الاحتلال مباشرة، كان الفصل الأول منها المقاومة المعروفة التى أسهمت بشكل كبير بل استطاعت أن تجبر قوات الاحتلال بغض النظر عن الطريقة التى خرجوا بها والإخراج الذى جرى فيها، بعد ذلك تعرفون المؤامرة الكبيرة التى جرت على المقاومة فى عام 2006 و2007 من خلال ما يسمى ب"الصحوات"، ثم تجدد الأمل عند العراقيين من خلال العمل السياسى السلمى الذى كان يحضّر للثورة مع بقاء المقاومة وجزء كبير من المقاومة لم يلق سلاحه كما يشاع بأن المقاومة انتهت فى عام 2007 وأن المقاومة انتهت بخروج المحتل عام 2011 وما إلى ذلك، وطبعا هى ضعفت وهذا واقع ونقر به، ولكن كان السبب المباشر فى ذلك هو كون عدو المقاومة فى وقتها وحتى الآن؛ هو (الولاياتالمتحدةالأمريكية) مدعومة بتحالف دولى كبير، وتعاون إقليمى معلوم، فضلا عن ذلك استخدمت أيادى عراقية للأسف لمحاولة إجهاض المقاومة بحجة مقاتلة ما يدعى بالإرهاب. وهذا ما ينقضه الواقع بحكم كون المقاومة العراقية حركة تحرير وليست حركة عنف ورد فعل طارئ وقد استطاعت أن تستمر وتعود من جديد، مستفيدة من استطاعت الحاضنة الشعبية لها إعادة بناء نفسها بفضل الانتفاضات المتعاقبة منذ منتصف عام 2010 وحتى الثورة الشعبية فى نهاية عام 2012، حيث بدأ الحراك السلمى العراقى فى منتصف عام 2010 وهذه المرة من جنوبالعراق فيما عرف فى وقتها ب"ثورة الكهرباء" فى البصرة، وفى 25 فبراير/ شباط 2011 انطلقت الانتفاضة العراقية بشكلها الأول الذى استمر تسعة أشهر، واستطاع أن يحقق نتائج كبيرة من أبرزها إثبات فشل العملية السياسية، ثم أخيرا جاءت التظاهرات والاعتصامات الضخمة فى المحافظاتالعراقية طيلة عام 2013 التى استطاعت أن تعيد بناء الحاضنة الشعبية، وإعادة خيار المقاومة إلى الساحة، وانتهت هذه التظاهرات بعد بدء المالكى معركته ضد ساحات الاعتصام وهجومه على ساحة العزة والكرامة فى الرمادى بتاريخ 30 ديسمبر 2013، وخلاصة ما تقدم: أن الثورة لم تنته ولم تختف؛ لأنها ليست ضد شخص المالكى وإنما ضد نظامه والعملية السياسية التى أنتجت هذا النظام. كيف تنظرون للوضع فى شمال العراق فى ظل محاولات الأكراد للاستقلال؟ الأوضاع فى الشمال بدأت بالعودة إلى ما كانت عليه من تطبيع مع حكومة بغداد ومشاركة فى أعمال الحكومة، بعد قطيعة استمرت قرابة العام، أما محاولات الاستقلال فليست جديدة وهى مطروحة منذ مدة طويلة، وتطوراتها مرهونة بالتطور العام للأحدث فى العراق، والجديد هو امتداد النفوذ الإيرانى إلى باقى مناطق كردستان بعد أن كان قاصرا على محافظة السليمانية. سمعنا وشاهدنا جرائم شنيعة ارتكبتها "داعش" سواء ضد غير المسلمين (المسيحيين وغيرهم) أم حتى ضد بعض المسلمين.. ما موقفكم من داعش؟ موقفنا واضح وصريح ومعلن فى هذا الصدد، وتضمنته بيانات وتصاريح صحفية وحوارات إعلامية، وفيما يخص موضوع الأقليات قال بيان للهيئة فى الشهر الماضي: إن جميع فئات وأعراق وأطياف المجتمع العراقى هم أبناء أصلاء للعراق وركيزة أساسية اجتماعية وسياسية فى بنائه وتشكيل خارطته، ونموذج للتعايش المجتمعى السلمي، الذى يفتخر به أبناء العراق عبر تاريخهم الطويل، وليس من أهداف الثورة استهداف أى من هذه الركائز، وإن أى صراع فى هذه المناطق سيولد مشاكل كبيرة نحن فى غنى عنها، ويؤدى إلى تأزيم الأمور فى هذه المناطق التى تحتضن أعداداً كبيرة من النازحين من وسط العراق وغربه وشرقه، فضلاً عن النازحين من مدينة الموصل وأطرافها، وإننا فى هيئة علماء المسلمين؛ ندعو الجميع إلى ضبط النفس وعدم الانجرار وراء نعرات من شأنها إضاعة حقوق الشعب العراقى الثائر، وخدمة أهداف طارئة تفضى إلى تمزيق الشعب العراقى أوصالا، ونحذر من أية أفعال تمس أبناء الشعب على اختلاف أديانهم وإثنياتهم ومذاهبهم. هل الأولوية للمقاومة حاليا هى الخلاص من إرهاب داعش أم من قمع الحكومة؟ الأولوية هى القضاء على الوضع الشاذ التى نشأ بعد الاحتلال وتسبب فى ظهور كل الظواهر التابعة والتداعيات الخطيرة على وحدة العراق شعبا وأرضا وهوية وتاريخا ومقدرات، وهو وضع لا يريد الاحتلال الأمريكى المستمر والمتجدد ولا النظام الإقليمى فى المنطقة للعراق أن يتخلص منه، وما يجرى فى العراق الآن هو إعادة إنتاج لأوضاع مررنا بها سابقا، لاسيما فى عامى 2006 و2007 وهو حاجة ضرورية لإنجاح سيناريو أمريكى مطروح الآن بقوة، يتمثل فى تحالف دولى تقوده الولاياتالمتحدة لإعادة ترتيب الأوضاع فى المنطقة انطلاقا من العراق بعد تداعيات الربيع العربى، وتستخدم من أجله كل الوسائل الممكنة ومنها إثارة موضوع الإرهاب لتحشيد الدعم الدولى فى حلف جديد شبيه بالحلف الذى قام بغزو العراق فى عام 2003 وإن كان بشكل آخر وبطريقة هادئة وبذرائع أكثر إحكاما وأدق إعدادا. كان البعض يتهم هيئة علماء المسلمين بالإرهاب.. وهى التهمة التى توجه حاليا لداعش.. كيف ترون وضعكم بين ممارسات داعش وبين قمع الحكومة ورفضكم للعملية السياسية؟ كانوا ومازالوا يتهموننا، وكانت الطريقة التى تستخدم مع القوى المناهضة للاحتلال واضحة؛ حيث دأبت العديد من الدول والمنظمات الدولية على الاهتمام بوجهة الهيئة وغيرها من القوى المناهضة للاحتلال فى محاولة لإضفاء الشرعية على الأوضاع الشاذة فى العراق، ولما يئسوا من هذا ورأوا إصرار القوى المناهضة للاحتلال على تبنى خيار رفض العملية السياسية؛ بدأت تهمة الإرهاب، وهنا أذكر بأننا اتهمنا منذ الأيام الأولى بعد ثلاثة أشهر من الاحتلال بأننا أيتام النظام السابق، ثم اتهمنا بأننا ندعم الإرهاب، ثم اتهمنا بعد ذلك بالإرهاب ووضعنا على القوائم الدولية وتوبعنا ولوحقنا واغتيل كثير من أعضاء الهيئة والقوى المناهضة للاحتلال ووضعت علينا محددات ومقيدات فى كثير من الدول. وعليه فوضعنا صعب، حيث نوضع دائما بين المتناقضات ويراد منا أن نختار بينها، مع أن خيارنا مستقل ومبنى على تحقيق مصالح عامة وليست خاصة، ومن هنا توجه لنا الاتهامات وتمارس علينا الضغوط من كثير من الأطراف والجهات التى تنهج مناهج خاصة ورؤى أحادية. هناك اتجاه لدى دول الخليج بمساندة الحكومة العراقية الجديدة ضد داعش.. ما رأيكم؟ نعم هذا موجود وملاحظ، ويبدو أن هذا الاتجاه هو محاولة للتطبيع مع الوضع القائم فى العراق بحجة الوقوف أمام الإرهاب والقبول بالأمر الواقع والتعايش مع النفوذ الإيراني، بناءً على رؤية غير واقعية تقوم على أساس تحقيق وضع أفضل لأهل السنة فى إطار العملية السياسية (وكأنك يابو زيد ما غزيت ولا رحت ولا جيت). هل ما زالت إيران تسيطر إلى حد كبير على الأوضاع السياسية والميدانية بالعراق؟ وكيف يمكن إنهاء ذلك ليكون القرار بيد العراقيين؟ نعم وهذا واقع لا مجال لإنكاره ويكابر من يقول غير ذلك، وهو سيزداد فى المرحلة المقبلة بناء على التوافق مع أمريكا وتقاسم الأدوار بحسب اللقاءات السرية الأخيرة التى تمت رعايتها فى أمكنة ما فى المنطقة العربية، وتم بموجبها التفاهم على بعض الملفات العالقة بين الطرفين، وفى مقدمتها موضوع الملف النووى فى مقابل التعاون لمحاربة تنظيم داعش (الدولة الإسلامية فى العراق والشام)، وأسفر ذلك عن تعاون أمنى وعسكرى تمثل فى مشاركة قوات إيرانية فى معارك أربيل وديالى، وتقديم الدعم التسليحى للبيشمركة على سبيل المثال بموافقة بغداد. فى ظل تدنى أوضاع المعيشة وضعف الخدمات.. كيف يمكن إعادة بناء العراق من جديد برغم الخلافات السياسية والتدهور الأمنى؟ الخدمات فى العراق ليست ضعيفة وإنما تكاد تكون معدومة فى كثير من مناطقه، والضروريات الأساسية غير متوافرة فضلاً عن الانهيار فى النظام المعيشى فى العراق، نحن نتحدث عن مستويات تحت خط الفقر وانعدام المقومات الأساسية للعيش من غذاء ومستلزمات طبية وصحية، فضلا عن الجوانب الأخرى كالتعليم والأمن وأوضاع المرأة والطفل والبيئة، فإذن العملية هى إعادة بناء حقيقية وجذرية، وهو ما لا تستطيع حكومات العملية السياسية أن تقوم به؛ لأنها حكومات وظيفية تحقق أغراضا خاصة بالقوى المشكلة لها، بعيداً عن النظرة الكلية الإصلاحية تجاه الشعب العراقى وما يعانيه. هل ما زال من الممكن بقاء العراق موحدا.. أم أننا بصدد تقسيم وشيك للغاية لبلاد الرافدين؟ نعم ممكن، وإن كانت المخاطر المحدقة بوحدة العراق كبيرة فى إطار محاولات حثيثة لتفاهم دولى وإقليمى على فرض خيار التقسيم كأمر واقع، وحصر مشكلة ما يدعى بالإرهاب فيما يدعونه (الإقليم السنى). كيف ترون الغارات التى تشنها أمريكا على مواقع داعش.. وكيف تنظرون للدور الأمريكى حاليا فى العراق؟ رأينا فى هذا الشأن عبرنا عنه بالنقد الشديد وقلنا "للأسف الشديد فإن هناك من يتصرف فى هذا البلد العريق الذى يقطنه أكثر من ثلاثين مليون نسمة تصرف المالك أو الوصى، غير مفكر بالعواقب؛ ومن ثم وقع المحظور، واستجدت مشكلات كبيرة، سيدفع الجميع ثمنها وفى مقدمة ذلك القرار الأمريكى المدان بشدة على كل الأحوال بتوجيه ضربات جوية، تحت ذريعة مساعدة العراقيين وحماية الأقليات، وهذا تطور خطير وبداية لمتغيرات سيئة، وباب لتدخل عسكرى وإعادة انتشار جديد لقوات الاحتلال الأمريكى وفق اتفاقية الإذعان المعروفة، ومع أننا متضامنون مع كل الأبرياء من كل الطوائف والأعراق والإثنيات الذين تضرروا بسبب المعارك فى شمال عراقنا الحبيب؛ فإننا نرى فى هذا التدخل الأجنبى مصيرا قاتماً، وفوضى جديدة سيتم إدخال المنطقة فى أنفاقها المظلمة، وسيعطى الذرائع من جديد لتدخلات الدول الإقليمية وفى مقدمتها إيران، وهذا كله سيعزز من جديد نزعات التطرف، والاندفاع بغرائز الثأر والانتقام، مما سيزيد المشهد العراقى تعقيداً، ومصير العراقيين سيزداد جهالة وضبابية، ولن يعدم المجتمع الدولى لو كان جادا فى الحفاظ على الأقليات من وسائل أخرى تحقق له هذه الغاية دون التورط فى إشعال المنطقة من جديد". ماذا يمكن أن يفعله العرب للحفاظ على وحدة العراق وإنهاء حالة الفوضى والتردى الأمنى به؟ وكذلك القضاء على الإرهاب؟ للأسف.. لا يمكن أن يفعلوا شيئا، فالإرادة غير موجودة والقدرات غير متوافرة، والنيات مختلفة، والخلافات تحكم الموقف العام للنظام العربى الرسمى، ووجهة نظر التخلى عن المسئولية هى الطاغية، لا وجهة نظر الحرص على حسم الأمور كما ينبغى لها أن تحسم. كيف ترى مستقبل العراق فى ظل حيدر العبادى رئيس الوزراء الجديد؟ مستقبله كماضيه حيث لم يحدث ما يدعو للتفاؤل والاستبشار فالقادم مثل الراحل - هذا إذا رحل فعلاً - فكلاهما نتاج حزب طائفى فى إطار عملية سياسية محكومة بقواعد محاصة طائفية وعرقية مقيتة، والرعاة هم أنفسهم، فمن أين للعراقيين من أمل فى مستقبل جديد، والأشكال تتغير والمضمون واحد والعناوين تتبدل والمغزى والمخرج واحد، وهو نتيجة لمدخل معلوم بطلانه منذ أول يوم للاحتلال. كيف تقيم أداء حكومة المالكى ودوره فى الأوضاع الحالية بالعراق؟ تقييم أداء حكومة المالكى فى مرحلتيها وعلى مدى ثمانى سنوات؛ يظهر من نتائج ما وصل إليه العراق الآن، ولا أظن عاقلا منصفاً ينكر مدى الهاوية التى وصلنا إليها بفضل هذا (الأداء)، أما العقلاء غير المنصفين فهم كثر ولكل موقف تبرير ولكل مصيبة عندهم تخريج.