من عبداللطيف نصار "هل تنتظرون تدمير غزة لتتحركوا"هكذا خاطبت حماس حزب الله وإيران، بعد عدوان إسرائيل على قطاع غزة منذ مايقارب الشهر، بعد خطف ثلاثة مستوطنين يهود وقتلهم على أيدى عناصر من حماس، ليرد المستوطنون الإسرائيليون باختطاف صبى فلسطينى وحرقه حيا، لتتطور المواجهة بين إسرائيل وحماس إلى حرب شاملة يشنها جيش نظامى مسلح بكل أنواع الأسلحة على حركة مختبئة تحت الأرض، ترمى المستوطنات والمدن الإسرائيلية بزخات من صواريخ القسام أو جراد التى تستقبل القبة الحديدية الإسرائيلية 80%منها ولا تحقق خسائر بشرية تذكر فى الجانب الإسرائيلى، لترد إسرائيل بالقصف برا وبحرا وجوا لتقتل كل من تجده فى مرمى نيرانها العمياء. وما أشبه الليلة بالبارحة، حيث قامت إسرائيل باجتياح قطاع غزة فى 2006 فى حرب إبادة منظمة وممنهجة ضد حماس والمدنيين الفلسطينيين، ومع قسوة الهجوم ووحشيته، قام حزب الله بخطف جنديين إسرائيليين من جبهة الجليل وقتل ثمانية، فاشتعلت الجبهة الشمالية الإسرائيلية مع حزب الله والجنوباللبنانى لتستمر الحرب بين الطرفين 33يوما، مات خلالها 1200 لبنانى وتم تدمير الضاحية الجنوبيةببيروت معقل الشيعة وحزب الله، وحاصرت إسرائيل بيروت ببوارجها العسكرية، وانتهت الحرب بين الطرفين بالقرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن، ولم تؤد صواريخ حزب الله وقتها على إسرائيل إلا للمزيد من الضحايا اللبنانيين، واختباء الإسرائيليين فى المخابئ، وهو نفس ما يحدث الآن بغزة، مزيد من الضحايا الفلسطينيين وتدمير المبانى والبنى التحتية الفلسطينية، واختباء الإسرائيليين فى المخابئ. وهذه المرة تشير التوقعات إلى أن حزب الله لن يفتح جبهته الجنوبية مع إسرائيل، فلماذا فعلها حزب الله فى 2006 ولن يفعلها الآن فى 2014 للتخفيف عن الفلسطينيين فى غزة وهى نفس الحجة التى استدرج بها إسرائيل عام2006 لشن حربها الشاملة على لبنان؟ هناك أسباب عديدة لذلك، فلبنانيا: لن يستطيع حزب الله فتح جبهة الجنوب وهو فى خصام مكتوم مع تيار المستقبل ممثل السنة فى لبنان والموجود بصيدا كبرى مدن الجنوباللبنانى معقل السنة وآل الحريرى ممثلى السنة فى لبنان، وصيدا هى بوابة حزب الله والمقاومة المسلحة إلى جنوبلبنان لمواجهة إسرائيل، ويتضامن مع تيار المستقبل فريق 14 آذار- القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع، والكتائب بزعامة أمين الجميل، وذلك فى مواجهة حزب الله وفريق 8آذار- التيار الوطنى الحر بزعامة ميشال عون، وحركة أمل الشيعية بزعامة نبيه برى رئيس مجلس النواب اللبنانى وتيار المردة بزعامة النائب سليمان فرنجية- وذلك منذ قيام وزراء حزب الله وحلفائهم بالانسحاب من حكومة سعد الحريرى رئيس وزراء لبنان الأسبق، ليؤدى ذلك إلى إسقاط الحكومة وتولى 8آذار تشكيليها برئاسة نجيب ميقاتى غير المحسوب على 14 آذار، وبالتالى لن يستطيع حزب الله فتح جبهة الجنوب وهو محاصر داخليا من فريق 14آذار الذى يتمنى سقوط حزب الله ويطالب دوما بنزع سلاحه ليكون بإمرة الجيش اللبنانى حتى لايورط لبنان فى حرب أخرى مع إسرائيل. وحزب الله متهم أيضا بحصار التيار السنى فى لبنان خصوصا فى طرابلس كبرى مدن الشمال اللبنانى ومعقل السنة والسلفية الجهادية فى لبنان، وكذلك حصار حركة الشيخ السلفى المتشدد أحمد الأسير فى صيدا ومساعدة الجيش اللبنانى فى القضاء عليها العام الماضى، وهروب الأسير بعد مواجهة الجيش وتشتت انصاره. كما أن حزب الله يواجه تحديا لبنانيا كبيرا نتيجة مشاركته فى الحرب داخل سوريا ضد السنة كما يتهمه معارضوه، حيث تعرضت الضاحية الجنوبية أكثرمن مرة خلال الشهور الماضية لعمليات انتحارية تستهدف مقارا لحزب الله وتجمعات شيعية فى الضاحية الجنوبية وكلها ينفذها متشددون سنة سواء أكانوا سوريين أم لبنانيين، مما جعل حزب الله يقيم الحواجز الأمنية والأسمنتية فى شوارع الضاحية الجنوبية وعلى مداخلها من كل الاتجهات تفاديا للسيارات المفخخة التى تستهدف عناصره وتجمعات شيعية بالمتاجر والمطاعم، ولذلك ألغى حزب الله حفلات الإفطار الجماعية التى كان يقيمها خلال رمضان كل عام. كما أن حزب الله لبنانيا ليس على وفاق مع التيارات الفلسطينية بلبنان ومنها حركة حماس والجهاد وكتائب عبد الله عزام، وذلك بعد خروج خروج خالد مشعل من دمشق واستقراره فى قطر ودعمه للمعارضة السورية المسلحة فى مواجهة بشار الأسد والجيش السورى المدعوم من حزب الله وإيران. وسورياً: يشارك حزب الله بصفوة عناصره فى الحرب الطاحنة داخل سوريا لصالح نظام بشار الأسد ضد المعارضة المسلحة – الجيش السورى الحر وجبهة النصرة وداعش وغيرها من التنظيمات المسلحة المدعومة غربيا وخليجيا ضد بشار الأسد. ويأتى تدخل حزب الله فى الحرب السورية بحجة حماية المقدسات والمراقد الشيعية بسوريا من هجمات المسلحين المتشددين من السنة المدعومين من أطراف لبنانية وخليجية وغربية، ولكن حزب الله لايحمى المقدسات الشيعية ولن يشارك بقوة فى الحرب الدائرة بمناطق الشمال السورى والقرى والمدن الحدودية بين سورياولبنان ذات الأغلبية الشيعية، كما أن حزب الله يدعم العلويين الشيعة بجبل على فى طرابلس فى مواجهة المتشددين السنة فى باب التبانة، حيث السلفية الجهادية المسلحة فى لبنان ومنشأ جبهة النصرة أيضا، وقد خسر حزب الله ولايزال يخسر العشرات من خيرة عناصره فى المواجهات الدامية مع المسلحين فى سوريا فى القصير والقلمون وأحراش عرسال بين لبنانوسوريا، مما يشكل عبئا كبيرا على الحزب فى الحرب داخل سوريا، وهو مايتنافى مع سياسة لبنان التى اتخذتها منذ بداية المواجهات فى سوريا، حيث أتخذت الحكومة اللبنانية موقف النأى بالنفس عما يحدث فى سوريا حتى لاتتورط لبنان فى المستنقع السورى وتتدحرج كرة النار باتجاهها مشعلة حربا مذهبية وطائفية بين فريقى 8آذار و14آذار، ولذلك فإن حزب الله بمشاركته فى الحرب داخل سوريا لن يستطيع فتح جبهة الجنوب مع إسرائيل. وعراقيا: فإن حزب الله متهم بالمشاركة مع الميليشيات الشيعية وجيش المالكى فى مواجهة دولة الإسلام فى العراق والشام –داعش- فى الشمال العراقى بالموصل ونينوي، وقد أنكر حزب الله ذلك حتى أعلن مؤخرا عن سقوط أول ضحية للمواجهة مع داعش فى العراق، بما يعنى أن حزب الله متورط فى الحرب داخل سوريا فى مواجهة المتشددين والمسلحين السنة، وكذلك فى حرب العراق الشيعية مع داعش السنية، بالإضافة إلى الوضع الهش داخل لبنان فى مواجهة تيار 14آذار والشارع السنى وسياسة النأى بالنفس التى تنتهجها لبنان، وكذلك فى وجود 1.5مليون لاجئ سورى وأغلبهم من السنة موجودون بالمدن والقرى والعاصمة اللبنانية، مما يشكل نقطة ضعف فى ظهر حزب الله إذا مافتح جبهة الجنوب مع إسرائيل. وإقليميا: فإن حزب الله المدعوم سورياوإيرانيا يواجه ضغوطا كبيرة من فرنسا وأمريكا بتصنيفه منظمة إرهابية ومحاصرة أعضائه وأمواله محليا وعالميا، بالإضافة إلى أن الغرب يدعم المعارضة المسلحة ضد بشار الأسد المدعوم إيرانيا ومن حزب الله. كما أن دخول مفاوضات الملف النووى الإيرانى مع الدول الغربية إلى مرحلة متقدمة من التوافق للحل، فإن حزب الله لن يفتح جبهة الجنوب مع إسرائيل حتى لايحرج إيران التى تدعمه فى مفاوضاتها مع الدول الغربية. أضف إلى ذلك دعم بعض دول الخليج – السعودية وقطر- للمعارضة المسلحة فى سوريا فى مواجهة بشار الأسد المدعوم من حزب الله وإيران، مما سيجعل الجبهة العربية ليست فى صالح حزب الله إذا فتح جبهة الجنوب ضد إسرائيل. ومن ناحية حماس فى غزة فإن العلاقات مع حزب الله شهدت فتورا كبيرا بانتقال خالد مشعل من دمشق إلى قطر وتأييد حماس للمعارضة السورية السلحة فى مواجهة الأسد وحزب الله. وبناء على كل ماسبق فإن أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله لم يخرج بتصريح حول الوضع فى غزة إلا بعد مرور حوالى أسبوعين على الاعتداء الإسرائيلى على غزة، مؤكدا تضامن الحزب مع إخواننا فى غزة فى مواجهة العدوان الإسرائيلى الغاشم، بل إن حزب الله تبرأ من محاولتى إطلاق صواريخ من قرى الجنوباللبنانى باتجاه إسرائيل، وبعد القبض على مطلقى الصواريخ قال الحزب إنهم ليسوا أعضاء به، ولذلك فإن ماقاله حزب الله بخصوص غزة لايتجاوز أثره الإعلامى بعد بثه عبر الأثير، ولن يتورط مرة ثانية فى حرب مع إسرائيل يدفع لبنان وحزب الله وحده ثمنها.