يرى الباحث الأمريكى فى شئون الشرق الأوسط جورجيو كافيرو أن حزب الله اللبناني رغم أنه حليف قوي للرئيس السوري بشار الأسد، فإن هناك إشارات إلى أنه اتخذ خطوات استعدادا لمستقبله بمرحلة ما بعد الأسد حيث خسر الحزب تعاطف الكثير من السوريين والعرب. ويقول كافيرو بمقالة نشرها "معهد دراسات السياسة" الأميركي إنه عندما بدأ الربيع العربي أعربت قيادة حزب الله عن دعمها وتضامنها مع الحركات الثورية بكل من تونس ومصر و ليبيا واليمن والبحرين, ولكن هذا الدعم لم ينسحب على المطالبة بالإصلاحات السياسية بالجارة سورية, لافتا إلى أنه يمكن فهم ازدواجية المعايير على ضوء العلاقات الوطيدة بين دمشق وحزب الله بسبب ما يقدمه نظام الأسد الحليف الإستراتيجي الحيوي للحزب من دعم لوجستي واقتصادي وعسكري، ولذلك فإن احتمالات تغيير النظام فى سورية تشكل نذر خطر وقلق للحزب. ويستطرد الكاتب بقوله إن بعضا من خصوم حزب الله أكدوا بنبرة اغتباط أن الصحوة العربية ستضع نهاية لهذه المنظمة الشيعية، مستدركا أن تلك الأصوات تنتقص من قوة حزب الله الموجود داخل طائفة كبيرة فى لبنان وذلك بسبب توفيره للخدمات الاجتماعية لطائفته وتشكيله قوة فى مواجهة الكيان الصهيونى والولايات المتحدة. ويؤكد أن حزب الله لن يختفي بسقوط نظام الأسد، فإذا ما أطيح بالنظام البعثي بدمشق فسيضطر الحزب للعمل فى بيئة أكثر صعوبة على الصعيدين الداخلي والإقليمي, ومع ذلك فإن النظام الذى سيخلف نظام الأسد ربما سيحتفظ بعلاقات تعاون مع حزب الله لمواجهة الكيان الصهيونى. وفى هذا السياق، يستشهد الكاتب إلى بما كتبته رندا سليم الباحثة بمعهد الشرق الأوسط وملخصه "بغض النظر عن طبيعة النظام السوري القادم وفي غياب اتفاقية سلام بين سوريا وإسرائيل فإن على النظام السوري الجديد الاعتماد على ترسانة حزب الله العسكرية كأحد عناصر إستراتيجية الردع الخاصة به". ويستعرض كافيرو محطات أساسية فى تاريخ لبنان المعاصر بشأن امتداد الطائفية بهذا البلد ذى العلاقات والتحالفات المعقدة، لافتا إلى قلق حول احتمال عودة لبنان إلى الحرب الأهلية فى حال استمرار ازدياد انتشار تأثير الخلافات الطائفية من سورية إلى لبنان. وقال إن اللبنانيين ينقسمون بشدة فى مواقفهم من سورية بناء على الخطوط الطائفية, فقد أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد بيو فى أبريل ومايو من العام الحالي أن 80% من اللبنانيين السنة يؤيدون تنحي الأسد, بينما توجد لدى 92% منهم نظرة سيئة للرئيس السوري، وقد تزايدت حالة التوتر وعدم الثقة بين معسكري تحالف 14 آذار اللبناني بزعامة السنة وبين معسكر 8 آذار الموالي للأسد بزعامة حزب الله. ومع ذلك ورغم أن الأزمة السورية قد حركت بعض الدوائر السلفية المعينة ضد المنظمة الشيعية المسلحة، فإن حزب الله يبقى أكثر المجموعات تسليحا في لبنان مما يبعد احتمال مواجهته عسكريا من قبل خصومه. ويرى كافيرو أنه بغض النظر عما سيؤول إليه الحال فى سورية، وإلى حين عقد اتفاقية سلام شامل بين لبنان وإسرائيل وطالما أن محنة اللاجئين الفلسطينيين لم تحل، فسيبقى حزب الله لاعبا ذا نفوذ سياسي واجتماعي في لبنان، فشرعيته تنبع من قدرته على ردع غزو إسرائيل لجنوب لبنان.