تنسيق الثانوية العامة 2025 ..شروط التنسيق الداخلي لكلية الآداب جامعة عين شمس    فلكيًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر و10 أيام عطلة للموظفين في أغسطس    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 1 أغسطس 2025    5 أجهزة كهربائية تتسبب في زيادة استهلاك الكهرباء خلال الصيف.. تعرف عليها    أمازون تسجل نتائج قوية في الربع الثاني وتتوقع مبيعات متواصلة رغم الرسوم    إس إن أوتوموتيف تستحوذ على 3 وكالات للسيارات الصينية في مصر    حظر الأسلحة وتدابير إضافية.. الحكومة السلوفينية تصفع إسرائيل بقرارات نارية (تفاصيل)    ترامب: لا أرى نتائج في غزة.. وما يحدث مفجع وعار    الاتحاد الأوروبى يتوقع "التزامات جمركية" من الولايات المتحدة اليوم الجمعة    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. مستندات المؤامرة.. الإخوان حصلوا على تصريح من دولة الاحتلال للتظاهر ضد مصر.. ومشرعون ديمقراطيون: شركات أمنية أمريكية متورطة فى قتل أهل غزة    مجلس أمناء الحوار الوطنى: "إخوان تل أبيب" متحالفون مع الاحتلال    حماس تدعو لتصعيد الحراك العالمي ضد إبادة وتجويع غزة    كتائب القسام: تدمير دبابة ميركافا لجيش الاحتلال شمال جباليا    عرضان يهددان نجم الأهلي بالرحيل.. إعلامي يكشف التفاصيل    لوهافر عن التعاقد مع نجم الأهلي: «نعاني من أزمة مالية»    محمد إسماعيل يتألق والجزيرى يسجل.. كواليس ودية الزمالك وغزل المحلة    النصر يطير إلى البرتغال بقيادة رونالدو وفيليكس    الدوري الإسباني يرفض تأجيل مباراة ريال مدريد أوساسونا    المصري يفوز على هلال الرياضي التونسي وديًا    انخفاض درجات الحرارة ورياح.. بيان هام من الأرصاد يكشف طقس الساعات المقبلة    عملت في منزل عصام الحضري.. 14 معلومة عن البلوجر «أم مكة» بعد القبض عليها    بعد التصالح وسداد المبالغ المالية.. إخلاء سبيل المتهمين في قضية فساد وزارة التموين    حبس المتهم بطعن زوجته داخل المحكمة بسبب قضية خلع في الإسكندرية    ضياء رشوان: إسرائيل ترتكب جرائم حرب والمتظاهرون ضد مصر جزء من مخطط خبيث    عمرو مهدي: أحببت تجسيد شخصية ألب أرسلان رغم كونها ضيف شرف فى "الحشاشين"    عضو اللجنة العليا بالمهرجان القومي للمسرح يهاجم محيي إسماعيل: احترمناك فأسأت    محيي إسماعيل: تكريم المهرجان القومي للمسرح معجبنيش.. لازم أخذ فلوس وجائزة تشبه الأوسكار    مي فاروق تطرح "أنا اللي مشيت" على "يوتيوب" (فيديو)    تكريم أوائل الشهادات العامة والأزهرية والفنية في بني سويف تقديرا لتفوقهم    تمهيدا لدخولها الخدمة.. تعليمات بسرعة الانتهاء من مشروع محطة رفع صرف صحي الرغامة البلد في أسوان    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    الزمالك يهزم غزل المحلة 2-1 استعدادًا لانطلاقة بطولة الدوري    اصطدام قطار برصيف محطة السنطة وتوقف حركة القطارات    موندو ديبورتيفو: نيكولاس جاكسون مرشح للانتقال إلى برشلونة    مجلس الشيوخ 2025.. "الوطنية للانتخابات": الاقتراع في دول النزاعات كالسودان سيبدأ من التاسعة صباحا وحتى السادسة مساء    «إيجاس» توقع مع «إيني» و«بي بي» اتفاقية حفر بئر استكشافي بالبحر المتوسط    مجلس الوزراء : السندات المصرية فى الأسواق الدولية تحقق أداء جيدا    فتح باب التقدم للوظائف الإشرافية بتعليم المنيا    رئيس جامعة بنها يصدر عددًا من القرارات والتكليفات الجديدة    أحمد كريمة يحسم الجدل: "القايمة" ليست حرامًا.. والخطأ في تحويلها إلى سجن للزوج    فوائد شرب القرفة قبل النوم.. عادات بسيطة لصحة أفضل    متى يتناول الرضيع شوربة الخضار؟    تكريم ذوي الهمم بالصلعا في سوهاج.. مصحف ناطق و3 رحلات عمرة (صور)    حركة فتح ل"إكسترا نيوز": ندرك دور مصر المركزى فى المنطقة وليس فقط تجاه القضية الفلسطينية    أمين الفتوى يوضح أسباب إهمال الطفل للصلاة وسبل العلاج    الداخلية: مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة خلال مداهمة أمنية بالطالبية    الإفتاء توضح كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر    الشيخ خالد الجندى: من يرحم زوجته أو زوجها فى الحر الشديد له أجر عظيم عند الله    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    وزير الخارجية الفرنسي: منظومة مساعدات مؤسسة غزة الإنسانية مخزية    ممر شرفى لوداع لوكيل وزارة الصحة بالشرقية السابق    رئيس جامعة بنها يشهد المؤتمر الطلابي الثالث لكلية الطب البشرى    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    طارق الشناوي: لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل موهوب بل إنسان وطني قاتل على الجبهة.. فيديو    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين إغراق «إيلات» وتدمير «الميركافا» الإسرائيلية.. «جوجل» سلاح أمريكا لإسقاط «العرب»
نشر في الأهرام العربي يوم 09 - 05 - 2014


واشنطن: د. فلاح شمسة
وقف شارل ديجول عام1967 مذهولاً مصعوقاً ليُعلنَ عمَّا اعتراهُ من رُعبٍ قائلاً : «ما قيمة بوارِجنا وناقلات طائراتِنا وأساطيلنا الحربيَّة إن كان مصيرها الغرق خلال دقائق»، كما غرقت إيلات الإسرائيليَّة على يدِ الجيشِ المصرى بتوجيهِ صاروخين حربيين الأوَّل أصابها مُباشرةً، وما إن انحرفت بأقصى سرعتها وهى مجروحة جُرحاً تلوح فيه سكرات الموت ولتتجنَّب الصاروخ الثانى، فوجئَت إسرائيل والعالم باستدارَة الصاروخ مع استدارةِ السفينة تِباعاً ليخترقها بِإصابةٍ ثانية قاتلة، وما هى إلَّا 7 دقائق حتَّى كانت إيلات ببحارتها تلفُظ أنفاسها فى قاع البحر ُقبالة الشواطئِ المصريَّة لِتُقِرَّ عيون العربِ وكان يوم 21 أكتوبر 1967 يوماً ارتفِعَ فيهِ الرأسِ العربى على ألَمِ النكسة وويلات الهزيمة. كان الصاروخ روسى الصنع وكان وحيداً من نوعِهِ فى العالم، وكانت إيلات أكبر مُدَمّرة فى الأسطولِ البريطانى عامَ العِدوان على مِصر 1956، وقد أدخل الإسرائيليون عليها تطويراً جذريَّاً بمدافعها وراداراتها حيثُ كانَت هدية العدوِّ البريطانى لدولةِ المِسخِ الصهيونيَّة. وشاءت العناية الربَّانية أن تُجرِّعها الجحيم بسواعِد ذاتِ الجيشِ الذى قصفتهُ عام 1956 ولِتبتلعها ذات الشواطئ التى دنَّستها بالعدوان فى حرب السويس الخالدة.
دخَلَت جمهورية مصر العربية بعد يونيه 1967حرباً واصلت فيها إسرائيل غاراتِها اليوميَّة على الضفة الغربيَّةِ من قناة السويس لمنع الرئيس الراحل جمال عبد الناصِر من نصبِ صواريخِ سام-3 ضد الجو. لا أجِدُ مُتَسعاً لوصف البطولاتِ المصرية الخارِقة فى السنوات 1967-1970 . وكانت مِصر التى تتوقُ لمحوِ عار النكسة تبذل الدماء ليل نهار فيما عُرِفَ بِحَربِ الاستِنزاف، وهى حرب حقيقيَّة أوجعَتِ العدوّ الإسرائيلى حد الجنون فى مُسلسلٍ من الهجمات الفدائية الجويَّة والبحريَّة لم يُتابعها العالم العربى عن كَثَب كونه لم يستفِق بعد من هول الصدمة.
كانَ الحِقدِ العربى جارفاً ساخِناً حتّى الغليان ضاغِطاَ بلا هوادة نحو تعبئة الطاقات ومحاربة إسرائيل ...وحتّى دحرها وقبرِ صهيونيَّتِها إلى الأبد. كان منبع هذا الغليان هو مُعاناة ذُلِّ الهزيمة، وبوجود قائد وطنى غيور، فقد عاشت الشعوب العربيَّة حالِمةً برؤيةِ ذلك الصباحِ الذى يُعلِنُ فيه الحرب على إسرائيل، زعيم العرب وفارسهم الرئيس جمال عبد الناصر، وهو الذى هدر مُعلِنَاً قانون العِزَّةِ والكرامة: «الأرضُ التى أُخِذَت بِالقوَّة لا تُسترجعُ إلا بِالقوَّة »... وغدى هذا القانون مقياساً لِلفكرِ السياسى العربى ومِن ثمَّ تغلغل فى الأحاسيس حتّى كمُنَ فى الوجدان وأصبح واجِباً وطنيَّاً وسِمًَة لِلانتماء القومى لِلأُمَّةِ. وما إن حلَّ يوم 29-7-1970، حتَّى تهالكت قيادات إسرائيل من ديَّانها إلى شارونها على المقاعِدِ تُرهِقَهُم ذِلَّةً فقد أسقطت مِصر أربع طائرات إسرائيليَّة فى يوم واحد وتَلَتها بطائرتين فى اليوم الثانى، ومثلما أُصيبَ العدوّ بالويل والثبور فقد أُصيبَ الصديق أيضاً ولكن بالذهول، فلم َيتوقَّع السوفييت أنَّ تستطيع مِصر حماية نفسِها بصواريخ سام-2 المحدودة بالشكل الذى فاجأَ الخُبراء، كون هكذا دفاعات غير ثابتة ولم يُتوَقَّعُ منها أن تُسقِط عِدَّة طائرات متفوِّقة من فانتوم وسكاى هوك دفعةً واحِدة. وكانت خسارة إسرائيل خلال أسبوعين، حسبما كشفها موقع جينز الأمريكى ب 17 طائرة، بينما اعترفت بسقوط 16 طائرة، ومُنذ ذلك التاريخ لم تجرؤ إسرائيل على مهاجمة مصر جوياً.
كان ذلك اليوم مشهوداً فى العالم العربى كيوم إغراقِ المُدَمِّرة إيلات، وكانت الثقة بالنصر من تصميمِ قائد عاشَ ما تبقَّى من سنوات عُمره بعد الهزيمة أسطورياً فى عزمه وصدقه مع نفسه ومع جماهيرهِ ليعود للميدان على سرجِ الوغى غير آبهٍ لِمالٍ أو جاه ولم يعترِ إباءهُ وصمودهُ وهنٌ أو يأس وكأنَّهُ يَستَبِقُ المنايا فى إعدادِ كُل ماتستلزمه المعركة المقبلة لدحر عدوٍّ خسيس ردئٍ . لم يكن عند الرئيسِ عبد الناصر ما يوجد اليوم من سلاح جبَّار صفقاتهُ تبلغ المائة مليار دولار سنويّاً ليتكدَّس فى صحارى الهفوفِ والربع الخالى مع ختمٍ على جِباهِ مُستورديهِ «يُستَعمل فقط لتدمير وإحتلال سوريا»... ثلاثِ سنواتٍ من حرب الاستنزاف أعدَّت لحرب 1973، واستحدثَ فيها الجيش المصرى أساليبَ قِتالٍ جديدة وعملَ على التطوير والتحديث. وما إن حاربَت مِصر (أكتوبر 1973) وكانت على وشكِ النصر الساحِق أصاب قيادَتها الجديدة (بعد رحيل الرئيس عبد الناصر) هوَسُ التعلُّقِ وهم بِالحُلُمِ الغربي. ثمَّ مالت نحو اليمين وتخلَّت عن الفكرِ القومى ومبادئ النِضالِ حتى هلاِك صهيون وإحياءِ فلسطين، وهو ليس شُعاراً بل مشروع فكريَّاً تنبَّهَ له قائد الثورة الإيرانية السيد الخمينى بتشخيصِهِ «إنَّ إسرائيل غُدَّة سرطانيَّة تنهشُ فى جسدِ الأُمَِّّة ولابُدَّ مِن استئصالِها». تلك المهادنات السياسية كانت ولاتزالُ هى النكسة حقَّاً وخسارة الأمَّة لمُستقبلها وليست الخسارة لجولة حربٍ (1967). ومن المفاهيم العسكرية الثابتة ضرورة إدامَةِ نصرِ أكتوبر، ومواصلة الحرب عسكرياً وسياسيَّاً، والإبقاءِ على تسعير فتيل المعركة وإدامَتها بأساً وصموداً ونضالاً حتَّى يتقرر المصير بفرضِ الإرادةِ العربيَّة على العدوِّ، لكن لِلأسف سارت الأمور بِعكس الثوابِتِ القوميةِ والعسكريّة.
كان إغراق إيلات الإسرائيلية فى ذلك الوقت وإدامةِ حربِ الاستنزاف مُقدِّمَةً لليقين العربى، ومن ثمَّ بِلوغِ نصر أكتوبر المجيد باستعمال كُلّ ما هيأهُ الرئيس عبد الناصر من سلاح ومخططات حربية وأدوات مُتكاملة لعبورِ قناة السويس وحمايتها بنصبِ جدارٍ من صواريخ سام-3، وكلُّها كانت من صُنعِه وماكان لعقَبِهِ سوى الضغطِ على الِزرِّ وإعلان ساعة الصِفر.
كان الوعيِ الجماهيرى لحُرمَةِ القوميَّةِ وقدسيَّةِ الأوطان فى الذرو،ة حيثُ التفاف الشعبِ العربى فى مِصر وسوريَّا حول قيادتيهِ قائماً على مبدأِ تحرير الأرض بِالقوَّة ولم يكُن ذلك الولاء يوماً بِدافِع المِلقَةِ أو المراء فى عصرٍ تسوده العقيدة ...عصرٌ لا يُقايِضُ الكرامةَ برغيفِ الخُبز. ولم تصبو الجماهير العربيَّة فيهِ يوماً لربيعٍ عربيِّ مُستخدِمَاً إشرافِ وتدريبِ شركة جوجل (المخابراتيّة) من حيث يدرى أو لايدرى لحرف مسيرة الجماهير العربية المصرية وهى العصيَّة على جوجل وحكومة جوجل، ولا للصهيونى هنرى برنارد فى ظهورهِ تارة فى ساحة التحرير فى القاهرة وأخرى فى بنغازى يقود ربيعها، وهو الصهيونى الذى وضعتهُ صحيفة جروزاليم بوست الإسرائيلية بالمرتبة 45 من 50 أقوى يهودى فى العالم. ولم تحلم الأُمَّة حينذاك بديمقراطية الكوكاكولا والهامبورجر، وهى مُجرَّدة من أبسط مُقوِّمات الأوطان: الجيش، الأمان، السيادة، والاستقلال الاقتصادى والعِزَّةِ الوطنيَّة. لم تكن الثقافة عالية علوِّها فى هذه الحِقبة ولا التطوُّر التقنى والاقتصادى كما هو اليوم، لكنَّ الشعب العربى عموماً كان محبوكاً مُتراصَّاً فى تطلُّعاتِهِ الوحدوية وفكرهِ المؤمن بالحضارة العربيَّة وغناهُ بِرفعَةِ الوعى والحسِّ القومى ودفعهِ حكوماتِه نحو المزيدِ من الصمودِ والتضحيات. كان معسكر الرجعيَّة عارياً أمامَ الجماهير العبربيَّةِ ذات الحِسِّ الوطنى القومى فى أقطارِ المقاومة العربيّة : مِصر، سوريا، والعرا ق ترفدهم الجزائر المُجاهدة. وكانَ الفكر الثورى الرافض للتبعيَّةِ والتصالُحِ مع العدو هوَ المقياس الجماهيرى لقبول حاكٍم دونَ آخر. فالثروة الوطنيّة كانت تُقاس بأنظمة وجماهير دول الحوض الحضارى العربى الثلاث، وليست بالرصيد المالي. أمَّا الرجعيَّةِ العربيَّة فكانت تلوذُ بظلاميَّتِها وانزوائِها والتستُّر على تبعيَّتِها كى لاتنفضِح سوأتُها أمامَ الجماهير... كان الملك حسين يطيرُ للقاءِ جولدا مائير قائداً طائرتِهِ بنفسهِ حتّى لا يفتضِح، وكذلك كان شيمون بيريز (بيريز فيسبوك) يتنكر بالشوارب والمكياج والجواز المزوَّر أثناءِ زياراتهِ الأردن لانتزاع وادى عربة من الملك كهديَّة لإسرائيل، فى حين أخذَ المرحوم الملك السعودى فيصَل موقفاً سياسيَّاً صلباً لاسترجاع القدس كلَّفهُ حياته فى انقلاب مخابراتى سعودى- أجنبى وضعَ حدّاً فى تلك المملكة للتجاسُرِ على التبعيَّة الغربيَّة.
ونتيجةً لموت الفكر القومى لِلأربعين عاما الماضية فى ظِلِّ موت القيادة السياسيَّة محتوماً وبلغت الأمَّةُ شأواً فى حضيضها بينَ أيمن الظواهرى يقودها من كهوفِ تورا بورا إلى تَحالفِ قوى الرجعيَّة العربيَّة علانيَّةً مع إسرائيل إمعانا بالاستهتارِ وعملاً على إسقاطِ سوريَّا، جناح الوحدة العربية وقلب العطاء العربى وأم النضال والتحرر الفلسطينى، أملاً بنيل رِضا عدوَّةِ العربِ والإنسانيَّة: إسرائيل. وبِقَدرِ َهجمةِ دولِ الإذلالِ العربى تكَشَّفت براقِع الزيفِ الإعلامى دعمَاً لِمذأبَةِ التكفيريين وشُذَّاذِ الأفغان والشيشان والترك والداغستان من جيشِ الجهل العرمرم الذى ينقَضُّ على أطيبِ الشعوب ...شعبِ سوريا.. سيِّد المروج الخضراءِ والسفحِ والفراتِ وبردى وطبريا وسيِّدالمتوَّسِطِ...وريث ممالِك أوجاريت وتدمُر وسيدَ القلاعِ والصوامِعِ والكنائِسِ والعيونِ والبِطاح. إنَّ الحرب على سوريَّا هى حربٌ على مُستقبل الأُمَّةِ العربية وملحمة الصمودِ السوريَّة ستُفشل مخططات دول الاستعمارِ وصنائعهم من عرب العجز والتُرك والصهاينة.
إذن نحنُ أمام مخاضٍ عسير يُنذِر، ولأوَّلِ مرَّةٍ فى التاريخ الحديث بميلادِ جبهةِ مُقاوِمة عربيَّة نجحت فى كُلّ اختبارات الكفاءةِ التى فشلت فيها الأُمَّةُ بقياداتِها وأنظِمتها... مُقاوَمة ترتكزُ على أسُسٍ فكريَّة ثابتة لتقود الأمَّةِ بجدارةِ استيعابِها للتكنولوجيا الحربيَّة ولفنونِ القِتالِ بعد وهنٍ عربيٍ لأربعين عاماً كادَ أن يودى بالأُمَّةِ دُولَاً وشعوباً. لقد فشلَ العدوان الخارجى على سوريَّا، حيثُ وقفَت قيادَتَها بمواجهةِ الحلف العربي-التركي-الإسرائيلي-الغربي!. والفشلُ هذا كان واضِحاً منذُ الأشهر الأولى لثورةِ يقودها إرهابيون امتهنوا الذبح وقطع الرؤوس بحجَّة إقامةِ دولة الإسلام أدواتٍ مرفوضة إسلاميَّاً. وما يُدعى بالتجربة الإسلاميّة فى سوريا سقطَت للتطرُّفِ الذى لا يُقيم اعتباراً للقوانين الإسلاميَّة كالقانون الذى جاء بهِ النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) عند فتح مكَّة: " لا تجهزنَّ على جريح ولا يُتبعنّ مُدبر ولا يُقتل أسير، ومن أغلق بابه فهو آمن ". أمَّا ثوَّار «بندر» فى سوريا فلم يُبقوا على بندٍ فى الرسالة المحمديَّة إلّا وشوَّهوا مَلامِحَهُ أو أزهقوا سُنَنَهُ. ولبشاعة الجرائِم،ِ سيوصَمُ تنظيم الإخوان المسلمين فى سوريّا رَدحَاً من الزمن بِاستهداف المواطن السورى بشرفه ومواطنته وبالعمالة للأجنبيِّ وهى عارات لا يمحيهِا وشَمُ الجبهة إمعاناً بالسجودِ والصلاة. والحربِ على سوريا أيضاً هِى مِن أسبابِ سقوط الإخوان فى مصر وذلك قبل ثلاثِة أيّام من نيَّةِ الرئيسِ المعزول المشاركة بالحرب على سوريا ولأسبابٍ طائفيَّة بَغيضة مُعتدياً بِذلكَ على المُحرَّمِ القومى والتاريخى لتوأمةِ سوريا ومصر.
إذن، فصمود الجيشِ السورى العظيم أدركَ شهامةَ القيادةِ العسكرية الِمصريَّةِ فى قلب نظامٍ حُكمٍ سعى لسفكِ دماءِ إخوةً فى العِرقِ والدين... وإنَّ هذا الصمود وولادة المقاومة من لبنان وسوريَّا إلى العراق يؤذِنُ بميلادِ «المشروعِ العربى القومى الجديد» فى هزيعٍ يتقاطرُ فيه المال الرجعى والعدوان الأجنبي. والنصر السورى كفيلٌ تماماً بِنسفِ مشروع إسرائيل وحلفائها بإقرارِ «يهوديةِ فلسطين»، وهو من أسبابِ الحرب على سوريا. إنَّ انتصار المقاوَمَةِ اللبنانيّة فى حربها مع إسرائيل 2006، أسَّسَ لِميلادِ مشروع المقاومة السوري-اللبنانى، وماَ الحرب على سوريا إلّا المنَصَّةِ التى ستنطلقُ منها حرب التحريرِ العربية نحو القُدسِ والخليل. وكما هى ملحمة إغراقِ إيلات الإسرائيليَّة كانت إيلاتهُا (المقاومة) : إغراق بارِجَةٍ إسرائيليَّة وكميناً لأسودِها قنَصَ رتلاً من دبَّاباتِ الميركافا الإسرائيلية لِيُدمِّرَمنها 40 دبَّابة فى يومٍ واحد. ولعلَّ تقرير المخابرات الألمانية (حديثاً) لإسرائيل بعدم التحرش بحزب الله ذو مصداقيّة عالية، حيث أكدَّ أن حزب الله استطاع الحصول على ما يُحيِّد الطيران الإسرائيلى، كما أنَّ معارك سوريَّا نقلته من خبرات الدفاع إلى جيش هجومى يستطيع نقل المعركة نحو الجليل، وهو ما أصبح يقُضُّ راحة الوجود الإسرائيلي؛ تاركاً لمحمود عبَّاس وصائب عريقات تهديد إسرائيل، للعشرين سنة الأخيرة وللعشرين سنةٍ القادمة، بمطاردتها، وبلا طائل، فى أروِقَةِ الأممِ المتحدَّة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.