حنان البيلى أحدثت تصريحات الدكتور هانى قدرى - وزير المالية - فى الأسبوع الماضى، والخاصة بفرض ضريبة ٪5 على من يزيد دخلهم على المليون جنيه سنويا ولمدة ثلاث سنوات فقط، العديد من التساؤلات فى الأوساط الاقتصادية وتحديدا خبراء الضرائب والمالية العامة. ويتساءل المؤيدون والمعارضون عن الكيفية التى سيتم بها تحديد من سيدخلون فى إطار هذه الشريحة، وما الهدف من وضعها؟ ولمن ستوجه حصيلة هذه الضريبة؟ وهل ستوجه لسد عجز الموازنة العامة أم لتحقيق العدالة الاجتماعية المنشودة؟ عندما أعلن الدكتور هانى قدرى - وزير المالية - عن دراسة مقترح بفرض ضريبة ٪5 على من يزيد دخلهم على المليون جنيه سنويا، مبيناً أن ذلك الاقتراح قدمته مجموعة من رجال الأعمال للدكتور أحمد جلال وزير المالية السابق خلال حكومة الدكتور حازم الببلاوى. وأوضح أن معدل الضريبة فى مصر لايزال أقل من المعدل العالمى، حيث تصل الضريبة فى مصر إلى ٪20، فيما المعدل فى أكثر دول العالم يتراوح ما بين ٪35 إلى ٪50، هذا بخلاف أن الأوضاع الاقتصادية فى مصر اضطربت بشدة خلال السنوات الثلاث السابقة، حيث انخفض الاحتياطى النقدى من 35 مليار دولار إلى 17 مليار دولار، وسجلت معدلات البطالة أكثر من ٪13 ، وارتفع معدل التضخم إلى ٪10، كل ذلك يدفع فى اتجاه زيادة عجز الموازنة من 10% إلى ٪12 بنهاية العام المالى الحالى، وقد توقع وزير المالية ألا يزيد معدل النمو على ٪2 أو ٪2.5 على أقصى تقدير، وذلك بسبب خضوع حكومات ما بعد الثورة للضغط الشعبى. وهنا توضح الدكتورة جنات السمالوطى - أستاذ المالية العامة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية - أن الوزير نفسه ذكر توسيع المجتمع الضريبى وليس رفع أسعار الضرائب، فالمشكلة هى انخفاض الطاقة الضريبية، فالضرائب تمثل ٪14 من إجمالى الناتج المحلى المصرى، مقارنة ب ٪35 من إجمالى الناتج المحلى فى دول أخرى كثيرة. وبالتاى فإن المشكلة الحقيقية ليست فى نسبة الضرائب، لكنها فى ضيق المجتمع الضريبى، ومن سيقع عليه عبء ٪5 الضرائب الجديدة؟ سيقع على دافعى الضرائب الحاليين أصحاب الأجور والرواتب وأصحاب الأنشطة التجارية، وماذا عن ضرائب الشركات؟ فلم تصدر عن وزارة المالية أية تفاصيل متعلقة بالحصيلة المنتظرة، وكيف تم حسابها؟ وإلى أى هدف ستوجه؟ هل ستوجه لتحقيق العدالة الاجتماعية أم إلى مواجهة عجز الموازنة؟ وتتساءل الدكتورة جنات، هل الحصيلة المتوقعة من تلك الضريبة تبرر الاضطراب الذى سيحدث فى مجتمع دافعى الضرائب، وتتساءل عن الحزم التوسعية التى تم ضخها فى الاقتصاد المصرى منذ تولى حكومة الدكتور الببلاوى، والتى أعلن أنها وصلت إلى 30 مليار جنيه، فهل لها تأثير فى الاقتصاد المصرى وهل أدت إلى زيادة معدل النمو؟ فمصلحة الضرائب تواجه مشكلة حقيقية فى حصر دخول أصحاب المهن الحرة، كالأطباء والمهندسين والمدرسين، لأنهم لا يعلنون عن دخولهم الحقيقية، وترى أن الخطوة الأهم هى توسيع قاعدة المجتمع الضريبى، وإلا فإن التضخم سيصيب أصحاب الدخول الثابتة إذا لم يتم وضع تصور كامل لعلاج عجز الموازنة العامة. أما الدكتور أشرف العربى - رئيس مصلحة الضرائب الأسبق - فيرى أن الفكرة جيدة جدا، مسألة فرض ضريبة ب ٪5 على الإيرادات للأفراد وليس للشركات، يطرح العديد من الأسئلة لماذا الأفراد فقط وليس الشركات؟ وكذلك لماذا المصريون العاملون داخل مصر فقط؟ ولماذا لا يؤخذ من المصريين فى الخارج؟ فى البداية لابد لمن وضع الفكرة، أن يوضح تعريف الإيرادات بدقة هل يشمل الأراضى، والأسهم فى البورصة حتى الآن غير خاضعة للضريبة، فإذا تم تعريف الإيراد، فمن هم الأشخاص الذين يدخلون فى هذه الشريحة؟ وكيف يمكن أن تقوم مصلحة الضرائب بتطبيق ذلك؟ ويعتقد الدكتور أشرف أنه إذا تم تحصيل تلك الضريبة على كل الإيرادات وعلى كل المصريين سواء فى الداخل أم الخارج، فإنه من المتوقع أن تصل حصيلتها إلى 20 أو 25 مليار جنيه فى السنة. لكن الأهم هو علاج عجز الموازنة، والذى من المتوقع أن يصل إلى 240 مليار جنيه بنهاية السنة المالية الحالية فى 30 من يونيو المقبل، وبالرغم من كل الدعم المأخوذ من دول الخليج، سواء نقدا أم بتروليا، فكل ذلك يدخل بند الإيرادات فى الموازنة العامة، والدعم يأخذ مبالغ كبيرة من الموازنة العامة، والجميع منذ أيام حكومة نظيف يتحدثون عن تحول الدعم العينى إلى دعم نقدى، ولا يعرفون كيفية لتحديد مستحقى الدعم، وسيجدون مقاومة شديدة لأن المصريين لا يحبون التغيير. أما الدكتور منير هندى - أستاذ المالية العامة بجامعة الإسكندرية، فيرى أن عبء الضريبة لابد أن يكون عاما، فلا توجد ضريبة على فئة معينة، فهذا أمر غير دستورى، وقد حدث معنا أنه تم فرض ضرائب على البعثات فى الخارج فى الفترة من 1975 حتى 1990 أيام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وقمنا برفع قضية وأعادت المحكمة لنا الأموال التى دفعناها. بالإضافة، لماذا الاقتصار على الأشخاص وليس على الشركات؟ فإذا أرادت وزارة المالية تحقيق العدالة الاجتماعية وتقليل عجز الموازنة لماذا لا تكون الضرائب تصاعدية؟ ويوضح أحد خبراء الضرائب أن التطبيق سيقابله العديد من الصعوبات أولاها سيتم حساب الضريبة على رءوس الأموال أم على صافى الربح الذى يتجاوز المليون جنيه فى السنة. ويمكن أن يتم حصر كل الممتلكات والمساهمات فى إقرار الذمة المالية، وبها يتم حساب 5% على الإيرادات فقط، لكن ماذا عن الأرباح التجارية والصناعية. فإذا كانت فكرة تلك الضريبة مطروحة من جانب رجال الأعمال، فلابد من إجراء حوار مجتمعى داخل مجتمع رجال الأعمال، فكيف نتحدث عن مشاكل اقتصادية جمة وإغلاق للعديد من المصانع، وبعض المتعثرين من رجال الأعمال، ثم نتحدث عن ضريبة جديدة. هذا بخلاف أنه تم رفع الشريحة فى مايو 2013، فقد تم عمل قانون جديدة للحصول على مورد جديد، وبالتالى توجد مشاكل فى كسب العمل، حيث تم إدخال ثلاثة تعديلات وهى تعديل شريحتين وحد الإعفاء. وحددت مصلحة الضرائب الإقرار الضريبى بأن يمر بثلاث تسويات ضريبية لحساب كسب العمل، التسوية الأولى تغطى من يناير حتى مايو، والشريحة الثانية من يونيو حتى أغسطس، والتسوية الثالثة تمثل حد الإعفاء من أول شهر 9 حتى ديسمبر من عام 2013. وبالتالى فإن العملية تحتاج إلى تنظيم وترو فى إصدار القوانين وما يتم تطبيقه خارج مصر، لا يمكن تطبيقه بسهولة داخل مصر، والمشكلة الأكبر الآن أن جميع العاملين لا يستطيعون أخذ قرار نظرا للخوف من المساءلة.