د. جهاد عودة تأتى زيارة المشير السيسى والوزير فهمى لتفتح لمصر نمطا جديدا من التشابكية العالمية. فالنمط الذى اعتادت مصر عليه طوال السنوات العشر الأخيرة قبل ثورة 25 يناير يقوم على مبدأين جوهريين أولهما، السعى المصرى إلى العولمة الاقتصادية، وثانيهما صياغة مفهوم الأمن القومى فى صياغة دفاعية احترازية مترددة فى صياغة عدائيات أساسية. مع الفتح الروسى تخط مصر بدايات خط إستراتيجى جديد له الملامح التالية: 1 - استخدام مفهوم وآليات الطرف الثالث فى تسوية المنازعات الدولية، فقد فجر السفير المصرى فى روسيا محمد البدرى مفاجأة من المتوقع أن يستفيد منها الجانب المصرى فى حل أزمة سد النهضة الإفريقى، حيث أكد أن علاقة قوية تجمع بين روسيا ودولة إثيوبيا، وأن الفترة المقبلة قد تشهد تدخلا لحل أزمة سد النهضة، وقال فى هذا الشأن "دع الأيام تكشف عما سوف يتم من أحداث". 2 - تنمية القدرات الدفاعية المصرية بشكل غير متردد فى الدفاع عن قيم جوهرية للأمن القومى. فقد اتفقت مصر وروسيا مبدئياً على عقد لتوريد الأسلحة والمعدات العسكرية بقيمة أكثر من ثلاثة مليارات دولار، حسبما قالت صحيفة "فيدوموستى" نقلاً عن مصدر فى صناعة الدفاع الروسية. وجرت يوم 13 شباط/فبراير 2014 مباحثات بين وزير الدفاع والنائب الأول لرئيس وزراء مصر عبد الفتاح السيسى، ووزير الخارجية المصرى نبيل فهمى مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين. ولم يعلن رسمياً عن اتفاق حول أى عقود بعد الاجتماع. ووفقاً لمصادر الصحيفة، فإن الجيش المصرى ينوى شراء مقاتلات MiG-29M/M2، وأنظمة دفاع جوى من عدة أنواع، وطائرات مروحية من طراز Mi- 35، وأنظمة مضادة للسفن، ومجموعة متنوعة من الذخيرة والأسلحة الخفيفة. 3 - تنمية علاقات دفاعية عربية بين الدول المعتدلة تسمح بالتكامل فى أطر نظامية محددة. 4 - المشاركة الفاعلة فى صياغة الأجندة الجديدة لقواعد التفاعل العالمى. دعا الرئيس الروسى فلاديمير بوتين زعماء دول مجموعة الثمانى الكبار، التى تسلمت روسيا رئاستها ابتداء من الأول من يناير 2014، إلى تحمل مسئولية التطور المستقبلى للعالم، ووضع مقاربات متكاملة من أجل التصدى للمخاطر التى تهدد العالم برمته. وأفاد بيان نشر فى موقع الكرملين على شبكة الإنترنت، أن بوتين أكد أهمية استحداث آليات متكاملة وجماعية، تتعلق بالرصد والحيلولة دون نشوب مخاطر جديدة وتجاوز الآثار السلبية للمخاطر الموجودة. وأشار الرئيس الروسى، إلى أن العالم خلال السنوات الماضية لم يصبح أكثر أمنا، بل ازداد تعقيدا، معتبرا أن المخاطر التى تهدد التنمية المستدامة تزداد تنوعا،على خلفية تنامى عدد بؤر العنف، وتفكك منظومة القانون الدولى، بالإضافة إلى المشاكل الاقتصادية والكوارث الطبيعية والبيئية. فى عبارة أخرى، فإن تفويض رئاسة مجموعة الثمانى الكبار، تنتقل إلى روسيا فى الوقت الذى يتعزز فيه موقعها على الساحة الدولية، حيث حققت مجموعة من المكتسبات على الساحة الدولية بفضل دبلوماسيتها. وقول ثالث رئاسة روسيا لمجموعة سنة 2014 تسمح بتحديد نهجها إزاء جميع التحديات، التى يواجهها المجتمع الدولى فى الوقت الراهن، كما أنها ستشكل الدور الريادى لروسيا على الساحة العالمية، إذ أنها أظهرت قدرتها فى السنوات الأخيرة على تسوية النزاعات . علما بأن روسيا تقترح خلال توليها لرئاسة مجموعة الثمانى الكبار، خمس أولويات رئيسية تهم التعاون مجال مكافحة المخدرات، ومكافحة الإرهاب، وتسوية النزاعات وتشكيل نظام عالمى لضبط المخاطر الطبيعية والكوارث الناجمة عن نشاطات الإنسان، والأمن الصحى العالمى. ومن المتوقع أن يعقد رؤساء الدول الثمانى اجتماعا فى مدينة سوتشى الروسية فى يونيو المقبل. ومجموعة الثمانية الكبار، تضم الدول الصناعية الكبرى فى العالم، الولاياتالمتحدةالأمريكية، واليابان وألمانيا، وروسيا الاتحادية، وإيطاليا، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وكندا، ويمثل مجموع اقتصاد هذه الدول 65 فى المائة من الاقتصاد العالمى. 5 - التواصل الفاعل مع المجموعات الدولية الأخرى غير مجموعة دول الثمانى مثل مجموعة البركس ومنظمة شنغهاى. فقد جاء فى بيان نشر على موقع الرئاسة الروسية الكرملين على شبكة الإنترنت على وزارة الخارجية الروسية أن تعطى المسائل المتعلقة بحل القضايا الدولية الحادة وتوطيد أنظمة منع انتشار أسلحة الدمار الشامل ومكافحة الإرهاب الدولى ومكافحة المخدرات أول اهتماماتها عندما تستعد لتولى روسيا رئاسة مجموعة الثمانى فى عام 2014 وعقد اجتماع قمة دول «بريكس» واجتماع قمة منظمة شنغهاى للتعاون فى عام 2015، بالتنسيق مع وزارتى الداخلية والدفاع والجهاز الأمنى الروسى وهيئة مكافحة المخدرات. يذكر أن مجموعة الثمانى تلعب الدور الرئيسى فى الاقتصاد العالمي، وتبلغ نسبة إسهامها فى الناتج الإجمالى العالمى والصادرات العالمية والواردات وإنتاج العالم للطاقة 50 و35 و38 و32 فى المائة على التوالى، كما يشارك أعضاء مجموعة الثمانى فى صنع القرارات بشأن حل القضايا الدولية الأكثر خطورة. ويجب العلم ان بريكس تجمع فريد أُنشئ عام 2011 ويضم بعضويته خمس دول من ذوات الاقتصادات الناشئة هى البرازيلوروسياوالهند والصين وجنوب إفريقيا. وكانت تُسمى من قبل مجموعة ‘بريك' قبل انضمام جنوب إفريقيا إليها عام 2010 ليصبح اسمها ‘بريكس'. ويُعد منتدى بريكس منظمة دولية مستقلة تعمل على تشجيع التعاون التجارى والسياسى والثقافى بين الدول المنضوية بعضويته. وربما كان أهم الإشارات إلى أهمية بريكس للاقتصاد العالمى نصيبها من احتياطيات العملة الأجنبية. وهذه الدول الأربع تعتبر من بين أكبر عشر دول تحتفظ باحتياطيات تبلغ نحو 40 % من مجموع احتياطيات العالم. وتعتبر كل دول بريكس الخمس -ربما باستثناء روسيا- نامية أو دولا صناعية جديدة، وتتميز بضخامة اقتصاداتها. لكن الأكثر أهمية بالنسبة لروسيا -وكما هى الحال بالنسبة للآخرين- أنهم يرون أن المجموعة وسيلة لإخبار الولاياتالمتحدة أن أكبر الدول النامية لها خياراتها، وأنه ليست كل الطرق تقود إلى واشنطن. وأسهمت ثلاث قمم واجتماعات لوزراء الخارجية والمالية والزراعة والصحة وقطاعات أخرى فى تعزيز أواصر التعاون بين دول بريكس. وفى المستقبل سيكون بإمكان الدول الخمس عقد الصفقات وتبادل إسناد القروض عبر تأسيس آليات نقدية ثنائية أو بين الدول الخمس، وتأسيس قاعدة تعاون استثمارية وتجارية مشتركة، وتأسيس منظومة تعاون نقدية متعددة المستويات بين دول المجموعة، وبذلك يمكن من خلال إطار التعاون المالى بين دول المجموعة دفع احتساب التجارة بالعملة المحلية، والتوسيع المستمر لنطاق ومجال تبادل اعتماد العملة المحلية بالعلاقات الثنائية أو متعددة الأطراف بين الدول الخمس، الأمر الذى سيسهل المبادلات التجارية والاستثمار بين دول المجموعة، ويدفع بالتعاون والاستثمارى المشترك بينها. وتعتبر مستويات الدين العام لبريكس متواضعة ومستقرة فى الغالب باستثناء الهند. وقد ترجم هذا الأداء الاقتصادى إلى أنواع مختلفة من النفوذ. ولعل برامجها للتنمية ومحاربة الفقر تحتل مرتبة أعلى باهتمامات أعضاء بريكس منها فى الدول الغربية. وهذه الدول تحاول تنويع اقتصاداتها وتتحدى الأفكار الغامضة للعولمة.