ريم عزمي سمعنا بالتأكيد عن معاناة المبدعين وبقدر معاناتهم حازت أعمالهم على النجاح والتقدير ربما فى فترة تالية أو حتى بعد مماتهم! والبعض تذكر فى هذا الموقف الأليم الشاعر الراحل نجيب سرور، فالموجع فى هذه القصة أن يصل الحال بالمبدع لهذه الدرجة من البؤس حتى أنه ينام فى العراء!البعض ترحم عليه والبعض الآخر ترحم على الوضع المهين الذي يعيش فيه بعض المبدعين! الصدمة جعلت البعض يدين الجميع على التقصير، وربما لم يسع البعض سوى إنشاء صفحة باسمه "محمد حسين بهنس" على موقع التواصل الإجتماعى "فيسبوك" لكن لم ينضم إليها إلا القلائل، ونشر عليها أهم ما كتب من أشعار وما قاله أصدقائه فى رثائه ونقد لأعماله، ومكتوب فى الوصف"صفحه تضامن مع الشهيد السوداني الفنان متعدد المواهب محمد حسين بهنس الذي مات متجمدا من البرد في شوارع القاهرة".ومن أشعاره التى تنتقد الأوضاع الإجتماعية والسياسية والإقتصادية " بهديك الفوضي/شجار طفلين/فى ساحة روضة/بهديك الغربة/هتاف الموتى وصمت التربة/بهديك حزنك/وستات الفول أثناء الخمشة/بعد إذنك/بهديك إحباطي". عند وفاته الروائي والشاعر والفنان التشكيلي بهنس فى شهر ديسمبر الماضى وقع الخبر كالصاعقة على أصدقائه المثقفين من السودانيين والمصريين، حيث مات متجمدا من البرد على أحد أرصفة وسط البلد بالقاهرة، كأى مشرد يعاني من ظلم المجتمع! البعض يقول أنه لم يتجاوز 41 عاما والبعض الآخر يقول أنه رحل عن عمر يناهز 43 عاما، واختار بهنس المجىء للقاهرة منذ أكثر من عامين بعد وفاة والدته وإصابته بإحباطات في الخرطوم. وهو من مواليد مدينة أم درمان، وشارك كفنان تشكيلي في معارض عدة داخل السودان وخارجه، وسافر إلى فرنسا بعيد صدور روايته "راحيل"» عام 2000 وتنبأ له النقاد بمستقبل كبير وبأنه سيكون الطيب صالح جديد، وتزوج هناك وأنجب طفلاً، ثم ما لبث أن انفصل عن زوجته، وعند مجيئه للقاهرة أقام معرضا تشكيليا ثم استقر فى منطقة العتبة، وسرعان ما تدهورت أوضاعه المالية بالإضافة إلى حالته النفسية السيئة فاتخذ من ميدان التحرير وشوارع وسط القاهرة سكنا له، والمؤلم أنه بدأ يتسول ما يقتات عليه! و أهداه الباحث عمار علي حسن هذه الأبيات التى نشرت فى عدد من الصحف مؤخرا "في بطنه أحجار جافة/ حطب مسنون/ عويل وجنون/ يضربه يمينا ويساراً/ فتتساقط أنات الليل/ من خشب وحديد/ وبقايا صديد/ لتنام في عرض شوارع/ لا تعرف أبداً/ أن الرجل الجالس جنبي يصرخ صمتاً/ ليس مريضاً/ وليس غريباً/ وليس شريداً/ لكنه فقط جائع". ومن أشهر معارضه فى عام 2004 معرض "مدرسة الفن" فى أديس أبابا بأثيوبيا وفىعام 2002 "لغة الألوان"، وكان المعرض بمشاركة 50 من الفنانين الأفارقة، في بون بألمانيا، كما يقال أن لوحاته تزين جدران قصر الإليزيه بباريس!