لم يعلم الروائى الشاب والفنان التشكيلى المتعدد المواهب، أن حياته بختامها المؤسف قد تصلح للتطابق مع شخصية إحدى أبطال رواية غسان كنفانى "رجال تحت الشمس"، والتى تعرض مأساة لجوء المواطن العربى لبلد عربى شقيق والموت على سبيل هذا اللجوء غرقاً أو فقراً أو نتيجة نقص الأكسجين مثلما مات أحد أبطال رواية "رجال تحت الشمس" بسبب ترحيله داخل تانرات مياه فارغة من فلسطين للكويت. يموت بهنس بنفس الطريقة مجازياً نتيجة نقص الاحتياجات الأساسية التى لا تقل أهمية عن أكسجين التنفس الإنسانى من غرفة تأويه من التشرد وغطاء يحميه من البرد ووجبة آدمية وحيدة تكفيه شر التسول. الروائى الذى انتهت حياته هذه النهاية المفجعة ولد فى أم درمان، السودان عام 1972 درس فى جامعة الخرطوم، وشارك فى عدد من المعارض منذ كان طالباً جامعياً فى السودان، والخارج من المعارض التى أقامها وشارك فيها: "لايت رسومات" التصوير الفوتوغرافى عام 2006، فى قصر المهرجانات دى البنات، Trascon، Ariege، فرنسا، وعام 2004 معرض مدرسة الفن، أديس أبابا، إثيوبيا، عام 2003، المركز الثقافى الألمانى، الخرطوم، السودان، 2002، "لغة الألوان"، وكان المعرض بمشاركة 50 من الفنانين الأفارقة، بون، Alfter، ألمانيا. كان من أعامله السردية التى لاقت احتفاءً كبيراً من النقاد السودانيين رواية "راحيل" والتى وصفها النقاد هوار حمدان هجو بأنها "ولادة جديدة لطيب صالح جديد". أطلق أول معارضه الفنية فى السودان وروايته الأولى وسافر إلى فرنسا مطلع الألفين وهناك تزوج ابنه حاكم أحد الولايات الفرنسية بحسب ما يؤكد أصدقاؤه وبحسب روايته الشخصية لهم وأنجب منها طفلا ونتيجة خلافات عائلية طلق زوجته وقام والد زوجته بالمساهمة فى ترحيله قسرا من فرنسا. عاد بهنس بعد حادثة انفصاله عن زوجته التى أثرت فيه نفسيا إلى الخرطوم ليجد والدته قد توفت منذ أكثر من ثلاثة أعوام دون علمه فيصاب بعزله ووحدة طويلة وصلت إلى ثلاثة أعوام، خلال هذه العزلة تمت دعوته إلى القاهرة للمشاركة بأحد المعارض التشكيلية ومنذ حضوره إلى القاهرة رفض الرجوع للخرطوم بحسب حمور زيادة وقطن بوسط القاهرة فى منطقة العتبة حتى تدهورت أوضاعه المادية والنفسية بسبب التشرد والفقر والإحباط فسكن الشارع. قال صديقه عبد الواحد إبراهيم، إنه كان يعانى اضطرابا نفسيا نتيجة وحدته وتشرده لكنه لم يكن الشخص الذى يؤذى غيره أو يسبب الفوضى والضجيج كان شخصا مسالما هادئا لا يتحدث مع أحد بقدر السلام والاطمئنان على الحال. صحفية الدار السودانية حطت مسئولية تدهور حالة بهنس على الجالية والسفارة السودانية بالقاهرة وأصدقائه السودانيين المنتشرين فى القاهرة والذين تركوا حالته تدهور يوما بعد يوم ماديا ونفسيا ولم يلتفتوا إلى عمق الفجيعة الإنسانية التى يمر بها روائى السودان إلا عند إعلان وفاته متجمداً من البرد. كما ألقت صحيفة الركوبة المسئولية على عاتق الحكومة المصرية التى يموت فيها المشردون من اللاجئين وغير اللاجئين من البرد والفقر دون الالتفات إلى أوضاعهم البائسة. كان بهنس شاعرا ينتقد الأوضاع الإنسانية والسياسية والاقتصادية من على أرصفة شوارع وسط القاهرة ومن أشعاره الغنائية: بهديك الفوضي شجار طفلين فى ساحة روضة بهديك الغربة هتاف الموتى وصمت التربة بهديك حزنك وستات الفول أثناء الخمشة بعد إذنك بهديك إحباطى حديث عابر فى مركبة عامة بصوت واطى بهديك الليل البين جبلين فقدك لقى دين بهديك طلة لبيوت الخيش وخيم تفتيش وأسواق أرخص ما فيها حليفة الله بهديك متمرد والنيل فى الجركانات باعوهو برد بهديك ولا شى واقطع وديان السهو مشى