نعم.. مع الاعتذار لمحبى أمريكا وإسرائيل من الليبراليين والديمقراطيين المصريين والعرب.. مركَ بر أمريكا .. مركَ بر إسرائيل؟ كلما ترددت وسط طهران قبل خطبة الجمعة الموحدة التى تنطلق من جامعة طهران وهى خطبة سياسية دينية فلا فرق فى إيران بين الدين والسياسة، فالدين حياة بها الشرع والقانون والحكم والتفوق العلمى والانتصار والنصر على أعداء الإسلام بعيدا عن النظم التى تدعى الفضيلة وتحكم تحت عباءة الإسلام وهى منبطحة أمريكيا وطبعا صهيونيا وإسرائيليا. ليست تلك كلماتى إنما هو رأى الشعب والحكم هناك فى إيران داخل البرلمان وخارجه فى الشارع على الرصيف فى البيت فى الجامع... إلخ إلخ إلخ. وبما أننى إنسانة غلبانة على باب الله بوهيمية عشوائية ولا أفرق بين الألف وكوز الذرة فى اللغة الفارسية، فقد ظننت أنهم يقولون مثلا مثلا تعيش أمريكا وتحيا إسرائيل. وبنفس العشوائية سألت مترجمة اللغة العربية الإيرانية المصاحبة لنا عن معنى: مركَ بر أمريكا مركَ بر إسرائيل! وهل هى كما أظن تمجد أمريكا وإسرائيل وقد تكون مناورات فارسية إيرانية سياسية كما يقول بعض من زملائى والخبراء الإستراتيجيين عندنا فى مصر إن الحضارة الفارسية الإيرانية هى أشد عداء وأشرس من الصهاينة والأمريكان على الإسلام. ولأننى حافظة ومش فاهمة وأكيد الجماعة بتوع الخوابير أقصد الخبراء فى الدراسات السياسية والفارسية وغيرها أكثر دراية منى، ومن هذا المنطلق فقط كان ظنى أن «مركَ بر أمريكا.. مرك بر إسرائيل» تعنى تحيا أمريكا والنصر لإسرائيل، وجاءتنى الإجابة على غير ما توقعت وعكس كلام محبى أمريكا وإسرائيل فى بلادنا وبعض ممالك العرب ودولها، ومع الاعتذار الشديد لهم فالترجمة لمركَ بر أمريكا! أى الموت لأمريكا! وألف اسم الله عليها ومرك بر إسرائيل أى الموت لإسرائيل وياريت مع بعضنا نقول: ...... آ آ آ آميييين هنا ضحكت بخبث شديد وقلت فى سرى آمين للاثنين ولكل أعداء الإسلام، ولكل من شوه صورة الإسلام وجعله فى نظر الآخر إرهابا وإرهابيين ومجرد حجاب ونقاب وذقن طويلة. والله ينور على من يهتف حتى ولو بالفاسى ويقول: مركَ بر أمريكا مركَ بر إسرائيل صرت وراء الجموع المتظاهرة فى طهران وتذكرت جموع التظاهرات فى ميدان التحرير وفكرت فى جمع كام منشور من منشورات «مرك بر أمريكا ومرك بر إسرائيل» على سبيل الاستيراد والاقتباس ولكننى تراجعت فى آخر لحظة وخفت أن يمسكونى ويقبضوا علىَّ فى المطار بتهمة التجسس لحساب إيران، برغم أن إيران على حسب ما فهمت حتى الآن دولة إسلامية غير صهيونية، وإذا كنا عملنا اتفاقية انبطاح أقصد سلام مع العدو الإسرائيلى الصهيونى وقعدنا على مدار ثلاثين سنة وأكثر ننفذ فى بنودها حتى انعدمنا العافية والقمح والزراعة واتسرطنا واتنهبنا واتخرب بيتنا واتسرق الغاز منا، وعملنا سياحة إسرائيلية واتملى بالإيدز شبابنا وإلخ إلخ إلخ.. إلا أننى قلت فى نفسى أهرب منشورين وأصورهما لإثبات ما رأيته وأبلغ أصدقائى الليبراليين المحبين لأمريكا والليبرالية والمهلبية الأمريكية ولدعاة التطبيع الذين يسمون أنفسهم دعاة السلام وحقوق بسلامته الإنسان وأبلغ إخواننا «الخوابير» الخبراء الإستراتيجيين الذين يتهمون إيران بمولاة وحب إسرائيل وأمريكا فى الخفاء أبلغهم كلهم بالمنشورات والمناورات التى تعلن عن نفسها وتقول: مركَ بر أمريكا مركَ بر إسرائيل؟ وعلى رأى شعبان عبدالرحيم «شعبولا» العظيم أنا بحب مش عارفة مين وبكره إسرائيل.. ومركَ بر أمريكا ومركَ بر إسرائيل.. وظللت كثيرا أهتف وأغمض عينى وكأننى فى ميدان التحرير مع اختلاف الهتافات إلا أنه بالتأكيد وعلى ما أظن عدونا واحد فصديق عدوى يبقى عدوى وصديق صديقى يبقى صديقى ومركَ بر أمريكا ومركَ بر إسرائيل.. وأضيف مرك بر لكل من يحمل راية دولهمة ودوكهمة تحت أى مسمى ليبرالى ديمقراطى.. إلخ إلخ، حتى ولو كان تحت عباءة خليجى أو وراء برميل بترولى.. مرك بر أمريكا وأصدقائها.. ومرك بر إسرائيل وأصدقائها.. طالت المسيرات حتى وصلت مع الجموع إلى الجامعة.. جامعة طهران ومعى مترجمة اللغة العربية التى داخت ورائى وأنا أنشق عن الصفوف التى رسمت لنا فى رحلتنا داخل شوارع طهران فى محاولة لمعرفة الحقيقة، معرفة من هو المواطن الإيرانى الغلبان الذى وجدته شبه المواطن المصرى، يشبهنى ويشبهك كلنا على باب الله وكلنا إذا انطلق فداء، مرك بر أمريكا ومرك بر إسرائيل سرنا وراءه دون تفكير. وكأننى الزعيم الخالد جمال عبدالناصر أو الست أم كلثوم أو الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، أو كأننى الهرم الأكبر أو بسلامته عم خوفو أو خفرع أو منكاورع أو زاهى حواس فى شيكاغو، كلما عرفوا أننى مصرية وقفوا لى تعظيم سلام وتحيات وتشكرات وحباً شديداً وفقد الرائحة مصر والمصريين وتحية للثورة المصرية والصحوة الإسلامية وتحرير راية الإسلام فى مصر المحروسة الذى كان أسيرا لشياطين الغرب فى صورة حكامه. ووصلنا لجامعة طهران، وجلست أسمع الخطبة وبجانبى المترجمة الإيرانية بالشادور، وقد صرفوا لى أنا أيضا واحد شادور وصلحه وجلست فى مكان النساء الذى يتصدر ساحة الجامعة وما شاء الله فوق النصف مليون امرأة تصلى الجمعة وتسمع الخطبة الدينية السياسية التى تشحذ كل أسبوع همم الشعب الثائر رجاله وشبابه ونساءه. وظلت أصوات الهتافات «مركَ بر أمريكا»، و«مركَ بر إسرائيل» ترن فى أذنى وصوت الخطيب يقول: القرآن الكريم وصى بالتفكير وإن من يقولون إن الإسلام أعطى لكم كل شئ فلماذا تفكرون؟ هم أعداء الإسلام الذين يريدون للمسلمين الجمود والتجمد والتخلف والبقاء فى حصار جدران عدم الاجتهاد والتكفير لكل تفكير. الفكر يا مسلمين هو النمو وقد أوصانا القرآن به فى آياته، ألا تتفكرون ألا تتدبرون. إن كل ما بنى على تجميد الفكر هو حائط صد لأى حضارة إسلامية وتفرق علمى وحضارى للدول الإسلامية حتى تظل ترزح تحت حكومات الفرد وتحت سيطرة الاستعمار الذى يستغل ثرواتنا. وهنا رددت الهتاف إياه: مركَ بر أمريكا مركَ بر إسرائيل إن منطق الحوار يامسلمين هو منطق قرآنى وهناك فارق بين الاستماع والتطبيق والاستماع والتدبير، وهذا الفارق هو الذى يفرق بين الأمم والحضارات والتقدم الإنسانى. إن من يكفرون من يريدون التكفير هم عملاء وأدوات للمستعمر الغربى حتى لو ارتدوا زى الإسلام والمسلمين. لقد كرم الله الإنسان، «لقد كرمنا بنى آدم»، وهذا التكريم موجود فى الإسلام قبل جمعيات حقوق الإنسان. إن الله كرم الإنسان وجعله خليفة له على الأرض والإنسان ليس رجل أو امرأة إنما هو كائن واحد رجلا وامرأة، و إن كان قد ميز الرجل عن المرأة لكى يتعاونوا لا ليتصارعوا ولا ليحكم و احد منه الآخر. يا أيها المسلمون أفيقوا فمن نام لم ينم عنه. أى أن الأعداء لا ينامون حتى لو نمنا ووضعنا رأسنا كالنعام فى التراب إفاقة المسلمين فى ترابطهم وتعاونهم وتقدمهم العلمى، ففى الدين والعلم نصرة للإسلام ورفع راية الحق. كانت تلك الخطبة فى يوم الجمعة الوحيد الذى قضيته فى إيران. وقلت لنفسى: إن هذا الكلام منطقى وهو موجه لجموع المصلين، وبالتأكيد عم الشيخ الخطيب الإيرانى لا يعلم بوجودى بين المصلين ولا يقصد أن يعلمنى برسالة سياسية دبلوماسية أنقلها للخوابير أقصد الخبراء الإستراتيجيين الذين يرون فى إيران عدواً لنا أكبر وأشرس وأخطر من أمريكا وإسرائيل. وقد بدأت فعلا أعمل عقلى وفكرى وأقبض على دينى كجمرة من النار وتذكرت الآية الكريمة «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا».. وكذلك «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل»، أى لابد أن نفك أسر براميل البترول والاستعداد والاعتصام بحبل الله تحت راية الإسلام ومركَ بر أمريكا ومركَ بر إسرائيل ومركَ بر لكل من يحب عدوى حتى ولو كانوا من أصدقائى الليبراليين وغيرهم..