شن عاصم عبدالمعطى، رئيس المركز المصري للشفافية ومكافحة الفساد، هجوما كبيرا علي محافظ البنك المركزي المصري هشام رامز، بسبب تجاهله القيام بدوره ورفع دعوي جنائية ضد المسئولين بالبنك التجاري الدولي وتورطهم في الصفقة المشبوهة مع نادي الزمالك، وإهدار 100 مليون جنيه نتيجة للتلاعب في عقود إيجار عدد 12 محلا تجاريا، كما كشف عن تجاهل قيادة البنك المركزي والمسئولين في الدولة بمعاقبة ومحاسبة المحظوظين من رؤساء البنوك والمسئولين الذين حصلوا علي 100 مليون جنيه سنويا من صندوق تحديث وتطوير الجهاز المصرفي الذي أغلقه الدكتور فاروق العقدة، في آخر قرار اتخذه قبل استقالته،كما طالب عبدالمعطى في حواره مع "الأهرام العربي " الحكومة الجديدة بفتح ملف الصناديق الخاصة التي تبلغ وفقا للحساب الموحد بالبنك المركزي نحو 98 مليار جنيه، وكشف أيضا عن العديد من ملفات الفساد في مصر وأسباب فشل الحكومات المتعاقبة بعد ثورة 25 يناير، في إدارة هذا الملف، وإلي نص الحوار: بداية حدثنا عن تفاصيل قضية الفساد المشبوهة بين نادي الزمالك والبنك التجاري الدولي؟ هناك علاقة وثيقة بين البنك التجاري الدولي، ونادي الزمالك، ممثلة في عضو مجلس إدارة النادي عمرو الجنايني، الذي يعمل في نفس الوقت في البنك، حيث إن محمود السقا، أحد موظفى البنك التجارى الدولى تقدم ببلاغ للنائب العام برقم 7502 بتاريخ 14مايو2011، ضد إدارة البنك التجارى الدولى بتهمة إهدار المال العام والإضرار بأموال المودعين، وتم إحالة البلاغ لنيابة الأموال العامة العليا التي قيدت البلاغ كقضية رقم 945 لسنة 2011، حصر أموال عامة عليا، وقدم موظف البنك الأدلة القاطعة والمستندات الرسمية التى تثبت تهمة إهدار المال العام فى البنك من خلال تقديمه ل 6 مذكرات و52 حافظة بهم 141 مستنداً و6 أسطوانات مدمجة تؤكد تورط إدارة البنك فى إهدار أكثر من 100 مليون جنيه من المال العام وأموال المودعين وتعارض مصالح لمجاملة نادي الزمالك علي حساب البنك التجاري الدولي. ولكن ما المخالفة التي وقع فيها البنك؟ البنك التجارى الدولى حصل على أحكام قضائية نهائية لصالحه فى 2002/2003، تثبت أن عقود الإيجار المبرمة بينه وبين نادى الزمالك بخصوص فرع البنك بالمهندسين الكائن بسور نادى الزمالك بجامعة الدول العربية كان لوحدات عقارية وليس أرض فضاء، ولذلك فتلك العقود هى عقود إيجار مبان خاضعة لقانون إيجار الأماكن، ويمتد لأجل غير مسمى التزاما بأحكام تلك القوانين دون الاعتداد بالمدة الاتفاقية الواردة بهذه العقود، وتلك الأحكام نهائية حائزة للحجية ولا يجوز قبول أى دليل ينقض هذه الأحجية، وبالرغم من هذه الأحكام النهائية، فإن رئيس البنك هشام عز العرب، وآخرين وبدون أى سند قانونى قد أبرموا عقداً جديداً مع نادي الزمالك وبصفقة مشبوهة لنفس تلك الوحدات فى 30 أغسطس 2009، لمدة عشرين عاما بمقدم تعاقد 20 مليون جنيه، وبزيادة سنوية تراكمية تصل إلى 10 ٪ سنويا ليصل متوسط الإيجار السنوى إلى ثلاثة ملايين ومائتين وثمانية وثمانين ألفاً وستمائة أربعة وعشرين جنيها، مما يهدر على المال العام والبنك فى نهاية المدة ما يزيد على نحو 100 مليون جنيه، برغم أن هذه الوحدات طبقا للأحكام القضائية النهائية مؤجرة للبنك بعقود إيجار ممتدة وإلى ما لا نهاية، وبإيجار سنوى 19 ألفاً وأربعمائة جنيه، وثبتت الجريمة ثبوتا يقينيا علي إدارة البنك بعد أن تنازلوا عن الأحكام القضائية التي حصل البنك عليها بموجب إبرام ذلك العقد الجديد، كما يتحمل البنك أكثر من 200 مليون جنيه تشمل المائة مليون جنيه والفرصة البديلة لاستغلال المائة مليون جنيه لو تم استغلالها في أعماله البنكية. وما دخل البنك المركزي في القضية؟ وفقا للمادة 131 من القانون رقم 88 لسنة 2003، بشأن البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد، فإنه لا يتم تحريك الدعوى الجنائية إلا بناء على طلب محافظ البنك المركزى أو رئيس مجلس الوزراء، الأمر الذى أجبر النائب العام على مخاطبة محافظ البنك المركزي هشام رامز، في 21 إبريل الماضي لرفع الدعوي الجنائية ضد هشام عز العرب، رئيس مجلس إدارة البنك التجاري الدولي وآخرين بالبنك، لكنه لم يفعل وهو ما اضطر موظف البنك صاحب الدعوي بإرسال إنذار على يد محضر لمحافظ البنك المركزى لتحريك تلك الدعوى الجنائيه، خصوصاً أن الجرائم لا تتعلق على الإطلاق بالقروض والتسهيلات الائتمانية، بل هى مخالفات قانونية وقضائية بحتة أثبتتها تحقيقات النيابة العامة. وما دفاع البنك التجاري في هذه القضية؟ العقد الجديد الذى أبرمه البنك التجارى الدولى مع الزمالك هو يعتبر عقد هدية على سبيل المجاملة لنادى الزمالك وتوسط فى هذه الصفقة أحد قيادات البنك التجارى وعضو مجلس إدارة سابق فى نادى الزمالك فى عهد مجلس الإدارة الحالى بقيادة ممدوح عباس، وبمستندات دامغة تثبت شبهة وعدم مشروعية هذه الصفقة، وبمواجهة البنك بالمستندات الدالة على تورط إدارته فى تهمة إهدار المال العام، قدم مجلس إدارة البنك التجارى الدول مستندات لتضليل النيابة والهروب من الجريمة الأصلية، إلا أن النيابة اكتشفت عدم صحتها والتحقق من صحة الأوراق التى قدمت للنيابة بمعرفة المبلغين والتى منها علي سبيل المثال، حكمان قضائيان صادران لصالح البنك التجارى الدولى، وأحكام لباقى مؤجرى محلات سور نادى الزمالك، فى الحصول على تلك المحال بنفس الإيجار ولمدة لا نهائية، بالإضافة إلى صورتين من العقد القديم البالغ قيمته 19 ألفاً وأربعمائة جنيه سنويا، والعقد الجديد البالغ قيمته ثلاثة ملايين جنيه ومائتان ثمانية وثمانون وستمائة وأربع وعشرون جنيها سنويا. ولكن كيف يعتبر هذا إهداراً للمال العام وهو بنك خاص؟ بما أن البنك تسهم فيه مؤسسات وبنوك حكومية وأفراد، فهذه الأموال التي تم إهدارها تعتبر أموالاً عامة، وبموجب القانون تعتبر أموال المودعين والمساهمين أموالاً عامة لأن البنك خاص تسهم فيه بنوك عامة ومودعون. وما موقف محافظ البنك المركزي في هذه القضية؟ تقابلت مع هشام رامز، محافظ البنك المركزي منذ أكثر من ثلاثة أشهر، وتناقشت معه في هذا الموضوع وأبدي تعاونه معي، مؤكدا أنه سيقوم بالإجراء اللازم ووضع الأمور في نصابها الصحيح، لكنه تجاهل الموضوع وحتي الآن بعد ثلاثة أشهر لو أراد أن يستخدم الحق القانوني في المحافظة علي المال العام لاستخدمه، ولكنه يقول إنه قام بتشكيل لجنة لفحص الموضوع من جانبها، ومعني تشكيل لجنة أنه يريد أن يميت الموضوع خصوصاً أن اللجنة مشكلة من جهات وأشخاص تابعين وخاضعين للبنك المركزى، وهو لا يرغب في إثارة بلبلة تتعلق بالبنوك وخصوصاً البنك التجاري الدولي لأنه يستشعر الحرج، حيث إن هشام رامز، كان نائبا لرئيس مجلس إدارة البنك التجاري قبل توليه منصب محافظ البنك المركزي، وكان عضوا في مجالس الإدارة التابعة لهذا البنك، بالإضافة أن ابنته تعمل في البنك التجاري الدولي وتعمل تحت رئاسة عمرو الجنايني، عضو مجلس إدارة الزمالك المتسبب الرئيسي في القضية. وماذا عن قضية صندوق تطوير الجهاز المصرفي هل تم اتخاذ قرار بشأنه؟ صندوق تحديث وتطوير الجهاز المصرفي هو يعتبر الصندوق الأسود للجهاز والذي أنشأه الدكتور فاروق العقدة، في عام 2005، وكان يتم إهدار مال عام بمبلغ 7.3 مليون جنيه شهريا، وتصل إلي 100 مليون سنويا كمرتبات للمسئولين وبعض أعضاء مجلس الإدارة ومن خلال المستندات والأوراق التي تحصلنا عليها لم يكن هناك أي استخدام لتطوير الجهاز، ولكنه كان يصرف هذه الأموال التي يتم منحها لهذا الصندوق من البنك المركزي ونسبة 5 % من أرباح البنوك، حيث كان يتم صرف هذه الأموال لأعضاء مجالس البنوك وبعض المسئولين في هذه البنوك من خلال إجراء عقدين لهم، العقد الأول يتم إجراء بين البنك وبين المسئول ويشمل الأجور التي يراها جميع الموظفين، ويتم العقد الآخر وهو سري بين المسئول وصندوق تطوير وتحديث الجهاز المصرفي ولا يعلم عنه أي أحد شيئاً وبمقتضاه يتم سداد المستحقات الشهرية لهذا المسئول، المحظوظ بشكل سري، ويتم إيداع المبلغ شهريا دون أن يعلم المسئولون، ولذلك كان يتقاضي المسئول راتبين وهو ما يمثل إهدارا للمال العام ونهباً وتجريفاً للمال العام، لأن المبالغ التي يحصل عليها الصندوق وهي نسبة ال 5 % تتم إعادتها لمجلس إدارة البنوك وعدد من المسئولين وليس في صالح البنك، ولكن في صالح هؤلاء المسئولين، ولذلك كان يتم ضخ هذه المبالغ برضا كامل من مجلس إدارة البنك، لأنهم يعلمون أنها ستعود إلي جيوبهم مرة أخري، ولذلك أطالب بفتح هذا الملف وتقدمت ببلاغ رقم 491لسنة 2011. كنت من الذين كشفوا عن الصناديق الخاصة في مصر فإلي أين وصلت هذه القضية؟ أطلقت علي الصناديق الخاصة "مغارة علي بابا" وتقدمت ببلاغ في شهر أبريل عام 2011، مع مجموعة الأشخاص بعد أن قمنا بحصر 4700 صندوق ووجدنا أنها تزيد على 98 مليار جنيه، ولم تكن وزارة المالية والجهاز المركزي للمحاسبات يحصران أية مبالغ لهذه الصناديق، لأنه كان هناك نوع من التعتيم علي هذه الصناديق، وأشار الجهاز المركزي للمحاسبات وقتها إلي أنها لا تحتوي إلا علي 21 مليار جنيه فقط، وهي موجودة في الحساب الموحد في البنك المركزي وهو ما يمكن حصره واستخدامه من خلال قرار إداري أو سياسي من البنك المركزي، يتم حصر المبالغ بجرة قلم، ويمكن بيانها في لحظات، ولكن هناك صناديق أخري للعديد من الجهات وقامت بفتح حسابات في البنوك التجارية والاستثمارية الخاصة، وغير خاضعة للجهاز المركزي للمحاسبات ولا تعلم وزارة المالية عنها شيئا ولا الجهاز المركزي للمحاسبات وهذه الحسابات يتم توريد المبالغ منها بلائحة خاصة تخضع لرئيس مجلس الإدارة أو المدير المسئول عن الوزارة، أو شركة أو مؤسسة صاحبة الصندوق يتم من خلالها تحصيل المبالغ من المواطنين وهي لا تعتبر محصلة قانونا بموجب القانون، لأن القاعدة القانونية تقول إنه لا يجوز تحصيل أية مبالغ إلا بقانون، وهنا تكون هي قاعدة شاذة لتحصيل تمويل هذه الصنايق وحجتهم في ذلك أنها تمول ذاتيا، وأن الملاحظ أن هذه المبالغ يتم صرفها كمبالغ وحوافز وبدلات وحفلات للسادة المسئولين، وبالتالي هذه المصاريف تتم ببزخ ومبالغ فيها ولمصلحة بعض الأشخاص وليس المصلحة العامة. ولكن ما المطلوب من الحكومة الجديدة في هذا الشأن بعد ثورة 30 يونيو؟ المطلوب من الحكومة الجديدة الكشف عن هذه الصناديق واستخدامها لإنقاذ الاقتصاد المصري خصوصاً أن إنشاء هذه الصناديق في الستينيات كان بنية صادقة لخدمة الاقتصاد الوطني، ولكن تم استغلالها بعد ذلك لبعض الأشخاص، ولذلك يجب أن يتم فحص مصادر تمويل هذه الصناديق ويتم وضعها في الموازنة العامة للدولة وإلغاء المصادر الأخري التي تحمل المواطن المصري أعباء أخري كرسوم وضرائب وأعباء وهو معفي منها. من وجهة نظرك هل من الممكن القضاء علي الفساد في مصر؟ الفساد موجود منذ بداية الخليقة، ومن المعروف أن الفساد في مصر مكون من شبكة عنكبوتية، والقضاء عليه ليس بالسهولة التي يراها المواطن العادي خصوصاً أن الفساد الموجود في مصر مقنن، والسرقة تتم بالقانون وخلال الثلاثين عاما الماضية تم تغيير القوانين تحت سمع وبصر مجلس الشعب وبفعل فاعل من رجال الحزب الوطني ولجنة السياسات والمسيطرين علي مصر، وهذه القوانين مازالت موجودة حتي الآن ويتم استخدامها، ولذلك تم الإفراج علي رجال الحزب الوطني الذين اتهموا بالاستيلاء علي المال العام، كما لابد أن نعرف أن القاضي يحكم بالقانون والمستند الموجود أمامه وعندما يري أن القانون يقف في صف هذا الرجل سيحكم ببراءته، ولذلك يجب تنقيح القوانين وإزالة الرواسب الموجودة فيها، وحتي هذه اللحظة وبعد مرور سنتين ونصف السنة من ثورة 25 يناير لا نجد إرادة سياسية لتقنين هذه القوانين واستخدامها الاستخدام السليم، أو صدور قرار بمرسوم قانون أو بتعديل المواد الموجودة فيها ومنها قانون البنك المركزي علي سبيل المثال الموجود في بعض بنوده، أنه لا يجوز رفع دعوي جنائية علي المسئولين في البنوك إلا بموافقة محافظ البنك المركزي أو رئيس مجلس الوزراء كقضية البنك التجاري الدولي والنادي الزمالك السالفة الذكر، خصوصاً أن بعض المشاكل الموجودة في الجهاز المصرفي غير متعلقة بقضايا مالية، ولذلك تكون النيابة مغلولة اليد في عدم الحصول علي موافقة البنك المركزي برفع قضايا ضد البنوك وخصوصاً أنه الذي يرشح أعضاء مجالس إدارات هذه البنوك وله علاقات وثيقة بمجالس إدارتها، وبالطبيعي لن يوافق أو يرد علي النيابة العامة بالموافقة علي رفع الدعوة الجنائية والكثير من القضايا والبلاغات التي تم رفعها علي البنوك لا تتعلق بقضايا مصرفية ولكن هي قضايا جنائية داخل الجهاز المصرفي، وأن وكيل النيابة بصفته القانونية لا يستطيع التفرقة بين القضايا الجنائية والمصرفية الموجودة داخل الجهاز والذي يري هذا الموضوع هو محافظ البنك المركزي ولذلك لابد أن يتم تعديل هذه المادة للتفريق بين الغرض منها وهو الحفاظ علي الحسابات السرية إلا أنها أصبحت تستخدم في القضايا الجنائية. هل قمت بطرح ملفات الفساد علي حكومة الإخوان؟ جميع البلاغات التي قدمها المركز المصري للشفافية ومكافحة الفساد حول الفساد تم وضعها أمام الحكومات المتعاقبة منذ ثورة 25 يناير، ولكن أعتقد أن نظرتهم لهذه القضايا لم تكن نظرة موضوعية، لأنهم يرونها أنها في الصف الثاني من اهتماماتهم، ومن المعروف أنه للقضاء علي الفساد لابد من التخلص من بواطن هذا الفساد، وأن ما نراه حاليا علي الساحة من المصالحة مع رجال الأعمال وعدم النظر في الماضي والنظر للمستقبل وإعطاء ظهرهم للماضي هي قاعدة خاطئة وهي موبوءة بالفساد، لأننا لو تركنا الماضي لا يمكن أن يتركنا لأنه متغلغل في الحاضر والمستقبل، وبالتالي لابد من مسائلة وحساب كل من أخطأ ونهب أموال هذا البلد وإن لم تكن هناك مساءلة وحساب فلن تكون هناك بادرة طيبة من أي حكومة للقضاء علي الفساد، وأن الضعف العام الذي لازم الحكومات التي أعقبت ثورة 25 يناير، كان من خلال استسهال الأمور فضلا عن عدم وجود رؤية واضحة الاستخدام. هل هناك ضغوط علي المركز في القيام بمهمته في القضاء علي الفساد؟ مهمتنا صعبة للغاية، فهناك بعض الجهات منعت الأفراد الذين يتعاملون معنا ولذلك لابد أن تعرف أن دور المركز هو مكمل للجهات الرقابية وليس المنافسة معها، خصوصاً أن بعض الجهات لديها عائق قانوني أو سياسي أو إداري في استخدام الموارد المتاحة لديها، وأهمها طرح التقارير للرأي العام وتمتنع عن عرضها، ولذلك لا يجد المركز هذه العوائق، ولذلك دورنا المساهمة في وقف الفساد