لم يكن الإعلان الذي صدر يوم الثلاثاء الماضي يحمل جديدا للمقيمين في الدوحة سواء من المواطنين القطريين أو من المقيمين على أرضها، فالخبر يملأ مجالس العائلات القطرية ومكاتب الموظفين بل وأزقة شوارع الدوحة القديمة بعيدا عن لغة المولات وغربيات المظهر القطري الحالي. ومع ذلك كان لابد من إعلان رسمي وهو ما قام به أمير قطر السابق حيث أعلن الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني تسليم مقاليد الحكم إلى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، معربا في الكلمة التي وجهها للشعب صباح الثلاثاء الماضي، عن ثقته بالشيخ تميم، مشدداً على أنه حان الوقت لفتح صفحة جديدة أخرى في مسيرة وطننا يتولى فيها جيل جديد المسؤولية بطاقاتهم المتوثبة وأفكارهم الخلاقة..وشدد أنه على يقين بأن سمو الشيخ تميم سيضع مصلحة الوطن وخير أهله نصب عينيه وستكون سعادة الإنسان القطري غايته، معبراً عن يقينه أيضاً بأن يكون الشعب القطري خير سند لسمو الشيخ تميم. وقال موصيا الشعب القطري وفي نبرة تكشف مرجعية الخطاب القطري واتكائه على البعد الديني رغم حداثة المظهر "بعد تقوى الله بالعلم والعمل والمحافظة على القيم الثقافية والحضارية النابعة من قيمنا وحضارتنا وعروبتنا والثبات على الحق والاستقامة على الحق مهما تبدلت الأحوال"..وموجها الشكر للشعب القطري, وقال "سيظل قلبي نابضا بحب هذه الأرض وأهلها". كما عبر عن شكره للقوات المسلحة وجيش قطر الأبي. وكان أمير قطر التقى أمس الأسرة الحاكمة وأهل الحل والعقد في البلاد، حيث أحاط المجتمعين علما بقراره تسليم الحكم إلى ولي عهده الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني..وقد تولى الشيخ حمد مقاليد الحكم في دولة قطر يوم 27 حزيران 1995. وساهمت السياسة التي انتهجها منذ توليه الحكم في تغيير معالم دولة قطر التي تحولت إلى دولة عصرية, كما ساهم في تدعيم صورة بلاده وأدائها أدوارا هامة محليا وإقليميا ودوليا على المستويين الاقتصادي والسياسي. قطر والربيع العربي ومع اندلاع ثورات الربيع العربي وقف أمير قطر إلى جانب الشعوب العربية، واتخذت قطر مواقف متقدمة في دعم بلدان الربيع العربي، خاصة على المستوى الاقتصادي.أما الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني الذي يبلغ من العمر ثلاثا وثلاثين عاما، فقد عُين وليا للعهد في الخامس من أغسطس 2003، ومنذ ذلك الحين برز على الساحة المحلية والإقليمية والدولية حيث شارك ومثل بلاده في عدد من المؤتمرات. وكان الوالد الشيخ حمد بن خليفة قد حول قطرإلى أكبر مصدر للغاز المسال في العالم وإلى قوة لايمكن تجاوزها في الساحة الدبلوماسية العالمية.. يتحدث كثيرون بالدوحة عن تمكن الأمير الجديد من فرض نفسه بشخصيته القوية مستندا الى ثقة والده ووالدته الشيخة موزا بنت ناصر المسند التي تتمتع بنفوذ كبير في غدارة الدولة القطرية. الأميرالجديد أما الشيخ تميم فقد تخرج في مدرسة ساندهيرست العسكرية البريطانية الشهيرة، وله زوجتان وستة أبناء، سن الكبرى بينهم سبع سنوات. أما نجله الذكر الاكبر فيبلغ من العمر خمس سنوات.. وسوف يتولى ميراثا من العمل الدؤوب كان يعمل به اثنان هما الشيح حمد والده والشيخ حمد بن جاسم رئيس الوزراء ووزير الخارجية.. وكولي للعهد، كان الشيخ تميم يتولى قيادة القوات المسلحة بالنيابة عن والده، ورئاسة اللجنة الأولمبية كما انه نائب رئيس المجلس الاعلى للشؤون الاقتصادية والاستثمار، اضافة الى انه شغوف بالرياضة ويشرف على ملف مونديال العام 2022 الذي تستضيفه قطر..ويعشق الشيخ تميم التراث والتراث الثقافي الخليجي.. إضافة إلى التراث القطري الذي يبلور في مظاهر شتى. لايتوقع أحد ان يظل دور الشخص المحورى في السياسة القطرية وهو رئيس الوزراء النجم والنافذ الشيخ حمد بن جاسم ال ثاني، بل تجمع آراء المراقبين على ان الدور قد انتهى..على أن يشكل الشيخ تميم حكومة لا يرأسها الشيخ حمد بن جاسم الذي يرأس مجلس الوزراء منذ 2007 وكان هو أيضا يشغل منصب وزير الخارجية.. مع وجود إشارات سابقة لحمد بن جاسم بنيته في الاعتزال. الثابت هو أن الفتى أو الأمير الجديد سوف يحظى بنجاحات مكثفة إذ أنه بالفعل يدير عددا من الملفات اهمها الملفات الامنية والعسكرية والخارجية خلال السنوات الثلاث او الاربع الماضية كما يرى القطريون والدبلوماسيون والمحللون في الوقت نفسه. أيا ماكان الامر فإن كلا من الشيخ حمد بن خليفة والشيخ حمد بن جاسم وحسب ما يرى كثير من رجالات القبائل القطرية سوف يبقى دورهما في صورة الاستشارة ومن خلف الستار، وهو أمر طبيعي في أوساط الأسرة الحاكمة القطرية التي تلجا في كثير من قضاياها للتشاور من خلال لقاءات طبيعية تتم في مجالس الأسرة المنعقدة بصورة مستمرة شبه يومية أو على اكثر تقدير شبه أسبوعية. ويعرف المجتمع القطري أن الامير الجديد يتمتع تميم بعلاقات ممتازة مع الغرب، خصوصا مع واشنطن وباريس، ومع السعودية التي يضمن من خلال تلك العلاقة مع الشقيقة الكبرى بالخليج مؤازرة في كثير من الملفات الهامة في المنطقة حتى لا تتصرف المملكة السعودية على ان الدور القطري معاد لها ، وهو ماكان في فترة سابقة تم تجاوزها إذ استبعدت الجزيرة الفضائية استضافة معارضي المملكة المتحدثين عن الملكية الدستورية بالسعودية، وأصبحت كل الملفات هادئة بين الجارتين. تبقى توقعات عدة تكشف عنها الأيام القليلة القادمة من اهمها ألا يكون منصب ولي العهد قائما ، إذ ينص التوافق الاجتماعي للأسرة الحاكمة على أن يكون ولي العهد ابنا للامير ، بينما لا يصل ابن للأمير تميم إلى السن التي تسمح له بتبوء المنصب، ولذلك يرى القطريون أن الحل سوف يكمن في منصب نائب الأمير ومن ومرشح له عدد من أفراد الأسرة الحاكمة أقربهم هو الشيخ عبد الله بن حمد :أخ الأميرالجديد ورئيس الديوان الأميري الحالي.. كما انه من المتوقع ان يتولى الامير الجديد رئاسة الوزارة بنفسه.