تلك هي المرة الأولي في تاريخ الثقافة المصرية التي يعتصم فيها المثقفون داخل وزارة الثقافة، منددين بسياسة الإخوان المسلمين والوزير الجديد د.علاء عبد العزيز، اعتصامهم فريد من نوعه حيث تمارس فيه كل الفنون الإبداعية التي تحمل كل معاني الاحتقار والتنديد من سياسة الإخوان المسلمين، مدافعين عن وزارة الثقافة التي طالما طالب الكثير من المثقفين بإلغائها، بل والمناداة باستقلال المجلس الأعلي للثقافة عنها ليكون العقل المدبر للثقافة المصرية، وكذلك دار الكتب والوثائق القومية، وكان من أبرز من دعا لإلغاء هذه الوزارة التي ظل يحكمها فاروق حسني، ثلاثين عاما دون أن يحرك المثقفون ساكناً، كان السياسي المخضرم والناقد الأدبي د.عبد المنعم تليمة، ذلك المثقف البارز الذي يملك رؤية استشرافية لما تشهده مصر في الأيام المقبلة. «الأهرام العربي» توجهت له بالتساؤلات هل ما زلت تصر علي إلغاء وزارة الثقافة؟ وما رؤيتك لما تشهده مصر علي كل الأصعدة؟ وماذا تتوقع لمصر في يوم 30يونيو؟ جاءت إجابته كالتالي: يقول د.تليمة إن اقتراب الرئيس مرسي "والوزير الجديد من الثقافة بمثابة مقتلى، فهي العقل المدبر وهي الماضي والحاضر، فما تشهده الساحة الثقافية الآن هو البداية، بمعني بداية ذهاب الثورة المجيدة إلي الأفق الديمقراطي والقضاء علي الاستبداد، مشيراً أنه عندما تولي الرئيس مرسي رئاسة الجمهورية قطع شوطا في عداء مؤسسات الدولة المختلفة والأساسية كالقضاء وغيرها، لكن اقترابه من وزارة الثقافة بمجىء وزير لا يعرف شيئاً عن الثقافة في مصر، هنا من حق المثقفين الوقوف له بالمرصاد وأنا أول من يدعمهم، وينادي د.تليمة للمرة الثانية بإلغاء وزارة الثقافة، بحيث يحل محلها النشاط الأهلي المتمثل في الجمعيات والاتحادات والنقابات، بمعني نشاط المثقفين أنفسهم في منظمات مستقلة حتي نمنع احتكار الدولة للثقافة، ومحاولات أخونتها كما يحدث الآن. موضحاً، ويجب أن يكون دور الحكومة محددًا بسياسات معلومة ومعلنة للجميع. وينتقد د.تليمة الوزير الجديد الذي دخل خصيمًا مخاصماً لجميع المثقفين منذ لحظة توليه الوزارة، مما جعل شرعيته تسقط رغما عنه، معتبراً المثقفين هم من ينتجون ويبدعون، فالنشاط الثقافي ليس كالنقل والتموين، لكنه الجانب الروحي للأمة. ويطالب بضرورة إقالة هذا الوزير من منصبه ومجىء آخر تختاره جماعة المثقفين، وعلي الوزير الجديد تحقيق ثلاثة أشياء منها: الصناعة الثقافية الثقيلة التي لا يستطيع الأفراد ولا دور النشر الخاصة منافستها والتي لا تبغي مكسباً، وتقدمها الحكومة للأمة تبدأ من دور الأوبرا، أما بالنسبة لدار الكتب والوثائق لابد من تحقيق المخطوطات ودوائر المعارف الكبري، فهي كواليس العلم وهو كل ما يعلم الدولة. ويقول: نحن أمة وسط لذلك لابد أن تأخذ الترجمة محوراً أساسيا وتتم الترجمة من العربية وإليها، وعلي الوزير أن يطلعنا علي القوائم التي تقول ما العائد الذي تحققه المخطوطات والترجمات والمكافآت؟ كما يطالب بحفظ الآثار وكتب التراث في كل ميادين مصر وقراها بعد ترميمها، حتي يكون التراث طعاما شعبيا يوميا لكل المصريين، خصوصاً الطفل المصري. مؤكدا ضرورة استقلال المجلس الأعلي للثقافة عن الوزارة فهو أنشىء لتحديد السياسة العامة لدور الحكومة، ويقول د.تليمة محذراً "د.مرسي" غلطة عمره التي لا تغتفر تقديمه القانون الجديد المتعلق بالجمعيات الأهلية لمجلس الشوري لمناقشته، مؤكدا أن الجمعيات العلمية لا يصح تبعيتها لمثل هذه الجمعيات التي تتبع وزارة التضامن الاجتماعي، مشددا سنتقدم للنيابة ونشتكي هذا القانون، فهو "قانون باطل" ولن يغمض لنا جفن حتي يتم إسقاط هذا القانون، ويلفت النظر إلي أنه لا توجد في العالم الغربي حاجة اسمها وزارة الثقافة، لأنهم يرون أن مثل هذه الوزارات تتبع الدولة التسلطية الشمولية، وهذه الوزارة انتشرت فقط في العالم العربي، ولا يخشي د.تليمة التمويل الأجنبي للجمعيات الأهلية مبرراً ذلك بقوله: لا أفضل أن نقطع صلتنا بالآخر طالما يوجد عندنا الجهاز المركزي للمحاسبات، لا نريد أن نحجب مصر عن العالم طالما أنها في النور ونعلم ماذا تقدم لنا وماذا تأخذ منا؟