هو ليس محمد مرسى العياط.. ولاخيرت الشاطر هو ليس محمد البرادعى.. ولا عمرو موسى هو ليس محمد بديع.. ولا يوسف القرضاوى هو ليس نادر بكار،، ولا عمرو حمزاوى هو الرقيب أول مجند محمد عبد العاطى عطية شرف، أشهر الذين حصلوا على نجمة سيناء من الطبقة الثانية والذى أطلق عليه صائد الدبابات لانه دمر خلال أيام حرب أكتوبر 23 دبابة بمفرده، وليس من الذين يدمرون الوطن فرادى وجماعات. عبد العاطى الشاب الأسمر، مفتول العضلات الذى خرج من قرية شيبة قش بمركز منيا القمح بمحافظة الشرقية، والمولود 15 ديسمبر عام 1950، التحق بالقوات المسلحة فى 15 نوفمبر 1969 بعد أن أنهى دراسته، وكان قدره أن يتم تجنيده فى وقت كانت فيه البلاد تقوم بالتعبئة الشاملة استعدادًا لمعركة التحرير لتمحو بها عار الهزيمة التى لحقت بها عام 1967. فى البداية انضم لسلاح الصاعقة، ثم انتقل إلى سلاح المدفعية، ليبدأ مرحلة جديدة من أسعد مراحل عمره بالتخصص فى الصواريخ المضادة للدبابات، وبالتحديد فى الصاروخ “فهد" الذى كان وقتها من أحدث الصواريخ المضادة للدبابات التى وصلت للجيش المصري، وكان يصل مداه إلى 3 كيلومترات، وكانت له قوة تدميرية هائلة. هذا الصاروخ كان يحتاج إلى نوعية خاصة من الجنود، قلما تجدها من حيث المؤهلات ومدى الاستعداد والحساسية وقوة التحمل والأعصاب، نظرًا لما تتطلبه عملية توجيه الصاروخ من سرعة بديهة وحساسية تعطى الضارب قدرة على التحكم منذ لحظة إطلاقه وحتى وصوله إلى الهدف بعد زمن محدود للغاية، لذلك كانت الاختبارات تتم بصورة شاقة ومكثفة. قبل الانتهاء من مرحلة التدريب النهائية انتقل الجندى عبد العاطى إلى الكيلو 26 بطريق السويس، لعمل أول تجربة رماية من هذا النوع من الصواريخ فى الميدان ضمن مجموعة من خمس كتائب، وكان ترتيبه الأول على جميع الرماة، واستطاع تدمير أول هدف حقيقى بهذا النوع من الصواريخ على الأرض. تم اختياره لأول بيان عملى على هذا الصاروخ أمام قائد سلاح المدفعية اللواء محمد سعيد الماحي، وتفوق والتحق بعدها بمدفعية الفرقة 16 مشاة بمنطقة بلبيس، التى كانت تدعم الفرقة بأكملها أثناء العمليات، وبعد عملية ناجحة لإطلاق الصاروخ تم تكليفه بالإشراف على أول طاقم صواريخ ضمن الأسلحة المضادة للدبابات فى مشروع الرماية الذى حضره قيادات الجيش المصري، بعدها تمت ترقيته إلى رتبة رقيب مجند. فى 28 سبتمبر 1973 التقى عبد العاطى بالمقدم “عبد الجابر أحمد علي" قائد كتيبته فى ذلك الوقت حيث طلب منه أن يعود بعد إجازة 38 ساعة فقط، وبالفعل عاد فى أول أكتوبر إلى منطقة فايد، وكانت الأمور حينئذ قد تغيرت بالكامل وبدأت الأرض والجنود تستعد لصدور الأوامر بالتحرك. جاء يوم 6 أكتوبر المرتقب، وبدأ الجيش يتقدم على مقربة من القناة بنحو 100 متر، وبعد الضربة الجوية الساحقة بدأت أرض المعركة تشتعل بصورة لم يصدق معها أحد أن الجنود المصريين قد عبروا الضفة الشرقية للقناة، وكان عبد العاطى هو أول فرد من مجموعته يتسلق الساتر الترابى خط بارليف. بعد لحظات قام الطيران الإسرائيلى بغارات منخفضة لإرهاب الجنود، ظنًا منهم أن مشهد 1967 سيتكرر، ولكن هذه المرة كانت الظروف مختلفة، فقد قام الجنود المصريون بإسقاط أربع طائرات إسرائيلية بالأسلحة الخفيفة، واستطاع اللواء 112 مشاة أن يحتل أكبر مساحة من الأرض داخل سيناء، واستطاع الوصول إلى الطريق الإسفلتى العرضى من القنطرة إلى عيون موسى بمحاذاة القناة بعمق 70 كيلومترًا فى اليوم الأول من المعركة. فى اليوم الثانى للمعركة بدأ الطيران الإسرائيلى الهجوم منذ الخامسة صباحًا بصورة وحشية، ومع ذلك استطاع الأبطال منعهم من فتح أى ثغرة، وتقدموا داخل سيناء ودمروا المواقع الخفيفة للعدو وذيول المناطق القوية مثل الطالية وتبة الشجرة وأم طبق. فى يوم 8 أكتوبر وهو اليوم الذى كان يعتبره البطل عبد العاطى يومًا مجيدًا للواء 112 مشاة وللكتيبة 35 مقذوفات وله هو على المستوى الشخصي، بدأ هذا الصباح بانطلاقة قوية للأمام، فى محاولة لمباغتة القوات الإسرائيلية التى بدأت فى التحرك على بعد 80 كيلومترًا باللواء 190 المصحوب بقوات ضاربة مدعومًا بغطاء من الطائرات. برغم هذه الظروف الصعبة، فقد قام عبدالعاطى بإطلاق أول صاروخ والتحكم فيه بدقة شديدة حتى لا يصطدم بالجبل، ونجح فى إصابة الدبابة الأولى، ثم أطلق زميله بيومى قائد الطاقم المجاور صاروخا فأصاب الدبابة المجاورة لها، وتابع هو وزميله بيومى الإصابة حتى وصل رصيده إلى 13 دبابة ورصيد بيومى إلى 7 دبابات فى نصف ساعة، ومع تلك الخسائر الضخمة قررت القوات الإسرائيلية الانسحاب، واحتلت القوات المصرية قمة الجبل وأعلى التبة، وبعدها اختاره العميد عادل يسرى ضمن أفراد مركز قيادته فى الميدان، التى تكشف أكثر من 30 كيلومترًا أمامها. فى يوم 9 أكتوبر -الذى يعتبر يومًا آخر من أيام البطولة فى حياة عبد العاطي- فوجئ بقوة إسرائيلية مدرعة جاءت لمهاجمتهم على الطريق الإسفلتى الأوسط، مكونة من مجنزرة وعربة جيب وأربع دبابات، وعندها قال مدحت قائد المدفعية: بماذا ستبدأ يا عبد العاطي؟ قال عبد العاطي: خسارة يافندم الصاروخ فى السيارة الجيب، سأبدأ بالمجنزرة، وأطلق الصاروخ الأول عليها فدمرها بمن فيها، فحاولت الدبابة التالية لها أن تبتعد عن طريقها لأنهم كان يسيرون فى شكل مستقيم، فصوب إليها عبد العاطى صاروخا سريعا فدمرها هى الأخرى، وفى تلك اللحظة تقدمت السيارة الجيب إلى الأمام، وبدأت الدبابات فى الانتشار، فقام عبد العاطى باصطيادها واحدة تلو الأخرى حتى بلغ رصيده فى هذا اليوم 17 دبابة. جاء يوم 10 أكتوبر، حيث فوجئ مركز القيادة باستغاثة من القائد أحمد أبو علم قائد الكتيبة 34، فقد هاجمتها ثلاث دبابات إسرائيلية، وتمكنت من اختراقها، وكان عبد العاطى قد تعوّد على وضع مجموعة من الصواريخ الجاهزة للضرب بجواره، وقام بتوجيه ثلاثة صواريخ إليها فدمرها جميعًا، كما استطاع اصطياد إحدى الدبابات التى حاولت التسلل إليهم يوم 15 أكتوبر، وفى يوم 18 أكتوبر، دمر دبابتين وعربة مجنزرة ليصبح رصيده 23 دبابة و3 مجنزرات. * [email protected]