مرة أخرى تؤكد الولاياتالمتحدةالأمريكية حمايتها لمصالح اسرائيل ولاحتلالها، ومرة اخرى يتراجع الاتحاد الاوروبي ويعطي دفعة جديدة لاستمرا الاستيطان والتوسع. هذا هو جوهر الموقف الذي تمثل في تراجع الاتحاد الاوروبي تحت ضغط الولاياتالمتحدة عن مباشرة الحظر بصورة جدية على بضائع المستوطنات، ومرة اخرى يجري كل ذلك تحت حجة منح السيد كيري فرصة تقديم خطته لاستئناف المفاوضات. اذا كان التحضير لهذه الخطة يعني حتى الان، دفع العرب إلى الهبوط بسقف مبادرتهم، وقف الاجراءات الاوروبية تجاه بضائع المستوطنات، كما يعني تجميد التوجه الفلسطيني إلى المؤسسات الدولية، وذلك في الوقت الذي تصعد فيه اسرائيل من اعتداءاتها في مدينة القدس، وتسعى لشرعنة بؤر استيطانية جديدة، فما الذي يمكن انتظاره عند اعلان هذه الخطة (الكيرية ) وبدء العمل بها ؟ ان تكرار هذا المنطق السقيم الذي دأبت عليه الولاياتالمتحدة على مدار اعوام تعاملها مع القضية الفلسطينية ليس هو المشكلة فقط، ولكن المشكلة هي في ترك هذا المنطق يعمل دون فضحه ومواجهته، ودون الاعلان بوضوح انه لا يجوز تدمير كل الافاق التي فتحتها الحركة السياسية والدبلوماسية التي رافقت التوجه إلى الاممالمتحدة بحجة منح السيد كيري فرصة التحضير لخطته. ان نجاح اية خطة سياسية جدية لحل القضية الفلسطينية، وهي لن تكون خطة امريكية على اية حال، لا يمكن ان يعتمد على إرضاء إسرائيل كما كان عليه الحال دائما، بل انه يعتمد على التدخل الفاعل دوليا لتدفيع اسرائيل ثمن احتلالها واستيطانها ومواصلة عزل سياستها في المحافل الدولية، وعلى تشجيع حركة المقاطعة التي تتسع في انحاء مختلفة من العالم، وعلى استمرارية الجهد الفلسطيني السياسي والدبلوماسي في هذا الاتجاه، سواء على صعيد الدول والمنظمات الدولية او على صعيد حركة التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني. ولذلك فيجب القول دون اية لعثمة ان تراجع الاتحاد الاوروبي هذا لا يخدم العملية السياسية وانه غير مقبول فلسطينيا، كما ان ذلك يجب ان يكون واضحا لكل الاطراف الاخرى حتى لا يصبح السيد كيري وزير خارجية بالوكالة ايضا لفلسطين وللعرب. ان هذه المعادلة لتجميد التحرك السياسي بما في ذلك تجميد اجراءات التضامن مع الشعب الفلسطيني بانتظار خطة كيري هي معادلة تسعى اسرائيل والولاياتالمتحدة لاستغلالها ليس فقط من اجل اجهاض أية مساندة دولية للقضية الفلسطينية ولكن ايضا لتبديد ما تحقق من مكاسب رافقت التوجه إلى الاممالمتحدة، وهي على كل الاحوال معادلة تعمل في اتجاه واحد في ظل استمرار الاستيطان وتزايد الاعتداءات على الاقصى والقدس، وفي ظل السعي لتقليص اية مظاهر دولية للضغط على اسرائيل، بل على العكس تسهيل تطبيع علاقاتها مع العالم العربي والهبوط بسقف الموقف السياسي الفلسطيني والعربي. لا بد من كسر هذه المعادلة فورا، ولا بد من القول بوضوح ان تراجع اوروبا امر مرفوض، كما ان هذا التدخل الامريكي السافر بحجة التحضير لاستئناف المفاوضات مرفوض أيضا. ** بسام الصالحي الامين العام لحزب الشعب الفلسطيني