مشوار طويل من أجل إعلاء قيمة الفن والإبداع عبرت من خلاله الفنانة نبيلة عبيد إلى جمهورها، وما زالت تحمل معها ألقها وحضورها أينما حلت . منحت نبيلة عبيد عمرها للفن بدءاً من أول دور لها – رابعة العدوية – وحتى مسلسلها الأخير، ديدنها الحرص والإخلاص وثقل الموهبة وانتقاء الفكرة والبحث عن الرواية التى تنام شخصيتها بين أوراقها. كما أنها لم تكن بعيدة عن السياسة ولكن فى إطار الفن، فقدمت أعمالا لها أبعاد سياسية واضحة ودلالات – كشف المستور والراقصة والسياسى مثال – فهى دائما مهمومة بقضية وبفكرة وبموهبة يؤرقها حضورها .. وقد جمعنى بها مهرجان الدوحة المسرحى فى قطر لعشرة أيام، فاستعدت معرفتى بها التى بدأت على أعتاب المرحلة الأولى من دراستى الجامعية حين كنت أتدرب فى بلاط صاحبة الجلالة، وفتحت لى باب تاريخها عبر حوار امتد طويلا، لكن المدى امتد أيضا والرؤى اتسعت والتجربة صارت مساحاتها أوسع . نيبلة عبيد فى الدوحة وفى مهرجان مسرحى ؟ حضرت كضيف شرف ومكرمة فى مهرجان الدوحة المسرحى، ولأتابع المسرحيات الخليجية، يشغلنى كثيرا المسرح وأهتم به، كما أننى من خلال المسرح الخليجى أتعرف على المجتمع بشكل جيد وأحلله، فهم جزء من جمهورى . تأتين إلى قطر وهناك صراع محتدم وهجوم دائم ؟ الحقيقة هنا تختلف تماما عما أقرأه فى صحافتنا المصرية، وما أتابعه فى برامج التو شو المصرية، فمن خلال هذه البرامج عرفت أن قطر تلعب دورا يسىء إلينا، وأنها تهدف إلى شراء مصر والاستيلاء عليها بأموالها، وحين جئت إلى هنا والتقيت وزير الثقافة القطرى الدكتور حمد بن عبد العزيز الكوارى وعددا من المسئولين عن الثقافة – لأن وزارة الثقافة هى الجهة المنظمة لمهرجان المسرح - وجدتهم يذوبون عشقا فى مصر ولا يتمنون لها إلا كل خير، وأن تنهض من عثرتها وتعود إلى طريقها الصحيح وألا تقع فى أزمة اقتصادية لا تقوم لها بعدها قائمة، أهل قطر يقولون لى إن نهضة مصر من نهضة الدول العربية، وثبات مصر يعنى ثبات كل الدول العربية، وأنه على مر التاريخ ثبت لنا أن مصر إذا مالت كل الدول العربية معها .. يتحدث القطريون عن ذكرياتهم فى مصر وكيف تعلموا فيها واستفادوا من جامعاتها ومكانتها بين الأمم . تردد كثيرا فى الصحف أنك تنوين كتابة مذكراتك وتتحدثين فيها عن رجال مبارك وعلاقتك بهم ؟ لا توجد علاقة لى بأحد من ساسة مبارك، لذا لن يكون هناك حديث فى مذكراتى عن أحد من عصر مبارك من هؤلاء الساسة، عن مشوارى وفنى فقط وكيف بقيت نبيلة عبيد حتى الآن، ولأقول إن الفن ليس حاجة سهلة، وأتناول الأثر الجيد الذى تركته. الزواج من سياسى قريب من مبارك شىء لا ينسى أيضا؟ لا تقال كذلك لكن الموضوع فقط هناك رجل أحبنى وأحببته بصدق وتزوجنا لتسع سنوات، وعشت معه حياة سعيدة أفخر بها وأسعدتنى، وهى تجربة محترمة من رجل محترم، ولا علاقة لى بأحد سواه . تعلمت من هذا الرجل الكثير واستفدت منه فى الحياة لأنه بحق قيمة كبيرة . وشخص بسيط للغاية ونظيف إنسانيا وماليا . لكن بالتأكيد كان أسامة الباز يحكى لك أسرارا وحكايا لقربه من مبارك ؟ حكاياه تخصه هو لا تخصنى أنا، ونادرا ما تحدثنا فى أمور سياسية. كان بيننا الحب فقط . أتحدث فى مذكراتى عن تجربتى، أى ما يخصنى، وأذكر أن مصطفى محرم هاتفنى مرة وقال لى إنه كتب فى مذكراته عنى وقال إننى “ قدوة “ وهو ما أحرص عليه، وأن أقدم تجربتى للآخرين ليستفيدوا من نجاحاتها وعثراتها .. من كيف يستطيع الفنان أن يحفر له المكانة التى تليق به، وأن يفصل بين حياته الشخصية وتجاربه الفنية، كما استطاع كاتب مثل إحسان عبد القدوس أن يفصل بين تجربته السياسية والروائية وحياته مع زوجته وأولاده . تعاطيت مع أعمال إحسان عبد القدوس وقدمت للسينما عددا كبيرا منها بدءا ب “ وسقطت فى بحر العسل “ وحتى “ ولا يزال التحقيق مستمرا “ إخراج أشرف فهمى ..ما الاختلاف لدى إحسان عن غيره من الكتاب ؟ إحسان كان كاتبا عظيما، اقتربت منه وعرفته جيدا، وكنت أشترى حق إنتاج أغلب رواياته التى قدمتها للسينما، كنت أشترى القصة من إحسان ثم أولى أشرف فهمى مسألة إخراجها، لأنى أؤمن بأن إحسان استطاع أن يقدم تشريحا حقيقيا لمجتمعه، وأن يعبر عن الطبقة التى كان يكتب عنها بشكل رائع وراصد، وما كان ينجح الأفلام التى قدمتها الصدق والعفوية فى الكتابة والأداء، كما أن مصطفى محرم كسيناريست كان يضع لمساته عبر سيناريو متميز وجرىء يفهم المعنى الرئيسى للقصة ويطرحه فى سيناريو وحوار مرئى . لكن إحسان قصصه كانت تباع أغلى من أى كاتب وقتها، حيث كان يبيعها ب 7500 جنيه، بينما نجيب محفوظ كان يبيع القصة ب 4500 جنيه وكنت تشترينها رغم ذلك ؟ هذا الرقم كبير، إحسان عبد القدوس كان يبيع القصة ب 2500 جنيه، وظل هذا المبلغ ثابتا .. كان يقول لى إن سعره ثابت مثل ورقة البوستة. ونجيب محفوظ كاتب عظيم أيضا ولا يضاهيه أحد، لكن بطلات إحسان عبد القدوس كن الأقرب لى ولطبيعتى وللأدوار التى كنت أود أن أقدمها وللرسالة التى كنت أحملها للفن المصرى، فإحسان هو أقدر كاتب كتب عن المرأة وشرحها بشكل رائع يليق بها . كنت فى العديد من أدوارك ناصفة للمرأة وللقضايا الإنسانية والفساد فى المجتمع المصرى .. كيف ترين هذه القضايا الآن؟ بالتأكيد الأمر تغير الآن وحصلت المرأة على العديد من حقوقها، وقد أسهمت السينما المصرية بدور كبير فى هذا الأمر، لكن المجتمع المصرى مثله مثل كل المجتمعات به الصالح والطالح، لكن للأسف الأمر تفشى كثيرا وزاد على حدة .. أسوأ شىء فى العالم عدم إحساسك بالأمان فى بلدك، وأنا لم أعد أحس بالأمان والفوضى وعدم الوجود الأمنى والخوف من المجهول القادم لهذا البلد، وأتمنى لمصر أن تحقق مكانتها ويعود لها أمانها وسلامها .. لابد أن ترجع مصر للاستقرار حتى نحس نحن كمصريين باستقرارنا الداخلى .