انطلاق القافلة الدعوية لأئمة مديرية أوقاف الإسكندرية    الروص يواصل الارتفاع، أسعار الكتاكيت والبط اليوم الجمعة في بورصة الدواجن    جيش الاحتلال يعلن اعتراض مسيرة أطلقت من اليمن في منطقة غلاف غزة    عمر مرموش يتغنى ب صلاح.. ويؤكد جوارديولا المدرب الأفضل في العالم    الداخلية تكشف ملابسات رمي سيارة نقل ثقيل بالحجارة في البحيرة    الأونروا: يجب تغيير سياسة المنع الكامل لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة    تشكيل بايرن ميونيخ ضد لايبزيج في الدوري الألماني    استطلاعات وأحداث يومية تكشف: العالم يواجه إسرائيل بتعاطف مع غزة وغضب من المجازر    مبيعات روكي الغلابة تصل إلى 261 ألف تذكرة منذ طرحه    مؤتمر إيدي هاو: موقف إيزاك خاسر للجميع.. ومن المؤسف أننا في هذا الوضع    «الاستراتيجي للفكر والحوار»: اللقاء بين الرئيس السيسي وبن سلمان يعكس عمق التنسيق بين البلدين    حملات مكثفة.. ضبط 162 سائقًا بسبب تعاطي المخدرات أثناء القيادة    بالأرقام.. الأمن الاقتصادي يضبط آلاف القضايا خلال 24 ساعة    إصابة 6 أشخاص في انقلاب سيارة على الطريق الغربي بالفيوم    من واشنطن إلى آسيا| تداعيات الرسوم الأمريكية على الاستثمار العالمي    إقبال جماهيري على معرض السويس الثالث للكتاب    بالصور.. نقل القطع الأثرية المكتشفة تحت مياه أبو قير إلى المسرح اليوناني الروماني بالإسكندرية    نائب وزير الصحة يتفقد منشآت طبية بدمياط ويشيد بأداء مستشفى الحميات    تسجيل مركز قصر العيني للأبحاث السريرية رسميا بالمجلس الأعلى لمراجعة أخلاقيات البحوث الطبية الإكلينيكية    حلاوة المولد، طريقة عمل "الشكلمة" فى البيت بمكونات بسيطة    نائب محافظ الفيوم يُكرم المشاركين في البرنامج التدريبي "العمليات التصميمية وإعداد مستندات الطرح"    بنسبة تخفيض تصل 30%.. افتتاح سوق اليوم الواحد فى مدينة دهب    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    العين مرآة العقل.. وهذه العلامة قد تكشف مرضًا عقليًا أو اضطراب نفسي    من أوائل الثانوية بمحافظة شمال سيناء.. وفاة الطالبة شروق المسلمانى    وزير الري: التكنولوجيا تلعب دورا محوريا في إدارة المياه والتنبؤ بمخاطر المناخ    محافظ مطروح يستقبل رئيس جامعة الازهر لافتتاح مقر لكلية البنات الأزهرية    مصلحة الضرائب تنفي وجود خلاف بين الحكومة وشركات البترول حول ضريبة القيمة المضافة    غدير ماتت من سوء التغذية..التجويع الإسرائيلي لغزة يقتل رضيع عمرها 5 شهور    عائلات المحتجزين: ندعو لوقفة احتجاجية قبالة مقر نتنياهو    رئيس مدينة طهطا يتفقد مصابي حادث انهيار منزل بقرية الشيخ مسعود بسوهاج    القبض على عاطل يدير ورشة لتصنيع الأسلحة البيضاء    وزارة التخطيط ووكالة جايكا تطلقان تقريرا مشتركا حول 70 عاما من الصداقة والثقة المصرية اليابانية    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    *لليوم الثاني.. خدمة Premium الجديدة بقطارات السكة الحديد "كاملة العدد"    مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي يعلن قوام لجنة تحكيم الدورة ال32    ثائرٌ يكتُب    وزير الثقافة يستقبل وفد الموهوبين ببرنامج «اكتشاف الأبطال» من قرى «حياة كريمة»    محمود ناجي يدير مباراة السنغال وأوغندا في ربع نهائي أمم افريقيا للمحليين    الحبس عامين ل تارك صلاة الجمعة بماليزيا.. أحمد كريمة يوضح الرأي الشرعي    «التسامح والرضا».. وصفة للسعادة تدوم مدى الحياة    ناشئو وناشئات الطائرة يتوجهون إلى تونس بحثًا عن التتويج الإفريقي    ناقد رياضي: بن رمضان اللاعب الأكثر ثباتًا في الأهلي.. ومواجهة المحلة صعبة    دعمًا للأجيال الواعدة.. حماة الوطن يكرم أبطال «UC Math» في دمياط    الاقتصاد المصرى يتعافى    تهيئة نفسية وروتين منظم.. نصائح هامة للأطفال قبل العودة إلى المدارس    أستاذ بالأزهر: مبدأ "ضل رجل ولا ضل حيطة" ضيّع حياة كثير من البنات    غدًا.. إعلان نتيجة التقديم لرياض أطفال والصف الأول الابتدائي بالأزهر| الرابط هنا    الأمن أولًا.. إدارة ترامب تعتزم مراجعة شاملة لتأشيرات 55 مليون أجنبي    محافظ أسيوط يسلم جهاز عروسة لابنة إحدى المستفيدات من مشروعات تمكين المرأة    النصر يستعيد نجمه قبل نهائي السوبر    «خير يوم طلعت عليه الشمس».. تعرف على فضل يوم الجمعة والأعمال المستحبة فيه    صفات برج الأسد الخفية .. يجمع بين القوه والدراما    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    ضبط المتهمين بالتسول واستغلال الأطفال أسفل كوبري بالجيزة    أزمة وتعدى.. صابر الرباعى يوجه رسالة لأنغام عبر تليفزيون اليوم السابع    ما الذي يمنع ظهور حزب معارض قادر على المنافسة بالبرلمان؟ وزير الشؤون النيابية يجيب    نجم الأهلي السابق: أفضل تواجد عبد الله السعيد على مقاعد البدلاء ومشاركته في آخر نصف ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إحسان عبد القدوس .. عاشق الحرية والأدب والسياسة
نشر في صوت البلد يوم 28 - 01 - 2013

في ذكرى إحسان عبد القدوس(1 يناير 1919 - 12 يناير 1990) هذا المبدع الذي عاشت أجيال كثيرة تقرأ له وتشاهد أدبه السينمائي الذي ناقش قضايا الحب والحرية والعدل والقيم الإنسانية. من منا لم يقرأ لإحسان عبد القدوس روائعه الأدبية منها: لا أنام، ولا تطفئ الشمس، وصانع الحب، وبائع الحب، والنساء لهن أسنان بيضاء، وأنا حرة وفي بيتنا رجل، وعاشت بين أصابعه مئات من النصوص الأدبية التي تعتبر من التراث الأدبي الزاخر بصور المجتمع المصري في تحولاته الاجتماعية والسياسية ؛ لذلك احتفلت نقابة الصحفيين وأسرته بذكرى رحيله إحسان عبد القدوس، وقد تحدث في الاحتفال الدكتور مصطفى الفقي، والفنان الكبير محمود ياسين، والإعلامي مفيد فوزي، والأب بطرس دانيال من المركز الكاثوليكي، والروائي فؤاد قنديل، وأدار الصالون الكاتب الصحفي محمد عبد القدوس.
وكان أول المتحدثين مفيد فوزي الذي بدأ كلمته بسؤال: لماذا مفيد فوزي يتحدث في هذا الصالون عن إحسان عبد القدوس؟ ببساطة شديدة لأن أنا عُينت في صباح الخير بقرار من إحسان عبد القدوس، وبعد أكثر من ثلاثة عقود جلست على نفس ذات المقعد الذي جلس عليه أحمد بهاء الدين، وهو رئاسة تحرير مجلة صباح الخير.
ماذا يعني إحسان عبد القدوس؟ يعني ببساطة الفكر المنطلق في الهواء يعني التعددية في الموهبة، يعني إبحار المتفرد في شخصية البنت المصرية، يعني التعبير عن أعقد القضايا في مقهى على الشارع السياسي.
عصر إحسان عبد القدوس عصر متميز متوهج وراقٍ، التميز كان بالنجوم والتوهج بأفكاره والرقي في التوهج، إن إحسان عبد القدوس هو مفجر ثورة يوليو عندما قام بحملة الأسلحة الفاسدة، زمان إحسان عبد القدوس هو زمان المشي فوق الأشواك والإبداع رغم الأشواك، لكنه كان زمانًا ملئه السماحة والالتزام والحب، وأظن أنه كان في واقع الأمر رأس حربة لانتفاضات مصرية جاءت فيما بعد.
تنوع رائع
وقد أشار الفنان محمود ياسين إلى أنه كان شغوفًا بهذا الأديب العظيم الرائع شأنه شأن إخوته وأشقائه في منزلهم شأن كل البيوتات المصرية، الأسرة كلها تحتفي وتسعد وتستمتع كثيرًا بأدب إحسان عبد القدوس ما بين التنوع الرائع في الرواية والقصة القصيرة والأقصوصة أو النادرة، والقصص شديدة القصر كانت كلها تحظى بقدرات إبداعية تستطيع أن تنافس بها أكبر المبدعين في أدب القصة والرواية والقصة القصيرة.
وأضاف : قد شرفت بتقديم أعمال لهذا المبدع الرائع ما يقرب من ثلاثة عشر عملًا سواء للسينما أو التليفزيون أذكر منها: الخيط الرفيع، أنف وثلاثة عيون، العذاب فوق شفاة تبتسم، غابة من السيقان، أيام في الحلال، سقطت في بحر العسل، الرصاصة لا تزال في جيبي... وغيرها من الأعمال. وأكد أنه على أن الممثل لا يصنع عملًا وإنما من يصنعون الروايات والمسرحيات هم الكُتَّاب والمخرجون.
رواد الصالون
وقد أشار د. مصطفى الفقي إلى دعوة الأخوين محمد وأحمد للإشراف على صالون ثقافي لإحسان عبد القدوس منذ قرابة العشرين عامًا، وكنت وقتها طريد مؤسسة الرئاسة، وكانت مغامرة منهما أن يقوما باللجوء لشخص مرفوض في ذلك الوقت، وقد حضر للصالون شخصيات هامة منها: الأستاذ مصطفى خليل، والأستاذ هيكل الذي كانت محاضرته بمثابة مهرجان كاد مبنى "روزاليوسف" أن يسقط بالفعل، هذا كله نتاج وصدى لقيمة إحسان عبد القدوس.
وقال " الفقي " :إحسان عبد القدوس في حياتنا قيمه أكبر من أن نتحدث عنه كروائي أو كسياسي أو كأديب؛ لأنه ظاهرة تعكس عصرًا في عظمته وعندما كان يتحدث مفيد فوزي ويشير إلى ذلك العصر كنت أتسائل بيني وبين نفسي هل يا ترى يمكن أن تدفع الظروف مثل هذه البوتقة من المبدعين والمفكرين والكتاب في مستقبلنا أم أن الأمر قد يصل إلى مرحلة من مراحل العقم السياسي والفكري الذي لا يدفع بكفاءات أخرى؟.
إن البعض يرى أن إحسان عبد القدوس لم يكن كاتبًا سياسيًا كما رأى الأستاذ هيكل، والرد على هذا سهل جدًّا بأنه لا يكون روائيًا مبدعًا إلا وكان سياسيًا بالدرجة الأولى، "تولستوي" في الأدب الروسي، "فيكتور هوجو" في الأدب الفرنسي، "تشارلز ديكنز" في الأدب الإنجليزي، لا أحد يتصور أن الروائي يولد عقيمًا، منقطع الصلة السياسية والمناخ الثقافي يستحيل بالعكس ساعات الرواية تخرج كأنها منشور سياسي أو كأنها بيان وطني، وفي روايات محورية في التاريخ مثل رواية الأرض لعبد الرحمن الشرقاوي وتأثيرها في مواجهة الإقطاع وفي تعزيز ثورة يوليو سواء اتفقنا أو اختلفنا مع توجهاتها، إنما خدمها الأدب بشكل أو بآخر في ذلك الوقت.
ولهذا لا يمكن أبدًا أن نفصل صفة إحسان عبد القدوس ككاتب سياسي، وهو الذي فجر بالفعل ملف الأسلحة الفاسدة بعد حرب 1948، ودخل في عش الدبابير أمام القصر الملكي، وهو الذي كتب بقوة بعد ذلك مجموعة مقالات كبيرة جعلت منه ظاهرة تاريخية غريبة للغاية، لم يكن إحسان عبد القدوس ذا علاقة قوية بالأنظمة، لا الملكية أوالجمهورية، وهذه نقطة تحسب له، يعني في العصر الملكي عانى، وفي عصر محمد نجيب وعبد الناصر وفي عصر السادات أيضًا عانى.
الأديب المناضل
ويبدو أن محمد عبد القدوس ورث عنه هذه الجينات، فهو معارض في كل العصور لأنه من يرفض أن يرى واقعًا لا يقبله، ويتحدث عنه بالتأكيد هو أشجع من ذلك الذي يحني رأسه ويمضي مع التيار، فهنا يجب أن نعترف بأن إحسان عبد القدوس كان مقاتلًا بالقلم وبالفكرة وبالرؤيا، خاض معارك كبيرة، ليست معارك سياسية فقط، خاض معارك سياسية مع الوفد ومع الأحزاب السياسية قبل الثورة وبعد الثورة، وغضب عليه عبد الناصر غضبة شديدة؛ لأسباب معروفة في وقتها، ولكنه ظل على تواصله واستمراره وشجاعته في اقتحام المواقف سواء أكانت سياسية أو أدبية بلا تردد ودون تراجع، وبالفعل كانت مقالاته في السبعينات "الحوار على مقهى سياسي" يلتف فيها حول السلطة وحول النظام بذكاء شديد ليطرح على لسان المتحدثين شيخًا وشابًا ما يريد أن يوصله من أفكار وآراء إلى القارئ الذكي، وتلك هي قيمة إحسان عبد القدوس أدب واقعي.
الأب بطرس دانيال أشار إلى أن كتابات إحسان عبد القدوس الواقعية يقرأها الصغير والكبير المثقف وغير المثقف المسلم والمسيحي المصري والعربي والأجنبي، كل فئات المجتمع، سواء قصص قصيرة نقرأها في طريقنا إلى العمل في المواصلات العامة أو في أوقات الفراغ وفي أعمال روائية تم تحويلها إلى أفلام رائعة.
من هذا نستطيع أن نقول أن الإنسان ذكراه تدوم إلى الأبد، كيف؟ بأعماله، في ناس في بطن الأرض أحياء، وفي ناس فوق الأرض أموات بالفعل، وما جمعنا هنا إلا أعماله وذكراه العطرة، وأنا عندي أمل ورجاء أن يخرج تلاميذ وعباقرة مثل الأستاذ إحسان عبد القدوس، ومثل ما أثر في أسرته الكريمة نرى منهم من يدافع عن حقوق الإنسان.
نتاج الفن
الروائي فؤاد قنديل قال: أنه عندما أتحدث عن شخصية التقيت بها باطراد وبكثرة في الثمانينات، وهو أول من قرأت لهم في الخمسينات، إحسان عبد القدوس نتاج لتشكيلة مميزة للغاية، من حيث الناحية الاجتماعية ومن الناحية الصحفية والناحية الأدبية، الناحية الاجتماعية أظن البعض تكلم عنها، أن والده فنان، ووالدته صحفية وإدارية ومفكرة، اجتمع في الاثنين الإدارة والتنظيم والجمال والحب والفن فشكلا هذا النتاج.
وأضاف " قنديل ":قربت منه جدًّا فوجدته في أحيان كثيرة يقول أفكارًا لا يقولها إلا الفلاسفة، إحسان عبد القدوس مثل الأمة المصرية بكامل طبقاتها، وهو عاشق للحرية كما سميته في كتاب، كما خرج مئات من المبدعين من روز اليوسف وأخبار اليوم والأهرام، إحسان عبد القدوس عمل مزجًا غريبًا لم يحدث لدى أي كاتب، وهو أنه جعل الرواية تخدم السياسة وجعل السياسة تخدم الأدب وحقق ما لم يحققه غيره، لا يمكن أن تستطيع أن تجد سياسة عند أي كاتب مصري أو عربي كما تجدها عند إحسان عبد القدوس رقيقة ومقبولة عند إحسان، عندما يكتب في السياسة يكتبها كقصة حوار بين شخصيات مختلفة من حيث الأجيال يحقق الاختلاف والتباين بين الآراء، يمثل الأجيال بالشاب ويمثل الأجيال السابقة بالشيخ، إنجاز إحسان عبد القدوس إنجاز كبير جدًّا، لا يمكن في هذا الصالون واللقاء السريع أن نحيط به، فهو كائن نادر على المستوى الإبداعي والفني والوطني والإنساني، رحمة الله عليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.