الأسرة خذلتهم أو هم خذلوا الأسرة..النتيجة أن الشارع احتضنهم. وحتى أطفال أوروبا الغربية الذين يعيشون حاليا فى رفاهية عانت أجيال منهم أيضا فى فترات سابقة عندما مرت بلادهم بظروف الفقر والجهل والمرض..فيحدثنا الأديب الإنجليزى تشارلز ديكنز عن هروب الطفل أوليفر تويست من الملجأ فى روايته الشهيرة التى تحمل اسمه، وكيف ذهب إلى لندن سيرا على قدميه، فقابل فى رحلته طفلا منحرفا اسمه جاك دوكنز يعمل لحساب فاجن, وهو رئيس عصابة يهودى تستغل الأطفال فى النشل مقابل إطعامهم وإيوائهم، وتدور هذه الأحداث فى عام 1834. وبرع ديكنز فى تصوير مآسى الصغار لأنه بجانب موهبته الأدبية تعرض لظروف عصيبة أيضا..عندما ولد فى أسرة كبيرة العدد لهذا اضطر والده إلى الاستدانة، ولم يستطع السداد فدخل السجن، لهذا اضطر ديكنز لترك المدرسة وهو صغير وألحقه أهله بعمل شاق بأجر قليل حتى يشارك فى نفقة الأسرة. وتحدثت روايات أخرى عن الطفولة البائسة لأبطالها المتميزين الذين ربما لم يجدوا من يتفهمهم مثل الرواية الشهير “العطر:قصة قاتل" للأديب الألمانى باتريك سوزكيند، الذى يتحدث عن جان-بابتيست جرونوى الذى ولد فى سوق قذر وسط باريس قبل الثورة الفرنسية فى نفس فترة أوليفر تويست أيضا، ويتربى فى ملجأ ويعيش محتقرا ومنبوذا من الجميع وتدفعه كل الظروف ليكون سفاحا مهووسا عندما يكبر! ويطلعنا موقع “بوابة منظمة أطفال الشوارع" الفرنسى على رقم مفزع وهو 120 مليون طفل شارع حول العالم!! ويقسم هؤلاء لثلاثة أنواع: قاطنون بالشوارع وهم يعيشون فى الشارع بصفة دائمة، وعاملون بالشوارع وهم يقضون ساعات طويلة بالشارع، وأسر بالشوارع وهم يعيشون مع أسرهم الأصلية فى الشارع.وحسب منظمة اليونيسف تشغل الهند المرتبة الأولى على العالم فى مجال أطفال الشوارع، حيث يقدر عددهم ب 11 مليون طفل، وتأتى بعدها بنجلاديش بعدد 445 ألف طفل، ثم كينيا 250 ألف طفل والكونغو الديمقراطية 200ألف طفل.ووفقا لبعض التقديرات، هناك أربعون مليون طفل شارع فى أمريكا اللاتينية، ومعظمهم يعملون فى الشوارع. هناك فئتان من أطفال الشوارع فى أمريكا اللاتينية وغالبية أطفال الشوارع فى أمريكا اللاتينية عاملون بالشوارع. وتحكى إحدى المتطوعات الفرنسيات آن-فرانسواز التى عملت لمدة 3 شهور فى “لجنة الأنبياء الصغار"الخاصة برعاية أطفال الشوارع فى البرازيل قائلة “هنا ورش عمل عقدت فى كابويرا، تعلم موسيقى الراب، والحرف، ومحو الأمية..ومن المهم جدا لهؤلاء الأطفال التعبير عن مشاعرهم وهويتهم الثقافية..اعتقادى أن هؤلاء الأطفال أذكياء بما فيه الكفاية ولديهم الروح الإبداعية وحب تعلم القراءة “. ونجد نهجا جديدا للأمم المتحدة، فبعد مرور عشرين عاما على الاعتراف الرسمى بحقوقهم، توجد آلية إعطاء الأطفال وممثليهم فرصة أكبر، فإذا لم يتمكنوا من الحصول على العدالة فى بلادهم، عليهم مناشدة لجنة حقوق الطفل فى الأممالمتحدة. ويجب على الدول التوقيع والتصديق على البروتوكول الاختيارى لهذه الاتفاقية الجديدة بشأن حقوق الطفل، بحيث يمكنها أن تدخل حيز التنفيذ وتصبح سارية المفعول وعقدت مراسم التوقيع الرسمية بمناسبة دورة مجلس حقوق الإنسان فى جنيف.ووقعت حتى الآن ألمانيا والنمسا وبلجيكا والبرازيل وتشيلى وكوستاريكا وإسبانيا وفنلندا وإيطاليا ولوكسمبورج وجزر المالديف ومالى والمغرب والجبل الأسود وبيرو والبرتغال وصربيا وسلوفاكيا وسلوفينيا وأوروجواى على البروتوكول.وتدعو المنظمات غير الحكومية باقى الدول إلى التصديق على هذه الآلية. ويسعى البروتوكول الاختيارى لتعزيز اتفاقية حقوق الطفل والبروتوكولات الملحقة بها بشأن بيع الأطفال وبغاء الأطفال والمواد الإباحية وبشأن إشراك الأطفال فى النزاعات المسلحة.