إعلان القائمة المبدئية للمترشحين بانتخابات مجلس النواب 2025    الذهب قرب مستوى قياسي مع تجدد التوتر التجاري بين أمريكا والصين    هبوط هامشي للمؤشر الرئيسي للبورصة بمستهل تعاملات جلسة الأربعاء    النفط ينخفض وسط توقعات بوجود فائض بالمعروض خلال العام المقبل    بدء صرف «تكافل وكرامة» عن شهر أكتوبر بقيمة 4 مليارات جنيه    يديعوت أحرونوت: الجانب الفلسطينى لمعبر رفح لن يُفتح اليوم    القائمة الوطنية تقدم أوراق مرشحيها لانتخابات النواب في القاهرة والجيزة    اسعار الفاكهة اليوم الأربعاء الموافق 15-10-2025 فى سوهاج    تعرف على أسعار الحديد والاسمنت اليوم الأحد الموافق 15-10-2025 فى سوهاج    "العمل" تكثف حملات التفتيش على محطات الوقود لضمان تطبيق الحد الأدنى للأجور    خبير مغربي: إعادة إعمار غزة تتطلب دعما عربيا وإسلاميا كبيرا    القاهرة الإخبارية: دخول شاحنات للوقود ضمن قافلة المساعدات من مصر إلى غزة    وليد صلاح عبداللطيف يكشف عن "فضيحة" في قطاع ناشئي الزمالك    المستشار القانوني للزمالك: زيزو مديون للأبيض.. ولم نطلب التأجيل من اتحاد الكرة    4 منتخبات تتنافس على الملحق الأفريقي لكأس العالم    القنوات الناقلة لمباراة المغرب وفرنسا في كأس العالم للشباب 2025    اليوم.. الأهلي يخوض مرانه الأول تحت قيادة توروب    محافظ أسيوط يتفقد موقع حادث سقوط تروسيكل بمصرف قناطر حواس بمنقباد    بتهمة إرسال صوراً خادشة للحياء.. السجن 5 سنوات لعامل بقنا    الأرصاد تحذر من طقس الساعات المقبلة: الأمطار على وصول    اليوم.. نظر محاكمة متهمة بخلية الهرم    غلق المتحف المصري الكبير اليوم استعدادا للحفل الرسمي    وزير الثقافة: خطط طموحة لقوافل ثقافية متكاملة لأطفال غزة.. ونعمل لتعزيز التعاون مع فلسطين    تعرف على مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء في سوهاج    لمدة 15 دقيقة.. أستاذ مناعة وبكتيريا توضح الطريقة الصحيحة لغسل اليدين (فيديو)    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأربعاء 15 أكتوبر    اليوم.. آخر موعد للترشح في انتخابات مجلس النواب 2025    اجتماع لوزراء دفاع الناتو والاتحاد الأوروبي بعد انتهاكات جوية روسية    الإفتاء: السير المخالف في الطرق العامة محرم شرعًا ويُحمّل صاحبه المسؤولية القانونية    متى يكون سجود السهو فى الصلاة قبل السلام؟.. أمين الفتوى يوضح    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بطريق إسكندرية الصحراوى    أسعار الفراخ البلدي والبيضاء وكرتونة البيض الأبيض والأحمر الأربعاء 15 أكتوبر 2025    تسجيل أول إصابة محلية بفيروس شيكونجونيا في الولايات المتحدة منذ 6 سنوات    الفيلم السعودي «تشويش» يواصل حصد الجوائز عالميًّا    كل ما تريد معرفته عن سكر الدم وطرق تشخيص مرض السكري    طرق متنوعة لتحضير البيض المقلي بوصفات شهية للإفطار والعشاء    ياسمين علي تتصدر تريند جوجل بعد بيانها الحاسم حول شائعة زواجها وطلاقها    داليا عبد الرحيم تهنئ القارئ أحمد نعينع لتعيينه شيخًا لعموم المقارئ المصرية    الكنيسة الكلدانية تحتفل بختام ظهورات العذراء سيدة فاتيما في مصر    نتنياهو يحذر: إذا لم تلتزم حماس بالاتفاق "ستفتح أبواب الجحيم"    تجمع القبائل والعشائر الفلسطينية في غزة يدعم الجهود الأمنية    ترامب يلغي تأشيرات أجانب سخروا من اغتيال تشارلي كيرك    الزمالك يجهز محمد السيد ومحمود جهاد للسوبر المصري    في شهر الانتصارات.. رئيس جامعة الأزهر يفتتح أعمال تطوير مستشفى سيد جلال    مميزات وعيوب برج السرطان: بين العاطفة والخيال والحنان    باسم يوسف: مراتي فلسطينية.. اتعذبت معايا وشهرتي كانت عبء عليها    بالصور.. محافظ الغربية في جولة بمولد السيد البدوي بمدينة طنطا    رمضان السيد: ظهور أسامة نبيه في هذا التوقيت كان غير موفقًا    عمقها 30 مترًا.. وفاة 3 شباب انهارت عليهم حفرة خلال التنقيب عن الآثار بالفيوم    دماء في أم بيومي.. عجوز يقتل شابًا بطلق ناري في مشاجرة بقليوب    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل طالبة بولاق الدكرور هنا فرج    بالفوز على كينيا وبدون هزيمة، كوت ديفوار تحسم تأهلها رسميا إلى مونديال 2026    لدورها الريادي في نشر المعرفة: مكتبة مصر العامة بقنا تحصد جائزة «مكتبة العام المتنقلة 2025»    «توت عنخ آمون يناديني».. الكلمات الأخيرة ل «كارنافون» ممول اكتشاف المقبرة الملكية (فيديو)    في 3 أيام .. وصفة بسيطة لتطويل الأظافر وتقويتها    باختصار.. أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. تجدد الاشتباكات بين القوات الأفغانية والباكستانية.. نتنياهو: لن ندخر أى جهد لإعادة رفات المحتجزين فى غزة.. 90% من شوارع قطاع غزة تضررت جراء الحرب    متى يكون سجود السهو قبل السلام؟.. أمين الفتوى يوضح حكم من نسي التشهد الأوسط    هل شراء شقة عبر البنك يُعد ربا؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السفير باترسون تلتقي قادة المجتمع المدني في الإسكندرية
نشر في الأهرام العربي يوم 11 - 02 - 2013

زارت السيدة آن باترسون، سفير الولايات المتحدة لدى مصر، الإسكندرية للقاء عدد من قادةالمجتمع المدني.
قالت السفير باترسون خلال كلمتها أمام نادي الروتاري بمريوط: "الديمقراطية بحاجة إلى مجتمع مدني صحي ونشط. لقد تقابلت أنا وموظفي السفارة بالقاهرة و الإسكندرية مع منظمات غير حكومية تركز على تحسين التعليم وخلق فرص العمل وتعزيز الحوار بين أتباع الديانات المختلفة ورعاية روح المبادرة وتوفير فرص للتدريب المهني. هذه ليست سوى عينة صغيرة مما يمكن لمجتمع مدني حيوي القيام به بالنسبة لبلد وشعبه."
بالإضافة إلى خطابها في الروتاري، زارت السفير الدكتور أسامة إبراهيم رئيس جامعة الإسكندرية ورجال الدين بكنيسة القديسين. وبعد جولة لها في الكنيسة، تحدثت مع قساوسة الكنيسة وأعربت عن تعازيها للتفجير الذي حدث في رأس السنه عام 2011.
و كانت السفير باترسون قد القت خطابا أمام نادي روتارى الإسكندرية. أشارت فيه أنها عضو في نادي الروتاري في مسقط رأسها فورت سميث بولاية أركنساس.مضيفا أن المنظمات تعكس مثل نادي الروتاري القيم التي نعتز بها جميعا. كالتوعية في مجتمعاتنا، والعمل الخيري بسخاء محليا وعالميا ، ومنتدى لمعرفة المزيد عن القضايا المحلية والدولية. لن أنسى أبدا عندما كنا نجلس في اجتماع للروتاري في بوغوتا، كولومبيا، عندما سمعنا صوت انفجار هائل في الحي واعتقدنا جميعا أنها سيارة مفخخة، وكان حدثا معتادا بصورة كئيبة. ولكن استمر هؤلاء الأعضاء مجتمعين ويتحدثون مع بعضهم البعض عن كيفية مساعدة الأقل حظا في بلدهم. لذلك أنا ممتنة جدا لدعوتي للحدث إليكم اليوم.
أود أن أغتنم هذه الفرصة للحديث عن القضايا التي تواجه هذا البلد والخطوات الواقعية التي يمكن أن تتخذها مصر للمضي قدما. قبل اسبوعين، مرت الذكرى الثانية لثورة 2011 لمصر. وكان ينبغي أن يكون يوما للاحتفال، لكن شابه العنف في الشوارع، والذي زاد في الأيام التالية. قبل عامين، وقف العالم في ذهول لرؤية شعب مصر يأخذ مستقبله بين يديه وينهى عهد حسني مبارك الذي دام ثلاثين عاما. هذا العام، شهد العالم شبان يحملون الصخور في مواجهة الشرطة التابعة لحكومة منتخبة بطريق ديمقراطي والمسلحة بالهراوات والغاز المسيل للدموع، وأغلقت الطرق والجسور، وتم حرق السيارات ونهب فندق سياحي كبير. ولم يشهد السياح المحتملين الذين يمثلون شريان حيوي للاقتصاد المصري الجمال الطبيعي والتاريخي لهذا البلد، ولكن شاهدوا العنف وعدم الاستقرار. هذا هو آخر شيء تحتاج اليه مصر.
لقد خطت مصر خطوات كبيرة في العامين منذ 25 يناير 2011. فقد حدثت انتخابات أعتبرت عادة كحرة ونزيهة أدت لانتخاب رئيس جديد، على الرغم من الجدل الكبيرا الذي أثاره سير العملية و حدث استفتاء أيد دستورا جديدا. ولكن في حين ان الانتخابات والدساتير جزء ضروري من الديمقراطية، فهي ليست كافية. لكي تستكمل مصر المرحلة الانتقالية المؤدية إلى دولة ديمقراطية حرة، فإنها تحتاج أكثر من ذلك بكثير.
الديمقراطية تحتاج إلى مجتمع مدني صحي ونشط. فالمنظمات غير الحكومية تعتبر حيوية - وليس فقط المنظمات غير الحكومية السياسية، ولكن أيضا المنظمات مثل نادي الروتاري الدولي الذي يعمل في مجالات واسعة النطاق. لقد تقابلت أنا وموظفي السفارة مع منظمات غير حكومية تركز على تحسين التعليم، وخلق فرص العمل، وتعزيز الحوار بين أتباع الديانات المختلفة، ورعاية روح المبادرة، وتوفير فرص للتدريب المهني. هذه ليست سوى عينة صغيرة مما تتسم يمكن لمجتمع مدني حيوي القيام به بالنسبة لبلد وشعبه، دون داعي لإثقال كاهل خزانة الدولة.
ومع ذلك فالمنظمات غير الحكومية تحتاج إلى بيئة يمكن أن تنمو وتزدهر فيها. ويجب أن يكون هناك أيضا أشخاص مثل أعضاء الروتاري الذين هم على استعداد للتطوع بوقتهم ومواردهم لتشكيل مؤسسات المجتمع المدني والحفاظ عليها. مصر في حاجة إلى قانون جديد للمنظمات غير الحكومية يوضح دور المجتمع المدني، والأهم من ذلك ان يحدد عملية واضحة وبسيطة تمكن هذه المنظمات من تسجيل نفسها وتحمي حقوقها. من خلال اعتماد القانون يتفق مع المعايير الدولية لحرية تكوين الجمعيات، يمكن للحكومة المصرية وضع أساس متين يساعد المجتمع المدني علي الازدهار. ولن تستمر المنظمات المصرية في تحمل العبء وحدها. فيمكنها الحصول على المساعدة من المنظمات الأخرى في البلدان أخرى. فيمكن للمصريين الاستفادة من تجارب الآخرين في التحولات السياسية. يجب علي حكومتكم التأكد من أنهم أيضا يستطيعوا تسجيل أنفسهم في الوقت المناسب وبطريقة فعالة.
إن عبء تكوين المجتمع المدني ورعايته لا يلقي علي عاتق المسؤولين المنتخبين. بالذين ذهبوا إلى ميدان التحرير منذ عامين أسقطوا دكتاتورا وحصوا علي حريتهم، وفعلوا ذلك بقليل من العنف بشكل مبهر. كانت شجاعتهم عندما اتحدوا لحماية متحف القاهرة ومكتبة الإسكندرية مصدرا للإلهام. ولكن الشجاعة تحتاج ان تكون مقترنة بالالتزام بالعمل الشاق لبناء الأحزاب السياسية والانخراط في العملية الانتخابية.
لقد حان الوقت الآن لبناء الهياكل السياسية للبلاد. يحتاج نشطاء مصر إلى توجيه شجاعتهم وجهدهم لإنشاء المؤسسات السياسية - وليس مجرد الهياكل القانونية، ولكن المؤسسات حقيقية تحظى باحترام واسع من قبل جميع عناصر المجتمع وتكبح جماح القادة أو الجماعات التي قد تسعى لفرض إرادتها. يجب أن يجتمع النشطاء علي تشكيل أحزاب سياسية فاعلة، والمشاركة في العملية الانتخابية، والالتزام بالعمل الشاق لبناء الدعم الشعبي للقيم التي يؤمنون بها. فالذين سوف يبنون مستقبل مصر هم الأفضل في إيجاد الحلول الوسط المعقولة وبناء الإجماع الوطني.
لبناء مستقبل مصر الذي تستحقه، وسوف تحتاج مصر كل شعبها، بغض النظر عن دينهم أو خلفيتهم العرقية أو جنسهم. لذلك، تحتاج مصر إلى ضمان حماية ومشاركة كاملة لكافة الأعضاء بمتسع نسيجها الغني من المواطنين. لقد كان المسيحيين واليهود جزء لا يتجزأ من مصر منذ آلاف السنين. ومصر هي أيضا موطن لأتباع ديانات وطوائف أخرى ، بما فيهم البهائيين والمسلمين الشيعة. العديد من هؤلاء يشعرون بالخوف الآن عدم وجود دور لهم أو أنهم سيكونون غير آمنين في مستقبل مصر. هذه مأساة. هم بحاجة إلى معرفة أنهم موضع ترحيب وان مساهماتهم في المجتمع تلقي الاحتضان والتشجيع. وبالمثل، فإن المرأة هي نصف المجتمع، بل هي قوية، وذكية، وقادرة ولا تخاف.لقد وقفت المرأة لسنوات كثيرة جنبا إلى جنب مع الرجل للعمل معا لبناء هذا البلد. والآن ليس الوقت المناسب للتراجع عن مشاركتها. لقد أشارت كريستين لاجارد رئيس صندوق النقد الدولي في دافوس في 23 يناير قائلة أن جميع الدراسات تشير إلى الفوائد الاقتصادية للمشاركة الكاملة للمرأة في قوة العمالة، وفي الاقتصاد، وفي المجتمع. فالمجتمعات التي تتعلم إعطاء المرأة الفرصة للمشاركة الكاملة في قوة العمل جنبا إلى جنب مع الرجال تتمتع بنمو اقتصادي أسرع. ومصر تحتاج النمو الاقتصادي وحده بشدة الآن. فمن الصعب ل أن تنتشر الديمقراطية مع انتشار الفقر والركود الاقتصادي.
بعد عامين من الثورة، حان الوقت للتركيز على الاحتياجات الاقتصادية الأكثر أهمية للشعب المصري. الأرقام في مصر ترسم صورة قاتمة: احتياطي النقد في مستوى حرج، ما يقرب من 14 مليار دولار أو قيمة ثلاثة أشهر من الواردات. في حين أن هذا قد استقر منذ يوليو، وهذا فقط بسبب دفعات منتظمة من النقد من قطر وتركيا. هذه الأرقام لا تأخذ في الاعتبار مليارات الحكومة المتأخرة لشركات النفط. والأهم من ذلك أنها لا تسلط الضوء على ما تستورده مصر - المواد الغذائية الأساسية ومنتجات الطاقة المكررة، والمحددات الرئيسية للاستقرار الاجتماعي. إذا لم تستطع كصر دفع فاتورة الاستيراد، فالناس سوف لا يجدون صعوبة في الحصول على أجهزة التلفزيون والسيارات فقط، ولكن على البنزين والكهرباء والمواد الغذائية. وبعبارة أخرى نظرة أكثر حذرا في أرقام احتياطي تظهر أنها ليست قريبة مما تحتاجه بلد مثل مصر لتسيير الاقتصاد على نحو جيد.
كما يحاول البنك المركزي إدارة الانخفاض التدريجي لقيمة الجنيه لمستويات السوق، وأنا أعلم أن البنك المركزي يتخذ خطوات للحد من دور السوق السوداء والرمادية في صرف العملات الأجنبية. تشكل السوق السوداء خطرا لأن كميات كبيرة من المال تتحرك الآن غير خاضعة للرقابة من قبل سلطات المؤسسات الشرعية، مما يؤدي إلى إضعاف القطاع المصرفي الشرعي واختفاء احترام القانون. وكلما استمرت مصر في تقييد الحصول على النقد الأجنبي، كما قوضت فوائد الاستثمار في البلاد. إنها حقيقة واقعة. فالمستثمرون لا يدخلون السوق إذا لم يتمكنوا من إخراج المال من البلاد.
إن معدل الصرف سعر رئيسي في أي اقتصاد، ويحتاج إلى احترام القوانين الأساسية للاقتصاد. إذا لم يحدث ذلك، ستكون النتيجة هي تجنب الصرف القانوني وتوقف النمو حيث سيلجأ المنتجون المحليون إلى الاستيراد وإغلاق مصانعهم المحلية فتتراجع الأعمال المحلية. وفي الوقت نفسه، القطاعات الرئيسية تضر السياحة على نحو أكبر، والتي شهدت نوعا من الانتعاش في عدد الوافدين ولكن ليس هناك انتعاش حقيقي في الإيصالات. فأنا أقوم بزيارة الأقصر في بعض الأحيان، والوضع هناك سيئ للغاية، رغم وجود بعض من المواقع التاريخية الأكثر روعة في العالم. فالسياح الذين يأتون إلى مصر لا ينفقون كثيرا، مما سيؤدي إلى استمرار تراجع نوعية المنتجات التي يمكن أن تقدمها مصر، بحيث يتم فقدان الوظائف وسيتم إعاقة المجتمعات التي تعتمد على السياحة.
كل اقتصاد يمر عبر فترات سيئة، ولكن الاقتصادات تعاود الانتعاش فقط عندما تلقى العناية اللازمة. وهذا يعني أن شخصا ما لا بد أن يحمل مسئولية الحلول (حتى لو كانت صعبة) ويقود الطريق للخروج من الأزمة. يجب أن تقدم للناس رؤية عن كيف سيكافئ المستقبل تضحيات الحاضر.
الطريق الأكثر كارثية للحكومة والقيادة السياسية للبلد - سواء في السلطة أو في المعارضة - هو تجنب اتخاذ قرارات، وعدم إظهار القيادة وتجاهل الحالة الاقتصادية للبلد. عندما يتم التعامل مع إدارة الاقتصاد كمنتج ثانوي للخلافات السياسية بدلا من وظيفة أساسية للقيادة السياسية، يصبح مجتمع الأعمال في محاولة لحماية نفسه بدلا من الاستثمار والنمو. المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بحاجة إلى أن الوصول إلى نقطة نهاية.
النظام الحالي لدعم الوقود والطاقة غير قابل للاستمرارية. هذا يحتاج إلى أن يناقش علنا والشعب يحتاج لمناقشة الحلول. ولا بد من إيجاد طريقة لخفض تكلفة دعم الطاقة مع حماية المواطنين الأكثر فقرا في مصر، ولكن الحلول الممكنة تتطلب نقاشا عاما مفتوحا – وهو نقاش لا يجري حاليا.
إن محرك النمو في المستقبل في مصر هو الشركات الصغيرة والمتوسطة، وأنواع الشركات التي يمكنها الابتكار والنمو بسرعة أكبر من بقية قطاعات الاقتصاد. تحتاج الحكومة لتبسيط عملية الدخول في الأعمال التجارية، والحد من الروتين والاستمارات والرسوم والضرائب وما إلى ذلك. من المهم البحث في سبل جديدة ومبتكرة للقيام بهذه الأمور، محاصيل جديدة للدلتا، السماح للقطاع الخاص للاستفادة من الكفاءات التي يقدمها الإنترنت عالي السرعة، والتأكد من أن الأفكار الجيدة يمكن تمويلها. وهذه هي الأشياء التي تقود بها الشركات الصغيرة والمتوسطة بشكل جيد.
وقد علمت السفارة أن البنوك لم تكن على استعداد لإقراض المشاريع الصغيرة والمتوسطة. الشركات الصغيرة والمتوسطة لا تكون قادرة على الازدهار عندما ترفض البنوك تمويلها، حتى عندما تتوفر الأموال. الحكومة والبنك المركزي بحاجة إلى العثور على طريقة لجعل التمويل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة متاح وميسور التكلفة وإلا ستكون قدرة الاقتصاد المصري على الصعود إلى معدلات عالية من النمو المستدام مقيدة بشدة.
مصر لديها مستقبل اقتصادي عظيم. لديها اقتصاد متنوع، وسوق داخلي كبير ، وموقع استراتيجي تحسد عليه. فهي لديها قطاع مالي يحظى بالاحترام كما تتوافر فرص النمو. ورغد سوء الحالة الاقتصادية الحالية، فإن معدل نمو الاقتصاد تقريبا 2%. الاقتصاد المصريلديه مرونة ملحوظة. فقد صمد أمام الكثير من المحن خلال العامين الماضيين، وهو مصدر الائتمان للقطاع الخاص في الدولة وتنوعها أنه ما يزال قائما على الإطلاق.
كما إننا نعلم أن هناك مستثمرين أجانب لا يزالون يضعون أعينهم على هذا البلد. في سبتمبر الماضي، استضافت مصر أكبر وفد من رجال الأعمال الأميركيين لزيارة في الشرق الأوسط في التاريخ، وقد ضم الوفد الكثير من عمالقة عالم الأعمال الأمريكي مثل جوجل وبوينج الذين تحمسوا للحضور. إننا نتحدث لمديري الشركات بانتظام الذين يريدون أن يعرفوا الوقت المناسب للعودة إلى مصر. ونحن نعرف من الشركات المتعددة الجنسيات الكبرى التي لديها خطط لاستثمارات إضافية كبيرة عندما يعود الاستقرار إلى الاقتصاد. وسيكون مفتاح ليس فقط لجذب المستثمرين الأجانب، ولكن أيضا لجذب المستثمرين المصريين الذين غادروا بسبب الخوف أو عدم اليقين.
لا يمتلك أحد كل الأجوبة، ولكن هناك ثلاثة أشياء رئيسية يجب أن تفعلها مصر دون تأخير لإعادة تشغيل محركات النمو:
أولا، تحتاج مصر إلى إبرام اتفاق ذي مصداقية مع صندوق النقد الدولي. والتوصل إلى اتفاق سيؤدي إلى فتح فرص التمويل من صندوق النقد الدولي ومصادر التمويل الأخرى، بما في ذلك حكومة الولايات المتحدة، والأهم من ذلك سوف يرسل إشارة قوية إلى مجتمع الاستثمار أن مصر ملتزمة بإصلاح اقتصادها. إن التأثير الأكبر لاتفاقية صندوق النقد الدولي سيكون بمثابة حافز ولتشجيع فرص الإقراض الإضافية، وجذب اهتمام المستثمرين في المشروعات قصيرة الأجل، وربما أيضا المستثمرين في المشروعات طويلة الأجل، ومن ثم في نهاية المطاف عودة الاستثمار الأجنبي المباشر الذي أصبحت مصر في أمس الحاجة إليه.
ثانيا، مصر في حاجة لإصلاح قطاع الطاقة وإصلاح جذري لبرنامج الدعم الذي لا يمكن احتمال تكلفته التي تصل إلى مليارات الدولارات كل عام. يمكن للمدخرات سداد قيمة المتأخرات ، ومرة أخرى تأمين شروط الائتمان التي تحتاجها الواردات. وعلى المدى الطويل، سوف تكون مصر قادرة على إدخال تحسينات البنية التحتية الحيوية والتوسعات والتحديث مما يؤدي إلى زيادة الكفاءة وتوفير التكاليف، مع ضمان ان تتمكن البلاد من تلبية احتياجات الطاقة مع تزايد عدد السكان.
وأخيرا فإن مصر بحاجة لصنع السلام مع ماضيها. انها تحتاج الى تقديم ضمانات علنية واضحة بأن المستثمرين في مأمن من الأعمال التعسفية. فالعقود - بغض النظر عن توقيت وظروف توقيعها – سيتم احترامها إلا إذا وجدت غير قانونية من خلال العملية القانونية في نظام قضائي نزيه. ويجب أن يكون هناك إطار قانوني واضح يقضي باحترام العقود. لا يجب أن يكون من استثمر في مصر في الماضي مهددا بالسجن أو الغرامات المالية الباهظة بعد سنوات لأن ذلك يضطر المستثمرين للاستثمار في أماكن أخرى. عندما يثق المستثمرون أنهم سيلقون معاملة جيدة، سوف يعودون إلى الفرص التي تقدمها مصر. إن الاستثمارات الجديدة هي أساس النمو الاقتصادي، لذا يجب رعايتها.
هل هذه القرارات سهلة؟ لا، على الاطلاق. إن القيادة أمر صعب. وهي تعني في بعض الأحيان التضحية بالمكاسب قصيرة الأجل من أجل مصلحة أفضل للبلاد. ولكن من خلال بناء مصر أقوى ، فإن هذا يجلب في نهاية المطاف الفوائد لشعب مصر كله، وهذا هو ما تعنيه القيادة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.