دارت "المائدة المستديرة" بمعرض الكتاب عن معوقات النهوض بالترجمة، حيث وصفت د. سهيرالمصادفة واقع الترجمة في العالم العربي بالمتردي، وقالت "الترجمة في العالم العربي ذات جناحين؛ أحدهما ترجمة الأدب والفكر العربي إلى اللغات الاجنبية، والجناح الآخر ترجمة الأدب والفكر الغربي إلى اللغة العربية، وعلى الرغم من احتياجنا إلى مثل هذه الترجمات خاصة في تلك المرحلة التى تخلفنا فيها عن ركب الحضارة سواء في العلم أو الأدب، إلا أننا بالفعل نعانى من أزمة في ترجمة الأدب والفكر العربي إلى اللغات الأجنبية والعكس" واعترفت د. سهير أن الترجمة من العربية إلى اللغات الأجنبية طالها كل ما يميز الكيانات الثقافية من الفساد والشللية والمحسوبية والعشوائية والفوضى، فقالت: "أصبحنا لا نترجم إلا لمن نعرفهم من الأصدقاء دون الوضع في الاعتبار قيمة العمل أو مدى احتياج الغرب له، يتوجب علينا وضع استراتيجية كاملة لمنظومة الترجمة، توفير بنك من المعلومات سواء من بلادنا أو من البلاد المترجم عنها لكي يسترشدوا به في عملهم. وأوضح د. عاصم طاهر العمارى الأستاذ بكلية الألسن قسم اللغة الألمانية أن الترجمة قديمة كانت تعتمد على أدوات ثلاث "المترجم والناشر والقارئ" أما الآن فقد أصبح العلم والدراية والثقافة الكبيرة في كافة مناحى الحياة هي الأساس، وأشار إلى أن الأمر لم يقتصر على ترجمة الأدب فقط بل أننا في حياتنا اليومية كلنا نعمل بالترجمة، وإذا كانت الحضارة العربية قديما يترجم عنها لما كان لها من نضوج فكرى، فكل الحضارات تشهد بعض التراجعات وما تلبس أن تعود مرة أخرى خاصة وأن ثورة العرب في عقولهم التى ميزهم الله تعالى بها والدليل على ذلك أن العربي إذا أتيحت له الفرصة في مناخ سليم يعطى نتائج أفضل بكثير من الغربي. وحمل د. عاصم المجتمع والدولة مسئولية ضياع الترجمة في العالم العربي ومنظومة الثقافة الضائعة ويقول: "الدول الغربية تدعى أنها تدعم الترجمة وكل ما تفعله أنها تختار كتبا معينة وتتحمل تكلفة الترجمة النشر، ولا تترك لنا حق الاختيار الذي يجب أن نكون نحن أصحاب القرار فيما نختار وما نترجم. الغرب عندما أنشأ معاهد الاستشراق كان ذلك ليتعرف على كيفية تفكير العرب أليس من الأجدر بنا أن ننشئ معاهد الاستغراب" . وترى المترجمة السودانية سماح جعفر أن أهم مشاكل ترجمة الأدب في العالم العربي أننا دائما نصدر لهم الأدب السياسي الذي يعتبر أدبا من الدرجة الثانية ونستطيع بالفعل أن نقول أنه إلى الآن لا توجد تجربة ترجمة جيدة، نحن حقا في حاجة إلى أن نمحو الكثير من الأفكار السلبية التى علقت في أذهان الغرب عن العالم العربي من أننا رجعيون ومتخلفون، ولا تهمنا سوى أفكار وموضوعات معينة تافهة، نحن لدينا كتاب جيدون لا يصلون خارج الوطن العربي ولن يصلوا. وأكد المترجم محمد ابراهيم مبروك أن الترجمة احتياج عميق إلى المعرفة، ولا يسعى شعب إلى الترجمة إلا إذا كان في حاجة إلى التعرف على ثقافة الشعوب الأخرى، فما هي إلا الجسر الذي يمكن من خلاله التنقل بين الحضارات، لذلك فإنه لا توجد ترجمة لمجرد الترجمة وإهدار للوقت، والشعوب التى تقدم إنجازات عظيمة دائما ما تكون هي الجاذبة للترجمة ويسعى الناس لترجمة أعمالها. وعبر محمد مبروك عن أسفه لما آل إليه حال ترجمة الأدب في مصر من أنه أصبح يندرج تحت منطق التبعية والسلطة والمحسوبية، وهذا إساءة للاختيار والأداء وساهم في تقديم صوة غير حقيقية عن الأدب العربي وعن كتابنا الحقيقيين، وطالب الدولة أن تقوم بدورها في تصدير الثقافة العربية للغرب.