لا تحلموا بعالم سعيد، فخلف كل قيصر يموت، قيصر جديد. ربما يجد بعضنا فى كلمات العظيم الراحل أمل دنقل ما يجعله يستسلم للإحباط، بعد أن أعلن الحاكم بأمر من الجماعة، الدكتور محمد مرسي فى الأول من ديسمبر الحالى عن طرح مسودة الدستور المشوهة التى ولدت بطريقة غير شرعية من جمعية تأسيسية غير معبرة عن المصريين جميعاً. أما الجيل الذى أشرف بالانتماء إليه فقد فهم من كلمات أمل دنقل ما يعرفه فقط، فهم أن نضالا مستمرا ينتظره من أجل مصر التى يحلم بها، فهم أن حكم الظلام هو جزء من فاتورة واجبة الدفع فى مقابل إسقاط مبارك وسلطته، جيل لم يفاجأ إطلاقا بوصول الجماعة ورفاقها من دعاة الانفراد بالسلطة باسم الدين، حيث المجتمع يعانى الفقر والقهر والمرض والاستبداد، لكنه وعى منذ البداية أن ثمة نضالا مستمرا، لكى لا يحكم مصر قيصر جديد. أما الدستور الذى كان من المفترض أن يأتى عبر تأسيسية تعبر عن روح ثورتنا المجيدة، وهو ما لم يحدث، حيث استكثرت الجماعة على المصريين أن يفرحوا بثورتهم، استأثرت به فى محاولة دؤوب لإحلال نفسها بديلا عن الحزب الوطنى، فكانت فوضعتنا بين إعلان غير دستورى ديكتاتورى، وبين دستور مشوه ينتقص من حقوق المصريين، مهما ادّعوا عكس ذلك، أقباطا وامرأة وأطفالا، ويحد من حرية الصحافة، ولا يضمن للمصريين حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية. المؤكد إذ إننا نرفض دستور الجماعة وإعلانها غير الدستورى، ولكن المؤكد أيضا أننا سنناضل من أجل مصر التى طالما حلمنا بها، مدنية ديمقراطية حديثة عادلة، وهو ما لن يتحقق بالضرورة من خلال جماعة لا تؤمن بالثورة ولا المضامين الحقيقية لأهدافها وشعاراتها الرئيسية، برغم المتاجرة المستمرة بخطاب الثورة والشهداء وبالديمقراطية التى لا يعرفون من قيمها غير الصندوق، بينما يضربون بالمواطنة والعدالة الاجتماعية والمساواة وسيادة القانون، قيم الديمقراطية الرئيسية، عرض الحائط .. مصر لكل المصريين.