جاءت فترة موضة طبية فى عيادات كبار الأطباء وصغارهم، كلما عجزوا عن تشخيص مرض.. قالوا حالة نفسية. ولا أنسى عندما طال هذا العجز والدتى، رحمها الله، وكادت بالفعل تموت فيها قبل أن تموت فعلا. وعندما عجز الأطباء عن مواجهة واقع مرضها، وأنه لابد أن تسافر للخارج، لأن العملية التى تحتاجها لا تزال تحت التجربة فى مصر، وفى النهاية لجأ الأطباء لحيلة أو مبرر أنها حالة نفسية. وفى الحقيقة أنها بدأت بالفعل حالة قهر وإحباط واكتئاب أدت بها إلى الحالة المرضية التى عجز عن مواجهتها - مع الأسف - أطباء مصر فى التسعينيات، وأفلح فيها أطباء أمريكا. فى هذا الوقت، قابلت أحمد بهجت بكلماته عن علماء العصر الذين يؤكدون أن الإنسان كائن شديد التعقيد والتركيب وأن كل شىء بداخله يدور فى دوائر متصلة ومترابطة.. فالفكر والعقل الواعى والباطن تؤثر تأثيرا مباشرا على عواطف الإنسان، وبالتالى كل تلك العواطف تؤثر على جميع الوظائف الحيوية للجسد، وإن كل هذا يحدث من خلال عمليات كيميائية متصلة، تتسبب نهاية إحداها فى ضغط زناد البداية لسلسلة من التفاعلات. وتوقفت مع أحمد بهجت عند تلك المقولة، وأغمضت عينى وسددت أذنى حتى يطلق زناد البداية براحته. وعندما أكملت تأكد من كلامه ما يتردد اليوم، من أن جسد الإنسان عبارة عن طاقة، تكاد تكون موجات كهربائية، وهذا بالتحديد ما أراد أحمد بهجت توضيحه بالصلة بين التفاعلات والانفعالات، وكيف أن الصلة وثيقة.. فكل انفعال يؤدى إلى تفاعل، وهذا التفاعل قد يؤدى إلى تغير كيمياء الجسم، وهذا يمكن أن يكون سببا فى المرض. إن ما قاله أحمد بهجت منذ سنوات، يتحقق اليوم عبر علاج يسمى بعلاج الطاقة.. التى يحاول فيها الطبيب تخليص جسم الإنسان من كل الطاقات السلبية التى تغلق المسارات الكهربائية فى جسده، وتؤدى به إلى الآلام فى العضلات أو فى أى عضو من أعضاء الجسد. وهنا فهمت سبب الكلمة المستفزة التى كان يطلقها الأطباء فى وجهى كلما عجزوا عن المداواة.. قائلين: «حالة نفسية» والنصيحة التى كانوا يقدمونها لمرضاهم.. «لا تنفعل» حاول ألا تنفعل. أرجوك أرجوك اهدى بيبى خليك كول ويترجم أحمد بهجت هذا الرأى بأسلوب رفيع المستوى، عندما يتذكر كلمة الحكيم العربى القديم: ليتنى كنت حجرا فى الفلاة إن الحجر لا ينفعل، وبالتالى فهو لا يمرض، ولو نجحنا فى تقليد هذا الحجر فى التصدى والصمود للانفعالات، لو فعلنا هذا لألقينا نصف الأدوية التى تعالج الناس فى البحر. لا أنكر أننى وصديقة لى حاولنا تطبيق إلقاء نصف أدويتنا فى البحر، وقلنا نجرب فى أنفسنا، ثم فى أهالينا.. إلا أننا بلا فخر فشلنا أن نصل لمستوى الحجر.. فما كان إلا أن استأجرنا ملابس خاصة بالغوص والغطس.. ومن تحت الماء بدأنا نبحث عن الأدوية التى ألقيناها.. خصوصا أن ثمنها يغلب قيمة معاشنا حتى بعد التعديل.. وعلى رأى نزار قبانى.. إنى أغرق أغرق أغرق، وأحيانا إنى أغطس أغطس.