لم تعد القارة البيضاء هي العروس الجميلة التي جذبت العالم اليها من خلال ثورتها الصناعية التي جددت من خلالها دماء العالم فكرياً واقتصادياً وحضارياً منذ القرن الثامن عشر حتي الآن ، وبعد ما كنّا تطالعنا صحف العالم بحزمة من الأخبار عن آخر الاخترعات الاوروبية في مجالات شتي أصبحنا نسمع عن مصطلحات ومسميات هي غريبة علي القارة البيضاء الجميلة صانعة الجمال والبهجة للعالم ، ومن هذه المصطلحات او المفردات التي تلازم الاخبار عن القارة البيضاء مصطلح ذئاب منفردة وعمليات دهس ، الهجوم علي مسرح بتكلان ، صفارات أنظار صادرة من البرلمان البريطاني يحذر من وجود هجوم ارهابي عليه ، هذه المصطلحات تتبعها العالم من ثورات الربيع العربي الامريكي عندما وقع رهان غير معلن بين عدد من قادة العالم يتقدمهم الرئيس الامريكي باراك اوباما مع التنظيم الدولي لجماعة الإخوان وأجنحته الإرهابية التي تنتشر في الشرق الاوسط وفِي دول المربع الأوربي وهي فرنسا وألمانيا وبريطانياوبلجيكا هي تتركز في هذة الدول 70٪ من العناصر التي شاركت تنظيم داعش منذ صعوده عام 2014 في حربه التدميرية والتي صنع التنظيم من أجلها للقضاء علي دولة الشام والعراق ونهب ثرواتها وتدمير حضارتها بمنهجية لم يسبق لها مثيل يفوق ما فعله الأمريكان مع الهنود الحمر عند نشأة امريكا، واصبح العنف الأحادي الجانب في اوروبا من لواء المقاتلين الأجانب الذين كانوا جزءا من تنظيم داعش بعد عودتهم داخل منطقة اليورو بعد تراجع تنظيم داعش وتقلص دوره في دولة الشام والعراق. وكانت العودة السريعة نظراً لحصولهم علي الجنسية الثانية منذ سنوات طويلة حتي انهم اصبحوا يشكلون خطراً وتهديداً مستمراً يضرب القارة البيضاء علي فترات ليست متباعدة وقاومت اوربا بكل أجهزتها الاستخبارتية والأمنية ولكنها فشلت بأمتياز في القضاء علي التنظيمات الأرهابية وحسب اخر تقرير للأمن القومي الأمريكي لعام 2018 ان عدد العمليات الأرهابية سواء كانت منفردة او منظمة وصلت الي 130 عملية داخل القارة الأوربية منذ عام 2015 وهو رقم كبير علي قارة تملك احدث ما وصل اليه العلم من تقنيات في عملية الرصد والمتابعة الأمنية .
ترتب علي هذا صعود وتنامي اليمين المتطرف او اليمين الراديكالي الذي يقاتل للحفاظ علي القارة البيضاء بعد انتشار فوضي الارهاب والجريمة المنظمة لبعض الوافدين من حاملي الجنسية الثانية ممن ينتمون لتنظيم داعش والقاعدة داخل اوربا وذلك بعد انتشار التنظيمات الأرهابية في اوربا مثل تنظيم شتات الرّق وهو تنظيم نسائي في بريطانيا ومجموعة صلاح عبدالسلام في فرنسا ونجم العشراوي في بلجيكا وغيرها من التنظيمات الاحادية داخل اوربا.
علي الجانب الآخر وجد اليمين المتطرف في اوروبا وسيلته للتنامي والصعود وحمل السلاح وتنفيذ عمليات ارهابية لا تقل إجراماً ووحشية عّن حادثة الاستاد الرياضي في باريس او حادثة مدينة نيس في الجنوب الفرنسي والتي نفذها محمد بو هلال التونسي ، وقد فجأنا اليمين المتطرف بعملية ارهابية يعلن بها عن نفسه وعن وجوده عندما استهدف مواطن نيوزيلاندي من أصل استرالي مسجدين وقتل المصلين بداخلهم في منطقة كرايست تشيرش معلن من خلال هذه العملية اليمين المتطرف عن وجوده بقوة داخل القارة البيضاء ممثلاً العنف الثنائي في مواجهة العنف الاحادي الجانب والذي يمثله عناصر تنظيم داعش في اوروبا.
ويعد ظهور اليمين المتطرف على الساحة السياسية الأوروبية إحدى أكثر الظواهر السياسية أهمية خلال العقدين الأخيرين من القرن الماضي في أوروبا، وهذه الظاهرة ليست على مستوى واحد في أوروبا كلها، ذلك إنها متغيرة من دولة إلى أخرى، ومن وقت لآخر.
فإذا كانت بعض الدول مثل فرنسا وايطاليا وبلجيكا وهولندا والنمسا تواجه وضعا يؤثر بعمق على نظمها السياسية، فإن دول أخرى على العكس مثل بريطانيا واليونان والسويد ما تزال حتى الآن متجنبة هذا المد المتطرف.
ويبقي السؤال ماذا سيفعل قادة اوروبا بعد ان تحولت مدنهم الي مواجهات ارهابية ينفذها اليمين المتطرف وعناصر تنظيم داعش كل تنظيم يتحرك في مواجهة الآخر والخاسر هو المواطن الأوربي أيا كانت ديانته ؟