استمعنا فى ألمانيا باهتمام شديد لما قاله الرئيس السيسى بضرورة النظر إلى الآخر على أنه شقيق فى الإنسانية الرئيس السيسي أول رئيس لدولة إسلامية ينادى بضرورة تصويب الفكر الدينى
صاحب رؤية مجددة فى الخطاب الدينى للإسلام الحديث والمستنير، حيث يرى أن الإسلام دين إنسانى تميز فوق كل شيء بالرحمة ومحبة الله والحرية، هذه رؤية البروفيسور مهند خورشيد، عالم الاجتماع النمساوى، وأستاذ الفقه المقارن بجامعة مونستر الألمانية، ومدير مركز الدراسات الإسلامية بالجامعة فى كتابه «الإسلام هو الرحمة»، الذى أثار جدلا واسعا بين المنظمات الإسلامية فى أوروبا بسبب رفضهم منهجه الناقد التاريخي. «الأهرام العربى»، أجرت حوارا معه حول تلك الرؤية وتجديد الخطاب الدينى والعلاقة بين الغرب والدول العربية. قدمت فى كتابك «الإسلام هو الرحمة» رؤية للإسلام الحديث والمستنير، وضح لنا ذلك؟ رؤيتى ألخصها فى عدة محاور، وأول هذه المحاور هو مبدأ تفعيل خطاب الرحمة،: فالرحمة كما وصفها القرآن الكريم هى صفة ذات الله، لذلك هى مُطلقة، ومن ثمَّ غير مشروطة ولا يُمكن جعلها نسبية، فقد وصف الله رحمته بقوله فى سورة الأعراف، الآية 156: “ورحمتى وسعت كل شيء”، ثم أعطى الله الإنسان الأمان بأن أكّد له أنَّه سُبحانه قد كتب على نفسه الرحمة (سورة الأَنْعَام رقم 6، الآية 12 و 54)، كما ساوى بين اسمه “الله” و”الرحمن” فى قوله: “ادعوا الله أو ادعوا الرحمن، أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى” (سورة الإسراء رقم 17، الآية 110). فرحمة الله تشمل الإنسان بصفته إنسانًا ابتداءً. وقد حدد القرآن علاقة الله بالإنسان بأنها علاقة حب “يحبهم ويحبونه” (سورة المائدة 54). وهذا تترتب عليه أمور أساسية أهمها أن علاقة الله بالإنسان وعلاقة الإنسان بالله هى علاقة تواصل تحكمها الرحمة والمحبة، فمحبة الإنسان لله لا تتحقق إلا حين يكون الإنسان يدا أو أداة تحقيق المحبة والرحمة الإلهية من خلال أفعاله. والمحور الثاني: تفعيل دور العقل فى الخطاب الدينى التجديدي، فالتدين الحق ليس مجرد تقليد أعمى بل لا بد أن ينطلق عن قناعات، إذن لا بد هنا للعقل بحججه أن يدخل غمار المعركة، ولكن كى يتمكن من ذلك لا بد أن يتحصن بالفكر النقدى وبالحجة العقلية الفلسفية المقنعة، لمن لا يجد نفسه ملزماً بالحجة الدينية البحتة، فلا يكتفى بالاستشهاد بالنص، بل يبحث عن عقلانية النص وعقلانية الحجة. وهنا يأتى المحور الثالث، وهو ضرورة تجديد ليس فقط النتائج، كتجديد الفتاوى مثلاً، حيث يكاد يقتصر خطاب التجديد على النواحى الفقهية، أى الفتوى، بل لا بد من إعادة النظر فى المناهج المعرفية، أى ما يعرف باستيمولوجيا المعرفة أو فلسلفة العلوم، فالإمام الشافعى مثلاً أعاد النظر فى منهجه الأصولى فى كتابه الرسالة خلال أقل من عشر سنوات حين تغير سياقه بين المدينة والعراق ومصر، فهذا الشافعى بروحه النقدية هذه، والمراعية للسياق كان سوف يعيد النظر مرات ومرات فى منهجيته إن كان اليوم حاضراً بيننا، فإذن من يرفض تجديد فكر الشافعى اليوم باسم المحافظة على التراث، فقد ظلم الشافعى لأنه استلب منه روحه التجديدية والنقدية، وبالتالى هو لم يحافظ على التراث، بل جمده ومنعه من الحراك. تكريم التراث يكون بأن نستدعى اليوم غزالى القرن ال 21، شافعى القرن ال 21، أشعرى القرن ال 21، سيوطى القرن ال 21، وهكذا نكون قد كرمنا تراثنا بدلاً من أن نكون قد أخمدناه وأسكتناه بتجميده. لكن تجديد المناهج المعرفية يتطلب التعرف على النتاج الفكرى المعاصر ودراسته، كما فعل ذلك علماؤنا فى القديم حين درسوا التراث الفلسفى المعاصر لهم كالفلسفة اليونانية، لكن أين نحن اليوم من الاطلاع على الفكر الإنسانى المعاصر لنا ودراسته كجزء من دراسة العلوم الشرعية؟ وهذا لا يعنى قبول كل شيء كما هو ولكن التعرف عليه وتحليله، فمن أين سوف يأتى التجديد ونحن نقرأ نفس الكتب، ونتحرك فى نفس الإطار الفكرى والمنهجي؟ المحور الرابع يتعلق بضرورة تفعيل دور المرأة والتخلى عن تلك النظرة الأبوية، التى لا ترى فى المرأة سوى الجانب الجنسي. المحور الخامس يتعلق بضرورة القراءة المقاصدية للقرآن، التى تراعى سياق التنزيل، وهذا ينطبق أيضاً على السنة النبوية وضرورة القراءة المقاصدية لها. المحور السادس يتعلق بضرورة احترام التعددية الدينية ورفض إقصاء الآخر والحكم عليه بأنه الكافر، بل هو أخى فى الإنسانية، له ما لى وعليه ما علي. المحور السابع يتعلق بضرورة حماية الدين من توظيفه من قبل جماعات الإسلام السياسي. وكيف ترون دعوة مصر على لسان الرئيس السيسى لتجديد الخطاب الديني؟ يُعد الرئيس عبد الفتاح السيسى أول رئيس لدولة إسلامية ينادى بضرورة الإصلاح الديني، ويطالب المؤسسات الدينية بتصويب الخطاب الديني، وأنا كعميد لأكبر معهد أكاديمى للدراسات الإسلامية فى أوروبا الغربية، وكمهتم بتجديد الخطاب الديني، أرحب بنداء الرئيس السيسى هذا، لأنه وضع بذلك إصبعه على الجرح الذى كثيرا ما غض الكثيرون النظر عنه، وخشى آخرون الاقتراب منه، لقد أصبح الإسلام ضحية المزايدين وأولئك الذين يحاولون من خلال خطاب عاطفى تجميلى إغلاق السمع والبصر عما لدينا من مشاكل، وأصبح الذى يتحدث عن المشاكل متهماً بأنه يحارب الإسلام، لكن تأكيد الرئيس السيسى المستمر أهمية إصلاح الخطاب الديني، كما فعل أخيرا خلال مؤتمر ميونخ للأمن وفى إجابته عن سؤال عن دور مصر فى القضاء على الإرهاب، يعطى للمجددين المخلصين دفعة لتحويل نداء الرئيس السيسى لبرنامج عمل ولخطوات عملية جادة، وهنا تأتى مسئولية جميع المؤسسات الدينية والدعاة فى رفع شعار التجديد والتنوير، فمصر مهيّأة اليوم لتكون قائدة قافلة التجديد والتنوير الإسلامي، ولكن الله لا يغير حتى نغير نحن. نعم، التغيير بحاجة لشجاعة ولقابلية التفكير من خارج الصندوق، وهذا هو عين ما يدعو إليه الرئيس السيسى وذلك منذ سنوات، ويشرفنا كمعهد للدراسات الإسلامية فى جامعة مونستر الألمانية أن نكون فى تعاوننا الوثيق مع المؤسسات الدينية المصرية وعلى رأسها وزارة الأوقاف جزءا من هذا المشروع الإصلاحى الضخم، ونأمل فى وضع دبلومة مشتركة مع أكاديمية وزارة الأوقاف العالمية يكون محورها هو سؤال التجديد كى نحمل فكر الأستاذ الفاضل معالى الوزير محمد مختار جمعة من خلال هذه الدبلومة لأجيال من الأئمة والدعاة والواعظات فى البلاد الإسلامية وغير الإسلامية، ونحن فى هذه الأيام كجامعة ألمانية عريقة وجهة رسمية، بصدد وضع تفاصيل هذه الدبلومة من خلال تعاون لصيق مع وزارة الأوقاف المصرية. وأضيف أننا استمعنا فى ألمانيا باهتمام شديد لما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسى بضرورة النظر للآخر على أنه شقيق فى الإنسانية، فلا نصف المسيحيين فى بلاد المسلمين على أنهم أقليات بل على أنهم أشقاء لهم كل حقوق المواطن، عملاً بقوله تعالى:”ولقد كرمنا بنى آدم” وليس فقط المسلم أو المؤمن بل الإنسان بما هو إنسان أصالة. فلا بد من إعادة النظر فى كل ما يفرق الإنسان عن أخيه الإنسان باسم الدين، فالله هو رب الناس أجمعين ورحمته وسعتهم أجمعين، لكن بعض الأفهام الخاطئة للدين تحاول تقليص رحمة الله وجعلها مقصورة على فئة معينة من الناس، لكن القرآن أفهمنا أننا إخوة فى الإنسانية قبل كل شيء. نتوجه بأسمى معانى الشكر للدولة المصرية وللشعب المصرى على رسالة السلام التى تحملها حكومتها الرشيدة ومؤسساتها الدينية فى عملها على تعزيز صورة الإسلام كدين الرحمة والمحبة والتسامح فى العالم أجمع. وهل ترى أن الخطاب الدينى فى المجتمعات العربية بحاجة إلى تجديد؟ الخطاب الدينى المقدم اليوم فى كثير من المجتمعات العربية والإسلامية بحاجة ماسة إلى التجديد، وذلك بعيداً عن العواطف والمزايدات، لا بد من وقفة صريحة مع الذات، لا بد من إعادة النظر فى المناهج، فى الأسلوب، فى المحتوى، فى علاقة الداعية مع الناس، فى دور المرأة فى المجتمع، فى نظرتنا للآخر، فى تقصيرنا فى تفعيل الحديث عن الحب والرحمة، فى تصويرنا لله ولدينه الحنيف بتلك القسوة التى نفّرت الكثيرين من المسلمين وغير المسلمين من الإسلام، كما لا بد لنا من إعادة النظر فى تعاملنا مع القرآن دون مراعاة سياقات التنزيل. شهدت مدينة شرم الشيخ القمة العربية الأوروبية ...كيف قرأت ذلك المشهد؟ هذه القمة والتى تعد الأولى بين الجانبين العربى والأوروبي، تؤكد دور مصر السياسى والحضارى والثقافي، وأن مصر هى فى مقدمة القافلة، كما يؤكد ذلك مشاركة رئيس المجلس الأوروبي، ورئيس المفوضية الأوروبية، والمفوضة العليا للسياسة الخارجية والأمن فى الاتحاد الأوروبي، ولأننى مهتم بالخطاب الديني، أدعو إخوانى وأخواتى من العلماء والفقهاء والدعاة لتكريس دور مصر الحضارى أيضاً فى خطابهم الديني، وهذا يتطلب منا الانفتاح على ثقافات العالم وفلسفاته وأديانه وإقامة المزيد من المؤتمرات العالمية التى يشارك بها الباحثون فى شتى الأديان، وذلك كى نفسح المجال المعرفى لتراكم الأفكار وتبادلها، لا لكى يقصى بعضنا بعضاً، أو لكى ينتقد بعضنا بعضا، بل لنتعارف ويكرم بعضنا البعض، إذا أصبحت نظرتنا للتعددية نظرة إيجابية، فسوف يجعل ذلك من مصر محط لقاء الأديان والثقافات، وهنا يأتى أيضاً دور المثقفين بمن فيهم رجال الدين وعلماؤه. ما تقييمك للعلاقة الحالية بين الشرق والغرب وبالتحديد بين العرب وأوروبا؟ وهل تندرج تحت ما اسماه “صمويل هنتنجتون” بصراع الحضارات والثقافات؟ انقضى زمان هذه التفرقة بين الشرق والغرب، فهناك دول هنا وهناك تحكمها مصالح سياسية واقتصادية وهذه المصالح وإمكانات تحقيقها هى التى تحكم العلاقات بين الدول، لذلك لا يمكن التعميم والحديث عن الشرق والغرب. وما تبناه هنتنجتون فى سياق فترة ما بعد سقوط الشيوعية، من مقولة الصراع بين الإسلام وغيره من الحضارات لم يعد ينطبق بتلك الصورة على علاقة الإسلام بغيره من الأديان والحضارات اليوم، ظهور دولة داعش أثبت أن الصراع الثقافى اليوم هو بين ما أسميه بالثقافات الإنسانية من جهة وتلك المعادية للإنسانية من جهة أخرى، يوجد هناك مثلاً تفسير إنسانى للإسلام يؤكد قيم الرحمة والمحبة وهناك تفسير آخر، كالتفسير الداعشى للإسلام، يجعل منه دينا عدائيا، وهنا يكمن الحد الفاصل بين الثقافات اليوم: مدى إنسانيتها. لا بد اليوم من تعميق التعاون العربى الأوروبي، خصوصا فى الاستثمار فى القيم الإنسانية وضرورة تفعيلها. وما تأثير ذلك على الجاليات العربية فى أوروبا؟ الوضع الاجتماعى والاقتصادى للجاليات العربية فى أوروبا هو الذى يحدد موقعها فى المجتمعات الأوروبية، وليس انتماؤها الدينى أو العرقى فى الدرجة الأولى. نعم، هناك من لديه أجندات سياسية معادية للغرب أو أجندات تريد أن تفرض سيطرتها على الغرب باسم الإسلام كجماعات الإسلام السياسي، فتصور الغرب على أنه معاد للإسلام فعلى المسلمين إذن معاملة المجتمعات الغربية على أنها العدو، لكن هذا يناقض الحقيقة، هناك أحزاب يمينية متطرفة ترفض الآخر، كما لدينا أيضاً من يرفض الآخر باسم الدين ويكفّره، ولكن لا يجوز التعميم والقول إن الإسلام دين عدائى للآخر أو إن الغرب يعادى الإسلام، وأمام الجاليات العربية فى أوروبا المجال كى تنهض اقتصاديا، فالأبواب مفتوحة لكل من يراعى القانون. ويبقى من المهم جدا ألا تتخلى الجاليات العربية عن أوطانها الأصلية، فهى بحاجة إلى دعمنا على جميع المستويات، سواء الثقافية، أو السياسية، أو الاقتصادية، كل وفق تخصصه وقدراته. وكيف يمكن التعاون بين الطرفين للتخلص من النظرة الفوقية الغربية للعرب خصوصا فى ظل تصاعد تيار اليمين المتطرف؟ لا توجد نظرة فوقية غربية للعرب، بل هناك فئات معينة فى المجتمعات الغربية تعادى كل ما هو آخر، لكنها أقليات، كما أن هناك جماعات إسلامية تنظر للغرب نظرة فوقية وذلك باسم الإسلام، لكنها أيضا مجرد أقليات متطرفة. وهنا يلتقى التطرّف الدينى واليمينى فى أيديولوجية إقصاء الآخر وكراهيته. والحل يكمن فى العمل على كل ما يكرس ثقافة التعدد وحب الآخر، وهذا يبدأ فى سن صغيرة، فى البيت، فى الحضانة، فى المدرسة، فى دور العبادة، فى جميع المؤسسات التعليمية والتربوية والاجتماعية. هل أنت راض عن التعاون الثقافى بين الطرفين أم أن هناك ما يمكن بذله فى هذا المجال؟ هناك الكثير الذى يجب بذله، فنحن كثيرا ما نتحدث عن الآخر وقليلا ما نتحدث معه، فتتكرس الصور المشوهة عن الآخر فيكون سوء الفهم، ودعنى أعطيك مثالين، أحدهما أكاديمى والآخر ديني، أما الأكاديمى فيتعلق بنظرتنا لما يُسمى الدراسات الاستشراقية، فنحن كمسلمين لا نزال واقفين عند الدراسات الاستشراقية القديمة قبل عشرات السنوات والتى كانت تصب فى أيديولوجيات الاستعمار، لكن هذا النوع من الدراسات الاستشراقية يكاد يكون قد فنى اليوم، فمعظم المستشرقين اليوم قد أنصف الإسلام، وكان تحليله علميا، حتى إن توصل لنتائج ربما لا تعجبنا كلها، لكنه حسن النية فى بحثه الأكاديمي، أما المثال الديني، فانظر تصورنا نحن المسلمين عن الدين المسيحى والذى نستنبطه من القرآن، فتجدنا نتحدث عن فئات مسيحية معينة تعامل معها القرآن فى سياق تنزيله وهو ينتقدها، لكننا نعمم هذه الصور وكأن القرآن يتحدث عن مسيحيى اليوم، فتتكون لدينا صورة مشوهة عن المسيحية يرفضها المسيحى ذاته، كذلك غير المسلم مطلوب منه أن يتعرف على الإسلام من خلال المسلمين، لا من خلال ما يتصوره هو عن الإسلام، أما إذا قدمنا نحن كمسلمين صورة سلبية عن الإسلام، فهذه ليست مشكلة غير المسلم، هذه مسئوليتنا نحن. دور أمريكا ينحسر حاليا فى كثير من مناطق نفوذها بالعالم هل ترى أن أوروبا قادرة على ملء هذا الفراغ؟ خلافا للسياسة الأوروبية فى العقود الماضية، فإن الولاياتالمتحدة ركزت بشدة على سياساتها الخارجية ومحاولتها فرض هيمنتها عالمياً، وهذا شيء مشروع فى السياسة ما دامت راعت الدول عدم تحقيق مصالحها على حساب مصالح دول أخرى، أما الآن فقد تراجع دور الولاياتالمتحدة عالميا بعض الشيء بسبب تركيز ترامب على السياسات الداخلية للبلاد، مما لا يعنى انسحاب الولاياتالمتحدة من الساحة العربية، فالمسألة متعلقة بسياسات تتغير بسرعة وفق الاتجاهات والمصالح الحالية. أما أوروبا فبإمكانها ملء الفراغ الذى تتركه الولاياتالمتحدة، ولكن المعادلة السياسية لأوروبا محكومة بالإجابة عن السؤال ما الفائدة التى سترجع على أوروبا إذا هى استثمرت فى سياساتها الخارجية أكثر مما تفعل، ما هو العائد النفعى لأوروبا؟ أو بتعبير آخر: لو أردنا من أوروبا أن تتدخل فى سياسات الشرق الأوسط بكثافة أكثر، فما هو الذى نريد نحن كعرب تقديمه لها مما سيجعلها متحمسة للاستثمار فى سياسات خارجية فى بلادنا؟ الكرة إذاً فى ملعبنا، وأبرز نقطة مفتاحية تهم أوروبا اليوم هو سؤال الأمن ومحاربة الفكر المتطرف والقضاء على مشكلة الهجرة غير الشرعية لأوروبا، فأوروبا على استعداد إذن أن تتعاون مع كل من لديه حلول ورؤية تستفيد هى من خلالها فى تحقيق أمنها وسلامها، ويستفيد هو أيضاً من خلالها فى تحقيق أمنه وسلامه، لذا لا بد من تحديد المصالح المشتركة مع الحرص على عدم تحقيق مصالح طرف على حساب الآخر، فالمعادلة لا بد أن تكون مراعية لمصالح الطرفين على سواء. كيف ترون آفاق التعاون مع الدول الأوروبية، ومصر على وجه الخصوص؟ أعرف من خبرتى فى التواصل مع الكثير من السياسيين ورجال الأعمال الأوروبيين، أن موضوع الأمن فى البلاد العربية يلعب دورا رئيسيا فى قرار التعاون المشترك، وأعرف أن هناك تهيبا أوروبيا من تعميق التعاون بسبب سؤال الأمن، وكى أكون صريحاً معك، سؤال الأمن لا يتوقف على مسألة الإرهاب، بل يتعدى ذلك للسؤال عن أمن المرأة مثلاً واحترامها، وأمن غير المسلم واحترام إنسانيته، لذا لا بد من الحرص على إيجاد أرضية أوسع فى بلادنا لتعزيز وتعميق التعاون سواء الاقتصادى أو الثقافى أو السياسي.