كنت محظوظا بمخلصين كانوا الملهم والمحفز الإمارات العربية نموذجا حضاريا حقيقا حصلت على أكثر من 20 جائزة صحافية متخصصة صال وجال في بلاط صاحبة الجلالة، اقترب من شخصيات بارزه منها كانت بالنسبة له الملهم والمحفز، ولأنه متمكن من أدواته استطاع خلال فترة وجيزة في أن يكون الحظ حليفه، فقد تمكن من محاورة كبار الشخصيات البارزة في الساحة السياسية والثقافية أبرزهم الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم والشيخ نهيان بن مبارك وعدد من الشخصيات البارزة، عمله في الصحافة الثقافية لسنوات ساعده علي الاقتراب من كبار المثقفين ليس فقط بدولة الامارات لكن بعدد من الدول المختلفة، حيث كانت نقطة الانطلاقة من جريدة "الامارات اليوم" و"البيان" ثم التحق بالعمل التليفزيونى، كل هذا أهله للحصول على جائزة العويس لابداع باجماع عام من لجنة التحكيم التى كانت تضم أهم الشخصيات بدولة الامارات وكانت الجائزة تتويجا لمسيرته في الصحافة الثقافية والتي استمرت 22 عاما. * حصلت على العديد من الجوائز.. ومؤخرا كانت جائزة "اليوبيل الفضي" لجائزة العويس للإبداع.. فماذا تمثل لك هذه الجائزة خصوصا وأنها جاءت تتويجا لمشوارك؟ دعيني أضعك أولاً في سياق الجائزة الثقافية الأعرق في الإمارات، وهي "العويس للإبداع"، التي تُمنح حسب نص الجائزة ل"شخصيات قدمت خدمات جليلة للثقافة الإماراتية"، وهنا أتحدث عن فئة الشخصية الثقافية الخاصة، التي شرُفت بالحصول عليها، باعتبارها المرة الأولى التي تُمنح لإعلامي مصري، وما يضاعف من قيمة الجائزة هذا العام، كون عنوان هذه الدورة تحمل اسم القائد المؤسس لدولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ زايد رحمه الله، كما أنها دورة الاحتفاء بمرور 25 عاماً على تأسيس الجائزة، وجميع هذه العوامل، فضلاً عن الإحساس بالتمثيل المشرف للوطن، خارج حدوده، ضاعف من غبطتي بحصولي عليها، لا سيما وأن مجلس الموقر، كشف أن قرار منحها لي، جاء بإجماع الأصوات، على الرغم من تعدد الترشيحات، بما فيها شخصيات إماراتية وعربية لها باع طويل في مجال الإبداع الأدبي والثقافي. * عملت على مدار 22عاما في الاعلام الاماراتى.. حدثنا عن أبرز محطات هذه الرحلة الإعلامية الطويلة؟ - ربما كان من حسن الطالع، أن بداية التحاقي بالعمل الصحافي بالإمارات، كان عبر مدرسة صحافية رائدة بالصحافة الخليجية عموماً، وهي جريدة البيان الإماراتية، التي كانت بوتقة بدورها لمدارس إعلامية عربية متنوعة، حيث كانت محور تلاقٍ لتقاليد الصحافة المصرية واللبنانية بكل تباينهما، فضلاً عن خصوصية الاستيعاب الخليجي لخصائص هاتين المدرستين، مع وجود قامات إعلامية عربية مهمة من جنسيات متعددة، ما جعل تلك المرحلة بمثابة فرصة للاستفادة من تجارب ثرية متباينة، في النصف الثاني من التسعينيات. ومع بداية الألفية الثالثة وقبل ذلك أيضاً، استقطبت "البيان"، العديد من الأسماء المهمة في الصحافة المصرية خصوصاً، شكل وجودها تحت مظلة اعلامية واحدة ثراء حقيقياً ، وتجاوراً ملهما للخبرات، ومنها الزملاء عماد الدين حسين، رئيس تحرير جريدة الشروق حاليا، والزميل عادل السنهوري، رئيس تحرير صوت الأمة حالياً، والزميل مجدي شندي رئيس تحرير جريدة المشهد حالياً، وغيرهم، وهي مرحلة ملهمة جداً في مشواري المهني، تعلمت منها الكثير، قبل أن أبدأ تجربة مختلفة في مشواري الصحافي بالمشاركة في تأسيس جريدة "الإمارات اليوم"، التي أشرف بالعمل بها إلى الأن منذ أكثر من 13 عاماً . وبطبيعة الحال، كانت هذه المرحلة مع وجود تجربة صحافية جديدة ومختلفة، انطلاقاً مع جريدة وليدة، صعبة، ومحفوفة بالتحديات، لا سيما وأن الجرائد الرئيسية على الساحة الإماراتية جميعها كانت عريقة، ولها قراؤها، لكن "الإمارات اليوم"، التي حققت لقب الأكثر قراءة محلياً، والثالثة عربياً، بعد سنوات قليلة من انطلاقها، حسب تصنيف مجلة فوربز، تمكنت من صياغة خطها التحريري المتميز والمختلف، لترسخ موقعها الأصيل في المشهد الإعلامي الإماراتي. الاعلامي محمد عبد المقصود هذا التحول المهني، أثمر في مشواري الشخصي، أكثر من 20 جائزة صحافية متخصصة، من جهات رسمية اماراتية وخليجية، منها وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، التي منحتني جوائز أفضل تغطية صحافية سنوية، وجائزة التميز الإعلامي، وغيرها في 5 مناسبات مختلفة، فضلاً عن جائزة تريم عمران الصحافية، لأفضل تحقيق منشور في الإمارات، وجائزة أفضل مقال وافضل تحقيق، وأفضل تغطية صحافية، في مسابقات نظمتها العديد من المؤسسات الرسمية الإماراتية، في حين جاء التكريم من قبل مؤسسات ثقافية وإعلامية ليواكب هذه المرحلة، التي تُوجت بجائزة "العويس للإبداع". * حدثنا عن كواليس رحلتك من مصر الى الامارات؟ ولمن تدين بالفضل؟ كان الالتحاق بجريدة "البيان"، بناء على إعلان منشور في الجريدة نفسها، أبلغني به أحد الأصدقاء، وتقدمت للمقابلة الوظيفية، بعد ساعات قليلة من وصولي الى مطار دبي للمرة الأولى العام 1996، لكن بعد ذلك ب48 ساعة، جاءني إشعار بتأهلي لاستلام العمل بشكل مبدأي، لتبدأ حكاية لا أزال استمتع بها في الإعلام الإماراتي. محطات الإحساس بالامتنان والفضل متعددة، لكن أذكر أن أخي الأكبر مصطفى عبدالمقصود، وهو الآن مدير ادارة الرقابة الإدارية بوزارة العدل، كان قارئي الأول، وربما الوحيد، لمحاولات كتابة قصة قصيرة بدأتها مبكراً بمرحلة الدراسة الثانوية، وأظنها طبعت بملامحها خصائص معظم القصص الخبرية فيما بعد. مع الايغال في الحياة المهنية كنت محظوظاً بمخلصين عديدين، كانوا دوماً بمثابة المحفز والملهم أحياناً، والمعلم أحياناً أخرى، ومنهم رئيس التحرير السابق لجريدة البيان ظاعن شاهين، رئيس المجلس الوطني الإماراتي (البرلمان)، الأديب محمد المر، رئيس تحرير جريدة صوت الأمة، الزميل عادل السنهوري، ورئيس تحرير جريدة الشروق عماد الدين حسين، اللذين استفدت من خبرتهما الإعلامية كثيراً أثناء مرحلة جمعتنا مهنياً فيها جريدة البيان الإماراتية. *خلال مسيرتك الاعلامية خصوصا في مجال الثقافة هل لمست أن العمل الاعلامى في مصر يختلف كثيرا بالامارات؟ - بالفعل هناك اختلافات عديدة، بين الساحتين، حيث يبقى الخبر، ثم المقال، هما المحتوى الأكثر بروزاً في الإعلام المصري، في حين يتسيد الحوار والتحقيق الصحافي اهتمام الصحافة المكتوبة خصوصاً، وهو أمر لا يقتصر على ساحة العمل الثقافي، بل يمكن أن نلمسه في مختلف اقسام وابواب الجريدة. على الصعيد المهني، يمكن أن نلاحظ وجود تقارب أكثر بروزاً بين الإعلاميين ومصادر الأخبار، في الساحة الإمارتية، عنها في نظيرتها المصرية، وهو واقع ربما يكون مرده مرتبطاً بحالة تشعب وتنوع كبيرين في مصادر الإخبار بالنسبة للنموذج المصري، في مقابل مشهد اعلامي أكثر تقنيناً على صعيد الإعلام الإماراتي، لكن بكل تأكيد تبقى الأدوات المهنية هي نفسها في الحالتين. *ما العقبات التى اعترضت طريقك ؟ - لن اكون دبلوماسي الإجابة، إذا أكدت بأنني مدين لكل عقبة بهذا الطريق، لولاها ، ربما لم أكن مُحاورك اليوم، احتفاء بتتويج "العويس للإبداع"، ففكرة الإحساس بأن الاعتماد على امكانات صحفي شاب في بداية الطريق، هي مغامرة صحافية، في ظل افتقاده للخبرة العملية اللازمة، تحولت بالنسبة لي من عقبة، إلى تحدٍ، كما أن التأقلم مع بيئة إعلامية جديدة، هو تحد آخر يزداد صعوبة في مجال مرتبط بالإبداع الثقافي وخصوصيته، لا سيما وان جزءاً كبيراً من مجال عملي انصب على الموروث المحلي اللامادي، قبل أن اصبح متمرساً بتفاصيله، وحتى التقدير المتكرر من مؤسسات اتحادية ومحلية ايضاً هو تحدٍ، جعلني دائماً تحت ضغوط محاولة الذهاب إلى مساحات أبعد في تجويد أدواتي ونتاجي، كما أن السعي إلى الحقيقة، بتجرد وحيادية، في مهنة البحث عن المتاعب، كاد أن يتحول إلى مساءلات قضائية في بعض الأحيان، لولا التمسك بأصول المهنة، الذي كان بمثابة طوق النجاة الحقيقية في كل مرة. * وماذا عن الدروس المستفادة من خلال هذه الرحلة ؟ - أولاً ودون مبالغة ترتبط باعتزازي بوطن عشت به ما يقارب نصف عمري، أهم ما تيقنت منه أن بعالمنا العربي أنموذج حضارياً حقيقياً، عنوانه "الإمارات العربية المتحدة"، يُقدر الجهد المبذول، بعيداً عن أي تمييز، ويكفي أن أشير إلى أن حصولي على الجائزة الثقافية الخاصة، جاء ضمن تكريم أربعة شخصيات رئيسية بدورة جائزة العويس للإبداع هذا العام، هم رئيس اتحاد الناشرين الإماراتيين الشيخة بدور، ابنة حاكم إمارة الشارقة، عضو المجلس الأعلى لاتحاد الإمارات، الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، والفنانة الإماراتية القديرة سميرة أحمد، التي اعتزلت مشواراً مع الفن طال لأربعة عقود، وأبو السينما الإماراتية، المخرج مسعود امر الله، مدير مهرجان دبي السينمائي، بالإضافة إلى شخصي. وبالطبع تبقى المحطات المشرقة في هذه الرحلة لتؤكد بأن مقومات الشخصية المصرية المؤهلة في مجالها العملي، وليس الإعلامي أو الصحفي فقط، قادرة على الذهاب بعيدأً في مجالات التميز والإبداع، متى ما توافرت البيئة والمنظومة المناسبة لذلك.
* بالتأكيد لك صولات وجولات وحاورت شخصيات بارزة.. أهم هذه الشخصيات؟ -نعم شرفت بمحاورة شخصيات ثرية، أضافت لي ذاتياً، وليس مهنياً فقط، منها ، ولي عهد دبي، الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، وزير التسامح الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، أول وزيرة إماراتية، الشيخة لبنى بنت سالم القاسمي وزيرة الاقتصاد والتخطيط الأسبق، وزير الصحة ووقاية المجتمع عبدالرحمن العويس، وزيرة الثقافة البحرينية الشيخة مي آل خليفة، أدباء وفنانين عالميين على شاكلة الكاتب البرازيلي المعروف باولو كويلو، توم كروز، أميتاب باتشان،الأديبة الحائزة على وسام الأمبراطورية البريطانية ايزابيل بالهول، وغيرهم. **من موقعك فى الامارات كيف تراقب الوضع فى مصر؟ يعيش الإعلامي المصري خصوصاً مهما تباعد موقعه، وقلبه وفكره معلق بتفاصيل المحروسة، ربما أكثر من الملتصقين بترابها، السائرين في شوارعها وأزقتها، وهو بهذا البعد المكاني، ربما تتحقق له زاوية رؤية مختلفة. بالنسبة لي، أؤمن بأن كل خطوة على طريق الإصلاح الآن، رغم الصعوبات، والتضحيات اليومية، والمشكلات الاقتصادية، هي باتجاه مزيد من الاستقرار، لذا يمكن أن نعتبر المرحلة الماضية، هي الأكثر وعورة، من خلال التصدي لمشكلات أمنية وسياسية واقتصادية فرضت نفسها، لكن لا نزال بحاجة إلى مزيد من مضاعفة ايقاع العمل في مختلف المجالات، واعتماد خطط حقيقية قابلة للتنفيذ ، يُعهد بها للأكثر كفاءة من أجل انجازها، مع اعتماد مبدأ الثواب والعقاب، دون محاباة، لا سيما وأن مصر بلد ، لا ينقصها الكفاءات القادرة على الإبداع، إذا أُحسن توظيفها. * فكرة وماذا بعد.. دائماً هي فكرة شاغلة للمغترب عموما في الخارج.. ماذا عن الخطوة المقبلة، أو المشروع الإعلامي القادم لك.. هل سيكون في الوطن أم سيقودك إلى مزيد من الاغتراب ؟ أعمل الآن بجريدة الإمارات اليوم، وسعيد جداً بانتمائي لكادرها التحريري، منذ تأسيسها، وبالتأكيد، تبقى الدورة الصحية لحياة الإعلامي، إن جاز التعبير، تحمل محطات مختلفة ومتنوعة، وهناك اتجاه ساد في السنوات الأخيرة، حمل هجرة العديد من الصحفيين إلى الإعلام المرئي، لكنه مشهد أراني غريباً عليه، وأفضل دائماً الاستمرار في العمل ببلاط صاحبة الجلالة. وبغض النظر ما إذا كان المشروع الإعلامي القادم، محله مصر، أم الإمارات، فاختلاف المكان بعد كل هذه التجربة الطويلة، سيحمل بكل تأكيد الاحتفاظ بالإخلاص للإعلام المكتوب، والذي يظل مكتوباً، سواء كان الوسيط مطبوعاً أو لوحات وبرامج ذكية، مصحوبة حتى بتقارير مصورة تابعة لها، بعيداً عن الثنائية المغالطة التي تصف أحدهماً بسمة "التقليدي"، والآخر ب"الحديث"، على الرغم من أن الأمر يتعلق بوسائط هي مجرد حافظة أو ناقلة للإعلام، دون أن تكون صانعة للمحتوى الإعلامي ، الذي يظل منوطاً بمهنية وأدوات الإعلامي لا اختلاف وسائطه.