إذا ما ربط أحد بين خيوط موقف جماعة الإخوان المسلمين الداعم لموقف ألتراس الأهلى فى أزمته الكبرى، والتاريخية مع النادى، وقضية نجم نجوم الأهلى والكرة المصرية محمد أبوتريكة، يمكن أن يتوصل إلى السر والسبب الحقيقى وراء القنبلة التى ألقاها وفجرها أمير قلوب الجماهير العربية، فى وجه الجميع باعتذاره عن عدم قيادة فريقه فى مباراة السوبر المصرية، وهو الاعتذار الذى وصف من قبل إدارة النادى الأهلى بالتمرد والعصيان العلني، خصوصا أن اللاعب رفض بشدة كل الضغوط التى مورست عليه من قبل مسئولى النادى وزملائه اللاعبين للرجوع عن قراره، والذى كان من شأنه تصعيد أزمة ناديه مع جماهيره المعروفة باسم الألتراس. فاجأ أبوتريكة الجهاز الفنى لفريقه بقيادة حسام البدرى المدير بعدم رغبته فى خوض مباراة السوبر - أقيمت الأحد الماضى - وانتهت بفوز الأهلى 1/2 وحصوله على اللقب بدعوى تخوفه من حدوث مجزرة جديدة على غرار مذبحة ستاد بورسعيد التى وقعت أحداثها الدامية فى الأول من فبراير الماضى، وخلفت سقوط أكثر من 70 مشجعا من أعضاء رابطة جماهير الأهلى المعروفة باسم “الألتراس"، وجاء تخوف أبوتريكة على خلفية تصعيد الألتراس لموقفهم الرافض لعودة النشاط الرياضى فى مصر قبل القصاص من مجرمى مذبحة بورسعيد، وهو التصعيد الذى تجسد عمليا باقتحام مقر النادى الأهلى واتحاد الكرة فى اليومين السابقين لاعتذار أبو تريكة. أولى المفاجآت التى تكشفها “الأهرام العربي" أن أبوتريكة أبلغ الجهاز الفنى بقراره مساء الخميس وليس بعد ظهر الجمعة كما أعلن النادى الأهلى رسميا، وجاء تعتيم إدارة الأهلى على الموقف لمدة يوم كامل على أمل الضغط على اللاعب للعدول عن القرار الذى كان بمثابة قنبلة انفجرت فى وجه الجميع من جهاز فنى ولاعبين والذين تعاملوا مع الاعتذار والتمرد، على أن أبوتريكة وضعهم فى مأزق وجعلهم يظهرون فى ثوب الخونة أمام جماهيرهم واتخذ كل اللاعبين بلا استثناء قرارا بمقاطعة اللاعب نهائيا، كما أن القرار زاد من حجم الصدام بين إدارة النادى الأحمر مع الألتراس الذين يمثلون أكبر قوة ضغط على الإدارة، وأن أبوتريكة أراد أن يظهر وحده فى ثوب البطل القومى أمام الألتراس. ثانى المفاجآت، أن أبوتريكة وحتى قبل لحظات من بدء مباراة السوبر كان لديه يقين بأن المباراة لن تقام، خصوصا بعد أن علم بأمر توجه الألتراس إلى الإسكندرية للحيلولة دون إقامة المباراة، وكان أبوتريكة يؤكد أن المباراة لن تقام، بناء على معلومات حصل عليها اللاعب من قيادات من جماعة الإخوان المسلمين، وكشف رسميا فى أكثر من مناسبة بعد سقوط النظام السابق عن انتمائه للجماعة، التى كان ينكر ارتباطه بها لسنوات فى عهد النظام السابق، حتى إنه كان أشهر نجوم الكرة الذين أعلنوا تأييدهم للرئيس محمد مرسي، بل إن أبوتريكة كان اللاعب الوحيد الذى ظهر معلنا دعمه لمرسى من خلال “فيديو كليب" تم تصويره له فى منزله تحت إشراف الإخوان المسلمين. للعودة إلى نقطة البداية، ونقصد الربط بين الإخوان المسلمين وأبوتريكة، وتأكيدا على هذا الربط ، فإن “أبو تريكة كتب رسائل قصيرة عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى “الفيس بوك"، وهى صفحة مجهولة يخفيها اللاعب عن الجميع ولا تضم سوى أصدقاء مقربين إليه جدا لا يزيد عددهم على عدد أصابع اليدين، عبرت عن رفضه لإقامة المباراة حرصا على أرواح الجماهير، وكان اللافت للنظر أن أبوتريكة كان يدافع عن نفسه وموقفه فجرا من خلال رسائل قصيرة عبر صفحته، كان يخطها بيده بعد أن يفرغ من أداء صلاه الفجر تماما. الغريب أن أبوتريكة أكد فى تصريح ل “الأهرام العربي" أنه كان يعلم بحجم التوابع العنيفة لقراره أو قنبلته، وظهر حتى الساعات الأخيرة التى سبقت عقد لجنة الكرة بناديه للبت فى أمره ثابتا، ولم يحاول التراجع عن موقفه برغم نصائح المقربين إليه حتى بعد أن علم بأن توابع أزمته قد تصل إلى حد طرده من النادي، بالإعلان عن عرضه للبيع. مباراة الأهلي وإنبي لم تكن مجرد مباراة عادية علي كأس السوبر المصرية، بل كانت في المقام الأول مباراة سياسية شرسة بين ما وصف بأنها هيبة الدولة مع العديد من التيارات السياسية التي كانت تعارض إقامة المباراة، بل تعارض عودة النشاط الكروي في البلاد. اللافت للنظر في الأمر، أن أكبر الدعوات التي كانت رافضة لعودة النشاط وإقامة المباراة، كانت من جانب عدد من قيادات الإخوان المسلمين، الذين أعلنوا دعمهم للألتراس بشكل علني ورسمي، وفي مقدمتهم خيرت الشاطر النائب الأول لمرشد الإخوان المسلمين، والذي خرج عبر صفحته الشخصية علي موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» معلنا تأييده الرسمي للألتراس برغم اقتحامهم لمقر اتحاد الكرة، ومن قبله مقر النادي الأهلي بالجزيرة، فضلا عن الدعوات للزحف لاستاد برج العرب بالإسكندرية لإلغاء مباراة السوبر بالقوة. كما تقدمت جريدة «الحرية والعدالة» ، الناطقة باسم الحزب والجماعة، باعتذار رسمي للألتراس بسبب تحقيق نشر بالجريدة بعنوان «الألتراس.. من الإبداع في المدرجات إلي صناعة الأزمات». وكذلك أعلن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، المرشح السابق في انتخابات رئاسة الجمهورية، تأييده للألتراس مطالباً بعدم إقامة المباراة. واتهم حزب «الدستور» الذي يقوده الدكتور محمد البرادعي, في بيان رسمي، الدولة بأنها تحرض علي وقوع كارثة إنسانية جديدة بإصرارها على إقامة اللقاء. فضلا عن خروج العديد من النشطاء السياسيين حتي قبل انتهاء مباراة السوبر إلى شارع محمد محمود، القريب من ميدان التحرير للتظاهر مع الألتراس ضد عودة النشاط الرياضي. وعلى الجانب الآخر أصرت الجهات المعنية على إقامة المباراة مهما كانت التحديات، حتي إن الرئيس محمد مرسي تدخل في الساعات الأخيرة، ليلة المباراة، وأصر علي إقامتها لأن إلغاءها أو تأجيلها بعد الإعلان والتأكيد على إقامتها سيفقد الدولة هيبتها. وقد عاقب الجهاز الفنى للنادى الأهلى بقيادة حسام البدرى أبو تريكة بالإيقاف لمدة شهرين وغرامة نصف مليون جنيه وحرمانه من شارة الكابتن، واصدر اللاعب بياناً أكد فيه احترامه للنادى الأهلي وتقبله للعقوبات.