يوسف القعيد: ضرورة تمكين الهيئة بشكل يساعدها على مواجهة التطرف د. عبد الواحد النبوى: طمع الوزارات الأخرى يؤدى إلى تجريف وزارة الثقافة
مع كل تغيير وزارى يشير الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى ضرورة الاهتمام بالهيئة العامة لقصور الثقافة، باعتبارها رأس الحربة فى أداء وزارة الثقافة، وبما تمتلكه من إمكانية الوصول إلى أبعد أقاليم مصر، والارتقاء بوعى الجماهير، ومن ثم فإنها ذراع قوية فى مواجهة الإرهاب بما تشيعه من تنوير، لكن يبدو أن أحد «الشطار» التقط هذه الإشارة، فأراد أن يصفى ثأرا ما مع تلك الوزارة التى استعصت عليه، فطرح شائعة التقطها أحد الصحفيين، وباتت الشائعة خبرا يقول إن الهيئة العامة لقصور الثقافة ستنتقل تبعيتها إلى وزارة التنمية المحلية، وكأن هذه الوزارة المثقلة بالأعباء فى حاجة إلى عبء جديد، وبالتالى بات على وزير التنمية المحلية أن يتفرغ للملفات التى تقع فى نطاق مهامه، وفى حال إنجازها سنطالب بنقل تبعية الهيئة العامة لقصور الثقافة لوزارته، لكن دعونا نستمع إلى آراء المثقفين والوزراء السابقين حول الأمر.
يقول د. جابر عصفور - وزير الثقافة الأسبق - إن كل ما يتردد عن محاولات نقل تبعية الهيئة العامة لقصور الثقافة، إلى وزارة التنمية المحلية ليس إلا كلاما فارغا، لا يسمن ولا يغنى من جوع، وتساءل عصفور: كيف تنقل هيئة تابعة للثقافة إلى وزارة تهتم بالمحليات؟ وهل المحليات تستطيع القيام بكل الأنشطة التى تقدمها الهيئة من فنون ومسارح ومهرجانات محلية ودولية؟ ويوضح وزير الثقافة الأسبق أن أى نشاط ثقافى يحدث داخل أى محافظة تشتمل على عدد من مواقع قصور الثقافة يتم بالتنسيق المباشر مع المحافظ ولا ينكر د. جابر عصفور أن هناك تقصيرا فى أداء الهيئة العامة لقصور الثقافة، لكنه تقصير يستوجب معالجته فى إطار الوزارة، ولا يتم بنقل التبعية، فهل يعقل أن نقول على سبيل المثال إن هناك خللا فى الأنشطة المدرسية، لذلك لابد من نقل تبعيتها إلى وزارة الشباب والرياضة بدلا من التربية والتعليم.
ويقترح د. عصفور الروشتة السليمة لعلاج هذا القصور الذى تعانى منه الهيئة قائلا: أولا لن ينصلح حال الهيئة إلا بالتخلص من الأعداد الكبيرة من الموظفين العاطلين فيها، والاستفادة من الكفاءات، وأن تكون هناك شفافية كاملة فى كل شيء يتعلق بأداء الهيئة، مع اللجوء إلى مبدأ الثواب والعقاب. ويوجه د. عصفور رسالة إلى وزير الثقافة حلمى النمنم قائلا: «لديك منظومة ثقافية كبيرة، ولديك حيثيات طبقها، وإذا كان هناك فساد واجهه وربنا يعينك ويقويك، فالعمل فى وزارة الثقافة متعب ومرهق للغاية، ومشاكلها كثيرة وربنا معك». أما الكاتب الروائى يوسف القعيد فيرى أن الهيئة العامة لقصور الثقافة تستحق أن تكون وزارة ثقافة مستقلة، فهى تكاد تكون أخطر جهاز فى الوزارة، وهى بمثابة الذراع الحقيقية للشعب المصرى من أجل أن تكون لديه أيديولوجية حقيقية لمواجهة الإرهاب.
ويرفض القعيد نقل تبعية الهيئة العامة لقصور الثقافة لوزارة التنمية المحلية، لكنه فى الوقت نفسه يعيب على صمت المسئولين عن الهيئة العامة لقصور الثقافة عن الميزانية الهزيلة المخصصة للثقافة الجماهيرية، مشيرا إلى أن ميزانيتها على الأقل ما بين 90 إلى 95 % تضيع على الأجور والمرتبات ولا يبقى للأنشطة أى شيء، فهى مكدسة بالعاملين.
ويرى القعيد أنه من الأفضل حل مشاكل الهيئة العامة لقصور الثقافة، فهى خط الدفاع الأول عن مصر فى مواجهة الإرهاب والجهة الوحيدة المنوط بها القيام بهذا الدور باعتبارها مشروعا ثقافيا متكاملا، ويؤكد أنه من الضرورى على من يعرف أى فساد أو تقع يداه على مستندات فساد بالهيئة أن يتقدم على الفور ببلاغ إلى النائب العام حتى نكون دولة قانون بدلا من الكلام المرسل الذى لا ينفع ولا يضر، ويؤكد على ضرورة حل مشكلة ميزانية الهيئة وتمكينها بشكل يساعدها على نشر الثقافة لمواجهة التطرف والإرهاب.
ويوافقه الرأى د. عبد الواحد النبوى وزير الثقافة السابق قائلا: وزارة الثقافة ليست مغرية بالشكل الذى يعتقده البعض لكنها مطمع، لو تحدثنا عن قصور الثقافة فهى تضم ما لا يقل عن 18 ألف موظف فهى تعد أكبر جهاز فى الدولة، ويعترف د. النبوى بوجود قصور فى أداء الهيئة، لكن هذا إذا تمت معالجته ستحقق الهيئة تقدما كبيرا، لذلك لابد من الاستعانة بكل الكوادر بالهيئة وفى الوزارة عموما لتطويرها فلابد من تكاتف الجهود، وهذا يتطلب فى المقام الأول إخلاص النيات، ليس لخدمة وزارة الثقافة فقط، بل لخدمة مصر كلها.
ويشير د. النبوى إلى الدور القوى والفعال الذى كانت تقدمه قصور الثقافة فى فترة الستينيات إبان تولى د. ثروت عكاشة حقيبة وزارة الثقافة، وما كانت تقدمه من فنون ومسارح ومهرجانات وفرق فنية شاركت فى مهرجانات العالم، لكن اليوم للأسف بدأ دورها يتراجع ما جعل البعض يطالب بنقل تبعيتها إلى وزارة التنمية المحلية.
ويلفت د. النبوى النظر إلى أنه لدينا أكثر من 27 محافظة كل محافظة بها عدد كبير من مواقع قصور الثقافة يتم التنسيق مع المحافظ فى القيام بكل الأنشطة ومتابعتها، ويعتقد أن الكلام عن نقل تبعية قصور الثقافة غيرصحيح فوزارة التنمية المحلية بها إدارات كثيرة ومشاكلها كبيرة للغاية، وعليها أن تحل مشاكلها أولا وتتخلص منها.
ويرى أن ما يتردد من أقاويل عن نقل التبعية يعد بمثابة عملية تجريف وتخريب للثقافة، نحن الآن فى غنى عنها فلابد من تكاتف الجهود لمحاربة الإرهاب بدلا من الدخول فى صراعات داخلية قد تضر أكثر مما تنفع، منوها أن عمل وزارة الثقافة يتداخل مع وزارة عدة وهناك أنشطة يتم التعاون فيها من قبل الوزارات الأخرى كوزارتى التربية والتعليم والشباب والرياضة وغيرهما. ويرى أنه لابد ألا تطمع الوزارات الأخرى فى وزارة الثقافة، فمن وقت إلى آخر يقوم البعض كل فترة بعرض مقترحات مثل استقلالية المجلس الأعلى للثقافة عن الوزارة أو نقل تبعية قصور الثقافة إلى وزارة التنمية المحلية فماذا يتبقى إذن من وزارة الثقافة بعد انفصال أهم قطاعين فيها؟ من الأجدر أن يحرص الجميع على أداء دوره بشكل فاعل وقوى ومعالجة جوانب الخلل بدلا من الكلام على الفاضى والمليان دون جدوى حقيقية.
ومن ناحيته يشكك د. أبو الفضل بدران رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة الأسبق ويقول: أشكك فى جدية هذا الطرح، فلا يمكن أن تستغنى وزارة الثقافة عما يقرب من 560 موقعا، ويتفق مع سابقيه: إذا كان هناك قصور فى بعض المواقع فلابد من معالجته، لكن لا يمكن لأى وزارة أن تقوم بدور وزارة الثقافة.
ويرى أن وزارة التنمية المحلية لديها من المهام ما يجعلها بعيدة كل البعد عن هموم الثقافة، وعليها أن تهتم بحل مشاكلها فى المحليات وتترك شئون الثقافة للأدباء والإعلاميين، فهذه بضاعة المثقفين كيف تذهب لغيرهم؟! ويذهب د. بدران إلى أن علاج مشاكل قصور الثقافة لابد أن يتم من خلال ربط المواقع الثقافية بالمثقفين المتواجدين فى المحيط الجغرافى حيث يقومون بدورهم التثقيفى ومعالجة الخلل الطبيعي، وعلى المثقفين القيام بدورهم الحقيقى فى مواجهة هذا الخلل.
ومن وجهة نظره يقول الشاعر سعيد شحاته أن كل ما يتردد مجرد بالونة اختبار فقصور الثقافة لها طبيعة خاصة جدا تجعلها عصية على توجهات المحافظين ورؤساء المدن والقرى، فأزمة هذه الهيئة الآن هى العصابات التى تشكلت حول الضعاف، فأصبحت هى المتن بصراعاتها حول الكرسى والثقافة أبعد من الهامش بالنسبة لها.. ويضيف، أن العصابات والأخذ بالثأر فى قصور الثقافة يضعانها على المحك، فالمناخ الفاسد والضعف الإدارى وصلا بالمؤسسة إلى ما بعد الهاوية، كل رئيس هيئة ضعيف يأتى بعصابة وكل عصابة لها أعداء.
ويؤكد على أن قصور الثقافة الآن تحاكم كوادرها من الكتاب وأصحاب الرأى فى النيابة الإدارية لصالح المديرين الضعفاء الذين ارتدوا زى المخبرين وصادروا آراء المبدعين على صفحاتهم الشخصية، بتحويلهم للتحقيق والزج بهم فى تهم لا علاقة لهم بها من مهاجمة وزير ومهاجمة سياسة هيئة، واتهامات بائسة تليق ببؤسهم، حرروا كوادر الهيئة من كل هذه التفاهات، واتركوا لهم مساحة وضع سياسات وحاسبوهم على تنفيذها لا على آرائهم على الفيس بوك.