تعتبر مصر القديمة موطن أهم الحضارات في التاريخ، وتركزت حضارتها على الآثار والتراث فبهما حصلت على المكانة العالية بين الأمم، كما أنهما ذات أهمية قصوى فى ترسيخ معاني الوطنية وتشكيل هوية المواطن. وفي الوقت الذي نرى فيه تقدما إيجابيا في مجال الكشف والبحث والتنقيب عن التراث الوطني، إلا أن المجال الإعلامي والعلمي للآثار يحتاج إلى جهود وفيرة حتى تنساب المزيد من الوفود السياحية عبر الوطن،ونظراً للأهمية العلمية والتاريخية للآثار فى حياتنا تبحث «الأهرام العربي» من حين إلى آخر عن كشف الغموض، وفى هذا التقرير نكشف كيف تم نقل تمثال أبوالهول من الكرنك إلى محافظة الإسكندرية؟!. من جانبه قال مجدى شاكر، مدير الإدارة العلمية بمركز تسجيل الآثار المصرية، إن أول صور ظهرت لتمثال «أبوالهول» الموجود بمحافظة الإسكندرية كانت فى عام 1858 وكان حينها فى طريق المواكب فى معبد الكرنك، وبالتحديد فى الجانب الجنوبى الشرقى لصالة الأحتفالات التى تسمى بالأخ مينو، وكانت الصورة غير واضحه المعالم ألتقطها شخص فرنسى يدعى « Francois Joseph»، ثم عثر على صورة أخرى له فى الفترة بين عامي 1906- 1912 لنفس التمثال فى أرشيف المعهد الألمانى، ولكن فى مكان آخر مختلف عن معبد الكرنك، ثم ظهرت صورة لاحقة خلال رسالة دكتوراة فى جامعة ليل الفرنسيه لشخص أسمه Angnes Cabrol لذات التمثال فى عام 1995وجدها فى أرشيف متحف التاريخ الطبيعى، مضيفاً أن البحث أثبت تطابق الصور مع تمثال أبوالهول وكشف عن ذلك وجوده داخل حديقة صغيرة أمام منطقة وابور المياه بمحافظة الإسكندرية التى أممها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. وأضاف مدير الإدارة العلمية بمركز تسجيل الآثار المصرية ل «الأهرام العربي»، أن تاريخ التقاط أول صورة للمرحلة بين 1858-1860 له فى موقعه القديم ثم الجديد وهى فترة التى كانت فى عهد حكم والى مصر «سعيد باشا» حيث كانت تجارة الأثار فى ذلك الوقت تجارة شبه مشروعة، وكانت هناك جماعة من جامعى الأثار بعضهم من قناصل الدول كانوا يجمعون الأثار من كل مكان فى مصر، ويتم نقلها لميناء الأسكندرية البحرى لشحنها وتصديرها للخارج مثلها مثل أى بضاعة، ومن ضمن ذلك عدد من القطع الأثرية من الكرنك كان تمثال «أبوالهول» وهو من الحجر الجيرى الأبيض الناصع. وتابع شاكر:« كان التمثال من ضمن القطع التى تهدى للمتحف اليونانى الرومانى أثناء تشيدة فى عام 1893، أما الأثار التى لا تباع أو تصدر وتشحن تظل فى الميناء، فتقوم السلطات المحلية باستردادها ومنها التمثال الذى تم نقله فيما بعد ذلك لتجميل حديقة شركة وأبور المياه». وأوضح شاكر أنه بالبحث والمقارنة، وجد أن تمثال يأخذ شكل أبو الهول بجسد أسد ورأس أنسان وفوق الرأس التاج، والريشتان المميزتان للأله أمون (مفقودتان الأن) وهو الأله الرئيسى فى طيبة فى الدولة الحديثة وخلف الرأس دعامة تسند التاج والريشتان وله ذقن مستعار ويرتدى بقايا قلادة تسمى «الأوسخ»- حسب المعني الفرعوني- تتكون من سبعة صفوف، والتمثال مهشم فى أجزاء منه وملون باللون الأبيض ويرتكز على قاعدة من الديوريت الأحمر الصلب. وأشار شاكر إلى أن وجه التمثال من أجمل طرز تماثيل أبو الهول المعروفة حتى الأن، فهو قطعة فريدة لتمثال بملامح ملكيه وشارات الهيه لأمون وعليه نص ترجمته «المحبوب أمون سيد عروش الأرضين»، مضيفاً أن العلماء لم يستطيعوا تحديد عودته إلى أي العصور التاريخية، ولكن يتضح من سماته الفنية تشابها مع تماثيل الدولة الحديثة وخاصة مع ملامح الملك توت عنخ امون فى الأنف الصغير والوجه المستدير، لما لهذا الملك من مئات القطع فى الداخل والخارج. الجدير بالذكر أن منطقة وابور المياة، من المناطق المتميزة بالهدوء فى الإسكندرية وتقع فى نطاق حى وسط ومجاورة لمنطقة محرم بك وحدائق الشلالات، وتعود التسمية إلى منتصف القرن التاسع عشر حين صرح والى مصر سعيد باشا لإحدى الشركات الأجنبية سنة 1858 وتحت إشراف الحكومة المصرية، وبشروط، بإنشاء خطوط مياه عذبة وأحواض تصفية وتنقية وتعقيم المياه وإنشاء مواسير فى الشوارع الرئيسية لتوزيع المياه العذبة على سكان مدينة الإسكندرية وضواحيها، وتختار الشركة موقعاً لها بالخلف من منطقة باب رشيد (باب شرقى حالياً) وقريب من ترعة المحمودية والذى أطلق عليها بعد ذلك منطقة وابور المياه، ومن أشهر الأماكن بمنطقة وابور المياه النادى الأوليمبى ثانى أقدم الأندية المصرية والذى تأسس سنة 1905، ومستشفى الولادة (الماترناتيه) وفيلا المعمارى العالمى أوجست بيريه (فيلا أجيون) وميدان وابور المياه تم تغيير اسمه سنة 1995 باسم العالم المصرى د.أحمد زويل.