دول المنطقة تتصدر قائمة شراء السلاح فى العالم وأمريكا البائع الأول الرغبة الجامحة فى جنى الأرباح دفعت سويسرا لتسليح المعارضين السوريين
حصة بلجيكا من بيع السلاح لدول الخليج 1,18 مليار يورو متجاوزة ألمانيا ب484 مليونا!
مقياس الخطر يحدد حجم التسلح.. مقولة تلخص الأسباب الرئيسية التي تدفع الدول للإنفاق عل السلاح، ربما أكثر من إنفاقها على الغذاء والدواء فكلما ازداد خطر الحرب والاعتداء كلما ازداد امتلاك السلاح لغايات على الأقل دفاعية إن لم يكن غايات هجومية، فالسلاح هو الأداة الأساسية للانتصار في النزاعات، ومن ثم فإن الدول والشركات المنتجة له توليه اهتماما خاصا، بل تعكف دوما على تطويره ليواكب التطورات العلمية والتكنولوجية، فتجارة الأسلحة تدر أرباحا طائلة على الدول المنتجة لها، بل إن العمولات والصفقات المشبوهة التي تتخلل تجارة السلاح أدت إلى قيام مافيا على علاقة بحكومات الدول المنتجة ومتخصصة في هذه التجارة.
من المؤسف أن تتصدر منطقة الوطن العربي قائمة المشترين للسلاح على مستوى العالم، إذ قفزت واردات دول الشرق الأوسط ودول الخليج العربية من 17 % إلى %29 في شراء الأسلحة خلال الخمس سنوات الماضية تحديدا، حيث توجهت معظم الدول العربية إلى الولاياتالمتحدة وأوروبا للحصول على قدرات عسكرية متطورة، باعتبارها أدوات أساسية في مواجهة النزاعات والتطورات الإقليمية، لاسيما بعد الثورات العربية التي شهدتها عدة دول.
نظرة سريعة على الأرقام التي تنشرها مراكز الأبحاث العسكرية ووزارات الدفاع في الدول المختلفة، تلقي الضوء على أن الولاياتالمتحدةالأمريكيةوروسيا كانتا وما زالتا أكبر قوتين عسكريتين في العالم، ليس فقط داخلياً بل بصادرات الأسلحة المختلفة التي ما زالت إلى الآن في أوجها. المسألة الأشد وضوحا والتى تظهرها الأرقام بشكل صريح هو هذا التنافس الرهيب بين هاتين الدولتين على تصدير وبيع السلاح لمعظم أنحاء العالم تقريبا، الأمر الذي يجعلنا شبه متأكدين، أن النزاعات والحروب الناشئة في أماكن العالم المختلفة ما هي إلا نتاج مؤامرات أمريكية روسية من أجل بيع السلاح وإلا ما هو السبب في أن يحتل العالم العربي مقدمة الدول الأكثر شراء للأسلحة، متقدما بفارق كبير على أوروبا (11 %) والتي شهدت تراجعاً سبع نقاط عما كانت عليه في الماضي والأمريكتين (8,6 %) متراجعة 2,4 نقطة ؟
ففي التقرير الذي أصدره الكونجرس الأمريكي فيما يتعلق بمبيعات الأسحلة حول العالم في الفترة ما بين عامي 2007-2014 أكد التقرير أن البلدان النامية تشكل 75 % من الدول التي اشترت الأسلحة، بينما ارتفعت هذه النسبة إلى 86 % في عام 2014.
أوضح التقرير أيضا أن الخليج جاء في المرتبة الأولى بين الدول العربية في شراء الأسلحة بين 2007-2014 حيث اشترى أسلحة بقيمة 86,6 مليار دولار في تلك الفترة منها 60 مليار دولار، كانت صفقات أسلحة مع الولاياتالمتحدة تلته العراق بقيمة صفقات بلغت 27,3 مليار ثم الإمارات العربية المتحدة بقيمة 22,6 مليار.
وشهد عام 2015 - 2016 اختلافا كبيرا في ترتيب الدول المستوردة للسلاح، إذ قفزت قطر لتحتل المركز الأول في استيراد السلاح، حيث تصدرت قائمة مستوردي الأسلحة في العالم بصفقات وصلت قيمتها إلى 17 مليار دولار. و احتلت مصر المركز الثاني بعد ما وافقت على صفقات سلاح قيمتها 12 مليار دولار. وكانت طائرات الرافال الفرنسية هي البطل الأول في هذه الصفقات إضافة إلى الفرقاطة الفرنسية أيضا.
الحقائق الصادمة تقول إن تجارة السلاح العالمية لا تزال السبب الأكبر للفقر في العالم، لأن المبالغ التي تنفق على شراء السلاح عالميا تستطيع القضاء على الفقر في غضون سنوات قليلة وبرغم ذلك فإن الدول النامية والفقيرة هي المستورد الأكبر للسلاح في العالم، بينما الدول الصناعية الكبرى خصوصا الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي الذي يفترض فيه أن يكون حامي العالم وحافظ أمنه وسلامته، هي في الحقيقة المورد الأكبر للسلاح في العالم فبين عامي 2011 و2014 وبناء على تقديرات مؤكدة فقد كسبت أوروبا 21 مليار يورو من صفقات تجارة السلاح إلى الشرق الأوسط على الرغم من إدراكها تبعات تدفق السلاح في إطالة الحرب، ولكنها الرغبة الجامحة لجني الأرباح لصالح صانعي السلاح فنظرة إلى سويسرا التي تفخر بكونها رمزا للحِياد والسلام والإنسانية في العالم، نجد أنه في عام 2012 استخدمت الجماعات السورية أسلحة سويسرية الصنع كما أنه تم نقل أسلحة مصنعة في بلجيكا إلى مختلف الفصائل المتحاربة على الأرض السورية، كما بلغت مبيعات السلاح في بلجيكا نفسها إلى بعض دول الخليج ما يقارب 1.18 مليار يورو.
الغريب أن الحكومات الغربيةوالأمريكية والتى أبدت سعادة كبيرة بالربيع العربي باعتباره سيرسخ لمبدأ الديمقراطية كانت من اكثر المناطق التى زادت من تراخيص السلاح في المنطقة عام 2014 إذ زادت في أوروبا بنسبة 22 % بينما زادت في أمريكا بنسبة 30 % ليصبح ما حصلت عليه الدول الأوروبية جراء بيع هذه الأسلحة إلى عدد كبير من الدول العربية هو نحو 32 مليار يورو، أما المبررات فهي أكلاشيهات جاهزة للاستخدام وهو السلاح أداة أساسية لحفظ السلام في البلدان، كما أنه إذا امتنعنا عن توريد السلاح فستحل مكاننا دول أخرى، وبناء عليه تم بيع 270 دبابة حديثة للخليج العربي بعد أن كان هناك حظر شامل ببيع السلاح لبعض دوله بناء على انتهاكاتها في مجال حقوق الإنسان، ولكن في عام 2015 تم حصر الصادرات إلى بعض دول الخليج بالأسلحة ذات الطابع الدفاعي فقط مثل المركبات المدرعة الرباعية وأنظمة التزود بالوقود في الجو وقطع المقاتلات النفاثة وزوارق المراقبة والطائرات بدون طيار لتزداد الصادرات الألمانية إلى بعض بلدان الخليج من 179 مليون يورو إلى 484 مليون يورو في النصف الأول من عام 2016. إنها نفس الدولة الألمانية التي دعت مجموعات معارضة فيها إلى حظر شامل لمبيعات السلاح للخليج العربي لانتهاكه حقوق الإنسان ولكن عندما تتعلق المسألة بالمليارات والأرباح، فلتذهب حقوق الإنسان إلى الجحيم وهو ما جعل منطقة الخليج هي أكبر مستورد للأسلحة في العالم عام 2014، حيث ارتفعت نسبة مشترياتها من السلاح إلى 54 % لتصل إلي 9.8 مليار دولار. نفس الأمر بالنسبة لروسيا التي بلغت صادرات أسلحتها لسوريا نحو 10 % من صادراتها من ضمن قيمة العقود البالغة نحو 1.5 مليار دولار لأنظمة الصواريخ المتعددة ولتحديث الدبابات والطائرات وهي ضعف ما كانت عليه قبيل الحرب الدائرة هناك، وتعد روسيا هي ثاني أكبر مصدر للسلاح بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية، أما المركز الأول فبقي من نصيب الولاياتالمتحدةالأمريكية التي رفعت من حجم مبيعاتها من الأسلحة في الفترة (2010- 2014) بنسبة 23 % وبلغت حصة دول الشرق الأوسط من هذه المبيعات 32 %. وبرغم انخفاض نسبة المبيعات الأمريكية للأسلحة عام 2015 بنسبة 3 % بالعام الذي سبقه فإنها ما زالت تهيمن على سوق الأسلحة العالمية. فرنسا بدورها بذلت جهودا مضنية لزيادة صادراتها من الأسلحة تكللت بالنجاح مع صفقة التسلح التي أبرمتها باريس مع القاهرة في فبراير 2016 فقد استطاعت فرنسا أن تبرز كقوة مصدرة للأسلحة، حيث باعت العام الماضي معدات عسكرية أبرزها مقاتلات رافال وغواصات حربية ما قيمته أكثر من 20 مليار يورو، إذ تعمل فرنسا بلد النور والخير والجمال على الاستفادة من النزاعات والتوتر والحروب التي تهز العالم، لتجعل من بؤر التوتر أسواقا لأسلحتها، وتنجح العام الماضي في دفع إيراداتها من بيع الأسلحة نحو أعلى مستوى له منذ نهاية الحرب الباردة.