يؤمن أنه من العار الخلط بين طالبى اللجوء والإرهابيين أصغر رئيس لفرنسا يرى فى الهجرة إنعاشا للاقتصاد الفرنسى
لم يكن فوز إيمانويل ماكرون برئاسة فرنسا بمثابة مفاجأة لأحد، بل كان فوزا متوقعا أن لم يكن فوزا مستحقا عن جدارة لهذا الشاب الذى وصف نفسه بالوسطى المجدد، والذى لم يتعدى التاسعة والثلاثون من عمره والذى لا ينتمى لأى تيار سياسى تقليدى، ليصبح أصغر رئيس لفرنسا يقتحم الإليزية ويحطم كل القيود ويعمل على تغيير الكثير من سياسة فرنسا فى المرحلة المقبلة، بدءا من تعزيز وحدة أوروبا مرورا بمحاصرة داعش وانتهاء بتعزيز العلاقات مع دول شمال افريقيا والقارة الإفريقية كلها. ما يهمنا نحن كعرب وأفارقة من فوز ماكرون برئاسة فرنسا هو علاقاته بنا سواء عربيا أم إفريقيا، وقد سبق أن أوضح ذلك فى أحد حواراته مع مجلة جون إفريك، حيث وصف علاقات فرنسا مع المغرب العربى بالقوية باعتبار أنها دول تتمتع بالسيادة، فضلا عن أنها شريك أساسى فى المبادرة الموجهة لدول شمال البحر المتوسط وإفريقيا، والتى خصها بشراكة إستراتيجية بينها وبين الاتحاد الأوروبى لبناء علاقات جديدة تتميز بالتوازن والثقة والنمو ولا ننسى بالطبع تصريحات ماكرون النارية والتى وصف فيها الاستعمار الفرنسى بالوحشية، وبأنه فتح المجال لأعمال عنف خلفت وراءها الآلاف من الضحايا، وهو ما ألب عليه الرأى العام والإعلام فى فرنسا لدرجة اتهام مارين لوبان له بأنه طعن فرنسا فى ظهرها بهذه التصريحات. كان ماكرون هو أكثر المرشحين تحركا باتجاه العالم العربى لمحاولة كسب أصوات ناخبين فرنسيين من أصل عربى. وفى هذه السياق جاءت زياراته إلى لبنان والأردن والجزائر، علما أن المحطة الجزائرية كانت دوما مهمة جدا فى تنقلات المرشحين للانتخابات الرئاسية الفرنسية فى العالم العربى لعدة أسباب منها أهمية الجالية الجزائرية المقيمة فى فرنسا ووزن الجزائر السياسى والاقتصادى والعسكرى فى إفريقيا والعالم العربي. أما بخصوص سوريا فليس خافيا على أحد حالة الفتور التى أصابت الدبلوماسية الفرنسية أخيرا وعليه فإن بإمكان ماكرون أن يعيد لها الحيوية مرة أخرى، فهناك عشرات الآلاف من القوات المنتشرة فى جميع أنحاء العالم، كما أن فرنسا تعد حليفا أمريكيا رئيسيا فى الحملة ضد تنظيم "داعش" الإرهابى وبالتالى فمن المرجح أن يُبقى ماكرون العمليات الفرنسية ضد المتطرفين فى العراقوسوريا ويواصل الضغط على روسيا بشأن تعزيزها للرئيس السورى بشار الأسد. يبقى هناك موضوعان اثنان هما ملف النزاع العربى الإسرائيلى وملف الهجرة إلى فرنسا. أما بشأن النزاع الفلسطينى الإسرائيلى فإن ماكرون يدعم مبدأ الدولتين مثله فى ذلك مثل سابقيه أما بالنسبة لمسألة اللجوء، فأهم مقترح فى برنامج ماكرون، هو ذلك الذى يدعو إلى البت فى مطالبة الراغبين فى اللجوء إلى فرنسا، فى فترة لا تتجاوز ستةَ أشهر. يرى إيمانويل ماكرون فى الهجرة إنعاشا للاقتصاد الفرنسى. وقد وضع خطة وشروطاً لاستقبال اللاجئين فى فرنسا باعتبار أن هذه الخطة هى واحدة من بين وظائفه الرئيسية إذ تمثل الأولية فى إدماج طالبى اللجوء فى المجتمع الفرنسي. ماكرون اقترح عدة خطوات فى إدماج طالبى اللجوء بداية بإعطائهم دروسا فى اللغة الفرنسية، ليتم بعدها إدماجهم فى المجتمع وخصوصا فى سوق العمل لاسيما الحاصلين على شهادات جامعية من فرنسا، وذلك بهدف إنعاش سوق العمل الفرنسى عن طريق هؤلاء اللاجئين إذ قال إنه سيعطى تأشيرة طالبى الدخول إلى الأراضى الفرنسية من رجال الأعمال والباحثين للاستفادة منهم لإنعاش الاقتصاد الفرنسي. من هنا طالب ماكرون الإدارة الفرنسية بسرعة البت فى ملفات اللجوء وتقليص مدة الموافقة على اللجوء إلى أقل ستة أشهر. واعتبر ماكرون أنه من العار الخلط بين طالبى اللجوء والإرهابيين, لكن برغم ذلك فقد أعلن عن نيته فى وضع نحو 5000 عنصر من رجال الأمن على الحدود الأوروبية وإنشاء رئاسة أركان مركزية للاستخبارات مرتبطة بمجلس الدفاع التابع لرئيس البلاد والسماح بالاطلاع على التحقيقات الجارية, لو أن ذلك سيساعد على تجنب أى اعتداءات إرهابية محتملة أو سيعمل على توقيف الإرهابيين، وذلك لمكافحة الإرهاب وحفظ الأمن فى فرنسا خصوصا بعد الاعتداءات الإرهابية التى ضربت البلاد فى السنوات الماضية. أما بالنسبة للفرنسيين المتطرفين العائدين من سورياوالعراق، فقد وعد بإنشاء مراكز خاصة مع متابعة شخصية لاحتجاز العائدين من بؤر القتال هناك وفى حال وجود أشخاص يشكلون خطرا أمنيا على البلاد فقد تعهد بطردهم.