خلال الأسبوع الأول من الشهر الكريم أذيع حتى الآن كم هائل من المسلسلات التى يصعب على المشاهد أن يتابعها جميعاً، فالمشاهد الجالس أمام الشاشة حائر بين القنوات التى تذيع وتعيد الأعمال الدرامية، وأصبح الريموت كنترول يتنقل من محطه إلى أخرى بسرعة غير عادية، لكن اللافت للنظر هذا العام هو اعتماد المخرجين على الأسلوب السينمائى فى التصوير والتوزيع الضوئى داخل الكادر مما أعطى نوعا من الجمال للصورة كنا نفتقدها طوال السنوات الماضية التى سبقتنا فيها الدراما السورية، لكن هذا العام ومع دخول عدد غير قليل من مخرجى السينما للعمل فى الدراما التليفزيونية استطاع هؤلاء أن يرتفعوا بالأسلوب السينمائى سواء عن طريق التصوير بكاميرا واحدة أم باستعمال أسلوب الإضاءة المنخفضة والكادرات المتغيرة السيطرة على عين المتفرج بنعومة اللقطات والنقلات السلسة بين المشاهد المختلفة، فمثلا تميز المخرج رامى إمام فى مسلسل " فرقة ناجى عطا الله " بكادراته المعبرة وزوايا الكاميرا التى تضيف نوعا من الجمال للصورة ساعده فى ذلك وجود نجم الكوميديا "عادل إمام " بخفة ظله على رأس فريق العمل مما أعطى شكلا مميزا للعمل على الشاشة، أيضاً استطاع المخرج "محمد على فى "مسلسل الهروب " أن يخرج بممثليه من اللوكيشنات المغلقة إلى التصوير الخارجى فى الأماكن المكشوفة، وهي الصفة التى كانت تميز السينما عن الدراما التليفزيونية خلال العقود الماضية لذلك حدثت جاذبية بين المشاهد والشاشة التليفزيونية التى لم يتعود عليها من قبل، وجاءت تجربة المخرج شادى الفخرانى حتى الآن جيدة برغم أنها التجربة الأولى له فى هذا المجال، فإنه أعطى إشارات تدل على وجود مخرج جيد متمكن من أدواته استطاع أن يصور لنا برد لندن وجوها الكئيب خلال الحرب العالمية الثانية ثم صحراء مصر وحرها الشديد والشمس الساطعه على تعبيرات وجه الفنان القدير " يحيي الفخرانى "، وقد عبر المخرج "عادل أديب " عن نفسه من خلال مسلسل " باب الخلق " بطولة الفنان محمود عبدالعزيز، وذلك من خلال الحلقات القليلة التى أذيعت حتى الآن، وتفاعلت حركة الكاميرا مع المشهد سواء أثناء التحقيقات أم فى المشاهد التى تجمع نجمى الصحافة فى المسلسل " دعاء طعيمة وعمرو عبدالعزيز " وقد استخدم المخرج أسلوب اللقطات المقربة، كما يحدث فى السينما مما سهل على عين المشاهد متابعة الحلقات، أما المخرج أحمد شفيق فقد اعتمد على تصوير مشاهد الأكشن التى يؤديها الفنان " أحمد السقا " بشكل سريع فى مسلسل خطوط حمراء وكأنها عمل منفصل عن باقى المشاهد برغم المجهود الكبير المبذول فى المسلسل لكن تفوق السقا فى بعض مشاهد دون أخرى بالتأكيد أرهق المخرج والمصور فى حركة الكاميرا السريعة، لكن جاءت النتيجة جيدة فى النهاية، أما المخرج "مجدى أبو عميرة " فقد اعتمد على أسلوب الساسبينس واستطاع استخدام الإضاءة بشكل يخدم الحوار من حيث الظل والنور داخل المشهد مما يساعد على توصيل الرسالة بشكل أفضل من الكلام وحده، وقد أثبت المخرج "خالد الحجر " للعام الثانى على التوالى قدرته فى إضافة الأسلوب السينمائى السريع للمشهد والاعتماد على الصورة أكثر من الكلام باستخدام الإضاءة والمؤثرات الصوتية فى مسلسل " البلطجى " بطولة " آسر ياسين "، وقد انتهج المخرج "عثمان أبو لبن " أسلوب الفيديو كليب الذى يجيده فى النقلات السريعة والحركة بالكاميرا فى مسلسل " فيرتيجوا" بطولة هند صبرى، خصوصا أن العمل يحتمل مثل هذا الأسلوب بسبب السيناريو الذى كتبه محمد ناير بما فيه من مشاهد مطاردات وأكشن، أما المخرج محمد مصطفى مخرج مسلسل "9 جامعة الدول العربية " فقد لعب على جزئية التصوير السينمائى بأسلوب الكاميرا الواحدة خصوصا أنها المرة الأولى التى يخرج فيها من بلاتوهات السينما، لذلك رأينا خالد صالح وإيمان العاصى بشكل قد يكون مختلفاً عما قدماه من قبل، أما المخرج " عمر الشيخ " فقد اعتمد بشكل أساسى على الإضاءة والمكياج فى مسلسل " كاريوكا " الذى تجسد فيه الفنانة وفاء عامر شخصية الراحلة تحية كاريوكا واعتمد المخرج على تصوير المشاهد بشكل أبيض وأسود فى بداية الحلقات ليعطى انطباعا عن الفترة الزمنية القديمة أثناء ثورة 1919 وما تلاها ثم استعمل الألوان فى باقى المشاهد واستطاع المكياج أن يقرب بين الشكل والشخصية الحقيقية وهو ما أضاف لرصيد العمل الدرامى، أيضا سار على نفس النهج المخرج " محمد سامى " فى إخراج مسلسل " مع سبق الإصرار " بطولة النجمة غادة عادل وإياد نصار، أما مفاجأة رمضان هذا العام فهو المخرج "أحمد نادر جلال " الذى يستخدم أسلوب الكاميرا الواحدة فى التصوير ويعتمد على كثرة المشاهد الخارجية من خلال مسلسل " رقم مجهول " الذى يلعب بطولته عدد كبير من الممثلين الشباب، لذلك فوجود مخرجى السينما فى الأعمال الدرامية قد أضفى عليها نوعا من الجمال سواء فى الصورة أم الكادرات.