عبد الرحيم رجب نستخدم في حياتنا اليومية العديد من الكلمات ولا نعلم أنها دخيلة على لغتنا العربية، وأطلق علماء اللغة على هذه الكلمات مصطلح "التعريب"؛ وقد عرّفه علماء اللغة قديمًا ب: "أن تتكلم العرب بالكلمة الأعجمية على نهجها وأسلوبها"، وهو رأي الجوهري العلامة اللغوي، وعرّفه سيبويه، قائلًا: "التعريب؛ هو أن تتكلم العرب بالكلمة الأعجمية مطلقًا، فهم تارة يلحقونها بأبنية كلامهم، وطورًا لا يلحقونها بها"، وقال السيوطي: "المعرّب؛ هو ما استعمله العرب من الألفاظ الموضوعة لمعانفي غير لغتها"،ولا بدّ أن نفرّق أولًا بين ما يُسمّى بالمعرّب والدخيل؛ لقد فرَّقالمجمع اللغوي بالقاهرة بين المصطلحينِ؛ فقصر المعرّب على اللفظ الأجنبي الذي غيرّهالعرب بالنقص، أو الزيادة، أو القلب، وقصر الدخيل؛ على اللفظ الأجنبي الذي دخلالعربية دون تغيير. وعلى الرغم من قِدَم هذين المصطلحين اللّذَين وُجِدا مع بداية التصنيف المعجمي؛فإننا لا نلمح التفريق بينهما عند جمهرة علماء العربية، بل إن بعض العلماء أطلقهمامعًا على بعض الكلمات الأعجمية المستعملة في كلامنا كما فعل الأزهري في "تهذيب اللغة" وكذا السيوطي. لمحة تاريخية عن التعريب مما لا شك فيه أن نقل الألفاظ الأعجمية إلى العربية حدث منذ زمن بعيد، فقد اتصل العرببالأمم المجاورة لهم كالفرس والروم، وزاد اتصال العرب بعد انتشار الدين الإسلامي واتساع دولته، وقداشتمل الأدب الجاهلي على الكثير من الألفاظ الأعجميّة. دواعي التعريب للتعريب أسباب كثيرة من أهمها:الضرورة والحاجة الملحة، كأسماء الحيوانات والنباتات التي تَفِد إلىالعربية لأول مرّة، وتتمثل تلك الضرورة حديثًا في المخترعات والاكتشافات الحديثة،وخفة اللفظ المستعار، فقد يكون اللفظ الأعجمي أحيانًا أخف في النطق مناللفظ العربي للشيء نفسه، فيستعمل اللفظ الأعجمي حينئذ ويشيع، ومن تلك الدواعي إعجاب أمة بأخرى لتفوقها عليها، وقديمًا اقتبس التُرك والفُرسكلمات غير قليلة من العربية؛ إعجابًا بها وبأبنائها، وحديثًا يقتبس العلماء في فنونالعلم المختلفة من اللغات الأجنبية أيضًا لهذا السبب. بداية التأليف في المعرّب والدخيل اهتم العلماء بالكلمات الأعجمية الواقعة في العربية؛ فبعضهم أفردها بالتصنيفوالتأليف، من أمثال أبي منصور الجوالقي، فقدأفرد تلك الظاهرة في كتابٍ مستقل: "المعرَّب من الكلام الأعجمي"، واهتم بها أيضًا عبدالله بن محمد البشبيشي، فيكتاب: "التذييل والتكميل لما استعمل من اللفظ الدخيل"، وبعضهم عالج تلك الظاهرة أو تناولها في ثنايا كتبه الجامعة، كسيبويه في: "الكتاب"، ومنأبرز كتب اللغة التي عالجت الأعجمية بصفة عامة: "الغريب المصنف"، لأبي عبيدالقاسم بن سلام، و"أدب الكاتب" لابن قتيبة، و"فقه اللغة" للثعالبي، وكذا السيوطي في: "المزهر"، كما اهتم المحدثون بهذه الظاهرة أيضًا؛ سواء كانوا عربًا أو مستشرقين،وتمثَّلت عنايتهم بهذه الظاهرة في إعداد معاجمٍ صغيرة، وفي دراسات لغوية مستقلة، أو فيمجلات علميّة، وبعد ذكر هذه المقدمة الموجزة عن المعرّب والدخيل، نذكر فيما يلي أشهر الكلمات المعرّبة في استعمالات المصريين اليومية.. • أبله: معلّمة المدرسة، جمعه: أبلات، أصله تركي (abla)، وهو يعني الأخت الكبيرة، واستعمل للمدرِّسة من باب التقدير والاحترام. • أبيه: كلمة ينادي بها الصغير أخاه الكبير، أو صديقَ أبيه الصغير السنّ، أصلها تركي abe)، (abey، وأصله: (آغا بك)؛ بمعنى الأخ الأكبر. • أباجورة: هو مصباح كهربائي يوضع على المكتب أو بجوار السرير للقراءة، أصله فرنسي (abat-jour)، ومعناه: مظلة المصباح. • أبرشيه: منطقة من البلاد تخضع لسلطة أسقف، وأصلها يوناني (eparchia). • أبلكاش، هو لوح من الخشب، أصله فرنسي (blocage)؛ بمعنى الحاجز. • أبونيه: بطاقة الاشتراك في القطار والأتوبيس، فرنسي الأصل (abonne)، ومعناه: المشترك. • إتيكيت: مجموعة آداب اجتماعية، وهو فرنسي الأصل (etiquette). • أتوبيس: سيارة كبيرة للنقل الجماعي؛ وأطلق عليها أهل الإسكندرية قديمًا: (الأتوبُوس) بالواو في محل الياء، أصلها فرنسي (autobus)، وهو مركَّب من (auto)؛ بمعنى: (تلقائي)، و(bus) وهو المقطع الأخير من الكلمة اللاتينية (omnibus)؛ بمعنى: (للجميع). • أجزخانة: الصيدلية، وهي متجر الأدوية، أصله تركي (eczahane)، وهذه الكلمة التركية مركبة من كلمتين إحداهما عربية، والأخرى فارسية، أما الكلمة العربية فهي (أجزا)، وهي محرّفة من (أجزاء)، وتطلق باللغة التركية على الدواء؛ لأنّه يتركب من أجزاء مختلفة، وأما الكلمة الفارسية فهي (خانه) بمعنى الدار؛ أي: (دار الأدوية). أما (أَجْزَجي) فهو مركب من (أجزا)، واللاحقة التركية (جي) بمعنى الصاحب. • أَجِندة: المفكرة، أصله فرنسي (agenda)، وأصل معناه باللاتينية "ما يجب أن يُعمَل"، وهو جمع (agendus)، من الفعل (agere)؛ بمعنى: عَمِلَ، يعمل، وسميت المفكرة هذه التسمية؛ لأن المرء يسجل فيها ما يجب عليه أن يعمله في أوقات معيَّنة. وشاع استعمالها في وسائل الإعلام حديثًا؛ بمعنى: الخُطَّة، والمنهج المتَّبَع في شأن ما، ولها صلة بأصل المعنى. • أرشِيف: وهو المكان المخصص لحفظ الوثائق في أي مؤسسة، وقد اشتق منه: "الأرشفة"، وهي حفظ الوثائق بالطريقة المعروفة، أصله فرنسي (archives)، وهو من الكلمة اليونانية ((archeionبمعنى دار الحاكم، وهي بدورها مشتقة من ((archeبمعنى الحكومة. • استبن: كاوتش السيارة الاحتياطي، أصله إنكليزي (stepney)، ويقال إن (stepney) اسم شارع في مدينة (lianelly) في مقاطعة ويلز حيث مصنع للكاوتش كما في "معجم أكسفورد". • أستوديو: له ثلاثة معانٍ، وهي: (1) محل يرسم فيه الرسَّام. (2) وموضع التقاط الصور الشمسية. (3) وغرفة البثّ الإذاعي أو التصوير التليفزيوني، أو التسجيل الصوتي. والجمع استوديوهات، أصلها إيطالي (studio)؛ بمعنى الدراسة، والعناية، والاهتمام؛ ثم أطلق على محل الدراسة والعمل. • أسانسير: المصعد، وفي بعض البلدان (أسانسيل)، أصله فرنسي (ascenseur). • استاكوزا: نوع من الأسماك البحرية، أصله يوناني (astakos). • إسترجي: من يعمل في دهانات تلميع الخشب، أصله تركي (astra)، مأخوذ من الفارسية، وأصل معناه البطانة أو الدهان الأولي. • الإستراتيجية: التخطيط العسكري، وأصله إيطالي (strategia) مأخوذ عن اليونانية، بمعنى فن قيادة الجيش. • استاد: هو ملعب دائري حوله مقاعد للمتفرجين، أصله فرنسي (stade) مأخوذ عن اليونانية. • استكر: ورقة لاصقة، تلصق على الأشياء للكتابة عليها، أصله إنكليزي (sticker)، بمعنى اللاصق. • أستيكة: المسّاحة؛ أصله تركي (lastik)، مأخوذ من الإيطالية (elastico)، ومعناه المطاط. • أسطى: وهو صاحب الصنعة الماهر، أصله تركي (usta)، وهو مأخوذ من أستاذ.