شهدت الأيام الماضية حالة من الغضب العارم الذي اجتاح جميع المصريين بكل فئاتهم وأطيافهم وأعمارهم شيوخا وشبابا رجالا ونساء مسلمين ومسيحيين, في كل أنحاء الوطن في المحافظات والمراكز والقري والنجوع ضد اسرائيل. عقب استشهاد ضابط وأربعة جنود أمن مصريين علي الحدود المصرية برصاص الجيش الاسرائيلي ونسيت الأحزاب, والائتلافات والحركات والحق يقال كل خلافاتها واختلافاتها واعتصاماتها ودعواتها المليونية ومطالبها المتكررة ليصبح مطلبها الأوحد ولا مطلب سواه هو الوقوف مع مصر والتصدي لحالة الصلف والغطرسة الاسرائيلية لنر مصر كلها بين يوم وليلة وقد اتخذت موقفا حاسما تجاه اسرائيل, مؤكدة علي عدة مطالب منها تسليم قتلة الشهداء المصريين ومحاكمتهم في مصر وطرد سفير اسرائيل من القاهرة ومنع أسطولها من عبور قناة السويس وغيرها من المطالب الأخري, ولم يكن هذا التوحد الشعبي الجماهيري الكاسح غريبا علي المصريين, فهذا هو طبعهم الذي جبلوا عليه عندما يشعرون بأي محاولة للنيل من مصر وكرامتها وتاريخها العريق, حدث هذا في ظروف كثيرة وتجسد بعضها في ثورة19 وحرب الاستنزاف وانتصار أكتوبر73, وقد ظهرت غضبتهم العارمة بعد استشهاد الجنود المصريين برصاص الجيش الاسرائيلي في عدة اتجاهات نعرض بعضها علي النحو التالي: وتدفق الآلاف المؤلفة من الشباب والكبار الي القاهرة قادمين من أقاصي الصعيد للانضمام مع أشقائهم من الوجه البحري أمام السفارة الاسرائيلية, قاطعين آلاف الكيلو مترات رافعين الاعلام المصرية ومطالبين بالثأر من الاسرائيليين لأرواح شهدائنا من الجنود المصريين. رغم الاجراءات الامنية المشددة التي اتخذتها مصر أمام وحول السفارة الاسرائيلية ومنع اية محاولة لاقتحامها من جانب المصريين الغاضبين فإن أحد الشبان استطاع ان يتسلق مبني السفارة الصعود الي سطحها وأنزل العلم الاسرائيلي ورفع العلم المصري بدلا منه في مشهد يجسد حالة الغضب التي بلغت ذروتها ضد الحكومة الاسرائيلية. تضامن الشعب الغاضب مع القرار الذي أصدرته اللجنة الوزارية لادارة الأزمات بأن بيان الاعتذار والأسف الذي قدمته الحكومة الاسرائيلية وإن كان ايجابيا في ظاهرة الا انه لا يتناسب مع جسامة الحادث الذي راح ضحيته ضابط وأربعة جنود أمن مصريون مع الحدود المصرية برصاص الجيش الاسرائيلي وحالة الغضب الجارف التي أصابت المصريين من التصرفات الاسرائيلية والمطالبة بأن تتحمل اسرائيل مسئوليتها تجاه ما حدث وتتعهد بعدم تكراره مستقبلا. تحذير الأزهر الشريف في بيانه يوم الثلاثاء23 رمضان للاسرائيليين من غضبة شباب مصر الثائر الدين انتفضوا لكرامة وطنهم ودماء إخوانهم الذين استشهدوا برصاص الجيش الاسرائيلي علي أرض سيناء ورفضهم القاطع للتصرفات الهمجية العدوانية, الاسرائيلية وقول الامام الاكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر ان مصر بكل أطيافها وفصائلها وائتلافاتها تجتمع الآن يدا واحدة وصفا واحدا ضد العنف الكريه الممقوت الذي تمارسه الحكومة الاسرائيلية, ولنا بعض المقترحات الاتية: الاسراع بتعزيز الوجود العسكري المصري علي أرض سيناء خاصة بعد تصريحات ايهود باراك وزير الدفاع الاسرائيلي تعليقا علي استشهاد الجنود المصريين الاربعة يوم22 رمضان بان اسرائيل ترحب بأي نشاط تقوم به مصر لضمان الأمن علي امتداد حدودها مع اسرائيل, وكذلك قول مسئولين عسكريين اسرائيليين رفيعي المستوي انه يتعين علي اسرائيل النظر في تعديل اتفاقية السلام مع مصر بحيث تسمح للجيش المصري بزيادة القوات المصرية وزيادة وجودها العسكري في سيناء بشكل ملحوظ في ضوء الوضع الأمني المتدهور هناك. تحديد سقف زمني ينهي خلاله التحقيق المشترك بين الجانبين الاسرائيلي والمصري لمعرفة ملابسات حادث استشهاد جنود الأمن المصريين واعتبار موافقة اسرائيل علي ذلك خطوة أساسية لعدم تكراره مستقبلا علي ان تتم محاكمة المتهمين أمام المحاكم المصرية التي وقع حادث الاعتداء علي أرضها اسوة بمحاكمة اسرائيل لثلاثة أطفال قصر مصريين اعتقلتهم بسبب بيعهم السجائر علي بعد أمتار من حدودها. الاسراع دون تباطؤ في انشاء الهيئة العليا لتنمية سيناء وإصدار القانون الخاص بها وكذلك ميزانيتها المستقلة لتتولي عملية التخطيط للتنمية المتكاملة لسيناء, بحيث يكون لمجلس ادارتها كل الصلاحيات المقررة للوزراء, وأتمني أن يوفق المجلس العسكري ورئيس الوزراء في اختيار رئيسها الذي يتم تعيينه بدرجة نائب رئيس وزراء وأن يتم اتخاذ جميع الاجراءات المتعلقة بانشائها خلال الايام القادمة لتبدأ عملها فورا وتعوضنا عن الاهمال الرهيب الذي تعرضت له سيناء خلال السنوات الماضية. وأخيرا ان تنهي الأحزاب والائتلافات والحركات عمليات اعتصاماتها ودعواتها المليونية وتطوي هذه الصفحات الي غير رجعة ليتركز تفكيرها فقط في انقاذ مصر وعدم تعطيل العمل ودوران عجلة الانتاج ودعم اقتصادنا ليسترد عافيته والوقوف صفا واحدا لمساندة سيناء في انطلاقتها الجديدة بعد انشاء الهيئة العليا المستقلة لتنميتها الطموح والمتكاملة في المرحلة القادمة. المزيد من مقالات مصطفى الضمرانى