يجتمع زعماء المجلس الوطني الانتقالي الليبي الذي أطاح بالزعيم المخلوع معمر القذافي مع زعماء العالم اليوم الخميس لوضع خطة لإعادة إعمار البلاد بعد 42 عاما من اليوم الذي قاد فيه القذافي انقلابا استولى بعده على السلطة في البلاد. ويستضيف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون -اللذان أثمرت مغامرتهما بقيادة التدخل الغربي في ليبيا هذا الأسبوع بالاطاحة بالقذافي من السلطة- وفودا من 60 دولة ومنظمة عالمية. ويركز جدول الأعمال المزدحم للاجتماع الذي يستغرق ثلاث ساعات على إعادة البناء السياسي والاقتصادي وترغب القوى الغربية في تجنب الأخطاء التي ارتكبت في العراق بعد الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة لكن المحادثات التي تجرى على الهامش ربما تكشف الصراع المبكر على فرص النفط والمرافق والبنية الأساسية. وقال الان جوبيه وزير الخارجية الفرنسي لإذاعة ار.تي.ال إن الأولوية هي مساعدة المجلس الوطني الانتقالي بالاحتياجات الإنسانية وإعادة إمدادات المياه والوقود والكهرباء لكنه قال إن فرص الاستثمار تأتي في المرحلة الثانية. وقال للإذاعة "تعلمون أن هذه العملية في ليبيا تكلفت كثيرا. إنها أيضا استثمار في المستقبل لأن ليبيا الديمقراطية بلد سيتطور وسيتيح الاستقرار والأمن والتنمية في المنطقة." وترك القذافي ليبيا التي تضم احتياطيات كبيرة من النفط الخام تعاني من نقص شديد في التنمية. وكان القذافي قد أطاح بالملك ادريس السنوسي في الأول من سبتمبر عام 1969 . ونشرت صحيفة ليبراسيون الفرنسية تقريرا يقول إن المجلس الوطني الانتقالي وافق في خطاب في ابريل نيسان اطلعت عليه رويترز على إعطاء فرنسا الأولوية في الحصول على 35 في المئة من النفط الليبي مقابل مساندتها. لكن المجلس نفى صراحة التقرير وقال وزير الخارجية الفرنسي إنه ليس لديه علم بخصوصه. وقالت مصادر فرنسية دبلوماسية ومصادر أخرى في قطاع النفط إن التقرير كاذب فيما يبدو. وستتركز انظار العالم على مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي ومحمود جبريل رئيس اللجنة التنفيذية بالمجلس بينما يتيح مؤتمر "أصدقاء ليبيا" للمجلس الوطني الانتقالي أول منبر عالمي لمخاطبة المجتمع الدولي بعد اسبوع من سيطرة قواته على العاصمة الليبية وطرد القذافي من مقره. وسيفتتح عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي المحادثات بعرض خارطة الطريق للمجلس والتي تشمل وضع دستور جديد وإجراء انتخابات خلال 18 شهرا وسبل تجنب عمليات الانتقام. وسيلقي لاحقا كلمة في مؤتمر صحفي مسائي مشترك مع ساركوزي وكاميرون. وستحضر وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون المحادثات إلى جانب زعماء أوروبيين وأفارقة وزعماء حلف شمال الأطلسي والأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي. كما سيكون هناك ممثلون عن روسيا والصين اللتين عارضتا تدخل حلف شمال الاطلسي. وفي خطوة أخرى في إحداث التحول في ليبيا اعترفت روسيا اليوم بالمجلس الانتقالي باعتباره السلطة المشروعة وقالت الجزائر التي تلكأت في هذه الخطوة إنها ستعترف بالمجلس إذا شكل حكومة ذات قاعدة عريضة تمثل جميع مناطق ليبيا. ورغبة من المجلس الوطني الانتقالي في تلبية الاحتياجات الفورية للسكان من المتوقع أن يطالب بالحصول سريعا على مليارات الدولارات من الأصول الليبية المجمدة في الخارج بعد فرض عقوبات من الأممالمتحدة. وحصلت الولاياتالمتحدة وبريطانيا على إذن من الأممالمتحدة لتفرج كل منهما عن 1.5 مليار دولار من الأصول الليبية المجمدة وحصلت فرنسا على موافقة للإفراج عن 1.5 مليار يورو (2.16 مليار دولار) من إجمالي 7.6 مليار يورو. وربما تتخذ دول أوروبية أخرى نفس الإجراء في حين ان محادثات اليوم ليس من المفترض أن تثمر عن وعود تمويل لكن ربما تكون هناك وعود ببعض المساعدات أو القروض لإعانة المجلس الوطني الانتقالي الذي يستخدم الأموال التي تم الإفراج عنها في وقت سابق في فرنسا لشراء القمح. وذكرت مصادر في الاتحاد الأوروبي أن الاتحاد الذي أرسل نحو 150 مليون يورو من المساعدات الإنسانية إلى ليبيا يستعد لمساعدة المجلس الوطني الانتقالي في مجال العدالة والشرطة والأمن والتعليم والإدارة المالية. وفي حين ان مسؤولين يصرون على أن اجتماع باريس يتعلق بضمان الاستقرار السياسي في ليبيا واتخاذ إجراءات مختلفة عما حدث في العراق بعد الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة عام 2003 فإن الشركات الفرنسية تخطط لإرسال بعثة تجارية لتقييم الوضع هناك للحصول على عقود في مجال إعادة الإعمار. وإلى جانب المستقبل الكبير للتنقيب عن النفط فإن نهاية الصراع الذي استمر ستة أشهر يفتح فرصا كبيرة لشركات البنية الأساسية وإعادة الإعمار والكهرباء والاتصالات والمياه والسياحة والتي ترغب في تحدي الوضع المميز الذي تمتعت به شركات إيطالية خلال حكم القذافي الطويل. ووعد المجلس الوطني الانتقالي بمكافأة الدول التي قامت بدور رائد في دعم انتفاضته على القذافي. وفي حين ان باريس أرسلت ممثلي شركات لتقييم الوضع فإن بريطانيا لا تعتزم إيفاد أي بعثات قبل انتهاء الصراع تماما. وقال جون هاميلتون وهو مدير شركة (كروس بوردر انفورميشن) للأبحاث والنشر "يبدو أن بريطانيا دائما تتباطأ في الخروج من قيودها لكننا نجيد العمل في السياسات العامة" مشيرا إلى ان قطاع البنوك في ليبيا سيكون محتاجا أيضا بشدة للتنمية. وأضاف "إذا أمكن لأحدهم ان يقول إن طرابلس آمنة.. سيخرج الناس إلى هناك في أسرع وقت ممكن." وقال المجلس الوطني الانتقالي لرويترز إن تقرير صحيفة ليبراسيون عن صفقة النفط مع فرنسا هو محض هراء. وقال محمود شمام إن هذا التقرير كاذب. وكان قد ورد اسمه هو إلى جانب جبريل في الخطاب. وقال إن مثل هذا الصفقة غير واردة. وقال جوبيه لإذاعة ار.تي.ال "ليس لي علم بهذا الخطاب. ما أعلمه هو ان المجلس الوطني الانتقالي قال رسميا إنه فيما يتعلق بإعادة إعمار ليبيا فإنه سوف يجعل الأفضلية لمن ساعده. يبدو هذا عادلا ومنطقيا بالنسبة لي. لسنا وحدنا.. توجد أيضا إيطاليا.. والأمريكيون."