أسهمت روسيا والصين في تأخير الحسم في ليبيا واطالة أمد الحرب التي شنها القذافي ضد شعبه الثائر والتي راح ضحيتها نحو20 ألف قتيل عندما وقفت الدولتان موقفا سلبيا من ثورة الشعب الليبي ولم تساندا قرار الأممالمتحدة بفرض حظر جوي فوق ليبيا لحماية شعبها من بطش القذافي الذي كاد أن يبيد أهلها تماما. وبدا أن الدولتين اختارتا دعم العقيد حتي ولو استمر زعيما بلا شعب, فالمهم أن يكون هناك بترول. وبعد حسم المعركة لصالح الشعب, بدأت الدولتان تتحسسان مصالحهما في ليبيا وفيما يتعلق بروسيا التي قدر عدد من المصادر الرسمية خسائرها بسبب الثورة الليبية بنحو14 مليار دولار متمثلة في قيمة عقود توريد الأسلحة والمعدات العسكرية إلي جانب توقف مشاريع التعاون في مجالات النفط والغاز وبناء السكك الحديدية, فقد تراوحت مواقفها بين الرغبة في استمرار القذافي طرفا في المعادلة السياسية. هذا الموقف اكده الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف عندما دعا العقيد معمر القذافي والمعارضة الليبية الي وقف القتال واجراء محادثات, وأن يتوصل الليبيون لاتفاق فيما بينهم, وأشار الي أن بلاده يمكن أن تعترف بالمعارضة كحكومة رسمية لليبيا ان أمكنها توحيد ليبيا, مضيفا ان القذافي مازال يتمتع بقدر من النفوذ والقدرات العسكرية رغم نجاحات المعارضة. وفي المقابل, أعلن ميخائيل مارجيلوف الممثل الشخصي للرئيس الروسي ديمتري ميدفيدف في إفريقيا أنه حصل علي وعد من ممثلي المجلس الوطني الانتقالي بتنفيذ كل ما جري توقيعه من معاهدات واتفاقيات مع روسيا حول المشروعات الاقتصادية في ليبيا. أما الحكومة الصينية التي أدانت الضربات الجوية ضد كتائب القذافي ودعت لتسوية بين الحكومة والمعارضة فانها وبعد انتصار الشعب علي العقيد دعت ليبيا إلي حماية استثماراتها, وحقوق المستثمرين الصينيين ومواصلة التعاون الاقتصادي بين البلدين ولا سيما تجارة النفط التي تصب في مصلحة كل منهما وأعلنت وزارة الخارجية الصينية أن بكين ستحترم إرادة الشعب الليبي وتأمل في عودة الاستقرار إلي البلد الذي مزقته الحرب. ومن الواضح أن تصريحات ميدفيديف تعبر عن أماني أكثر مما تعبر عن واقع تجاوز القذافي وأصدقائه الذين التفوا حوله لأسباب اقتصادية, ولكن الواقع أن ليبيا مابعد الثورة لن تغفل عن مكافأة أصدقاء الشعب الليبي وعقاب أصدقاء القذافي. ويبقي لروسيا ومعها الصين وثالثتهما ايران أن تعيد حساباتها بشأن مايجري في سوريا لأن بشار لن يدوم وسوريا وشعبها لهما الخلد.