مدين باعتذار الي فيلسوف الكتابة الساخرة العفيفة أحمد بهجت أري من الأمانة أن أقدمه الآن بعد سنة. فقد نصبت نفسي سيافا علي اجاباته حبا واحتراما ورغبة في تجنيبه وجع الدماغ خلال حواري الطويل معه الذي نشره الأهرام في رمضان الماضي, وكان السؤال الذي وجهته للأستاذ أحمد بهجت ماهو طوق النجاه من التدهور الذي نعيشه الآن في كل شيء وجاء رده في صميم النبوءة بالثورة فعلا, فقد عرج في إجابته إلي رواية مسرور ومقرور, وقال إنني أشاهد وقائعها كل مرة برؤية جديدة فقلت في نفسي إن الأستاذ بهجت يتهرب, لكنه أضاف: وتفسيري هذه المرة فيه إجابة علي سؤالك فمسرور كان شديد الثراء لدرجة أن ثروته كانت تزيد كل ثانية الف جنيه من الذهب ويري أن علمه وعبقريته تؤهله للمزيد من السلطة والثروة أما مقرور فكان فقيرا معدما يقيم في عشة عشوائية غير بعيدة عن قصر مسرور محروما من كل أسباب الحياة الكريمة وآخر حذاء لبسه من عشر سنوات, ورغم أن سياسات وثروة مسرور ووزرائه كانت قائمة علي المزيد من مص دم وحق وعرق مقرور وأمثاله الا أن مقرور كان يبدو راضيا بحاله هذا ولم يكن سكوته عن سياسات النهب والفساد التي يمارسها مسرور عن خوف ولكنه كان يري في تحمل الظلم فرصة للمزيد من التقرب الي الله وتكفيرا عن الطيش الذي ارتكبه حين كان قاطع طريق في صباه, في نفس الوقت وجد مسرور في هذا الخضوع اعترافا ضمنيا بعبقريته ودعوة له بممارسة المزيد من الاستبداد والقمع, حتي عندما تقابلا ما بين الجنة والنار ما كاد مقرور يقول ربي لعلي أكون قد أرضيتك بخضوعي وزهدي حتي قاطعه مسرور قائلا: أنني حكمت كما أري ولم أجد من مقرور وأمثاله من الخاضعين الراضين السعداء بفقرهم من يقول لي: قف عندك نريد حقوقنا. وقد حدد الأستاذ أحمد بهجت مسرور بالوصف وقال: في أيامنا هذه ربما يكون مسرور شابا طامعا مغرورا بجاهه وقوته ويري أنه يمتلك قدرات خاصة لحكم البلاد ويتباري الجميع بتقديم الطاعة له بمن فيهم المعدمون الذين يرضون بما يلقي اليهم من فتات, ويعتبرون ما يسقط فوق رؤوسهم من صخور ومرض ابتلاء بل ويشاركون في تزييف الانتخابات وتفصيل القوانين التي تيسر له احتكار السلطة والثروة وتسليك طريقه لوراثة الملك. ونشر الحوار في الأهرام بدون الفقرة السابقة التي حددت أن صمت المهمشين مسئول عما حدث, وطوق النجاة كان في الإرادة, وهو المعني الذي جسده هتاف الثائرين منذ25 يناير مش هانخاف مش هانطاطي.. إحنا كرهنا الصوت الواطي.. ورغم ذلك أحمد الله وأشكر الأستاذ عمر طاهر الذي كتب في عموده مصري أصلي بجريدة التحرير الأسبوع الماضي أنه وجد في ذلك الحديث الذي نشره الأهرام قبل سنة مع أحمد بهجت نبوءة بالثورة.. رغم اختصاري تفاصيل من حكاية مسرور ومقرور حتي لاأفتح نار مسرور النظام الفاسد علي أستاذي الثائر أحمد بهجت اعتقادا مني أنني أوفر له الحماية.. والذي أسمعه رغم صمته وهو علي السرير الأبيض يطلب عرض كل الخائفين بعد ثورة يناير علي طبيب نفسي يعالجهم من اليأس الذي يجعل السجين يرضي بظلم سجانه ويعتبره قدرا ومكتوبا وطريقا الي الجنة.. ومن الخوف الذي يقلب الرقيب الداخلي في ضميره منذ فجر الكتابة الي سياف, فنكبره ونضخمه ونلبسه جزمة برقبه ثم نختار بارادتنا إما أن نضع رقابنا تحتها وإما أن نتحايل ونكتب ما نريد لتغيير الواقع في حكايات أدبية عن عالم آخر أو نغلفه بابتسامة ساخرة علي لسان القطط والكلاب والحمير. المزيد من مقالات أنور عبد اللطيف