«العمل» تحرر 6185 محضرًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 22 يومًا    انتخابات مجلس النواب.. أسماء محافظات المرحلة الثانية    جامعة قناة السويس تشارك في معرض تراثنا الدولي (صور)    أسعار الخضروات اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 بأسواق الأقصر    سعر الذهب اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 وعيار 21 للبيع.. خبير يكشف توقعات الفترة المقبلة    مساء اليوم.. الجيزة تعلن قطع المياه 6 ساعات عن هذه المناطق (تفاصيل)    الفيدرالي الأمريكي والإغلاق الحكومي، هل تتغير قواعد اللعبة بعد تهديد ترامب؟    وزير الزراعة: لا تهاون مع المتلاعبين بالأسمدة.. ووقف الدعم في هذه الحالة    تكريم الشركات المصرية المساهمة في صيانة "كيما" بحضور وزير قطاع الأعمال    «اعتقدنا أنه هجوم نووي».. انفجار مصفاة نفط يثير الرعب في لوس أنجلوس (صور)    جيش الاحتلال ينشئ موقعا عسكريا قرب شارع الرشيد بمدينة غزة    أول تعليق من الفصائل الفلسطينية حول خطة ترامب    سلوت يثير الجدل بشأن إصابة نجم ليفربول.. ويكشف موقف إيكيتيكي    كرة القدم النسائية، الأهلي يواجه فريق مسار في بطولة الدوري اليوم    بوستيكوجلو: لا يمكنني التحكم في رأي الجماهير بشأن المطالبة بإقالتي    مصرع شخصين وإصابة آخر في انقلاب سيارة بطريق رأس غارب- الغردقة    مخرج «استنساخ»: سامح حسين مغامر واعتبره رمزًا تأثرت به كثيرًا    وعكة صحية تضرب محمد زيدان، تعرف على التفاصيل    أفضل الأعمال المستحبة في يوم الجمعة.. الإفتاء توضح    استشاري تغذية علاجية: الأضرار المحتملة من اللبن تنحصر في حالتين فقط    فوائد السمك للطفل الرضيع وشروط تقديمه    طارق الشناوي يشيد بفيلم «فيها إيه يعني»: مختلف وجريء.. يُبكيك ويُضحكك    غدًا.. استكمال محاكمة سارة خليفة و27 متهمًا بتخليق المواد المخدرة وتصنيعها    مواعيد مباريات الجمعة 3 أكتوبر.. البنك الأهلي ضد المصري والدوري الإنجليزي    الصين تدعو لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    الزمالك يختتم تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة غزل المحلة    أحمد ربيع يقترب من الظهور الأول مع الزمالك    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 3-10-2025 في محافظة قنا    إسرائيل تستهدف منظومة دفاعية لحزب الله في جنوب لبنان    بريطانيا..مقتل 2 وإصابة 4 في هجوم دهس وطعن خارج كنيس يهودي    هل تتحقق توقعات ليلى عبد اللطيف بثراء 4 أبراج فى أواخر عام 2025؟    بوتين يحذر أمريكا من تزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك    القنوات الناقلة مباشر لمباراة مصر ضد تشيلي في كأس العالم للشباب 2025    موعد شهر رمضان 2026 .. تعرف على غرة الشهر الكريم وعدد أيام الصيام    ليلى علوي تنهار من البكاء خلال مهرجان الإسكندرية.. اعرف التفاصيل    تصريح صادم من سماح أنور عن المخرجة كاملة أبو ذكري    محافظ الإسكندرية عن التكدسات المرورية: المواطن خط أحمر ولن نسمح بتعطيل مصالحه    القبض على المتهم بالشروع فى قتل صاحب محل بالوراق    «كوكا حطه في جيبه».. أحمد بلال ينتقد بيزيرا بعد مباراة القمة (فيديو)    استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    رياض الخولي أثناء تكريمه في مهرجان الإسكندرية السينمائي: "أول مرة أحضر مهرجان .. وسعيد بتكريمي وأنا على قيد الحياة"    سورة الكهف يوم الجمعة: نور وطمأنينة وحماية من فتنة الدجال    الشاعر مصطفى حدوتة بعد ترشح أغنيته للجرامي: حدث تاريخي.. أول ترشيح مصري منذ 20 عامًا    نائب محافظ سوهاج يكرم 700 طالب و24 حافظًا للقرآن الكريم بشطورة    مختار نوح: يجب محاسبة محمد حسان على دعواته للجهاد في سوريا    مدرسة المشاغبين، قرار صارم من محافظ القليوبية في واقعة ضرب معلم لزميله داخل مكتب مدير المدرسة    اللجنة النقابية تكشف حقيقة بيان الصفحة الرسمية بشأن تطبيق الحد الأدنى للأجور    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    انتداب المعمل الجنائي لفحص حريق مخزن وشقة سكنية بالخانكة    حزب الإصلاح والنهضة يدشّن حملته الانتخابية للنواب 2025 باستعراض استراتيجيته الدعائية والتنظيمية    نائب محافظ سوهاج يكرم 700 طالب و24 حافظًا للقرآن الكريم بشطورة| فيديو وصور    أتربة عالقة في الأجواء .. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025    «هيدوب في بوقك».. طريقة سهلة لعمل الليمون المخلل في البيت    ضيفي ملعقة «فلفل أسود» داخل الغسالة ولاحظي ماذا يحدث لملابسك    انفصال 4 عربات من قطار بضائع بسوهاج    أسعار الخضروات في أسيوط اليوم الجمعة 3102025    منافسة ساخنة على لوحة سيارة مميزة "ص أ ص - 666" والسعر يصل 1.4 مليون جنيه    الكويت تدخل موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية بأطول جراحة روبوتية عابرة للقارات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد بهجت‏:‏ أهدي كتبي لسيدنا جبريل

هذا الرجل ليس مجرد كاتب إسلامي‏,‏ ولا كاتب صحفي‏..‏ ولا محاور ولا أديب ولا محقق ولا كاتب ساخر ولا متصوف‏,‏ إنه كل هؤلاء في عجينة واحدة‏,‏ إنه أحد حراس الحقيقة‏. وإنتاجه الأدبي والديني والصحفي من أصغر تعليق في كلمتين وبس إلي أكبر تحليق مع أنبياء الله‏,‏ مرورا بحواراته مع رجال الحكم والسياسة والإعلام‏,‏ ومع القطط والكلاب والحيتان ومع إبليس وإخوانه‏..‏ كل هذا الإنتاج يأتي مشبعا دائما بهذا الخليط من الدين والوطنية‏0‏
إنه الأستاذ أحمد بهجت الذي لا يؤمن بموضة الفن للفن لأن الفن عنده مركبة للقيم‏,‏ فهذا الرجل كالنحل يحوم حول كل الأطباق والأزهار ليقدم لنا في صندوق الدنيا قطرة من عسل مصفي فيها شفاء للناس والمجتمع‏..‏
مشوار من الكتابة لأكثر من‏50‏ سنة في بلاط صاحبة الجلالة من محرر صغير في أخبار اليوم مع مصطفي وعلي أمين‏,‏ إلي صباح الخير مع أحمد بهاء الدين‏,‏ إلي الأهرام في عصر هيكل‏,‏ ثم رئيس تحرير الاذاعة والتليفزيون‏..‏ وهو أحد أكبر كتاب مصر والأهرام‏.‏
نذر نفسه لخدمة هذا الوطن وتغييره نحو الأفضل‏..‏ أسلحته آلاف المقالات والموضوعات‏,‏وعشرات الكتب‏..‏ حلق مع الأنبياء والرسل‏,‏ وغاص في بحار الحب مع الصوفية واقتحم باقتدار عالم الحيوان‏,‏ والطير‏..‏ ولكن ما أصابني بالذهول أنه بعد هذا المشوار لم يحصل علي جائزة الدولة التقديرية ولا جائزة مبارك الذي كرمه في مناسبات عديدة‏.‏
ولدت فكرة هذا الحوار منذ خمسة شهور عندما تكرر اعتذاره عن عدم كتابة صندوق الدنيا‏..‏ ثم أرسل مقالا بعنوان صدمني وضاع الحب‏..‏وكان المقال عن بيت من أغنية لأم كلثوم أنا وأنت ظلمنا الحب بإدينا فاتصلت به لأطمئن عليه وسألته‏:‏ هل قصة الحب تحتاج إلي نسيانها أم إلي تذكرها؟‏!.‏
فقال‏:‏ النسيان طريق رئيسي يؤدي إلي هزيمة الإنسان‏,‏ وإبليس دائما يتحين اللحظة التي يغفل فيها الإنسان‏0‏
وشعرت أنني سألته عن نوع من الحب وهو يجيب عن حب من نوع آخر‏..‏ وسألته‏:‏ هل الحب يموت ياأستاذ ؟‏...‏
قال‏:‏ عطر الحب لا يموت أبدا‏,‏ وإن كان الحب الآن عبئا ثقيلا جدا‏!‏
وبعدها حدث ما حدث لرفيقة عمره وشريكة حياته الأستاذة سناء فتح الله يرحمها الله‏..‏ وذبلت أغصان الشجرة وذوت الثمار‏,‏ وحصل الأستاذ علي إجازة واعتذار ثم اعتذار‏..‏ ومر شهران حتي جاءني استدعاء عاجل ومهم جدا لمكتب الأستاذ أسامة سرايا رئيس التحرير ووجدت عنده الأستاذ أحمد بهجت بوجه طيب يشع منه الرضا والسكينة‏,‏ وسلمني سلسلة مقالات جديدة عنوانها محطات في طريق العمر‏..‏
وبعد أن كان الأستاذ أحمد بهجت يرسل مقالاته من البيت أصبح يحرص علي تسليمها إلينا في قسم السكرتارية الفنية بنفسه وهو ما لم يحدث منذ‏20‏ عاما‏,‏ وينتظر في مكتبه أو في مكتبي حتي يراجعها بنفسه وهذا الحوار خلاصة أربع جلسات في انتظار مراجعته محطات علي طريق العمر‏..‏ سألته عن كل شئ استطعت أن أسأله فيه‏,‏ من حجم حرف الكتابة حتي كتبه ومشروعاته الصحفية المؤجلة‏,‏ ومسرور ومقرور‏,‏ والقطط والكلاب و‏....‏ و‏.....‏ وصندوق الدنيا وأجابني برضا ورغبة في البوح وصبر وصوت هامس حنون‏.‏
وكان المدخل إلي قلبه الأهرام فسألته‏:‏ كيف تري الأهرام الآن؟
قال‏:‏ طوال عمر الأهرام المديد يليق به أكثر فن التحقيق لأنه أقوي من الخبر الموجه‏,‏ الخبر الصحفي بدعة لبنانية‏,‏ في الجرنال المفروض تحقيق كبير حول قضية والتحقيق يؤكد مشاركة الأهرام في صنع السياسة وتحقيق التغيير وتقديم الحلول‏,‏ وعلي كل حال أنا راض عن الأهرام وسط التحول الهائل في الصحافة والتطورات العالمية المتلاحقة والجيل الجديد الذي تولي المسئولية‏.‏
وسألته‏:‏ وكتاب الأعمدة؟
فيه ناس كتير بتكتب لكن قراءتها تحتاج لصبر وشاب نظره قوي‏,‏ حتي حين كان نظري قويا كنت أحس أنني احتاج لعكاز لاستوعب الفكرة والآن بحالتي هذه أحيانا عيناي ترمي العكاز فرحان بفكرة العمود‏,‏ ومقدمة الموضوعات في بعض الصحف لا تكتب بعناية‏,‏ الكل يكتب رأيه أولا دون أن يقول للناس إيه الحكاية‏,‏ وكثير من الصحفيين يكتب المقدمة كما يكتب الخاتمة‏,‏ الأهرام والصحافة الورق يجب أن تحافظ علي كيانها كوثيقة معتمدة علي طبيعتها‏..‏ ولا تجاري صحافة الفضائيات والإنترنت‏,‏ المواجهة تتطلب التمسك بالمعايير الصحفية الرصينة والتمسك بميثاق الشرف الصحفي في الكتابة‏.‏
إهداءات كتبك لافتة‏,‏ أهديت أنبياء الله لسيدنا جبريل و الأمير والدرويش الي كل باحث عن الحقيقة‏,‏ ثم إلي صديقك الشاعر عبدالسلام شهاب أهديت مذكرات صائم‏,‏ ثم أهديت حراس الحقيقة إلي المجاهدين والصابرين والشهداء‏..‏ ثم أهديت لأمك كتاب قصص الحيوان في القرآن‏,‏ ما معايير اختيار الشخصية التي تهدي إليها العمل ؟
الإهداء يعطي قيمة للعمل ويعمق المعني ويجسد الفكرة المحورية
كتابك الأشهر أنبياء الله‏..32‏ طبعة حتي الآن‏..‏ كيف جاءتك جرأة إهداء الكتاب إلي سيدنا جبريل عليه السلام؟
إلهام من ربنا‏..‏ ثم إن سيدنا جبريل عليه السلام‏,‏ صلته بالله و نزوله الي الأرض في مهام جليلة‏,‏ نقاؤه والوسط الذي يعيش فيه وسط ملائكة‏,‏ مفيش حد زيه‏.‏
لمن تهدي كل كتبك التي تزيد علي ال‏25‏ كتابا ؟
كل الكتب التي كتبتها أهديها لسيدنا جبريل فعندي إحساس أن سيدنا جبريل ممكن يطلب لنا الإذن من الله تعالي بالشفاعة‏,‏ رغم علمي بأنه لن يسمح لأحد يوم القيامة بالكلام إعمالا لقول الله تعالي في سورة طه وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا وقوله تعالي في سورة النبأ يوم يقوم الروح والملائكة صفا إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا و الروح هو سيدنا جبريل‏,‏ كما أن سيدنا جبريل ينزل كل عام في ليلة القدر ومعه الملائكة بإذن ربهم يستغفرون لعباد الله
ما أقرب كتاب إلي نفسك؟
أقرب الكتب إلي نفسي هي التي لم أكتبها بعد‏,‏ وأنوي في القريب عمل كتاب عن سيدنا جبريل فالملائكة يمرون بمواقف جليلة‏,‏ كم أنا حزين أني لم أكتب دراسة عن توفيق الحكيم‏,‏ ودراسة أخري عن حسين فوزي‏,‏ حين فكرت أن أكتب عنهم جاءت رئاسة تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون فقد كانت بلاء عظيما‏,‏ فتوفيق الحكيم يستحق جائزة نوبل منذ‏30‏ سنة‏,‏ ورغم أن الجائزة تتأثر بالسياسة فتوفيق خدم الحضارة الغربية أكثر من أدباء غربيين حصلوا عليها‏.‏
دخل علينا زميلي عبدالفتاح صلاح نائب رئيس التحرير وأصر علي تقبيل رأس الأستاذ عرفانا بفضله وقال‏:‏ نحن نتابع عودتك الآن بسلسلة رائعة من مقالات السيرة الذاتية الممتعة في لغتها وأفكارها وتشويقها‏..‏ أين كنت خلال الفترة الماضية؟‏!‏
شكره في تواضع وقال‏:‏ توقفت لأني أردت أن أستريح لأن العثور علي فكرة يحتاج إلي توفيق من الله ورضا‏.‏
وسألته‏:‏ هل كاتب العمود الدائم من السهل أن يحصل علي إجازة؟
فقال‏:‏ طبعا الإجازة أسهل من الكتابة والسلام‏!‏
فعالم الكتابة غامض‏,‏ أتخيل أحيانأ أن هناك إنسانا آخر بداخلي يملي علي ما أكتب‏,‏ حاولت كثيرا التعرف عليه أو الوصول لثوابت تحكم عمله أو تروضه وفشلت‏..‏ لكني أحس بوجوده دون التوحد معه لهذا ظلت كتاباته شيئا آخر عني‏..‏
توقفك كان للراحة أم للبحث عن الفكرة؟
ملل مفيش أسعد من معلم يجلس علي قهوة بلدي يشرب شيشة والدنيا عنده لا تساوي شيئا‏.‏
قلت له‏:‏ لكنك تستطيع أن تتحدث في الإذاعة والفضائيات اذا أردت أن تستريح من الكتابة؟‏!‏
فيه كاتب صحفي يتحول الي مذيع‏,‏ خيري رمضان مثلا غول في الكلام‏,‏ شاهدته في انترفيو مع أحد الوزراء شعرت في نهاية اللقاء أن الوزير ضاع‏..‏واستغربت‏,‏ هذا الصحفي إزاي تسيبوه يشتغل في التليفزيون‏..‏ خسارة‏.‏
كيف تري استقطاب الفضائيات لنجوم الصحف‏,‏ هل تأخذ من رصيد الصحافة المكتوبة‏,‏ فالأستاذ هيكل اعتذر وانصرف إلي التليفزيون‏,‏ هل يأخذ النجم الصحفي قراءه معه خصما من قراء الصحف؟‏!‏
الأستاذ هيكل حالة مختلفة فهو خسارة بلا شك للصحافة المكتوبة لكنه عندما يتكلم كأنه يكتب وعندما يكتب كأنه يتكلم ذاكرة حماها الله يقول مثلا سمعت محمد علي رشدي كان واقفا مع علي ماهر وفي يده ملف لونه أحمر‏,‏لكن شغل الصحفي في التليفزيون خسارة للصحافة إثراء للتليفزيون‏,‏ زمان كانت الحادثة تحصل تلاقي الكاميرا بعد ربع ساعة أو نصف ساعة لكن التحليل المعمق يأتي في الصحف اليوم التالي‏,‏ الآن‏.‏ صعب جدا أن تجد الصحافة ماتقوله في اليوم التالي خاصة في عز أزمة الصحافة المطبوعة والخطر الذي يهدد الجميع‏!‏
في كتابك تحتمس‏400‏ بشرطة الذي ألفته عام‏94‏ عن نكتة ستحدث عام‏2000‏ حين تطلق مصر صاروخا للفضاء باسم تحتمس‏400‏ بشرطة من محطة زينهم الفضائية تنبأت بما حدث طوال السنوات الخمس الماضية من ضجة وهزل شارك فيهما المتخصصون وغير المتخصصين في الفضائيات والصحف بكل ألوانها ونواياها‏,‏ حول اختيار مكان اقامة المحطة النووية المصرية‏..‏ هل تقام في الضبعة أم نبيع الضبعة ونصرف ثمنها علي إقامة المحطة في مكان آخر‏..‏ هل كنت تتوقع أن تتحقق نبوءتك بهذه السرعة؟
أي عمل جاد يسند لغير أهله يضل الطريق‏,‏ويتأخر تنفيذه فتحتمس‏400‏ بشرطة كان يقوده بيومي وعتريس وتفيدة‏,‏ وكتبوا عليه ما يكتبه السائق علي الميكروباص متبصليش بعين ردية تعالي شوف اللي اندفع فيه والنتيجة أن روادنا اكتشفوا أن الباب يفتح من الخارج وليس من الداخل وبدلا من أن ينطلق إلي القمر هبط بالخطأ في قاعدة أمريكية في المريخ‏,‏ وكما تصارعت المصالح علي مشروع الضبعة بين الآثار وبين الكهرباء والاستثمار والسياحة حدثت خناقة بسبب تحتمس بين وزير الفضاء ووزير القمر الأول يري أن مهمته انتهت بنجاح عند اطلاق الصاروخ والثاني يري أن مهمته تبدأ بوصول الصاروخ للقمر وبينهما رئيس الوزراء في حيص بيص‏,‏ وحصلت أزمة بين مصر وأمريكا وأطلق الأمريكان صاروخا أصاب تحتمس في جانبه فانفتح الباب وخرج صراخ تفيدة مدويا في الفضاء فظن الأمريكان أن المصريين اخترعوا سلاحا جديدا اسمه القنبلة الصوتية ونحن نثبت في مناقشاتنابالضجيج والصراخ أننا فعلا كذلك‏.‏
لكن في الضبعة تدخل السيد الرئيس مبارك وحسم الجدل لصالح مصلحة مصر العلياوأمر ببدء تنفيذ المشروع في الضبعة؟‏..‏
الطريف أيضا أنني كنت قد أهديت أول نسخة من كتاب تحتمس‏400‏ بشرطة فور صدوره إلي الرئيس حسني مبارك وبعد شهور طويلة‏,‏ دعاني الرئيس علي إفطار في شهر رمضان وفاجأني بسؤال شعرت أنه قرأ الرواية رغم أعباء عمله الكثيفة‏:‏ لماذا لم تكتف ب تحتمس‏400‏ وأضفت لها كلمة بشرطة هل الشرطة تضيف للمعني أم تضعف العنوان ؟
فيلم السادات الذي قدمت في قصته تأريخا أمينا وموضوعيا لفترة دقيقة من تاريخ مصر وحياة الرئيس السادات واستحق وسام الفنون من الرئيس مبارك‏..‏ ماذا قال لك الرئيس مبارك أثناء تكريمك؟‏!‏
عندما صافحني الرئيس مبارك قال لي‏:‏ العمل رائع لكن فيه غلطه واحدة‏..‏ ولم يقل الرئيس ما هي‏..‏ وجمعت فريق العمل وأعدنا مشاهدة الفيلم مرة أخري‏..‏ اكتشفت مشهد لم يستغرق‏27‏ ثانية لاعضاء مجلس قيادة الثورة بملابس البوليس وليس بملابس الجيش‏..‏ وكفينا علي الخبر ماجور فهي غلطة مخرج لا يمكن تلافيها أو حذف المشهد‏..‏ والآن لا أدري بعد مرور سنوات طويلة هل هذه هي الغلطة التي اكتشفها الرئيس مبارك؟‏!.‏
كيف تري طوق النجاة للخروج مما نحن فيه من أزمات؟
العمل الجيد‏..‏ والتفاني فيه‏,‏ في أي مصلحة يمكن الاستغناء عن رئيسها بسهولة‏,‏ أما العامل الماهر فلا يمكن استبداله‏,‏ الأنبياء أنفسهم قمة البشر كانوا يحاربون ويجاهدون ويجرحون ويستشهدون‏,‏ فقد طولبوا بتقديم عملهم أولا ثم الحرية والكرامة الإنسانية والخير‏.‏
لدينا أحلام وطموحات للتحديث؟
الحلم وحده لا يكفي‏,‏ لابد أن يأتي من يحول الحلم إلي مشروع قومي للتغيير‏,‏ نحن اعتدنا أن نحلم ولا ننفذ أو نحلم بشئ وننفذ شيئا آخر‏..‏ وبعد فوات الأوان وبتكاليف أعلي‏!‏ لابد أن يستيقظ الأمير الكامن داخل كل مصري‏.‏
ومن هو الأمير؟
المروءة والشهامة والجدعنة وحب الخير‏,‏ هذا الأمير حول الجندي المصري بأدوات متواضعة الي وحش أمام العدو في حرب أكتوبر‏.73‏ الناس في مصر تعيش حياة الرحرحة‏,‏ لابد من استغلال الوقت والإحساس بالزمن‏,‏والإبداع في التحايل علي الإمكانيات المحدودة والمتواضعة‏.‏
ما هي حكايتك مع التحايل علي الرقابة هل ألغي لك مقال أو موضوع من قبل؟
لا طبعا‏..‏ زمان كان الرقيب يجلس بجواري في الأهرام‏,‏ كنا مصاحبينه‏,‏ نجيب له شيشة‏,‏ ونعزمه علي الغدا‏,‏ ونلعب معه شطرنج ونقوله يا حاج‏,‏ وفي بعض الأحيان كنت أمرر أشياء ممنوعة من خلال قصص القطط وحكايات الكلاب والعصافير التي كنت أتحاور معها أو أكتب عنها‏,‏ الفنان لا يغلبه غلاب‏,‏ لا يعجز عن توصيل رسالته إلي القارئ إلا الصحفي قليل الحيلة وقليل الثقافة والذي لا يملك حلولا‏.‏
ألهذا الغرض كنت تحب الحيوانات والطيور؟
حبي للحيوانات مر بأطوار عديدة يبدأ بالمتعة أثناء الكتابة في وجود كلب أو قط أشعر أنه يشجعني بلا صخب‏,‏ ثم هناك البعد الديني‏,‏ فقد كنت أحب الأغنام والإبل التي صاحبت النبي‏,‏ وعندما كبرت في مرحلة تالية‏..‏ أحببت الكلاب لعلها تكون من سلالة كلب أهل الكهف‏,‏ وأحببت كل حمار فقير وهزيل‏,‏ وفي ذهني حمار عزير الذي علم الله به سيدنا العزير كيف يحيي الموتي‏,‏ ثم أن العصافير والطيور كما قلت كانت تمرر أشياء كثيرة في كتاباتي‏.‏
وكتابك الحيوان في القرآن هل كان لهذا الغرض؟
إنها دروس لبني البشر‏..‏ القطط تعلمنا كيف تهب وتعطي الحب‏,‏ والكلاب تعلمنا الإخلاص وكيف نستقبل ونأخذ الحب‏,‏ كل مخلوق خلقه الله جنديا له‏,‏ لدرجة أنني تساءلت مرارا‏..‏ لماذا لم نسمع عن عضو رشح نفسه في مجلس الشعب ليدافع عن الحمير‏.‏
ولكن بالنسبة للبشر‏,‏ هل النعمة الإلهية لها عمر افتراضي ويمكن أن تزول؟‏!‏
النعمة الإلهية حصن لا يسقط أبدا لكن أغلب الناس يجهلون أن حراسة هذا الحصن لا تتم إلا بشكر الله‏,‏ وفي قصص القرآن الفقراء الصابرون أفضل من الأغنياء الجاحدين وقد أصابت النقمة القوم الذين وهبهم الله جنتين عن يمين وعن شمال في أرض اليمن بفضل سد مأرب لأنهم قالوا لمن سألهم‏:‏ كنا نستحق أكثر من ذلك‏,‏ وسخروا من الرجل الذي قال لهم كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور لذلك انهار السد واندفعوا يهربون تاركين كل شئ‏,‏ وتفرقوا وعادت الأرض إلي اللون الأصفر بعد أن كانت جنة خضراء‏.‏
المرأة في حياتك‏..‏ كيف تراها ؟
المرأة هي سر تعاسة البشرية وسعادتها أيضا‏,‏ وتوفيق الحكيم كان له موقف‏,‏ لم يكن يرغب أن يقترب منهن‏,‏ وذلك كان ذكاء منه لأن الاقتراب غير مضمون العواقب‏.‏
وحبك لسناء فتح الله وكيف بدأ وهل كان من أول نظرة؟‏!‏
الحب من أول نظرة كلام بياعين الترمس‏,‏ الحب زي أي معركة يحتاج إلي تخطيط وكر وفر‏,‏ حبي لسناء كان من هذا النوع‏,‏ كانت أخبار اليوم المنافس الرئيسي لنا‏,‏ بعد أن خططت لحبها أصبحت أفضل مكان أدور حواليه وأقضي وقتي فيه‏,‏ إلي أن نضجت هذه العلاقة واستوت‏,‏ حتي الزواج تم بمغامرة‏,‏ مرة اتأخرنا في الليل وذهبت لتوصيلها حتي عتبة البيت‏,‏ وبحثت عن مبرر لوجودي معها‏,‏ فقلت لوالدتها فجأة عندما فتحت البابأنا جاي أخطب من حضرتك سناء‏..‏ وبعدها اصطحبت خالي رشاد رشدي وطلبنا يدها من خالها‏,‏ وكنت أشعر نحوها باحترام عميق وحب شديد فقد تحملتني وتولت تربية أولادي واحتملت حياتي‏,‏ وقد أوقعني حبي للحيوانات في مشاكل عديدة معها‏,‏ فما أكثر المرات التي عدت فيها إلي بيتنا أحمل كلبا صغيرا هزيلا أو قطا أجرب‏..‏ إضافة إلي الكلاب والقطط التي كانت موجودة و تختار شريك حياتها وتتزاوج في البيت‏..‏ القطة ليلي مثلا كانت جميلة وعندما أرادت الزواج اختارت قطا منقطا كان يقضي الساعات أمام الباب لكي يحظي بنظرة واحدة منها‏!‏
هل عيد الميلاد‏..‏ يوم سعيد؟
لم يكن كذلك الي أن فاجأني الأستاذ عبد الوهاب مطاوع مرة بدعوتي للاحتفال ببلوغي الستين وسماه سن الرشد‏,‏ وأحببت هذا العيد وفوجئت يوم الاحتفال بمشاركة الأستاذ هيكل وعودته خصيصا الي الأهرام بعد‏19‏ سنة من خروجه ومازلت اتمني الوصول إلي سن الرشد أو الذي حضره أيضا نجيب محفوظ وسعد الدين وهبة ومصطفي محمود وقمم من رفقاء المهنة‏.‏
قلت إنك كنت تتمني عمل كتاب عن حسين فوزي وتوفيق الحكيم؟
ابتسم وقال‏:‏ وأضف اليهما عبد السلام شهاب‏,‏ توفيق الحكيم ذات مرة قال لي فيه فيلم عملاه سعاد حسني اسمه الكرنك والناس وصوه وكلموه يكتب عنه‏,‏ وطلب مني أن أكتب عن الفيلم وأكون حنين علي بطلته سعاد حسني‏,‏ طبعا امتدحت الفيلم إرضاء لتوفيق الحكيم لكن الناس كلها كرهت ذلك مني‏,‏ وقالوا مش عوايدك ترفع ممثلة لفوق في فيلم سياسي لتصفية الحسابات‏,‏ وهرعت لتوفيق الحكيم أحتمي به فرد توفيق الحكيم بهدوء‏,‏ ومين قال لك تكتب عنها‏!‏ أما عبد السلام شهاب فقد كان شاعرا ساخرا من الطراز الرفيع‏,‏ كان يكتب شعره في كراريس وكشاكيل ويرفض جمعها في ديوان وينشر في مجلة المطرقة فقد كان في حالة صيام عن الشهرة والصيت لأنهما كلام فارغ‏,‏ ولذلك أهديته كتاب مذكرات صائم وعندما خرج إلي المعاش أرسل اليه الأستاذ هيكل وقال مفيش أهرام من غير شهاب فقد كان يرحمه الله خامة أهرامية أصيلة في الدسك المحلي‏..‏ إلي جانب تواضعه وثقافته الموسوعية‏.‏
في اللارواية الدينية التي كتبتها عنمسرور ومقرور قلت إنها هيكل عظمي لرواية لم تكتب بعد عن أهوال يوم القيامة فمتي تكتبها؟
ليست هذه رواية دينية خالصة ففي مسرور ومقرور الحاكم الطاغية المتجبر أمر بإعدام مقرور الفقير وحرقه وحصل ما حصل في القبر‏,‏ وعند قيام الساعة‏,‏ أخذ كل منهما كتابه تنصل مسرور من جرائمه وقال لماذا لم يقومني أحد؟‏!‏ وهذه رسالة الصحفي والعالم والمثقف وكل صاحب علم و كلمة‏..!‏
وكتاباتك الدينية‏..‏ كيف كانت البداية؟‏!‏
لست متدينا ولست متصوفا‏,‏ لكني أحب المتدين والمتصوف لعلي أحشر بينهما‏.‏
لاحظت طوال الحوار أنه لا يضحك ولا يبتسم فقلت من يضحكك من الفنانين ؟
قال أيضا دون أي تعبير علي وجهه‏:‏ نجيب الريحاني وعادل إمام‏.‏
كان لك جناحان تطير بهما برنامج‏..‏ كلمتين وبس الذي توقف بعد فؤاد المهندس و صندوق الدنيا في الأهرام فكيف كانت البداية؟‏!‏
يوسف السباعي استدعاني في نهاية السبعينيات وقاللي ايه رأيك في الأهرام قلت له كويس‏..‏ فقال لكن دمه ثقيل‏..‏ إيه رأيك في كتابة عمود دمه خفيف‏..‏يكسر جدية الأهرام‏,‏ قلت افكر‏,‏ وذهبت لخالي رشاد رشدي فقال لي انت معجب بالمازني‏..‏ والمازني له كتاب اسمه صندوق الدنيا‏..‏ فاخترنا صندوق الدنيا‏..‏ أما كلمتين وبس‏..‏ فالفضل ليوسف حجازي‏.‏
ونوبل الأدب‏2010..‏ ترشح لها من ؟
أرشح نجيب محفوظ‏.‏مرة أخري‏.‏
ثم ابتسم الأستاذ بهجت ابتسامة ظاهرة لأول مرة طوال جلسات الحوار ولمعت عيناه خلف نظارته السميكة‏.‏وقال تذكرت الآن أبيات شعر لشهاب‏:‏
بباب الخلق قد طال الوقوف
ولا جدي هناك ولا خروف
فياعيد الضحية هل أضحي
بنفسي أم ماذا تشوف؟‏!‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.