لم يبن المصريون القدماء تصوراتهم عن كيفية نشأة الكون ومختلف المخلوقات الكائنات علي مجرد أفكار نظرية جوفاء, بل أرسوها علي أسس ووقائع وحقائق مستمدة من البيئة المصرية القديمة. وكان الخلق أمرا مهما في الفكر الديني المصري القديم. ووفقا لمعتقداتهم الدينية, آمنوا بأنه كانت هناك قوة إلهية عليه غير محدودة الإرادة والقدرة علي الخلق والإبداع والابتكار أوجدت كل الكائنات وكل الأشياء منذ البداية واستمرت تخلق وتبدع وتجدد ما أخرجت للوجود بصورة لا نهائية. ونشير في ما يلي إلي أشهر نظريات المصريين القدماء عن الخلق. وابرزها مذهب هليوبوليس: ويعد من أهم وأقدم مذاهب الخلق في الفكر الديني المصري القديم. ويقوم علي إيمان المصري القديم بأن العدم كان يسبق ظهور الإله الخالق. وفي هذا السياق العدمي الغارق في مستنقع الخواء, كان لابد من وجود إله خالق. وكانت المياه الأزلية هي البداية. وأطلق علي المياه الأزلية نون, ذلك الإله الذي خلق نفسه بنفسه. مذهب هرموبوليس: ويذهب إلي ان خلق العالم تم عن طريق تل من الطمي ظهر عليه أربعة أزواج, أربعة من الذكور علي هيئة الضفادع أربع من الإناث علي شكل الحيات كما يلي: الزوجان الذكر و والأنثي نوت ويمثلان المياه الأزلية, والزوج كو وكوكت (الظلام), والزوج حو وحوح(اللانهائية), والزوجان آمون وآمونت (الخفاء). وهاجر الزوجان آمون وآمونت (الخفاء) إلي طيبة ودفنا في مدينة هابو بالبر الغربي لمدينة الأقصر, ثم اتخذ آمون صورة كم آت إف أي الذي أكمله وقته. وكانت هناك بيضة خرجت من أوزة أحالت الظلام إلي نهار وضاح هو الشمس, ثم طارت الأوزة صائحة فسميت الصائحة الكبيرة التي قضت علي صمت المحيط الأزلي. مذهب منف: ويعد من أقدم المذاهب الدينية المصرية القديمة في تفسير نشأة الخلق والوجود. ووجد المذهب مكتوبا علي لوح حجري من عهد الملك الكوشي شباكا من الأسرة الخامسة والعشرين, وربما يرجع أصله الي عصر الدولة القديمة. وخلاصة هذا المذهب أن الإله بتاح, معبود مدينة منف, خلق الكون عن طريق التفكير بالقلب, موطن العقل والتدبر والتفكر, ثم عن طريق اللسان الذي يخرج ما في القلب. ويقترب هذا المذهب من قوله تعالي في القرآن الكريم إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون (سورة يس: آية 82).