مروة البشير : إذا كان العصر الحديث قد شهد نظرية الإستنساخ فإن معركة العاشر من رمضان1393 ه الموافق السادس من أكتوبر1973 هي استنساخ لغزوة بدر الكبري. فقد أعادت هذه المعركة ذكري انتصار المسلمين في أول غزوة في التاريخ الإسلامي بشكل مجسد يروي هذه الملحمة البطولية التي تعد تأريخا جديدا لخير أجناد الأرض إلي يوم القيامة فقد أعادت الكرامة التي افتقدت عام1967. يقول الإعلامي محمد عبدالعزيز عبد الدائم إنه لم يكن هذا النصر بهذا الإنجاز العظيم ليحدث لو لم تكن له مقدماته وأولوياته, فقد بدأ الإعداد لهذه المعركة آخذا بالقاعدة القرآنية( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم) الأنفال60, وقد بدأ الإعداد للعاشر من رمضان بدراسة أسباب الهزيمة في67 وتجاوز سلبياتها والإعداد الجيد الذي بدأ بحرب الاستنزاف والتي حققت نتائجها في تقليم أظفار العدو وإشعاره أنه في مواجهة خصم ليس من السهل التغلب عليه, وهذا الإعداد المادي لخير أجناد الأرض صحبه إعداد معنوي تمثل في إيمان الجندي بالله الذي تفرع عنه الإيمان بعدالة القضية التي يحارب من أجلها وهي استرداد الأرض والدفاع عن العرض, وكانت منطقة القناة تموج بقوافل الدعاة الذين يعايشون الجند في معسكراتهم ويمدونهم بقوة الروح التي تزكي قوة المادة والجسد والسلاح. ولعل من أسباب النصر أنه أعيد تشكيل القوات المسلحة علي أسس علمية وتم شحن الجنود بالثقة في أنفسهم وثقتهم في النصر لأنهم يحاربون من أجل قضية عادلة, وكان للفريق محمد فوزي الفضل بعد الله في ترميم من كسر من القوات المسلحة, وصار الجندي أقوي عزيمة لأنه يطلب إحدي الحسنيين إما النصر أو الشهادة, وكانت فترة البناء مقدمة لحرب الاستنزاف الموجهه للعدو وكأن الجنود يمتثلون قول المولي تعالي:( إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون) ولكن الفارق بيننا وبينهم كما يحكي القرآن( وترجون من الله ما لا يرجون), ولا نستطيع أن نغفل أن أهم وأعظم سبب في النصر أن الله كان معنا بعونه وتأييده, فكان الله عز وجل أقدر من كل معوق للنصر, وكان من المبشرات أيضا أن العالم الجليل الشيخ عبدالحليم محمود رحمه الله قد رأي في رؤيا أن سيدنا محمدا صلي الله عليه وسلم يتقدم صفوف الجند, وهذه البشري تشبه تماما قتال الملائكة مع المؤمنين في غزوة بدر. ويؤكد الإعلامي محمد عبدالعزيز أن الأخذ بالأسباب هو الذي يوصل إلي النتائج المرجوة بعد الإعتماد علي الله تبارك وتعالي, الذي وعد بنصرة من ينصره, قال تعالي:( ولينصرن الله من ينصر ان الله لقوي عزيز), وصار هذا النصر علامة مضيئة في تاريخ الأمة المصرية, وامتدت هذه العلامة إلي الأمة العربية والإسلامية, ودخلت مصر في عداد الدول التي ينظر إليها العالم بكل التقدير والاعتزاز والإحترام. ولا شك أن الدروس المستفادة من هذا الحدث العظيم عديدة لعل علي رأسها: الاستعداد لأي أمر نقدم عليه, هذا الإعداد والاستعداد استدعي التخطيط المحكم الذي لايهون قدرات العدو ولايهولها, ورفع الروح المعنوية بين أفراد الأمة والتلاحم بين الجيش والشعب فكلاهما ينتسب للآخر, ولعل هذا الدرس أهم ما نحتاجه اليوم بعد ثورة25 يناير, فالجيش هو صمام الأمان وهو الدرع الواقية و الذي يرعي حاجة الشعب ويدعمها, فنحن في حاجة إلي الإعداد والتخطيط في مستقبل هذه الأمة لتعود لها ريادتها بين دول العالم ولتشكل قوة إقليمية لا تعادي أحدا ولاتستعدي أحدا ولكنها تنشر مباديء الحرية والعدالة والمساواة, يقول تعالي:( وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون), ولاشك أن من الواجب علينا في هذه الذكري العطرة أن نحيي أرواح شهدائنا الكرام الذين طلبوا الشهادة فمنحوا لنا الحياة الحرة الكريمة, وهم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.