كتبت : وفاء البرادعي وتواصل الصفحة الاقتصادية طرح رؤية القطاع الخاص المصري حول مستقبل صناعة التعهيد, وذلك في نطاق تحديد عوامل النجاح للوصول إلي أعلي عائدات التصدير المستهدفة, وبما يتماشي مع الاستراتيجية الوطنية لتنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات, إلي جانب الوقوف علي الوضع الحالي في مجال صناعة التعهيد ومراكز الاتصال وبالمقارنة مع الأسواق العالمية مع تحديد أهم المزايا التنافسية والمناخ الاستثماري المناسب. وقد طرحت الشركات المصرية العاملة في خدمات التعهيد(BPO) بعض المقترحات, وذلك في إطار سعي مصر بأن تصبح مركزا عالميا, حيث تمتلك كل المقومات والكفاءات التي تمكنها من دخولها في هذا المجال كالهند التي سبقتها منذ20 عاما تقريبا, حيث تستحوذ السوق الهندية علي أكثر من60% من اجمالي السوق العالمية لخدمات التعهيد, كما بلغت عائداتها الكلية السنوية71.7 مليار دولار في نهاية السنة المالية2009 مقابل64 مليار في السنة المالية السابقة عليه. وفي شهادة دولية جديدة علي قدرات السوق المصرية, يقول عمرو عثمان رئيس إحدي الشركات العاملة في مجال الخدمات الاستشارية والتعهيد إن المؤشرات الدولية الرئيسية تشير إلي أن مصر تتشابه مع العديد من البلدان التي حققت عائدات عالية في قطاع الخدمات الاقتصادية والتجارية العابرة للحدود كالهند والصين, وذلك علي الرغم من اختلاف تعداد السكان وهيكل التكلفة والبنية الأساسية وتوفير التكنولوجيا اللازمة, ومن ثم فإن من الأهمية بمكان الأخذ بتجارب الدول الناجحة, وذلك اعتمادا علي إدراك مجموعة من الحقائق توضح مدي أهمية الوقوف علي المقومات والمزايا والفرص الاستثمارية في العلاقات بين الدول. وقد جاء في تقرير صدر أخيرا عن مؤسسة( ماكينزي العالمية) وذلك بالمشاركة مع هيئة صناعة تكنولوجيا المعلومات إيتيدا التابعة لوزارة الاتصالات ومركز الاتصالات بالقرية الذكية بعض التوقعات حول امكانية تحقيق مصر عائدات مجزية تصل من90 إلي150 مليون دولار سنويا عند التوسع في تقديم خدمات التعهيد في جميع القطاعات. ومن المتوقع أن تصل مصر إلي المستوي الذي وصلت إليه الهند في تقديم خدماتOutsourcing إذا ما تم الاستخدام الأمثل وتطوير الامكانيات التي لديها, وهو ما يؤكده عادل دانش رئيس إحدي مراكز الاتصالات بالقرية الذكية. وعن حجم السوق العالمية بالنسبة لصناعة التعهيد ونصيب مصر منها يقول دانش, إنه في عام2002 بلغ حجم الصناعة110 مليارات دولار وفي عام2007 بلغ173 مليارا, ومن المتوقع أن يصل إلي230 مليار دولار عام2012. ويضيف دانش قائلا: إن نجاح مصر في الدخول بقوة في سوق خدمات التعهيد يتوقف علي مدي قدرتها في تطوير مهارات اللغة لدي العاملين في شركاتOutsourcing مع تقديم الحكومة خدمات أكثر وحوافز تنافسية لتلك الشركات مع تنمية البنية التحتية لنشر هذه الصناعة, وأن خدمة العملاء لا يمكن اتمامها بكفاءة دون زيادة عدد المناطق التكنولوجية المتخصصة في مصر إذ لا يوجد إلا منطقتان في القرية الذكية والأخري في المعادي. وتوضح الدراسة أن العديد من الشركات الأجنبية تعزف عن تقديم طلبات الحصول علي خدمات التعهيد وتفضل الشركات الهندية, حيث إن معظم تلك الشركات تتردد في ارسال أعمالها لمناطق جديدة غير مختبرة لا تتوافر فيها تعددية لغوية لخدماتها, حيث تتوافر في خدمات التعهيد نحو9 لغات. ويقول: نحن في وضع تنافسي جيد وهذه الصناعة تعد عابرة للحدود الجغرافية والزمنية, ومن ثم فإن مصر مرشحة بقوة لاحتلال مركز مرموق كأحدي أهم الدول المصدرة لخدمات التعهيد بشكل عام والكول سنتر بصفة خاصة. ومما يبرهن علي أن مصر تستطيع أن تلبي مطالب العملاء في مختلف الدول والقارات فلديها قدرات بشرية ذات مهارات عالية ومؤهلة, حيث يتخرج من الجامعات سنويا ما يقرب من280 ألف خريج إلي جانب توافر البنية التحتية التي تضاهي مستوي الدول المتقدمة, بالاضافة إلي انخفاض تكلفة العمالة والموقع الجغرافي المتميز الذي يتيح تقديم الخدمات مع اختلاف التوقيتات الزمنية. وينوه محمد عجلان أمين عام الجمعية المصرية لشباب الأعمال إلي أهمية نشر ثقافة خدمات التعهيد والتسويق الجيد كمهنة لها مكانتها في المجتمع مع العمل علي جذب العاملين من خلال أجر مجز إذ تمثل أهم الموارد وتحسين الدخل والمعيشة, كما تدعم القطاعات المختلفة ومن الصناعات التي تأثرت بقدر محدود للغاية من الأزمة العالمية. ويدعو القطاع الخاص في مصر الي الدخول وبقوة في الأنماط الكثيرة والمتنوعة من هذه الخدمات وفي مقدمتها تلك المتعلقة بالاستشارات وتصميم وتطوير البرمجيات التي توصف بالخدمات ذات القيمة المضافة العالية, حيث بلغت عائدات الشركات الهندية الأعضاء في اتحاد منتجي البرمجيات والخدمات في الهند إلي أكثر من95% من اجمالي عائدات الهند من صناعة تكنولوجيا المعلومات والخدمات المرتبطة بها. وللمهندس هشام شكري رئيس إحدي شركات الاستثمار العقاري وأول من قام بعمليات التعهيد منذ فترة طويلة رأي في هذا السياق بأن مشروعات التعهيد تتميز في مصر بالانخفاض النسبي للأجور والتكلفة الاستثمارية وأن نجاح الخطط التي يتبناها القطاع الخاص ستسهم في الخفيف من حدة البطالة بين الشباب, كما أن ارتفاع قدرات ما يتم التعهيد إليه في اللغة العربية سيعطي لمصر ميزة تنافسية خاصة تفوق دولا أخري تباشر مجال التعهيد في المنطقة العربية. حيث إن أكثر من92% من الشركات الخليجية اعتبرت أن التكلفة تعد العنصر الأساسي في عملية اتخاذ قرار التعهيد, وقد يؤدي ذلك إلي زيادة الاقبال من دول منطقة التعاون الخليجي لتوريد الخدمات من مصر بدلا من اللجوء إلي الهند أو أوروبا. أما عمر جوهر نائب رئيس جمعية شباب الأعمال فيري أن مشكلة صناعة التعهيد في مصر تتمثل في المقام الأول في قصر خدماتها في مجال الاتصالات فقط, في حين أنها تنتشر في جميع القطاعات في البلدان الأخري وتمثل موردا ماليا أساسيا لتلك البلدان. وإن خدمات التعهيد(BPO) يمكن التوسع فيها, حيث تقدم لحساب عملاء حكوميين والشركات التجارية عابرة القارات وتوفر خدمات للعملاء وإدارة برامجهم المنتشرة في القارات البعيدة مثل كندا والولايات المتحدة واستراليا.